الخبر:
وافق مجلس النواب المصري، يوم 19 نوفمبر 2024، على مشروع قانون لجوء الأجانب المُقدَّم من الحكومة، ويُنتظَر توقيع عبد الفتاح السيسي عليه، وسط انتقادات حقوقية اعتبرت أن الهدف منه ليس إنسانيًّا ولكن “سياسيًّا” لتضمنه قيود.
بموجب القانون الجديد الذي سوف ينظم أوضاع اللاجئين، سوف تُنقل هذه المسؤولية من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى مصر، التي ستضع إطارًا قانونيًّا خاصًّا بها، يمكنها من خلاله معالجة طلبات اللجوء المتزايدة والبَت في الموافقة عليها أو رفضها.
وينص مشروع القانون المكون من 39 مادة على أن منح صفة لاجئ أو تجديدها سوف يعتمد على احترام اللاجئين لدولة مصر وتقاليدها، وعدم القيام بأي فعل يضر بالأمن القومي، وحظر ارتكاب أي عمل عدائي ضد بلدهم الأصلي أو أي دولة أخرى، أو الانخراط في أي نشاط سياسي أو حزبي، أو عمل نقابي، أو المشاركة في حزب سياسي.
وفي نوفمبر 2024، أعلنت مصر أن أعداد اللاجئين من السودان، وسوريا، وجنوب السودان، واليمن، وإريتريا، وغزة قد بلغت حوالي 9 ملايين لاجئ.
ولكن حتى شهر أكتوبر 2024، لم يتم تسجيل سوى 800 ألف لاجئ فقط لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي بموجبها يحق لهم الحصول على المساعدات والرعاية الصحية والتعليم.
التعقيب:
يُعتقد أن القانون يستهدف بالأساس تضييق الخناق على النازحين الفلسطينيّين والسودانيّين الذين ينشطون في الترويج لقضايا بلادهم في مصر، في وقت يبدو الموقف المصري الرسمي من غزة متواطئًا مع الاحتلال وصامتًا عما يحدث في السودان.
القانون الجديد كفل مجموعة من الحقوق للأجنبي الذي حصل على صفة “لاجئ” في مصر، أبرزها الحصول على وثيقة سفر، وحظر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، والحق في التقاضي والعمل والتعليم والاعتراف بالشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج للاجئين وفقًا للقواعد المقررة قانونًا للأجانب.
مؤسسات حقوقية معنية بأحوال اللاجئين في مصر، مثل منصة اللاجئين في مصر، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، انتقدوا “عدم اعتناء نصوص القانون الجديد بالأوضاع الإنسانية الصعبة التي تدفع ملتمسي اللجوء إلى الفرار من بلدانهم الأصلية إلى مصر”.
رفضت 22 منظمة حقوقية مصرية ودولية، في بيان مشترك، مشروع القانون الجديد، وانتقدت مصطلح “الأمن القومي” المذكور في القانون باعتباره مصطلح فضفاض وغامض ويمكن استخدامه لتقييد حقوق اللاجئين دون رقابة أو الحق في اللجوء إلى القضاء.
من عيوب القانون أيضًا أنه يتضمن موادًا تجرم اللجوء في الحالات التي يصل فيها ملتمسي اللجوء إلى مصر بطريقة غير منظمة، و”نصوص عقابية” تمس اللاجئين وملتمسي اللجوء، وتجرِم مساعدة المصريّين للاجئين والقيام بأفعال إنسانية مثل إيواء لاجئ دون إخطار السلطات، بدون أي سند قانوني أو دستوري لمثل هذا التجريم.
يفرض القانون قيودًا صارمة على اللاجئين، وبه عدم وضوح لآليَّات تقديم الطلبات، ما يعرضهم لمخاطر الإقامة غير القانونية، فضلاً عن إمكانية ترحيل اللاجئين إلى دول يواجهون فيها تهديدات خطيرة في مخالفة لمبدأ عدم الإعادة القسرية.
يسمح القانون بحصول اللاجئين على حقوق أساسية نظريًّا، لكنه يقيد في المقابل حرياتهم بربطها بعبارات مطاطة مثل “الأمن القومي” و”النظام العام”.
ترى منظمات حقوق الإنسان أن القانون المصري يسحب مهمة الإشراف على اللاجئين من الأمم المتحدة والمنظمات المعتمِدَة على حقوق الإنسان.
ويعيش الغالبية العظمى من اللاجئين في مصر دون الحصول على وضع لاجئ بشكل رسمي، وبالتالي لا يمكنهم تلقّي المساعدة أو الحصول على حق التعليم والرعاية الصحيّة، ويعتمدون في العيش على مدخراتهم الشخصية أو على المساعدات المجتمعية أو على مساعدة الأقارب والمتطوعين أو على التبرعات.
القانون أقر “حق اللاجئين في حرية الاعتقاد الديني، مع ضمان حق ممارسة الشعائر الدينية لأصحاب الأديان السماوية في أماكن العبادة المخصصة لهم”، ما بدأ كأنه تسهيل لعمليات التبشير بغير دين الإسلام، الدين الرسمي للدولة.
يبدو أن أحد أهداف القانون هو “البيزنس”، بحيث يسهل لنظام السيسي تقاضي مليارات الدولارات من أوروبا نظير استيعاب الهجرات في مصر ومنع عبورها للمتوسط.
ويري محللون أجانب أن تمرير هذا القانون جاء بطلب من الأوروبيّين الذين يسعون لقيام مصر بدور حارس البوابة الذي يمنع اللاجئين ويكافح الهجرة غير النظامية.
جاء القانون بعدما دخل الاتحاد الأوروبي في شراكة إستراتيجية مع مصر مارس 2024، بقيمة 8 مليارات دولار (ما يعادل 7.4 مليار يورو)، لتعزيز استقرار البلاد وجهود مكافحة الهجرة غير النظامية.
المادة 27 تنص على أحقية اللاجئ في التقدم للحصول على الجنسية المصرية، على النحو الذي تُنظمه القوانين ذات الصلة، وهو ما أثار تساؤلات حول إضافة 9 ملايين لاجئ للمصريّين، لكن السلطات نفت وأكدت أن للجنسية قوانين مختلفة.