خبر وتعقيب

فوز ترامب.. ودلالات نجاح الصوت الرافض للحرب بقطاع غزة في إسقاط داعمي الإبادة

الخبر:

بنتيجة مفاجئة، خالفت الاستطلاعات، نجح المرشح الجمهوري اليميني دونالد ترامب في العودة للبيت الأبيض، ليصبح الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، بفوزه على منافسته الديموقراطية كامالا هاريس، بعدما كان الرئيس رقم 45 في انتخابات 2016.

فوز ترامب الذي جاء بـ 277 من أصوات المجمع الانتخابي (يحتاج 272 صوتًا للفوز) لم يقتصر على انتخابات الرئاسة، بل فاز حزبه الجمهوري أيضًا بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ (54 من 100)، ويتقدم في انتخابات مجلس النواب.

لذا أُطلِق على هذا الفوز “موجة حمراء”، وهو لون دعاية الحزب الجمهوري الذي ظهر مسيطرًا على خريطة الولايات الأمريكية التي فاز بها.

ويتألف الكونغرس الأمريكي من مجلس النواب الذي يختار الناخبون خلال الاقتراع الحالي أعضاءه الـ 435 بالكامل، ومجلس الشيوخ المؤلف من مائة مقعد، يتم تجديد 34 منها هذه السنة، تزامنا مع الانتخابات الرئاسية.

التعقيب:

عكس إسقاط هاريس، “رسائل سياسية” مهمة، بعثت بها قوة انتخابية مؤثرة، حول قدرة الصوت المسلم والعربي ورافضي مجازر غزة من الأمريكيّين العاديّين، على التأثير في الانتخابات وتنفيذ تهديدهم بإسقاطها، وأن هذه القوة الانتخابية ليست مسجلة باسم الديموقراطيّين بلا مقابل، كما تصورت هاريس.

إسقاط هاريس/بايدن، يحمل رسائل كثيرة حول أهمية الصوت العربي والمسلم، وصوت رافضي إبادة غزة، وضرورة أخذ الأحزاب الأمريكية هذا في الحسبان مستقبلًا، بعدما بدأ العرب والمسلمون يشاركون بفاعلية في الانتخابات ويترشحون أيضا لانتزاع حقوقهم.

“نهاد عوض” رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، أكَّد أن هاريس خسرت “لتجاهلها تحذيرات العرب والمسلمين لها مرارًا خلال حرب الإبادة على غزة بأننا سنتذكر موقفها في نوفمبر، أي يوم الانتخابات”.

أوضح أن “هاريس خسرت انتخابات 2024 بسبب دعمها للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة”، وتجاهلها أهمية الصوت المسلم، وتقليلها من شأن الناخبين المسلمين، والطلاب في الحرم الجامعي، والأمريكيّين الداعمين لحق الفلسطينيين في الحياة.

كان دعم إدارة بايدن لإسرائيل في حرب غزة، مثيرًا للانقسام بين الناخبين الأميركيّين، وخاصة العرب والمسلمين منهم، وهو ما أثار نفورهم من نائبة الرئيس هاريس، فرفضوا انتخابها، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” 5 نوفمبر 2024.

أغضبهم رفض إدارة بايدن/هاريس الاستماع إلى دعواتهم بوقف الموت والدمار في قطاع غزة، ومواصلة شحن الأسلحة إلى إسرائيل لتنفيذ حملتها في إبادة السكان بحجة قتال حماس، رغم قناعتهم أن هذا سيفيد ترامب الذي لن يجلب لهم السلام، لكن غزة لن تخسر أكثر مما خسرته مع هاريس وبايدن.

لم تبدِ “هاريس” أي تعاطف مع معاناة الفلسطينيّين، ولم تظهر أي إشارة إلى أنها ستجبر إسرائيل على إنهاء حربها إذا تولت الرئاسة، بل ورفضت حملتها تلبية المطالب الأساسية لحركة التضامن مع فلسطين.

ظلت “هاريس” تدعم العدوان الإسرائيلي والإبادة، وتقول إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، واكتفت بمطالبة إسرائيل أن تراعي، فقط، وهي تنتقم من الفلسطينيّين، ألَّا يزيد عدد القتلى “الأبرياء”، ما عرضها للنقد الشديد وتوعدها الناخبين بالرد ليلة الانتخابات.

في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو، في أغسطس 2024، رفضت حملة هاريس السماح حتى لمتحدث فلسطيني واحد بالصعود إلى منصة المؤتمر، وتمَّ الاعتداء على بعضهم وطرد آخرين (وهم من حملتها من العرب) خارج القاعة؛ لأنهم رفعوا لافتات تؤيد وقف الحرب في غزة.

ناخبون عرب ومسلمون ومعارضون لمجازر غزة قالوا لموقع “إنترسيبت”، في 4 نوفمبر 2024، أنهم صوتوا لصالح ترامب أو أحزاب أخرى، بعدما كانوا يصوتون دائمًا للديمقراطيّين، ردًّا على “الإبادة الجماعية وموقف إدارة بايدن مع غزة”.

الكاتب في مجلة “نيويوركر” فينسون كانينغهام، أرجع سقوط “هاريس” إلى أنها “غرقت في دماء الأبرياء في غزة”، فتم “تصويت عقابي” من جانب المسلمين ضدها لصالح ترامب.

هاريس خسرت ميتشغان، التي فاز فيها بايدن في انتخابات عام 2020، بنسبة 88 بالمئة من الأصوات، وفاز فيها ترامب بـ 66 بالمئة من الأصوات، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.

الدعم الكامل من جانب إدارة بايدن للإبادة الصهيونية في غزة والمشاركة فيها بالسلاح، استغله ترامب بتصوير نفسه البديل الأفضل للناخبين المسلمين والعرب الغاضبين من هذه المذبحة، وفق موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في 5 نوفمبر 2024.

مع أنه توعد المسلمين عقب فوزه في 2017 بتسجيلهم في لوائح (جنائية) على غرار تسجيل النازيين لليهود في ألمانيا، زار ترامب تجمعات المسلمين في ميتشغان واستضاف بعضهم، ومنهم أئمة، على منصته الانتخابية ليطالبوه بوقف حرب غزة ولبنان، ووعدهم بأنه سيكون الأفضل لهم، بينما طردتهم حملة هاريس.

ترامب ليس أفضل حالًا من هاريس، ومواقفه ليست مضمونة، ولكن طبيعته لا تميل للحروب، فهو “رجل أعمال” أكثر منه سياسي، يميل للصفقات الاقتصادية والتجارية، لذا قد يرغب أكثر في انهاء الحرب في المنطقة ليعود لصفقاته مع الخليج.

وقد كشفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، في 30 أكتوبر 2024، نقلًا عن مسؤولين، أن ترامب أبلغ نتنياهو أنه “يريد انتهاء حرب غزة بحلول موعد توليه منصبه”، كما أبلغه بأنه “يريد أن تفوز إسرائيل بالحرب بسرعة وتنهيها”.

لكن ترامب انتقد الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين التي تجري في شوارع الولايات المتحدة وفي حرم الجامعات، ورسم صورة قاتمة عن كيفية تعامله مع أي انتقاد لإسرائيل حين يعود للرئاسة.

كما تعهد عقب “طوفان الأقصى” بتطبيق “فحص إيديولوجي” للتخلص من المهاجرين المتعاطفين مع حركة حماس، ومنع دخول لاجئي غزة إذا فاز بالرئاسة، بحسب صحيفة “الغارديان“، في 17 أكتوبر 2023.

رغم تمني دولة الاحتلال الصهيونية فوز ترامب، لأسباب تتعلق بأمنيات أن يستكمل عطاياه لنتنياهو، فقد دعم اليهود الأمريكيون هاريس ضد ترامب.

موقع “جويش كرونيكل” اليهودي، أكد في 6 نوفمبر 2024، أن 79 بالمئة منهم صوتوا ضد ترامب لصالح “هاريس”، كما لم تفلح أموال اللوبي الصهيوني (أيباك) في دعمها، ما يؤشر لقوة “صوت غزة” في الانتخابات.

في رئاسته الأولي، أعلن ترامب، في 6 ديسمبر 2017، اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم أغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن في 10 سبتمبر 2018، وخفض 200 مليون دولار من الأموال المخصصة للسلطة الفلسطينية. وفي مارس 2019، اعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورية المحتلة.

بعد فوزه، تسود مخاوف أن يعطي ترامب أيضًا الضفة الغربية لإسرائيل ويعترف بسيادتها عليها، ويُنهِي اتفاقيات أوسلو رسميًّا، بعدما أجهزت عليها حكومة نتنياهو؛ لأن تيار (المسيحية الصهيونية) يؤمن بسيادة إسرائيل عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى