خبر وتعقيبغير مصنف

غياب السيسي عن لقاء ترامب حول غزة واجتماعات الأمم المتحدة.. ما هي الأسباب؟

الخبر:

‏غاب عبد الفتاح السيسي عن اللقاء الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادة دول عربية وإسلامية (مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان)، من أجل البحث في ملف الحرب في قطاع غزة، وغاب أيضًا عن اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أوفد السيسي – على غير المعتاد – رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، لينوب عنه في لقاء ترامب وحضور اجتماعات الأمم المتحدة، مع وفد يضم وزير الخارجية وأمين عام الجامعة العربية.

التعقيب:

غياب السيسي أثار جدلًا حول السبب، وهل يخشى لقاء ترامب الذي اعتاد إحراج ضيوفه وسبق أن طالبه بأن يقبل خطة تهجير أهالي غزة إلى سيناء؟

أم لأنه يدرك أنه مجرد لقاء روتيني، بلا قيمة، يستغله ترامب للظهور بصفته القائد المتحكم في ملف ​الشرق الأوسط، ولتبرير قرارات متوقعة عقب لقائه مع رئيس وزراء إسرائيل، الذي حضر للحصول على ضوء أمريكي أخضر بضم الضفة الغربية واستكمال مخطط التهجير في غزة.

أم أن السبب هو رفض ترامب نفسه حضور السيسي وما تردد من شائعات عن أن أمريكا لم تصدر للسيسي تأشيرة دخول إلى نيويورك؟

لا يوجد أي تأكيد من مصادر موثوقة حول الأسباب الحقيقية وراء غياب السيسي عن المؤتمر الذي دعا إليه ترامب، في 23 سبتمبر 2025م، لبحث مستقبل غزة، لكن هناك عدد من الفرضيات والتقارير الإعلامية التي تحاول تفسير هذا الغياب بناءً على السياق السياسي والعلاقات الإقليمية.

في فترة رئاسته الأولى، التي انتهت عام 2020م، كان ترامب يَصِف السيسي بأنه “عظيم” و”ديكتاتوره المفضل”، في إشارة لقوة العلاقة بينهما، لكن في رئاسته الحالية تغيرت الصورة وأصبح السيسي يخشى لقاء ترامب بعدما أصبح يطالبه بمطالب يمكن أن تثير غضب المصريين عليه، مثل فكرة تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء.

هناك تفسيرات إعلامية تشير لغضب أو خلافات دبلوماسية مصرية مع ترامب والولايات المتحدة، فبعدما كان الرئيس الأمريكي يعتبر السيسي حليفًا له ووصفه بأنه “ديكتاتوره المفضل”، ورحب السيسي بفوزه وعودته إلى البيت الأبيض، انقلب ترامب على السيسي وغضب عليه لرفضه قبول فكرته للتهجير.

بعض المحللين يشيرون إلى أن السيسي قد اختار عدم الحضور كرسالة رفض أو لتجنُّب موقف محرج، خصوصًا إذا كان الهدف هو أن يضغط عليه ترامب أو يُطلَب منه دعم خطوات لا تتماشى مع الموقف المصري تجاه غزة أو التهجير.

في فبراير 2025م، وَجَّه ترامب دعوة للسيسي وملك الأردن للحضور ومناقشة خطته للتهجير من غزة، ووجّه ترامب دعوة له لزيارة واشنطن في اتصال بينهما في الأول من فبراير 2025م، لكن ما جرى مع ملك الأردن من إحراج علني على الهواء دفع السيسي إلى رفض السفر وتأجيل الزيارة خشية أن يضعه ترامب تحت ضغط مباشر في قضية التهجير.

منذ إحراج ترامب للسيسي بأفكار التهجير وقيامه بإحراج ملك الأردن وقبله رئيس أوكرانيا بنصب فخ إعلامي لهم، والسيسي يتجنب لقاء ترامب ويرفض السفر إلى أمريكا خشية أن يحرجه على الهواء ويضطره للقبول بتنازلات تشوه صورته.

في 12 فبراير 2025م، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن السيسي قَلِقٌ من لقاء ترامب، ويخشى أن يتعرض خلاله للإحراج العلني، ونقلت عن مسؤولين مصريين أن السيسي قلق بشأن الصورة التي سوف تنتج عن لقائه مع ترامب.

‏وأضافت الصحيفة أن الرئيس المصري يخشى خطر التعرُّض للإحراج العلني في وقت يُروِّج فيه الرئيس الأمريكي لفكرة بشأن غزة تتعارض تمامًا مع توجهات غالبية الشعب المصري، وتشكل مصدر قلق أمني للجيش.

هناك تفسير يرى أن غياب السيسي يعكس موقف مبدئي مصري من التهجير أو الضغوط على إسرائيل، فقد أكدت مصر رسميًّا وخلال مناسبات عديدة أنها ترفض التهجير القسري للفلسطينيين وأنها ستتفادى المشاركة في قرارات أو خطوات قد تُظهِر الموافقة على تهجير أو دعم تقسيم القطاع.

أي قد يكون السيسي رفض أن يكون في مكان يُطلَب منه تأييد مقترحات تُخالف الموقف المصري الرسمي.

قد يكون السبب تنامي حالة العداء بين مصر وإسرائيل ووقوف ترامب مع إسرائيل، فقد أشار معهد “تشتام هاوس“، في 19 سبتمبر، إلى أن “مصر ترى إسرائيل الآن كتهديد وشيك، وفي قمة الدوحة، صعد السيسي من خطابه تجاه إسرائيل ووصفها بأنها “عدو”.

أكد المعهد أن السيسي يشعر بقلق بالغ من أن الطرد الجماعي للاجئين الفلسطينيين إلى سيناء سوف يهدد أمن حكمه واستقرار مصر، ولو حدث نزوح واسع النطاق من غزة إلى مصر “سيُمثل هذا كابوسًا سياسيًّا للسيسي”.

تحليلات إعلامية أخرى أشارت إلى احتمال أن يكون غياب السيسي يعكس تراجع دور مصر الإقليمي أو أن واشنطن لم تعد تعتبره شريكًا مؤثرًا كما في السابق، لذا لم تدعوه أو تكترث لحضوره أو عدم حضوره، لذا تصدر الطاولة بجانب ترامب، الرئيس التركي وولي عهد قطر

صحيفة الأهرام ذكرت أن السيسي يرى أن المؤتمر الدولي المرتبط بحل الدولتين، وهو مؤتمر أوسع دعت له فرنسا، وعُقِد لقاء ترامب موازيا له، فرصة تاريخية للحل، لكن الصحيفة لم تذكر لماذا غاب عنه السيسي مع أنه يراه فرصة تاريخية، ومن ثم غاب أيضًا عن لقاء ترامب.

قد يكون لغياب السيسي أسباب أخرى، مثل تعارض في الجدول الزمني أو أولويات داخلية حالت دون حضوره شخصيًّا، لكن هذا غير منطقي؛ لأن تاريخ اجتماعات الأمم المتحدة معلوم سنويًّا، ودعوة ترامب من الصعب التخلي عنها.

هناك احتمال أن يكون رفض السيسي دعوة ترامب في فبراير وحملة الهجوم على اقتراح ترامب للتهجير في مصر، قد دفع الإدارة الأمريكية لتجاهل السيسي وعدم إرسال دعوة له لزيارة نيويورك، خاصَّة أن سفر رئيس الوزراء مدبولي بديلًا للسيسي جاء مفاجئًا، ربما لتأخر إصدار تأشيرة كما فعلت أمريكا مع الرئيس الفلسطيني.

نشر موقع أكسيوس الأمريكي تسريبات، يوم 20 سبتمبر، تزعم أن نتنياهو طلب من الولايات المتحدة الضغط على مصر بسبب تعزيز عسكري في سيناء، مدعيًا أنه ينتهك معاهدة السلام لعام 1979م، وذكر أن إسرائيل قالت إن مصر وسعت القواعد الجوية، وبنت منشآت تحت الأرض، وزادت القوات بالقرب من غزة دون تفسير، ويخشى السيسي أن يطرح ترامب هذا الأمر علنًا خلال اللقاء معه، ما يضعه في حرج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى