ترجماتغير مصنف

نيو لاينز: مشروع “التجلي العظيم” الضخم بسيناء يمحو الثقافة البدوية

نشرت مجلة “نيولاينز“، وهي مجلة أمريكية تُعنى بالنشر والترويج لـ “أفضل الأفكار والكتابات” عبر العالم، في السابع عشر من يونيو 2025م، تقريرًا بعنوان: “مشروع ‘التجلي العظيم’ الضخم في سيناء يمحو الثقافة البدوية” لـ “جيسيكا بوكسباوم”، الصحفية المقيمة في القدس المحتلة والتي تغطي احتلال إسرائيل لـ “فلسطين” و”مرتفعات الجولان السورية” و”شبه جزيرة سيناء المصرية”. وقد جاء تقرير جيسيكا بوكسباوم عن مشروع التجلي الأعظم في سيناء ضمن منشورات قسم “سبوتلايت” بالمجلة، والذي يتناول الاتجاهات الثقافية والأخبار غير المتداولة من جميع أنحاء العالم.

وبحسب المجلة الأمريكية التي حازت على عدة جوائز لربطها بين الماضي والحاضر في المقالات والتقارير التي تنشرها، فإنه بينما يبشر “مشروع التجلي العظيم” السيَّاح بالرفاهية في وادي سانت كاترين بشبه جزيرة سيناء المصرية، فإنه يدمر قرونًا من التراث والثقافة البدوية، لتحل محلها الكتل الخرسانية، ويرغم السكان المحليّين على التخلي عن أراضيهم، حيث تحول “وادي الراحة” في مدينة “سانت كاترين” في سيناء إلى موقع بناء وإنشاءات بعد أن كان من قبل مكانًا بكرًا من الرمال الصحراوية الرائعة غير الملوثة وسط جبال شبه جزيرة سيناء الشاهقة.

وقد أثار هذا المشروع السياحي في سيناء موجة من الذعر بين بدو سيناء لما ينتج عنه من نزع لممتلكاتهم وتشريدهم وتدمير ثقافتهم وتقاليدهم وتراثهم.

ويُذكر أنه طالما شككت الحكومة المصرية في الانتماء الوطني للبدو في شبه جزيرة سيناء، فتارةً تتهمهم بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1967م، وتارةً أخرى بالتعاون مع المسلحين الذين كانوا ينشطون في سيناء في السنوات الأخيرة.

وفيما يلي يقدم “منتدى الدراسات المستقبلية ترجمة كاملة للتقرير الذي نشرته مجلة “نيولاينز” الأمريكية، وذلك على النحو التالي:

كان “وادي الراحة” في مدينة سانت كاترين المصرية – تحديدًا بالمنطقة بين شرم الشيخ ودهب – في يوم من الأيام مكانًا من الرمال الصحراوية البكر تقريبًا؛ حيث يمتد وسط جبال شبه جزيرة سيناء، ولكنه تحوَّل الآن إلى موقع للإنشاءات والبناء. (ويُقال إن أسرة نبي الله موسى كانت قد استراحت هناك في “وادي الراحة”، وذلك خلال رحلته الأولى عائدًا من مدْين – التي تقع حاليًا في منطقة تبوك، شمال غرب المملكة العربية السعودية – إلى مصر).

ومنذ عام 2021م، عندما بدأت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية في بناء “مشروع التحول العظيم”، وهو مشروع سياحي ضخم ترعاه الدولة ويهدف إلى بناء خمسة فنادق ومئات الفلل ومركز زوار بمساحة 1,4 فدان ومجمع تسوق داخل محمية سانت كاترين ومحيطها، بالإضافة إلى توسيع المطار القريب منها – أصبحت الجرافات والأقماع البرتقالية وأكوام الأنقاض والطرق شبه المعبدة جزءًا من ذلك المشهد الطبيعي الأيقوني (في وادي الراحة). وكانت المنطقة قد أُدرجت ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2002م.

ومن المقرر الانتهاء من مشروع التجلي العظيم بحلول شهر أكتوبر من عام 2026م. وبينما تروج الحكومة له باعتباره “هدية مصر للعالم أجمع وجميع الأديان”، يزعم خبراء إقليميون ومجتمع سانت كاترين البدوي في معظمه أن المشروع يُلحِق ضررًا بالغًا بشكل قطعي بهذا المعلم الثقافي والديني.

وقال جون جرينجر، المدير السابق لمشروع الاتحاد الأوروبي لتطوير المحمية، لمجلة نيولاينز: “أنا أسمي هذا المشروع التشويه الكبير وليس التجلي العظيم”.

وتشتهر منطقة سانت كاترين بجبل سيناء، الذي تُجلُّه وتقدره الأديان السماوية الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية، باعتباره الموقع الذي تلقى فيه موسى الوصايا العشر. ويقع دير سانت كاترين، أقدم دير في العالم، والذي لا يزال نشطًا، عند سفح جبل سيناء. وعلى مدى قرون، ظل الحجاج يتوافدون إلى دير سانت كاترين، حيث تُحفظ المخطوطات والتحف المسيحية القديمة. وتُعتبر قبيلة الجبالية البدوية (التي يعني اسمها حرفيًّا “أهل الجبل” باللغة العربية) حُماة الدير القدماء، حيث وصلوا إلى المنطقة كجنود رومانيّين مسيحيّين أرسلهم الإمبراطور جستنيان عام 529م لحماية الرهبان، فيما كان يُعرَف آنذاك بدير الحاكم الجديد. واليوم، يغلب عدد المسلمين على سكان الجبالية، وغالبًا ما يعملون كمرشدين سياحيّين في الدير والجبال المحيطة به.

تمَّ الشروع في إنشاء مشروع التجلي الأعظم (GTP) بسرعة ودون سابق إنذار للسكان والدير على حد سواء، مما هدد بشكل مباشر الطبيعة الريفية الهادئة لحياة قبيلة الجبالية البدوية. حيث قال أحد سكان مدينة سانت كاترين بسيناء، شريطة عدم الكشف عن هويته: “استُقدم حوالي 3000 عامل بناء” إلى المنطقة. وأضاف: “لم يكن السكان هنا مستعدين لمثل هذا الأمر على الإطلاق، ولا يزال مصير الممتلكات الشخصية للسكان والتي قد تعترض طريق إتمام هذا المشروع غامضًا. وأما تلك الوعود والتطمينات الكاذبة لهم فهي تتغير يومًا بعد يوم”.

عندما مُنِح دير سانت كاترين مكانته الخاصة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، رافق هذا القرار مطالبة مصر بتنفيذ خطة تنموية مستدامة لحماية ذلك المنظر ذائع الصيت، الذي غالبًا ما يتم تناوله وتصويره في الأعمال الأدبية والفنية، للدير الذي يقع في ظلال جبل سيناء مقابل وادي الراحة الشهير. ورغم الطلبات المتكررة من جانب منظمة اليونسكو، لم تُقدِّم مصر حتى الآن خطة إدارة مستدامة لدير سانت كاترين إلى المنظمة الأممية.

وقال جون جرينجر، المسؤول السابق بالاتحاد الأوروبي: “إن المشروع يتعارض بشكل كامل ليس فقط مع قانون الحماية المصري، الذي يتطلب إصدار بيان حول الأثار البيئية قبل القيام بأي شيء، ولكن أيضًا … يتعارض مع التزاماتهم تجاه اتفاقية التراث العالمي”.

هذا وقد دعت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو مصر إلى وقف أعمال البناء والإنشاءات في منطقة سانت كاترين على الفور، وذلك خلال دورتها المنعقدة عام 2023م. كما طلبت تلك اللجنة من بعثة مراقبة مدعومة من منظمة اليونسكو زيارة سانت كاترين لتقييم الوضع في الموقع. ولكن لم يحدث أيٌّ من ذلك حتى الآن، رغم وجود مكتب لليونسكو في القاهرة.

وتُطلِق منظمة “مراقبة التراث العالمي”، وهي منظمة تُعنى بالحفاظ على مواقع التراث العالمي لليونسكو (وتتخذ من ألمانيا مقرًا لها وتمتلك شبكة واسعة تضم أكثر من 160 منظمة غير حكومية وأكثر من 58 عالمًا وباحثًا وخبيرًا)، حملةً لدعم هذه المهمة لتحديد ما إذا كان ينبغي إضافة سانت كاترين إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي المُعرَّض للخطر. حيث تُناقَش مواقع التراث العالمي في جلسات اللجنة كل عامين فقط، إلا إذا كانت تلك المواقع مُعرّضة للخطر، ففي هذه الحالة تُدرَج المناقشات حولها على جدول الأعمال بشكل سنوي.

وصرح ستيفان دومبكي، رئيس منظمة مراقبة التراث العالمي، لمجلة نيولاينز بقوله: “وهذا يمنح البلاد عامين إضافيين لتوثيق الحقائق وسنتين إضافيتين من أجل الرد على اليونسكو والتعامل معها”. وأضاف قائلًا: “لا تملك منظمة اليونسكو سوى إمكانيات محدودة للتحرك حيال الأمر ما دام الموقع غير مُدرج في قائمة التراث العالمي ’المُعرَّض للخطر‘”.

ويتزايد قلق خبراء التراث العالمي إزاء ترشيح خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري السابق، للتنافس على منصب المدير العام لليونسكو. وصرح السيد بن هوفلر، المؤسس المشارك لمبادرة “درب البدو”، وهي مبادرة لمسارات ودروب المشي لمسافات بعيدة والتي أنشأها البدو عبر الأردن ومصر، لمجلة “نيو لاينز”: “وفي حالة حدوث ذلك، فقد تُستبعد منطقة سانت كاترين بشكل منهجي من جدول أعمال المنظمة، وتُدفن تحت الطاولة، ومن المرجح أيضًا أن يُغلق النقاش ويُحسم مصيرها”. وأضاف: “إن الحكومة المصرية تضغط بكل قوتها لتمرير “مشروع درب البدو” بأقل قدر من الانتقادات له”.

ولم تستجب اليونسكو لطلبات تمَّ تقديمها من مجلة “نيو لاينز” لإجراء مقابلة لمناقشة الأمر.

هذا وقد شهدت مصر موجة هدم واسعة النطاق في السنوات الأخيرة، بزعم السعي إلى تحديث المناطق الحضرية في البلاد من خلال توسيع الطرق السريعة، وبناء الأبراج السكنية العالية، ومراكز التسوق الشاهقة والمتزايدة على حساب الأحياء الفقيرة ذات الدخول المحدودة. وقد أدَّى التوسع في هذه المشاريع إلى تهجير مئات الآلاف من العائلات المصرية، بل إن الأمر وصل أيضًا إلى حد انتهاك حرمة المقابر الأثرية التاريخية. وقد انتقد كثير من النقاد مساعي الحكومة المصرية إلى ما تقول إنه يأتي من باب التجديد الحضري، معتبرين أنها إنما تمحو التراث المعماري الأيقوني التي تتميز به مصر. ومع ذلك، فإن الحكومة المصرية تعتبر هذه الجهود حيوية من أجل تعزيز قطاع السياحة في البلاد. حيث تهدف الدولة إلى جذب 30 مليون سائح سنويًّا بحلول عام 2028م، وأنها تعتبر عمليات هدم الأحياء الفقيرة وتطوير المواقع السياحية جزءًا من إستراتيجيتها لتعزيز الجاذبية الجمالية للبلاد (وبالتالي جذب المزيد من السياح).

وفي هذا السياق، شهدت بدايات مشروع التجلي العظيم في عام 2021م في منطقة سانت كاترين سلسلة من عمليات هدم المباني والمنشآت الموجودة، كان أكبرها في مقبرة الجبالية التي يعود تاريخها إلى عدة قرون مضت. كما أمضت قبيلة الجبالية أيامًا عديدة بعد عملية الهدم في جمع رفات مئات من أقاربهم ونقلها إلى مقبرة أخرى تبعد حوالي ستة أميال عن سانت كاترين. وبعد عمليات الهدم التي طالت المقبرة الأثرية، تمَّ رصف مكان المقبرة وتحويله إلى موقف للسيارات!! وصرح خبير في الآثار في منطقة سانت كاترين، طلب عدم الكشف عن هويته، قائلًا: “تُهدَم منازل قبيلة الجبالية دون صرف أي تعويضات لهم. وهُدم أيضًا جزء من مسجدهم. كما حُفرت المقبرة التاريخية التي كانت تضم رفات المئات من أقاربهم”.

لقد دفعت شبكة متطورة تملكها السلطات المصرية من أدوات المراقبة وأساليب الترهيب جميع الأصوات المحلية تقريبًا المعارضة لمشروع التجلي العظيم إلى التحدث بشكل مجهول والامتناع عن الظهور في العلن على الإطلاق.

وقال السيد هوفلر، وهو أيضًا أحد سكان سانت كاترين السابقين: “إذا تحدثوا (السكان المحليون) عن أي شيء، فإنهم يتعرضون لاقتحام بيوتهم من قِبل أجهزة الأمن المصرية”. وأضاف: “تراقب الشرطة السرية في سانت كاترين كل شيء عن كثب، بما في ذلك المكالمات الهاتفية، حيث كانت توضع برامج تجسس على هواتفنا هناك. إنهم يتتبعون خطى الناس في الشارع حرفيًّا. وقد تعقبوني شخصيًّا مرات عديدة”.

وأوضح هوفلر أن قمع الاحتجاجات المحلية هناك هو بمثابة عملية محو كامل للمجتمع (البدوي) نفسه. وقال: “بُنيت هناك مجمَّعات جديدة ضخمة من المنتجعات والفيلات أمام القرى البدوية القائمة”، مشيرًا في ذلك إلى حي أبو زيتونة الصغير، الذي يتألف من حوالي 20 منزلًا على مشارف سانت كاترين. وأضاف هوفلر: “جميع هذه المنازل الآن محجوبة خلف أحد مشاريع الفلل الجديدة في مشروع التجلي العظيم. لقد تغير طابع تلك القرية تمامًا الآن”.

لقد مزّقت سنوات من البناء حالة الهدوء التي كانت تتميز به منطقة سانت كاترين. وقال أحد سكان سانت كاترين، الذي لم يُرد الكشف عن هويته: “يبدو القلق واضحًا على وجوه الجميع. يشاهدون تغير مناظرهم الطبيعية، حيث تُزال العديد من الأشجار بزعم إعاقة البناء بلا أي مبالاة، وتُقتلع أشجار الزيتون والفستق القديمة والعتيقة وتُرمَى جانبًا على الطريق”.

وفي الوقت الذي يُحدِث فيه مشروع تطوير سانت كاترين تحولًا بيئيًّا كبيرًا، تتزايد المخاوف من أنه قد يُغير أيضًا من التركيبة السكانية لمنطقة سانت كاترين. ويحذر هوفلر من أن الفنادق الجديدة ستقوم على الأرجح بتوظيف مصريّين قادمين من محافظات وادي النيل فقط بدلًا من البدو المحليّين، وهو اتجاه سائد على أرض الواقع في قطاع الضيافة في سيناء. وأضاف هوفلر: “سوف تصبح تلك المدينة، التي كانت منطقة ذات أغلبية بدوية على مدى قرون عديدة، منطقةً ذات غالبية سكانية من سائر مناطق القطر المصري. وسوف يصبح البدو أقلية في منطقتهم القبلية”.

ومع احتمال أن تصبح صناعة السياحة في منطقة سانت كاترين قريبًا مأهولة بالمصريّين القادمين إليها من أنحاء البلاد من غير البدو، فإن السكان المحليّين البدويّين الذين يعتمدون منذ فترة طويلة على سياحة المشي لمسافات طويلة على “درب البدو” في المنطقة سيعانون وقد بدأوا بالفعل.

وقد تمَّ إغلاق أولى مسارات المشي لمسافات طويلة في مصر، وهي مسارات سيناء وجبل البحر الأحمر، وهي جزء من مشروع درب البدو العابر للقارات، في نوفمبر 2024م. ويعود ذلك في الأساس إلى توقف السلطات الحكومية المصرية عن منح تصاريح دخول إلى هذه المسارات.

