الخبر:
في 21 سبتمبر 2025م، شهدت القاهرة اجتماعًا مهمًّا بين وزير الدولة للإنتاج الحربي المصري، محمد صلاح الدين مصطفى، والسفير الباكستاني عامر شوكت، لبحث آفاق التعاون المشترك في مجالي الصناعات العسكرية والمدنية.
وخلال اللقاء، أكد الوزير المصري رغبة بلاده القوية في بناء شراكات إستراتيجية طويلة الأمد بين شركات الإنتاج الحربي في البلدين بما يحقق مصالح مشتركة ومتبادلة، مشيرًا إلى تطلعه لعقد شراكات بين الشركات المصرية ونظيراتها الباكستانية العاملة في المجالات التصنيعية نفسها.
كما وَجَّه الوزير المصري دعوة رسمية للشركات الباكستانية للمشاركة في معرض الصناعات الدفاعية العالمي “EDEX 2025” المقرر عقده في القاهرة في ديسمبر 2025م.
وأشاد الوزير المصري كذلك باتفاقية الدفاع الإستراتيجي المشترك، الموقعة بين باكستان والسعودية، باعتبارها خطوة مهمة لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
التعقيب:
يرتكز التعاون العسكري المصري–الباكستاني على التدريب، والمناورات البحرية، وتبادل الخبرات، وهو يُصنَّف باعتباره شراكة عسكرية قوية ومرنة، لكنه لا يَصِل إلى مستوى التحالف الإستراتيجي الملزم كما هو الحال في الاتفاقية الدفاعية المشتركة بين باكستان والسعودية. وقد شهدت العلاقات زيارات متبادلة على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء الأركان بين البلدين.
وتبدي القاهرة اهتمامًا خاصًّا بالتكنولوجيا الدفاعية الباكستانية، لا سيما الطائرات المقاتلة JF-17 Thunder التي طورتها باكستان بالتعاون مع الصين ولعبت دورًا بارزًا في مواجهة الهند خلال الصدام العسكري الأخير.
وأشارت تقارير غربية إلى وجود مباحثات مصرية–باكستانية حول إمكانية شراء أو تجميع هذه الطائرات في مصر، غير أن أي صفقة نهائية لم تُعلن حتى الآن في عام 2025م.
وفي ضوء اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان، والخلافات الراهنة بين مصر وإسرائيل، يرى محللون أن التعاون العسكري المصري–الباكستاني ربما يحمل رسالة ردع لإسرائيل والولايات المتحدة، وتذكيرًا بالاتفاق الباكستاني–السعودي الذي أقلق تل أبيب وواشنطن، خصوصًا لكونه اتفاقًا دفاعيًّا يُقدَّر أن يشمل مظلة نووية باكستانية للمملكة وفق تقديرات غربية.
لذلك يُنظَر إلى التحرُّك المصري نحو تعزيز التعاون العسكري مع باكستان كرسالة ضمنية إلى أمريكا وإسرائيل بعد قصف الاحتلال لقطر، في ظل تصاعد الشكوك العربية في مصداقية الحليف الأمريكي وإمكانية الاعتماد عليه في الصراع مع إسرائيل، على غرار ما فعلته السعودية بإبرام اتفاق دفاعي مع باكستان. إلا أن التحرك المصري يختلف من حيث تركيزه على التصنيع العسكري أكثر من الاتفاقات الدفاعية المُلزِمة.
وقد أثار توقيع اتفاقية الدفاع الإستراتيجي المشترك بين السعودية وباكستان تساؤلات عربية حول احتمال انضمام دول عربية أخرى إلى هذا المسار لمواجهة تحديات المنطقة تحت مظلة نووية، وهل يمكن أن يتبلور تحالف يضم مصر والسعودية مع باكستان وتركيا في هذا الإطار؟
وبالتزامن مع الاتفاق السعودي–الباكستاني، أجرت مصر وتركيا مناورات بحرية ذات دلالات إقليمية، ما أثار تساؤلات حول إمكانية نشوء تحالف رباعي عربي–إسلامي في ظل التصعيد الإسرائيلي واستهداف دول المنطقة.
وتنظر باكستان إلى مصر بوصفها شريكًا محوريًّا في العالم العربي، فيما ترى القاهرة في إسلام آباد قوة نووية إسلامية مهمة. ويتبنى البلدان مواقف متقاربة داخل منظمة التعاون الإسلامي (OIC)، ولا سيما في قضايا فلسطين وكشمير.
ورغم عدم تحوُّل العلاقة إلى تحالف إستراتيجي كامل على غرار علاقة مصر بالولايات المتحدة، فإنها تظل علاقة قوية ومتوازنة تخدم مصالح الطرفين.
العلاقات العسكرية بين مصر وباكستان قديمة نسبيًّا وتعود جذورها إلى ستينيات القرن الماضي، حيث بدأت في إطار التعاون بين الجيشين في مجالات التدريب والدعم الفني. وفي حرب أكتوبر 1973م، قدَّمت باكستان دعمًا لمصر وشارك طيارون باكستانيون في مهام الدفاع الجوي المصري.
كما يتبادل ضبّاط الجيشين الالتحاق بالدورات في الأكاديميات العسكرية لكل منهما، وأجريت مناورات بحرية مشتركة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، إضافة إلى التعاون في مكافحة القرصنة وتأمين الممرات البحرية ولا سيما في باب المندب والبحر العربي.