خبر وتعقيبغير مصنف

وصول قوات حفظ السلام المصرية إلى الصومال وأسباب الرفض الإثيوبي

الخبر:

بالتزامن مع قرب احتفال إثيوبيا بافتتاح سد النهضة والأزمة الدائرة حوله مع مصر، وَصَلت قوات مصرية إلى الصومال، يوم 2 سبتمبر 2025م، ما يرفع منسوب التوتر بين القاهرة وأديس أبابا، ويطرح تساؤلات حول دور هذه القوات وهل تشكل تهديدًا لإثيوبيا أو سد النهضة؟

تعتزم مصر المشاركة بنحو خمسة آلاف جندي في مهمة حفظ السلام الإفريقية التي سوف تبدأ في الصومال في يناير المقبل 2026م، وخمسة آلاف جندي آخرين لدعم الأمن في بعض المفاصل الرئيسية بالدولة، بعد أن أعلن الصومال إنهاء مهمة عشرة آلاف جندي إثيوبي في أراضيه.

ضمت القوات المصرية ضبَّاطًا كبارًا ووحدات خاصة لترتيب عملية نشر القوات المصرية قريبًا بالتنسيق مع الصومال والقوات الإفريقية.

التعقيب:

القوات المصرية إلى الصومال ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية (أوصوم)، ومع هذا انتقدت إثيوبيا وصولها إلى هناك، قرب حدودها، وتعاملت معها بحساسية شديدة، بينما تؤكد مصر أن هذه القوات أداة لحفظ الأمن والاستقرار في بلد مهم، يقبع في منطقة حيوية في شرق إفريقيا، ولا تهدف إلى مضايقة أديس أبابا.

وتقول مقديشو إن استقبال قوات مصرية قرار سيادي، ولا يمكن لإثيوبيا أن تملي على الصومال ما الذي يجب أن يقوم به.

وسبق أن وافق مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي على مشاركة قوات مصرية في قوة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام (أوصوم)، التي أنهت برنامجها التدريبي الأول وشاركت فيه القوات المصرية ضمن استعدادها للانتشار الميداني لدعم أمن واستقرار الصومال، وتعزيز قدرات الجيش الوطني من خلال الهيكل الجديد للبعثة.

ووقَّعت مصر والصومال، في أغسطس 2024م، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان على مشاركة القاهرة في البعثة الإفريقية لحفظ السلام خلال الفترة من 2025 – 2029م، وأرسلت مصر إلى مقديشو معدات عسكرية في سبتمبر الماضي.

هدف القوات المصرية المُعلن هو حفظ الأمن والسلام في إفريقيا ضمن قوات إفريقية أخرى هناك، لكن وجود القوات في حد ذاته وحجم تسليحها وضمها وحدات خاصة يقلق إثيوبيا باعتبار أن الصومال تلاصقها.

تخشي إثيوبيا أن تشكل هذه القوات المصرية عنصر ضغط عليها وتهديد حال تعرضت مصر لخطر الجفاف بسبب السد الإثيوبي، بعدما هدد مسؤولون مصريون بالتعامل مع السد كخطر حال مَثَّل تهديدًا لمصر.

تخشي إثيوبيا أن تحل الصومال محل السودان (الذي يعاني الحرب) كمركز عمليات للجيش المصري ضد إثيوبيا، وعزز هذا كشف تقارير في سبتمبر 2024م عن قيام سفينة حربية مصرية بتسليم شحنة كبيرة جديدة من الأسلحة إلى الصومال، تشمل مدافع مضادة للطائرات وأسلحة مدفعية.

عبر السفير الإثيوبي في مقديشو سليمان ديديفو عن استياء بلاده من وجود قوات مصرية في الصومال، وأكد أن إثيوبيا لا تمانع في استقدام قوات من أي دولة صديقة، لكن وجود قوات من مصر قد يشكل “تحديًا سياسيًّا وإستراتيجيًّا للقوات الإثيوبية في الصومال”.

تشدد تصريحات مصر الرسمية على أن دعمها لا يستهدف إثيوبيا أو يرمي إلى مضايقتها، وأن هدفها هو مساعدة الصومال الذي يعيش حالة من عدم الأمن والاستقرار منذ فترة طويلة، تستوجب مساعدته عبر قوات لحفظ السلام، لكن إثيوبيا لا تبدي قناعتها بذلك.

كل خطوة تقوم بها مصر نحو الصومال تتعامل إثيوبيا معها كأنها موجهة إليها مباشرة، وأي وجود عسكري لمصر على الأراضي الصومالية، ولو ضمن بعثة حفظ السلام، مرفوض من جانب أديس أبابا ويثير حساسية سياسية كبيرة، وتنظر إليه من منظور الخلاف بينهما حول أزمة سد النهضة.

زادت الأزمة بين مصر وإثيوبيا بسبب الصومال بعد قيام أديس بابا بتوقيع مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي في يناير 2024م، تحصل بموجبها الأولى على منفذ بحري وتسهيلات لوجستية، وتقيم قاعدة عسكرية، وهو ما رفضته الصومال ومصر معًا.

رغم أن مصر تفادت الصدمة الأولى من بناء واكتمال ملء سد النهضة، فإن المخاوف من سنوات الجفاف الطويلة التي قد تحد من كميات المياه إلى مصر هي محور الخلاف الأساسي بين البلدين، حيث لم يُتوصل إلى آلية تنظم مرحلة ما بعد التشغيل وتضمن تأمين حصص دولتي المصب.

دراسة حديثة أجراها باحثون بجامعة Texas A and M الأمريكية أظهرت أن حصة مصر من مياه النيل قد تتراجع بنسبة تصل إلى 35.47% في فترة ملء السد الإثيوبي في سنوات الجفاف ما قد يتسبب في فقدانها ثلث مساحتها الزراعية سنويًا خلال هذه الفترة.

الأزمة مع إثيوبيا سياسية في المقام الأول لمحاولتها فرض الهيمنة على نهر النيل، والخوف الحقيقي من أن تبني أديس أبابا وغيرها من العواصم سدودًا جديدةً ستؤدي إلى تآكل حصة مصر المائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى