الخبر:
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه مستعد لفتح معبر رفح، الخاضع حاليًّا لسيطرة الجيش الإسرائيلي، لخروج الفلسطينيين لمصر، لكن القاهرة ترفض، حسب قوله، مضيفًا أن مصر “تفضل حبس سكان غزة، على غير إرادتهم”. وذلك في سياق تتبادل فيه الاتهامات بين مصر وإسرائيل حول خرق اتفاقية السلام.
وفي هذا السياق علق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو صفقة الغاز مع مصر بقيمة 35 مليار دولار بحجة أن مصر تنتهك اتفاقية السلام بزيادة قواتها في سيناء. وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في القاهرة.
وفي بيان للخارجية المصرية، قالت إن “مصر لن تتعاون مع محاولات إسرائيل طرد الفلسطينيّين من غزة”، مضيفة أن الأمر “خط أحمر لا رجعة فيه”. وأكدت الوزارة أن مصر لن تكون “محطة نقل” لسكان غزة.
وأضاف البيان، أنه في حال أقدم نتنياهو على ذلك، فسيتم إغلاق معبر رفح فورًا من الجانب المصري.
في السياق ذاته، أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أن “مصر كانت وما زالت العقبة الوحيدة أمام مشروع التوسع الإسرائيلي والتهجير وتصفية القضية الفلسطينية”، مشددًا على أن الدولة المصرية “لن تسمح بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه”.
ووَصَف رشوان حكومة نتنياهو بأنها “ذات أطماع، بل أوهام”، مضيفًا أنها تتخيل أن الشرق الأوسط كله خضع لها، ولم يتبق سوى “جوهر القضية الفلسطينية، وهو تهجير الشعب والاستيلاء على غزة”.
وأوضح أن ما يعرقل هذه الرؤية الإسرائيلية هو الموقف المصري الذي “ليس مجرد دعاية سياسية، بل تقف وراءه قدرات بكل أنواعها”.
التعقيب:
المناوشات والتصريحات الساخنة المتبادلة بين الطرفين لا تعكس بالضرورة رغبة في مواجهة عسكرية مباشرة، تضرهما معًا، لكنها تكشف عن تباينات سياسية وإستراتيجية مرتبطة بملف غزة وسيناء ومستقبل الترتيبات الأمنية في المنطقة.
هناك قلق متزايد في الشارع المصري من أن المناوشات قد تتطور إلى مواجهة عسكرية غير محسوبة، وأكد محللون في شبكة CNN أن “شبح الحرب” حاضر بقوة في النقاشات الشعبية بين المصريين، لكن النخب السياسية تستبعده في المدى المنظور.
تدرك القاهرة وتل أبيب أن المواجهة المباشرة ستكلفهما اقتصاديًّا وأمنيًّا أكثر مما ستمنحهما من مكاسب، لذا فالأفق المتوقع هو استمرار السلام البارد مع جولات من المناوشات الكلامية المتقطعة، طالما بقي ملف غزة معلقًا وضغوط الاقتصاد حاضرة.
لذا تعتبر مصر الرسمية هذه الاتهامات الإسرائيلية لها بشأن التعزيزات العسكرية في سيناء تهويلًا إعلاميًّا إسرائيليًّا يُستخدَم كأداة ضغط أو ذريعة لأي تحرك أمني مستقبلي وفق صحيفة “إسرائيل هيوم”.
في هذا السياق، عملت وسائل الإعلام المصرية على مهاجمة إسرائيل، مقدمة نفسها كمدافع عن “الكرامة الوطنية”، وهو ما يخدم بالأساس الجبهة الداخلية، ويتماشى مع المزاج الشعبي، ويعد محاولة لتخفيف أثر الضغوط الاقتصادية عبر توجيه الرأي العام نحو “العدو الخارجي”، وفق موقع Defence of Democracies.
ووَصَفت مجموعة الأزمات الدولية، العلاقة بين مصر وإسرائيل بأنها قائمة على “سلام بارد” وتنسيق أمني ضيق النطاق دون أي عمق شعبي أو سياسي واسع، وهذا الإطار يسمح بوجود خلافات كلامية وحتى مناوشات في الإعلام، ولن تُترجَم إلى قطيعة أو حرب مفتوحة.
يُذكَر أن مصر تعاني من ضغوط في قطاع الطاقة وتراجع العوائد السياحية، وهو ما يجعلها حذرة من أي تصعيد، والتعاون الاقتصادي في مجال الغاز مع إسرائيل لا يزال قائمًا، مما يشكل شبكة أمان للعلاقة رغم التوتر.
وقد فسر عبد العظيم حماد، رئيس تحرير الشروق السابق، تصاعد الاستفزازات الإسرائيلية الأخيرة علي أعلي مستوي لمصر بأنه “تسخين قبل زيارة ترامب” بهدف تطويع مصر.
وأوضح أنه من المقرر أن يزور ترامب إسرائيل قبل نهاية هذا العام وسط حديث عن تغييرات في المنطقة على غرار سايكس بيكو، بخطة توسيع لحدود إسرائيل وطرد الفلسطينيين من غزة.
توحي تصريحات نتنياهو، بأنه ماضٍ في خطته للتهجير، بدعم أمريكي، ويبدو أن ردود الفعل المصرية دون مستوى الردع، في حين أن القاهرة لا تزال تملك أدوات مثل “تجميد المادة الرابعة من المعاهدة التي تقيد انتشار الجيش المصري في سيناء وفق أعداد محددة”.
يبدو أن القاهرة في موقف شديد الصعوبة حيث أنها لو توقفت عن إستيراد الغاز من إسرائيل وقامت بتعليق اتفاقية السلام، فإنها ستتعرض لأزمات كبيرة داخليًّا وخارجيًّا، وفي ذات الوقت لا يمكنها قبول “العربدة” الإسرائيلية التي تسعى إلى تنفيذ مشروع التهجير.