وسط جدل سياسي متصاعد، أقرّ مجلس النواب المصري تعديلات جديدة على قانون الانتخابات التشريعية، في خطوة اعتبرتها قوى الأغلبية مجرد إعادة تنظيم تقني للعملية الانتخابية، بينما رأت فيها أطراف معارضة محاولة جديدة لتكريس الأمر الواقع تحت غطاء تشريعي.
تأتي هذه التعديلات في لحظة سياسية حرجة: حيث يقترب البرلمان الحالي من نهايته وسط تقييمات متباينة لأدائه، بينما يتزايد الضغط المجتمعي والسياسي لإصلاحات أوسع تُنهي سنوات من الانغلاق السياسي، وتفتح المجال أمام تعددية حقيقية.
هذا التقرير يرصد أبعاد التعديلات الجديدة، ويحلل السياق الذي جاءت فيه، بدءًا من تفاصيلها القانونية، مرورًا بانعكاساتها على الخريطة الحزبية، ووصولًا إلى ما يمكن أن تعنيه للحياة السياسية المصرية في مرحلة ما بعد الانتخابات القادمة.
تعديلات محدودة
رغم أن التعديلات التي أُقرّت على قانون الانتخابات المصري في مايو 2025م جاءت تحت لافتة “إعادة ضبط التوازن الجغرافي والتمثيلي”، إلا أن نطاقها الفني ظل محدودًا ولم يمس البنية السياسية للنظام الانتخابي القائم. فقد حافظ القانون المعدل على النظام الانتخابي المختلط المعمول به منذ 2020م، والذي ينص على تقسيم مقاعد مجلس النواب بالتساوي بين نظام القائمة المغلقة المطلقة (50%) والنظام الفردي (50%)، دون أي توجه لإدخال القائمة النسبية أو النسبية المفتوحة كما طالبت بعض القوى السياسية في إطار الحوار الوطني.
من الناحية الجغرافية، اقتصرت التعديلات على إعادة ترسيم بعض الدوائر المحدودة، أبرزها:
- دمج دائرة السيدة زينب مع دائرتي عابدين والدرب الأحمر لتشكيل دائرة موحدة في القاهرة.
- فصل مدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية لتصبح دائرة مستقلة، وهو ما اعتبرته السلطات “استجابة للنمو السكاني الكبير في المدينة”.
- إضافة مقعد ثالث لدائرة الواسطى وناصر في محافظة بني سويف، بحجة تحقيق التوازن بين عدد السكان والمقاعد البرلمانية المخصصة، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وبعيدًا عن هذه التحسينات الجغرافية التقنية، جاءت إحدى أبرز النقاط المثيرة للجدل في التعديلات الجديدة متمثلة في رفع قيمة التأمين المالي للترشح، لتصبح:
- 30,000 جنيه للمرشح الفردي (بدلًا من 10,000 سابقًا).
- 129,000 جنيه للقائمة التي تضم 40 مقعدًا.
- 306,000 جنيه للقائمة التي تضم 102 مقعدًا.
هذا القرار أثار موجة من الانتقادات من بعض القوى المدنية والمستقلين، الذين اعتبروا أن هذه الزيادة تشكّل “حاجزًا اقتصاديًّا مانعًا” أمام المشاركة السياسية، خاصَّة في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، وتراجع الدعم المالي للقوى غير المرتبطة بالدولة.
وفيما اعتبر البعض أن رفع التأمين بهذا الشكل يعكس نية لتقليص المنافسة لصالح القوى المسيطرة، اعتبر نواب مقربون من الحكومة أن المبلغ ليس كبيرًا وأنه يتناسب مع حجم التضخم الحالي في مصر.
من ناحية أخرى، برّرت الحكومة هذا التعديل بأنه يهدف إلى “تقليص الترشح العشوائي” وتحقيق الجدية، خاصة مع التجارب السابقة التي شهدت مئات المرشحين في دوائر ضيقة، ما أربك العملية الانتخابية”.
ورغم أن هذه التعديلات قد تبدو شكلية في ظاهرها، إلا أنها تعكس إرادة سياسية بالإبقاء على الإطار التنظيمي الحالي دون الاستجابة للمطالب المتكررة بإصلاحه، ما قد يُبقي العملية الانتخابية محصورة في دوائر مغلقة سياسيًّا واجتماعيًّا.
بين سرديتين: التنظيم مقابل الإقصاء
قدّمت الحكومة المصرية التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات بوصفها إجراءً “فنيًّا وتنظيميًّا”، يهدف إلى تحسين التوازن بين الدوائر الانتخابية بحسب الكثافة السكانية وتحديث البيانات المعتمدة في التقسيم، وهي رؤية دافع عنها عدد من نواب الأغلبية، مؤكدين أن النظام الحالي يحقق الاستقرار التشريعي.
وفي هذا السياق، صرّح المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية، أن المجلس “يقف على أرضية دستورية صلبة”، وأن التعديلات “تعكس التزام الدولة بتنظيم الحياة النيابية بما يتوافق مع المعايير الدستورية”، مشددًا على أنها لا تمسّ القواعد الجوهرية للمشاركة السياسية.
لكن هذا الخطاب الرسمي قوبل برفض واسع من جانب قوى سياسية معارضة ونواب مستقلين.
ففي تصريحات علنية له، أكد النائب المستقل ضياء الدين داوود أن مستقبل الحياة السياسية كان مصدر قلق واضح للرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، وهو ما دفعه إلى الدعوة إلى الحوار الوطني في 2023م. وأوضح داوود أن جلسات الحوار انتهت إلى توافق بين القوى الحزبية على ضرورة تغيير النظام الانتخابي القائم، والانتقال إلى نظام متنوع يجمع بين القائمة المغلقة المطلقة، والقائمة النسبية، والنظام الفردي، بما يُعيد الاعتبار للتعددية والتمثيل الحقيقي.
وأضاف داوود أن الحكومة كانت قد تعهّدت – بحسب ما تمَّ التوافق عليه – بعدم تقديم أي مشروع قانون خاص بالنظام الانتخابي من تلقاء نفسها، وأن المبادرة يجب أن تظل في يد الأحزاب والقوى السياسية. وهو ما لم يتم احترامه في التعديلات الأخيرة التي جاءت، حسب وصفه، لتُبقي على “نظام مغلق يكرّس السيطرة ويُفرغ التنافس من معناه السياسي”.
هذا التناقض بين مخرجات الحوار الوطني ومسار التشريع الرسمي أعاد طرح سؤال محوري حول جدية الدولة في فتح المجال العام وإعادة الاعتبار للحياة السياسية، خاصة في ظل هيمنة حزب واحد على التوازنات البرلمانية، واستمرار العمل بقواعد انتخابية توصف بأنها تقييدية وتعجيزية لغير القادرين على المنافسة المالية أو المؤسسية.
نظام القوائم المغلقة المطلقة: أداة تمثيل أم إقصاء؟
أحد أبرز جوانب الجدل في تعديلات قانون الانتخابات المصرية الأخيرة يتعلق بالإبقاء على نظام “القائمة المغلقة المطلقة”، وهو النظام الذي يُلزِم الناخب بالتصويت لقائمة حزبية كاملة دون تعديل، ولا يُحتسب أي فوز جزئي داخلها، بل تحصل القائمة الفائزة – ولو بفارق بسيط – على كامل مقاعد الدائرة، بينما تُقصى باقي القوائم حتى وإن حصلت على نسبة معتبرة من الأصوات.
هذا النظام، المعمول به في الانتخابات المصرية منذ 2020م، أثار اعتراضًا واسعًا من القوى المعارضة والمستقلين، الذين يعتبرونه نظامًا غير عادل سياسيًّا ويؤدي إلى احتكار التمثيل البرلماني من قبل القوى الكبرى أو القريبة من السلطة، بينما يُقصي الأحزاب الصغيرة أو القوائم البديلة حتى لو حصدت نسبة 49% من الأصوات.
في المقابل، تطالب المعارضة بتبنّي نظام القوائم النسبية (Proportional Representation)، سواء المغلقة أو المفتوحة، وهو النظام الذي يسمح بتوزيع المقاعد بين القوائم المتنافسة وفقًا للنسبة الحقيقية التي حصلت عليها من أصوات الناخبين، ما يضمن تمثيلًا أكثر عدالة وتعددية داخل البرلمان.
وتُشير توصيات الحوار الوطني المصري، الذي انعقد تحت رعاية رئاسة الجمهورية عام 2023م، إلى توافق بين معظم القوى السياسية على ضرورة تعديل النظام القائم والاتجاه نحو نظام مختلط يشمل:
- نسبة للقائمة المغلقة.
- نسبة للقائمة النسبية.
- نسبة للفردي.
لكن التعديلات الأخيرة تجاهلت هذه المخرجات، ما فسّرته المعارضة بأنه استمرار لنمط “تزييف التعددية”، ورفض فعلي لإعادة التوازن إلى الحياة السياسية، خاصة في ظل الهيمنة البرلمانية الحالية لحزب “مستقبل وطن”
بماذا يخبرنا أداء البرلمان الحالي؟
لم تكن التعديلات على قانون الانتخابات مفاجئة، بل جاءت استكمالًا لمسار تشريعي طبع أداء البرلمان المصري طوال دورته الأخيرة؛ مسارٌ اتّسم، حسب معارضين ومراقبين، بتأجيل الملفات المصيرية لصالح تشريعات أقل إلحاحًا أو محل جدل، ما فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول دور المجلس كسلطة تشريعية ورقابية مستقلة.
فرغم حزمة القوانين التي أُقرت في شهور البرلمان الأخيرة – كقانون الإجراءات الجنائية، وقانون العمل، وتعديلات قانون الإيجار القديم – ظل غياب قوانين كبرى مثل الإدارة المحلية، ومفوضية التمييز، والأحوال الشخصية علامة على اختلال في ترتيب الأولويات، وربما غياب الإرادة السياسية في فتح ملفات حساسة تتطلب حوارًا وطنيًّا حقيقيًّا.
النائب فريدي البياضي، عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في تصريحات صحفية، اعتبر أن هذه الطريقة في التشريع “جعلت البرلمان مجرد أداة لتمرير ما تريده الحكومة”، مشيرًا إلى أن التعديلات المقدمة من المعارضة “قُوبلت بالإهمال، رغم أنها جوهرية ودستورية”.
وفي مقابلة تلفزيونية، ٢٠٢١م، صرح النائب المصري ضياء الدين داود أن المعارضة داخل مجلس النواب تكاد تكون رمزية، إذ لا يتجاوز عدد نوابها الفعليين ثلاثة فقط من أصل نحو 600 نائب، في حين يصوت الباقون مع حزب الأغلبية “مستقبل وطن”، بغض النظر عن المسميات الحزبية الأخرى. ووَصَف داود هذا الوضع السياسي بـ”الجائحة” التي تحتاج إلى “لقاح” من الحرية والتعددية السياسية.
هذا السياق المُربك الذي ساد طوال خمس سنوات يُلقي بظلاله على فهم التعديلات الانتخابية الحالية: هل هي تمهيد لانتخابات تنافسية؟ أم محاولة لإعادة تدوير الخريطة السياسية وفق شروط أكثر انغلاقًا؟ وهل يمكن الوثوق بأن هذه التعديلات سوف تحقق انفراجة سياسية طال انتظارها، في ظل سجل برلماني شابه الكثير من الغموض والانحياز؟
للإجابة، لا بد من التوقف عند اللحظة الحالية بكل مكوناتها: تأسيس تحالفات حزبية جديدة، تصاعد المطالب بإصلاح سياسي، واهتزاز ثقة الشارع في أدوات التمثيل الشعبي. وهنا تبرز معركة قانون الانتخابات كأكثر من مجرد خلاف قانوني: إنها انعكاس حقيقي لمعركة مستقبل السلطة والتمثيل في مصر.
سياق أوسع.. من يملأ الفراغ؟ “مستقبل وطن” في مواجهة “الجبهة الوطنية”
تتجاوز دلالات التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات مجرد الصياغات القانونية، لتفتح الباب أمام تساؤلات أعمق حول شكل النظام الحزبي في مصر، وهوية الفاعلين المحتملين في ساحة سياسية مغلقة ومركّبة. في صدارة هذا المشهد، يبرز حزب “مستقبل وطن”، الذراع السياسية الأبرز للسلطة منذ سنوات، في مواجهة كيان حزبي جديد يحمل الاسم ذاته الذي استخدمته أطراف معارضة سابقًا: “الجبهة الوطنية”. لكن هذه المرة، يتشكل الحزب الجديد من شخصيات حكومية وسلطوية بارزة، مثل عاصم الجزار، وزير الإسكان السابق، ما يثير تساؤلات حول كونه مجرد أداة جديدة ضمن أدوات النظام، لا محاولة جادة لتعددية حزبية حقيقية.
هذا الاستقطاب السياسي المبكر لا يحدث في فراغ، بل يأتي في ظل انتقادات واسعة لأداء البرلمان الحالي، وضعف التشريعات المرتبطة بالأولويات المجتمعية، وهو ما يجعل من التعديلات الانتخابية لحظة مفصلية لإعادة ترتيب الخارطة الحزبية، وإن لم يكن بالضرورة فتحها.
مستقبل وطن: من ذروة السيطرة إلى أزمة الثقة
تأسس “مستقبل وطن” عام 2014م بدعم غير معلن من مؤسسات الدولة، وبرز سريعًا كأداة تنظيمية لتأمين الأغلبية البرلمانية بعد 30 يونيو، محققًا في انتخابات 2020م أكثر من 300 مقعد، وهيمنة شبه كاملة على اللجان البرلمانية.
لكن هذه الهيمنة لم تُترجم إلى أداء سياسي مقنع. فالحزب متهم بأنه مجرد تنظيم انتخابي موسمي، يفتقر إلى رؤية أو برنامج واضح، ويميل إلى الصمت تجاه القضايا الحقوقية والاجتماعية الكبرى. لم يُعرف له موقف فعّال من ملفات حساسة مثل مفوضية عدم التمييز أو قانون الأحوال الشخصية، ما عزز صورته كامتداد إداري للدولة أكثر من كونه فاعلًا سياسيًّا مستقلًا.
ومع تأييده المطلق للتعديلات الانتخابية الأخيرة ومشاركته في هندسة تفاصيلها، يتكرّس الانطباع بأن الحزب يسعى لتكريس موقعه المهيمن، لا فتح مجال للمنافسة العادلة.
الجبهة الوطنية الجديدة: بديل حزبي أم واجهة سلطوية؟
في المقابل، تأسس حزب “الجبهة الوطنية” الجديد في مطلع 2025م، بقيادة عاصم الجزار وبدعم من شخصيات حكومية معروفة، فيما يبدو كمحاولة من النظام لإنتاج حزب جديد بوجه إصلاحي شكلي، يعيد توزيع الأدوار داخل المعسكر السلطوي، دون كسر قواعد اللعبة.
هذا الحزب يختلف عن التحالف القديم الذي حمل نفس الاسم وضم أحزابًا معارضة مثل الكرامة والمصري الديمقراطي. في صيغته الجديدة، لا يبدو أنه يعبر عن معارضة حقيقية، بل عن صيغة بديلة لضمان تنوع منضبط داخل النظام.
ورغم ادعاء الانطلاق من توصيات الحوار الوطني، فإن حزب “الجبهة” لم ينشأ عن نقاش مجتمعي واسع، بل من غرف السلطة المغلقة، وبأسماء اعتاد الرأي العام رؤيتها في مواقع تنفيذية، لا معارضة.
مواجهة مغلقة وسؤال مفتوح
يقف المشهد المصري أمام معادلة حزبية تبدو محسومة:
- “مستقبل وطن” يملك الهيكلية، لكنه يفتقد للشرعية الشعبية الحقيقية.
- حزب “الجبهة الوطنية” الجديد يفتقر للقاعدة المجتمعية، لكنه يستند إلى دعم سلطوي واضح.
أما المعارضة المدنية الحقيقية، فهي محاصَرة بحواجز قانونية وإعلامية وتنظيمية، تجعل من قدرتها على التأثير أو حتى المشاركة تحديًا بحد ذاته.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال المركزي مطروحًا:
هل التعديلات الانتخابية تمهّد لإعادة تأسيس السياسة في مصر؟ أم تُعيد إنتاج نفس المشهد بوجوه جديدة من داخل المنظومة نفسها؟
يرى عدد من المحللين أن الإجابة الأقرب للواقع تشير إلى الخيار الثاني، حيث يسعى النظام إلى تجديد أدواته وتدوير نخب السلطة، لا إلى إتاحة منافسة سياسية حقيقية. لكن يبقى هامش المناورة متاحًا، إن استطاعت القوى المعارضة التقاط لحظة الزخم وتنظيم صفوفها بما يكفي لكسر دائرة التكرار.
ما بعد التعديلات: أي مشهد ينتظر السياسة المصرية؟
لم تكن التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات مجرد خطوة تقنية كما يروّج الخطاب الرسمي، بل تُشكّل لحظة كاشفة لما يمكن أن تكون عليه الدورة السياسية المقبلة. ففي ظل غياب إصلاحات هيكلية، وتراجع منسوب الثقة في فعالية التمثيل البرلماني، تبدو البلاد مقبلة على استحقاق انتخابي تحكمه ذات القواعد القديمة، ولكن في ظرف اقتصادي واجتماعي جديد أكثر هشاشة وتعقيدًا.
تأسيس حزب “الجبهة الوطنية” من جهة افتقر إلى كونه بديل شعبي حقيقي نابع من صوت المعارضة أو أصوات مستقلة، فبدا وكأنه وجه آخر من أوجه النظام حتى وإن لم يكن ممثلًا مباشرًا للسلطة، ومن جهة أخرى بدا إجراء التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات أكثر هشاشة حيث لم يتعرض إلى تعديلات حقيقية يمكن أن تضمن تركيبة أكثر تعبيرًا عن الإرادة الوطنية. في المقابل، يظهر “مستقبل وطن” أكثر جاهزية تنظيمية، وأقرب إلى الدولة، ما يعزز من فرضية إعادة تدوير النخبة البرلمانية نفسها.
لكن المفارقة أن هذه التعديلات تأتي في لحظة ضغط عام: حوار وطني جرى قبل عام، أصوات معارضة تتحدث عن الحاجة للتغيير، شارع سياسي أكثر توترًا، ومطالب بالإصلاح ترتفع حتى من داخل بعض دوائر الدولة. وهنا يكمن التناقض: فبدل أن تُبنى التعديلات على هذا الزخم، جاءت لتطوّقه وتُعيد هندسته.
الانتخابات المقبلة، إذن، لن تكون فقط اختبارًا لقوة الأحزاب، بل لاختبار مدى جدّية النظام السياسي في التعامل مع لحظة التحوّل. هل يُبقي الباب مواربًا لإصلاح تدريجي؟ أم يغلقه لمزيد من الانكماش السياسي؟