وصرح السيد هوفلر قائلًا: “لقد أصبح الحصول على تصاريح الرحلات على مسارات مصر الطويلة في “درب البدو” أمرًا مستحيلًا، وهو أحد الأسباب الرئيسة لإغلاقها”. وأضاف: “لقد عانت منظماتنا لسنوات من مضايقات شديدة من قبل الشرطة السرية المصرية. وتعرضوا للترهيب المستمر، وفي بعض الأحيان كان يتم احتجازهم وتهديدهم بالسجن إذا ما أُجريت أي رحلات على هذه المسارات”.

كما تمَّ إجبار مجموعات مغامرات أخرى على إلغاء سباقاتها أو رحلاتها بعد أن منعت الحكومة المصرية إمكانية الوصول إلى هذه المسارات. لكن مصدر صرح لمجلة “نيو لاينز”، شريطة عدم الكشف عن هويته، بأن الحكومة استأنفت تصاريح رحلات اليوم الواحد في شهر إبريل، مُرجّحًا أن القرار جاء بسبب مشروع التجلي العظيم (GTP) والتدفق المتوقع للسيَّاح.

ومع ذلك، لا تزال تصاريح اليوم الواحد مُقيّدة لمرشدي الرحلات من المحليّين، في حين أن الوجهات التي تقصد القِمم في سيناء غالبًا ما تستغرق أيامًا لإتمامها. وقال المصدر، الذي لم يُكشَف عن هويته، في إشارة إلى رحلة شروق الشمس الشهيرة على جبل سيناء: “في جميع أنحاء سانت كاترين، لا يمكنك المشي لمسافات طويلة، لا يمكنك فعل أي شيء. يمكنك فقط تسلق جبل سيناء”.

ومع إغلاق هذه المسارات ورفض منح التصاريح اللازمة للمبيت، اضطر المرشدون البدو إلى ممارسة أنواع غير قانونية من العمل في سيناء، وهو ما يهدد سبل عيشهم بشكل أكبر.

وتعليقًا على ذلك، قال هوفلر: “هذا النوع من السياحة ينجح في المناطق النائية جدًا بالنسبة للمجتمعات القبلية النائية”.

وأضاف أن هذا الأمر، بالنسبة للدولة المصرية، ينطوي على “خطر تمكين مجتمع (البدو) الذي لا تثق به في حقيقة الأمر”.

والمعروف أنه طالما كانت الحكومة المصرية لا تثق في مجتمع البدو في شبه جزيرة سيناء، وتنظر إليهم باعتبارهم إما متعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي في الفترة ما بعد عام 1967م، أو متعاونين مع المسلحين الذين كانوا ينشطون في سيناء في السنوات الأخيرة.

ومع ذلك، فإن المشاريع الحكومية، مثل مشروع التجلي العظيم، لا تُعيق فقط قطاع السياحة الذي يقوده البدو، بل تُعيق أيضًا مساكنهم وبيوتهم. حيث يتضمن المشروع خططًا لبناء حوالي 700 وحدة سكنية جديدة. إلا أن هذه الخطوة، التي قد يُنظَر إليها على أنها تُعزز خيارات السكن والإقامة بالمنطقة، أثارت بالفعل موجة من الذعر في ربوع منطقة سانت كاترين خشية أن يفقد البدو ممتلكاتهم وأن يتم تشريدهم في نهاية المطاف.

وقال خبير في الآثار في منطقة سانت كاترين والذي طلب عدم الكشف عن هويته: “يخشى الكثيرون من بدو سيناء من أن يتم تعويضهم (عن بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم) بشقق سكنية لا تناسب نمط حياتهم. إنهم في حاجة فقط إلى مساحات في الخلاء الفسيح لمواشيهم ولممارسة الزراعة أيضًا”.

وفي نهاية المطاف، قال الخبير الذي آثر عدم ذكر اسمه إن السؤال الذي يواجه بدو سانت كاترين الآن هو: “إلى أين سيذهبون بعد ذلك؟!”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى