مقدمة
منذ انتهاء الحرب الباردة الأولى بانهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن العشرين، بَدَا العالم وكأنه يسير في اتجاه نظام أحادي القطبية، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية دون منافسٍ حقيقي، غير أنَّ العقدين الأخيرين شهدا تصاعدًا ملحوظًا في قوة الصين الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، مما دفع العديد من المراقبين إلى وَصْف العلاقة بين واشنطن وبكين بأنها تشهد حالة “حرب باردة جديدة” على نطاق عالمي، تتجلى مظاهرها في التنافس الجيوسياسي، والحرب التجارية، وسباق التكنولوجيا، وتشكيل التحالفات العالمية، وهو ما انعكس بقوة على الشرق الأوسط، باعتباره منطقة إستراتيجية تتقاطع فيها المصالح الكبرى.
الحرب الباردة الجديدة ليست نمطًا مُكررًا للحرب الباردة الأولى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي امتدت ما بين عامي 1947 و1991م[1]، بل تختلف عنها في الوسائل والرهانات؛ فبينما كانت الحرب الباردة الأولى قائمة على صراع أيديولوجي بين الرأسمالية والشيوعية، وتركزت مفاعيلها في التنافس الإستراتيجي بينهما بشكل كبير في المجالين السياسي والعسكري، فإن النسخة الجديدة تتركز حول الهيمنة على التجارة والاستثمار والتكنولوجيا والصناعات الإستراتيجية[2].
الشرق الأوسط، كمنطقة تزخر بالموارد الحيوية مثل النفط والغاز، وتمرُّ به أهم الممرات البحرية في العالم، يُعَدّ اليوم ميدانًا رئيسًا لهذا الصراع المتنامي. لم يعد الدور الأمريكي في المنطقة كما كان سابقًا، مطلق الهيمنة، حيث قاد تراجع الاهتمام الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، الذي بدأ في فترة أوباما، إلى جعل المنطقة عُرضةً لتنافسٍ جديدٍ بين القوى العظمى، سَعَت فيه الصين إلى استغلال الفراغ المتزايد – الذي فرضه التراجع الأمريكي – من خلال ربط المنطقة ببكين بشكلٍ رئيسٍ من خلال مبادراتٍ اقتصاديةٍ واسعة النطاق مثل مبادرة الحزام والطريق[3].
في هذا السياق الدولي المتشابك، تبرز مصر كدولة محورية، ليست فقط لثقلها السكاني والجغرافي والسياسي، بل أيضًا لما تمثله من عقدة مواصلات حيوية (قناة السويس)، وثقل ثقافي عربي وإفريقي، ولدورها التاريخي كوسيط إقليمي. وهنا يُمكن القول إن موقع مصر في هذا الصراع ليس هامشيًا، بل تحكمه شبكة من العلاقات المعقدة التي تربطها تاريخيًّا بالولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته رغبتها المتزايدة في تعظيم علاقاتها بالصين، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية الداخلية. فقد وقّعت مصر مع الصين عشرات الاتفاقيات ضمن إطار الحزام والطريق، واستقبلت العاصمة الإدارية الجديدة مشروعات صينية بمليارات الدولارات، في الوقت الذي تتلقى فيه القاهرة مساعدات عسكرية أمريكية سنوية وتعتبر شريكًا أمنيًّا تقليديًّا لواشنطن[4].
لكن هذا التموضع المصري لا يخلو من تحديات: فكيف يمكن للقاهرة أن توازن بين علاقتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، وبين انفتاحها المتزايد على الصين؟ وهل باستطاعتها الحفاظ على سياسة خارجية متعددة الاتجاهات دون أن تُجبَر على الانحياز؟ وما هي المحددات الإقليمية والداخلية التي قد تدفع بها إلى تفضيل طرف على آخر؟
تُحاول هذه الورقة البحثية أن تتناول تموضع مصر داخل هذا المشهد المتغير، حيث تبدأ الورقة بتحليل السياق الدولي للصراع الأمريكي–الصيني، مع التركيز على مظاهره في الشرق الأوسط، ثم تستعرض العلاقات المصرية مع كل من واشنطن وبكين، وتناقش مجالات التعاون مع الطرفين، قبل أن تنتقل إلى استعراض الاعتبارات والمخاوف المصرية، وتتناول أخيرًا تحولات السياسة الخارجية المصرية وسيناريوهات المستقبل.
أولًا: السياق الدولي للصراع الأمريكي – الصيني في الشرق الأوسط
يُمثّل الصراع الأمريكي–الصيني في القرن الحادي والعشرين أحد أبرز تجليات التحوُّل في النظام الدولي من هيمنة أحادية القطبية نحو تعددية غير مستقرة، حتى الآن، حيث تتحدى الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الزعامة الغربية بقيادة الولايات المتحدة، ليس فقط في شرق آسيا، بل في كافة الأقاليم الحيوية، وعلى رأسها الشرق الأوسط.
1 – تزايد النفوذ الصيني في الشرق الأوسط: الأدوات والسياسات
شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في الحضور الصيني في منطقة الشرق الأوسط، حيث يُلاحَظ اتباع الصين سياسة براغماتية طويلة المدى تُمكِّنها من تعزيز نفوذها تدريجيًّا دون مواجهة مباشرة مع الهيمنة الأمريكية التقليدية في المنطقة.
أدوات النفوذ الاقتصادي:
تشكل مبادرة الحزام والطريق، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013م، العمود الفقري للسياسة الصينية في الشرق الأوسط، وهي عبارة عن سلسلة من مشاريع البنية التحتية التي تهدف إلى إحياء طريق الحرير القديم لربط الصين بأوروبا، حيث “الحزام” هو طريق بري يربط الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى والشرق الأوسط، بينما “الطريق” فهو طريق بحري يربط جنوب الصين بالبحر الأبيض المتوسط عبر المحيط الهندي وقناة السويس[5].
ويُشير العديد من الخبراء، فيما يتعلق بهذه المبادرة، إلى أن الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وليس الأسواق الأوروبية الغنية الواقعة في نهاية طريق الحرير الجديد، هي الأهداف الحقيقية لمبادرة الحزام والطريق[6]، وقد استثمرت الصين بالفعل، في إطار المبادرة، مليارات الدولارات في المنطقة مستهدفة تحديث موانئ واستحداث مناطق صناعية. ففي مصر، شهدت علاقاتها مع الصين توطيدًا كبيرًا عبر منطقة قناة السويس الاقتصادية، حيث شاركت شركات صينية في إنشاء مجمعات صناعية وقدمّت قروضًا لتمويل مشاريع ضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومشاريع الطاقة[7]. وفي الخليج العربي، شملت الاستثمارات بناء ميناء خليفة في الإمارات، وتوسيعات لوجستية في دبي، وذلك ضمن إستراتيجية ربط الصين بالمسارات البحرية عبر الشرق الأوسط [8]، وفي السعودية ساهمت الصين في تطوير قطاعات الطاقة النظيفة وتعزيز التنوع الاقتصادي، حيث باتت من أكبر المستثمرين في المملكة ضمن رؤية 2030م. أما في إيران، فقد وقّعت بكين وطهران على اتفاقية إستراتيجية شاملة في العام 2021م، مدتها 25 عامًا، تتضمن تنفيذ مشاريع في مجالات النفط والغاز والبنية التحتية[9].
النفوذ التكنولوجي:
أصبحت تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس (5G) محورًا رئيسًا في الصراع ما بين الولايات المتحدة والصين، إذ تبرز المخاوف الأمريكية من احتمال توظيف شركة “هواوي” الصينية، الرائدة في هذا المجال، لمعداتها وهواتفها في عمليات تجسّس على شبكات الاتصالات الأمريكية. وتكتسب هذه التكنولوجيا أهمية خاصة باعتبارها جزءًا جوهريًّا من الإستراتيجية التكنولوجية العالمية للصين، التي تسعى إلى توسيع نفوذها من خلال بناء بنية تحتية رقمية تعتمد على بكين.
وترى واشنطن أن هيمنة الصين على تطوير ونشر تقنيات الجيل الخامس قد تتيح لها موقعًا قياديًّا في المنظومة التكنولوجية الدولية، كما تخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي هذا التمركز إلى تعزيز القدرات الجيوسياسية والاقتصادية للصين، عبر توظيف التفوق التكنولوجي كأداة ضغط ونفوذ دولي، بما يهدد بتغيير التوازن الإستراتيجي لصالح بكين على حساب النفوذ الأمريكي في الساحة العالمية.
ولمواجهة هذه المخاطر، أقدمت إدارة الرئيس ترامب، خلال الولاية الأولى، على إدراج شركة “هواوي” الصينية ضمن “القائمة السوداء”، لمنع استخدام معداتها وهواتفها في تطوير شبكات الجيل الخامس داخل الولايات المتحدة، وقد امتدت تداعيات الحظر لتشمل شركات تصنيع الرقائق الإلكترونية المتعاملة مع هواوي، والتي تلعب دورًا محوريًّا في بناء البنية التحتية لتلك الشبكات[10]. ومع تولي الرئيس جو بايدن الحكم، واصلت الإدارة الأمريكية النهج ذاته، حيث كثفت من جهودها لحثّ الدول الحليفة على استبعاد “هواوي” من مشاريع تطوير تكنولوجيا الجيل الخامس، مستندةً إلى اعتبارات أمنية وإستراتيجية[11].
وفيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، فقد وضعت بعض الدول العربية خططًا للتحول لتكنولوجيا الجيل الخامس، ومنها مصر، إضافةً إلى دول الخليج العربي. وفي هذا الخصوص فقد واجهت دول المنطقة موقفًا أمريكيًّا موحّدًا؛ فقد نبهت الولايات المتحدة حلفاءها إلى المخاطر الأمنية المحتملة الناجمة عن استخدام تكنولوجيا هواوي في شبكات الجيل الخامس، ورغم هذه التحذيرات، استمرت دول المنطقة في الاعتماد على “هواوي”، مستندةً إلى اعتبارات التكلفة والتقنية. فعلى سبيل المثال، وقّعت البحرين على اتفاق مع شركة تابعة لـ STC السعودية لتوظيف تقنيات هواوي في نشر شبكات الجيل الخامس، كما أقامت شركتا دو (du) واتصالات (Etisalat) المشغلتان الرئيستان للشبكة في الإمارات العربية المتحدة شراكات مع هواوي لنشر شبكات الجيل الخامس[12].
التسليح والعلاقات العسكرية:
شهدت تجارة الأسلحة بين الصين ودول الشرق الأوسط نموًّا مطردًا وواضحًا في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ظلت لفترة طويلة المورد الرئيس للأسلحة لدول المنطقة، بما في ذلك مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، كما لطالما استحوذ مصدرو الأسلحة الأوروبيون أيضًا، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا، على حصة كبيرة من أسواق الدفاع في الشرق الأوسط، رغم كل ذلك، يشهد هذا الاتجاه القائم تحوُّلًا واضحًا في السنوات الماضية، حيث عملت بكين بلا هوادة على الاستفادة من أسواق الدفاع المربحة في هذه المنطقة[13].
وعلى الرغم من امتلاك الولايات المتحدة لقواعد عسكرية في الخليج، ووجود الأسطول الخامس في البحرين، وانتشار قواتها في العراق وسوريا، وكونها شريكًا أمنيًّا تقليديًّا لدول عديدة، ومنها مصر، التي تتلقى مساعدات عسكرية سنوية منذ اتفاقية كامب ديفيد، إلا أن الصين عرضت في السنوات الأخيرة تقنيات عسكرية بأسعار منافسة، وتبعًا لذلك شهدت دول الخليج العربي تزايدًا ملحوظًا في وارداتها من الأسلحة الصينية، رغم أن نسبة هذه الواردات لا تزال صغيرة مقارنة بالموردين التقليديين مثل الولايات المتحدة. وقد ارتفعت مبيعات الصين للأسلحة إلى السعودية بين عامي 2016 و2020م، بنحو 386%، وللإمارات بنحو 169% مقارنة بالفترة من 2011 إلى 2015م، مع تركيز خاص على الطائرات بدون طيار مثل “Wing Loong” و”CH‑4″. كما دخلت قطر السوق عبر شراء منظومة الصواريخ الباليستية SY‑400 ذات المدى 400 كم[14]، وقامت مصر بشراء طائرات صينية بدون طيار من طرازي “Wing Loong ” و ” CH4B “. كما تمَّ الإعلان عن أن الصين ومصر وقعتا اتفاقية لتصدير طائرة مقاتلة صينية إلى مصر، لم يُذكَر اسمها، ومن المرجح أن تكون الطائرات المستهدف تصديرها إلى مصر هي “Chengdu J-10C ” أو” Shenyang J-31″[15].
ورغم التنامي في العلاقات العسكرية ما بين دول المنطقة والصين، لا تزال الولايات المتحدة هي المورد الرئيس السنوي للأسلحة لدول الشرق الأوسط، بفضل علاقتها الطويلة والتزاماتها الأمنية، إلا أن الصين تقدم بديلًا مرنًا وغير مشروط، وهو ما يُشكِّل خيارًا جذابًا لدول المنطقة التي تسعى لتنويع مصادر التسليح.
الحضور الدبلوماسي والناعم:
تُكثف بكين من نشاطها الدبلوماسي في الشرق الأوسط، إذ تسعى للعب دور الوسيط في الملفات الشائكة، كما حدث في اتفاق المصالحة بين السعودية وإيران الذي تمَّ بوساطة صينية في آذار 2023م، وهو ما اعتُبر تحوُّلًا إستراتيجيًّا في دور بكين في المنطقة[16].
كما تستثمر الصين في أدوات القوة الناعمة، من خلال المنح الدراسية، والمراكز الثقافية (مثل معاهد كونفوشيوس)، والتبادلات الأكاديمية.
2 – الولايات المتحدة الأمريكية ومواجهة النفوذ الصيني
الولايات المتحدة تعمل على تعزيز نفوذها الاقتصادي في الشرق الأوسط في مواجهة النفوذ الصيني عبر مجموعة من السياسات والإستراتيجيات التي تتنوَّع ما بين التعاون الاقتصادي التقليدي، والمبادرات والضغط الدبلوماسي. ويمكن تلخيص أبرز هذه الأدوات على النحو التالي:
تعزيز الاستثمارات والبنية التحتية:
في مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، أطلقت الولايات المتحدة (بالشراكة مع مجموعة السبع) مبادرة “الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار”، في عام 2022م، والتي تهدف إلى استثمار 600 مليار دولار عالميًّا، حتى عام 2027م، في الدول النامية [17]. وقد أعلنت واشنطن أنها سوف تساهم بمبلغ 200 مليار دولار خلال خمس سنوات من خلال منح مالية وتمويل فيدرالي ومساهمات من القطاع الخاص، وتُقدَّم هذه المبادرة كبديل أكثر شفافية واستدامة للمشاريع الصينية، وهي منتشرة بالفعل في دول مثل مصر والأردن والمغرب ضمن إطار شراكات بنى تحتية[18].
الممرات التجارية والاقتصادية الإستراتيجية:
في قمة مجموعة العشرين في الهند، في عام 2023م، أعلنت واشنطن عن مشروع “الممر الاقتصادي الهندي- الشرق أوسطي-الأوروبي”، الذي يهدف إلى ربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا عبر الإمارات، السعودية، الأردن ودولة الاحتلال الإسرائيلي. المشروع يُعدّ ردًّا مباشرًا على “طريق الحرير” الصيني، ويمثل محاولة لبناء بدائل لوجستية وتجارية تحكمها الولايات المتحدة وحلفاؤها. ويقدّم الممر الاقتصادي مجموعة كبيرة من الفوائد الاقتصادية المحتملة على الصعيدَين الإقليمي والدولي، ولا سيما من خلال خفض التكلفة وزيادة سرعة شحن الحمولة. ولكن من أجل تحقيق هذه الأهداف، يجب معالجة التحديات السياسية المحتملة التي يواجهها المشروع، فقد وَسَّعت الصين بالفعل نفوذها في المنطقة، وليس واضحًا بعد إن كانت الولايات المتحدة ستتمكَّن من التصدِّي له، كما قد تحدّ الروابط المالية العميقة بين الصين ودول الخليج العربي من قدرة واشنطن على تمرير مشروع الممر الاقتصادي أو أي مشروع مماثل يتحدى تأثير بكّين في المنطقة، وبخاصةٍ إذا ما أشرنا إلى حجم العلاقات الاقتصادية الكبير بين الصين والمنطقة، فقد بلغت قيمة التجارة بين الصين والسعودية أكثر من 106 مليارات دولار أمريكي في عام 2022م، ما يمثِّل نحو ضعف قيمة التجارة بين الولايات المتحدة والسعودية، في حين تجاوزت قيمة التجارة غير النفطية بين الصين والإمارات العربية المتحدة 72 مليار دولار أمريكي في عام 2022م، مع استثمار الصين بالفعل في العديد من الخطط الإنمائية في دول المنطقة[19].
الحضور العسكري الإستراتيجي:
رغم تقليص وجودها العسكري المباشر في بعض الدول، لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بوجود عسكري كبير في الشرق الأوسط، مع قوات منتشرة في أكثر من اثنتي عشرة دولة وعلى متن السفن في جميع أنحاء مياه المنطقة، كما تمتلك الولايات المتحدة منشآت عسكرية في تسعة عشر موقعًا على الأقل، ثمانية منها تعتبر دائمة، في دول تشمل البحرين ومصر والعراق ودولة الاحتلال الإسرائيلي والأردن والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية وسوريا والإمارات العربية المتحدة، كما يستخدم الجيش الأمريكي قواعد كبيرة في جيبوتي وتركيا[20].
في الوقت نفسه، تُحافظ الولايات المتحدة على مظلّتها الأمنية في المنطقة التي لطالما اعتمدت عليها الدول الخليجية، بما في ذلك اتفاقية الدفاع الأمريكية مع البحرين في 2023م، وعلاقاتها مع قطر التي تصنفها حليفًا رئيسًا من خارج حلف الناتو، واعتماد الإمارات العربية المتحدة شريكًا دفاعيًّا رئيسًا[21]، وهو ما يُساعدها على تأكيد هيمنتها الإستراتيجية في مواجهة أي محاولات صينية للوصول إلى قواعد ثابتة في المنطقة. كما تروج واشنطن لمبادرات الأمن البحري المشتركة، مثل “تحالف الأمن البحري الدولي “لتأمين الملاحة في مضيق هرمز والبحر الأحمر، وهي مناطق ذات أهمية قصوى من حيث إمدادات الطاقة والتجارة العالمية.
دعم الاستقرار الاقتصادي بالمنطقة:
تستخدم الولايات المتحدة نفوذها في مؤسسات مثل “البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي” لدعم خطط الاستقرار الاقتصادي في دول الشرق الأوسط (مثل مصر ولبنان على سبيل المثال) ومنحها بدائل للتمويل الصيني، إلا أنه غالبًا ما تترافق هذه المساعدات بضغوط لإصلاحات اقتصادية وتشريعات تتماشى مع التوجهات والمصالح الأمريكية.
التحالفات الإقليمية والربط الاقتصادي – الأمني:
المبادرات الأمنية مثل “اتفاقيات إبراهيم” بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وعدد من الدول العربية، بدعم أمريكي، لها أبعاد اقتصادية واضحة، حيث تسعى واشنطن لخلق سوق إقليمي مشترك ومترابط اقتصاديًّا بقيادة حلفائها، وعلى رأسهم دولة الاحتلال. ويأتي الربط بين الأمن والاقتصاد كأداة مهمة لواشنطن، حيث تُوظف التعاون الأمني – الاقتصادي كرافعة لتأمين نفوذها في المنطقة.
3 – المواقف الأمريكية والصينية من قضايا الشرق الأوسط
الموقف من إيران:
الولايات المتحدة تعتبر إيران تهديدًا إستراتيجيًّا لحلفائها في الخليج ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وتسعى إلى كبح نفوذها عبر العقوبات والاحتواء الدبلوماسي والعسكري. بالمقابل، وقَّعت الصين اتفاقية تعاون إستراتيجية مع طهران لمدة 25 عامًا، تتضمن استثمارات ضخمة في مجالات الطاقة والنقل والبنية التحتية، ما يعكس رغبة صينية في تأمين علاقات طويلة الأجل مع إيران.
الموقف من فلسطين:
فيما يخص القضية الفلسطينية، تركِّز السياسة الأمريكية على دعم إسرائيل، رغم بعض التحفظات الدبلوماسية، بينما تتخذ الصين موقفًا أكثر توازنًا، حيث تدعو إلى حل الدولتين، وتعارض السياسات الإسرائيلية. وهذا الخطاب الصيني يُعزز حضورها في الرأي العام العربي، دون أن تكون فاعلًا مباشرًا على الأرض.
أمن البحر الأحمر:
يمثِّل البحر الأحمر شريانًا إستراتيجيًا للتجارة والطاقة، وتتنافس القوتان على النفوذ فيه، فبينما تحتفظ الولايات المتحدة بوجود بحري دائم في المنطقة، أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في دولة جيبوتي، قرب مضيق باب المندب، في إشارة واضحة إلى اهتمامها المتزايد بأمن الملاحة العالمية في المنطقة.
ثانيًا: العلاقات الثنائية ومجالات التعاون بين مصر وكل من واشنطن وبكين
1 – العلاقات المصرية الأمريكية
تمثل العلاقات بين مصر والولايات المتحدة أحد أعمدة السياسة الخارجية لكلا البلدين في الشرق الأوسط، فمنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في السادس والعشرين من أبريل لعام 1922م[22]، تطورت هذه العلاقة عبر مراحل متعددة، اتسمت أحيانًا بالتقارب الإستراتيجي وأحيانًا بالتوتر المؤقت، غير أن الطابع العام ظل تحالفًا قائمًا على المصالح المشتركة في السياسة والأمن والاقتصاد.
المرحلة التأسيسية وتغيير المسار بعد 1952م:
في بداية العلاقة، اتسمت السياسة الأمريكية تجاه مصر بالحذر، خاصة في ظل النفوذ البريطاني الواسع في البلاد. ولكن بعد ثورة 23 يوليو/تموز 1952م، سَعَت واشنطن إلى الانفتاح على النظام الجديد بقيادة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، غير أن التوترات تصاعدت سريعًا بسبب تقارب عبد الناصر مع الاتحاد السوفيتي وتأميم قناة السويس عام 1956م، ما أدى إلى توتر العلاقات وتجميد بعض أشكال التعاون. وعلى الرغم من اعتبار الولايات المتحدة مصرَ لاعبًا محوريًّا في صراع الحرب الباردة في الشرق الأوسط، إلا أنها فضّلت دعم خصوم ناصر، مثل السعودية والأردن وليبيا، لتشكيل محور بديل عن مصر في السياسة الإقليمية في تلك المرحلة[23].
التحول الإستراتيجي بعد 1973م:
شهدت العلاقات الثنائية تحوُّلًا جذريًّا بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973م، إذ لعبت واشنطن دورًا رئيسًا في مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل، والتي تُوِّجت بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978م. هذا الحدث شكَّل نقطة التحول الحقيقية، حيث أصبحت مصر حليفًا إستراتيجيًّا لواشنطن في المنطقة، وبدأت المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية تتدفق بوتيرة غير مسبوقة. ووفقًا للحكومة الأمريكية، فقد بلغت قيمة المساعدات الأمريكية لمصر ما بين عامي 1979 و2021م أكثر من 80 مليار دولار، منها ما يقارب 50 مليار دولار كمساعدات عسكرية[24].
العلاقات العسكرية المشتركة:
تُعد العلاقات العسكرية أحد أعمدة الشراكة المصرية الأمريكية، فقد وفَّرت الولايات المتحدة لمصر أحدث نظم التسليح والتدريب، وتشارك الدولتان بانتظام في مناورات مثل “النجم الساطع”، التي تُعَد من أكبر المناورات العسكرية في المنطقة. كما لعبت مصر دورًا مهمًّا في الحرب على الإرهاب، خصوصًا في سيناء، بالتنسيق مع القوات الأمريكية.
وبحسب بيان هام أدلى به الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب بشأن وضع القيادة المركزية الأمريكية، في مارس/آذار 2023م، اعتبر كوريلا أن حجر الزاوية في العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر هو الشراكة العسكرية مع القوات المسلحة المصرية، التي ترسخت عبر عقود من التنسيق الوثيق والتدريب[25]. وأضاف أنه، وعلى الرغم من تدهور العلاقات بعد العام 2013م، عادت العلاقة إلى مرحلة التعافي التدريجي، حيث يدعم المصريون الطلبات الأمريكية الخاصة بالتحليق الجوي، ويزودون القوات البحرية الأمريكية بتسهيلات عبور قناة السويس التي تُسهِّل الوصول إلى الممرات المائية الحيوية، وأن نشر مصر قوات حفظ سلام بشكل روتيني يدعم العمليات حول العالم. كما أن جزءًا كبيرًا من القيادة العسكرية المصرية الحالية مُدرَّب في الولايات المتحدة، وأن تعزيز قوة الجيش المصري ومساعدته في مواصلة تحديث وإصلاح قواته الأمنية وتحديث عقيدة مصر لمكافحة التمرد والإرهاب كل ذلك له أهمية كبيرة في سبيل تمكين مصر من مواجهة التهديدات ولعب دور أكبر في ضمان الاستقرار الإقليمي[26].
المساعدات الأمريكية إلى مصر:
منذ العام 1946م، قدَّمت الولايات المتحدة لمصر أكثر من 85 مليار دولار أمريكي كمساعدات خارجية، مع زيادة كبيرة في المساعدات العسكرية والاقتصادية بعد عام 1979م. في حين شهدت المساعدات الخارجية الأمريكية انخفاضًا ملحوظًا على مدار العقدين الماضيين مع التحسن في الاقتصاد المصري، وبدء العلاقات الثنائية بالتركيز على مفهوم “التجارة لا المعونة”.
في السنة المالية 2023م، بلغ إجمالي المساعدات من جميع الوكالات الأمريكية 47.1 مليار دولار أمريكي، لتحتل المرتبة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد إسرائيل والأردن. وقد شكلت المساعدات العسكرية 85 بالمئة من هذه المساعدات مقابل 15 بالمئة مساعدات اقتصادية[27].
العلاقات الاقتصادية:
رغم أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة لا ترقى لمستوى التعاون العسكري بينهما، إلا أن العلاقات الثنائية بين البلدين في طور متصاعد في ميادين التجارة والاستثمار، ويتجلَّى ذلك في العديد من الشراكات والاتفاقيات، وبخاصة بعد توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، حيث سعت الولايات المتحدة إلى مكافأة مصر من خلال التحفيز الاقتصادي، فقد قام البلدان بتوقيع معاهدة الاستثمار الثنائية في سبتمبر/أيلول 1982م، كما كان توقيع الشراكة الأمريكية المصرية من أجل النمو الاقتصادي والتنمية في سبتمبر/أيلول 1994م علامة فارقة في مسيرة العلاقات بين البلدين[28].
وفي ضوء هذه الاتفاقيات والتسهيلات الثنائية، تُعد الولايات المتحدة اليوم من أكبر المستثمرين الأجانب في مصر، فبحسب غرفة التجارة الأمريكية في مصر، كانت الولايات المتحدة ثاني أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال السنة المالية 2023/2024م، بعد الإمارات العربية المتحدة، حيث استثمرت الشركات الأمريكية 3 مليارات دولار أمريكي، في حين تنشط الشركات الأمريكية في معظم القطاعات الاقتصادية في مصر، وتأتي مجالات استكشاف وإنتاج النفط والغاز، والتصنيع، والخدمات، وكذلك الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على التوالي، كأكثر القطاعات أهميةً[29].
أما فيما يتعلق بالعلاقات التجارية الثنائية، تُعدّ مصر خامس أكبر شريك تجاري إقليمي للولايات المتحدة، بعد إسرائيل، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والعراق على التوالي. وقد بلغ إجمالي حجم التجارة السلعية الأمريكية مع مصر 8.8 مليار دولار أمريكي في عام 2024م، منها ما قيمته 6.3 مليار دولار أمريكي قيمة الصادرات الأمريكية، مقابل 2.5 مليار دولار أمريكي واردات السلع الأمريكية من مصر في نفس العام. وبالتالي حققت الولايات المتحدة فائضًا تجاريًّا مع مصر يبلغ 3.8 مليار دولار أمريكي في عام 2024م، بزيادة قدرها 78.7 بالمئة عن عام 2023م. كما بلغ إجمالي تجارة الخدمات الأمريكية مع مصر بما يُقدَّر بـ 3.5 مليار دولار أمريكي في عام 2024م، منها صادرات الخدمات الأمريكية إلى مصر بما قيمته 2.1 مليار دولار، مقابل ما قيمته 1.4 مليار دولار واردات الخدمات الأمريكية من مصر في نفس العام. وعليه فقد بلغ فائض تجارة الخدمات الأمريكية مع مصر 659 مليون دولار في عام 2024م، بزيادة قدرها 34.8% عن عام 2023م[30].
2 – تنامي العلاقات المصرية الصينية: تعاون متعدد الأبعاد
بداية العلاقات والتحولات الإستراتيجية:
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر في العام 1956م، حيث كانت مصر أول دولة عربية/إفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية، حافظ البلدان على علاقات متوازنة، حتى جاء العام 1999م، حيث شهدت العلاقات الثنائية آنذاك تطورًا هامًّا، حيث ارتقت العلاقة إلى مستوى التعاون الإستراتيجي. وفي ديسمبر/كانون الأول 2014م، أعلن عن قيام شراكة إستراتيجية شاملة بين البلدين، في حين أصدرت الصين ومصر بيانًا مشتركًا في مايو/أيار 2024م بشأن تعميق شراكتهما الإستراتيجية الشاملة، واتفق فيه الجانبان على المضي قدمًا والارتقاء بالشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر إلى مستويات جديدة[31].
التعاون الاقتصادي والبنية التحتية:
خلال زيارة الرئيس السيسي لبكين عام 2014م، وقَّع البلدان اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة، تربط مبادرة الحزام والطريق الصينية الجديدة آنذاك ببرنامج التنمية المصري. ومنذ ذلك الحين قامت الصين باستثمارات بمليارات الدولارات في مصر، وفازت شركات صينية بعقود بناء كبرى في مصر. وتأتي العاصمة الإدارية الجديدة في مقدمة رموز الترابط بين القاهرة وبكين، فعلى سبيل المثال، قامت الشركة الهندسية للبناء الحكومية الصينية (C.S.C.E.C) وهي شركة عملاقة مملوكة للدولة الصينية، ببناء برج المدينة الجديدة الأيقوني (ناطحة سحاب يبلغ ارتفاعها 400 متر، وهي الآن أطول ناطحة سحاب في إفريقيا)، إلى جانب عشرات المكاتب والفنادق والوحدات السكنية في منطقة الأعمال المركزية. وقد ساهمت البنوك الصينية في تمويل 85 بالمئة من مشروع التطوير، الذي تبلغ تكلفته 3.8 مليار دولار، بينما غطت الحكومة المصرية 15 بالمئة فقط منه. كما سلَّمت الحكومة المصرية رسميًّا في يونيو/حزيران 2025م “مفاتيح” منطقة الأعمال المركزية الجديدة إلى نفس الشركة (C.S.C.E.C)، وبموجب هذه الاتفاقية، سوف تتولى الشركة تشغيل وصيانة وإدارة المنطقة، مما يُعطِي شركة حكومية صينية مسؤولية مركز حضري إستراتيجي في قلب العاصمة الإدارية الجديدة[32].
يتجلى نفوذ الصين أيضًا في جوانب أخرى من البنية التحتية المصرية، فقد فاز تحالف صيني مصري بعقود لبناء أول خطوط سكك حديدية عالية السرعة في مصر. كما أكملت الصين أيضًا، في عام 2022م، خط قطار خفيف كهربائي يربط بين القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة، بتكلفة تُقدَّر بحوالي 10 مليارات دولار[33].
وعلى طول قناة السويس، رسَّخت الصين مكانتها الاقتصادية والإستراتيجية في مصر، حيث تُدير مصر والصين بشكل مشترك منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري، وهي منطقة صناعية خاصة أُطلِقت عام 2008م لجذب المُصنِّعين الصينيين. ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه المنطقة مركزًا محوريًّا للصناعة الصينية في إفريقيا، حيث تستضيف المنطقة اليوم أكثر من 150 شركة صينية (في قطاعات مثل المنسوجات والبناء والإلكترونيات وقطع غيار السيارات)، وقد استقطبت ما يقارب 3 مليارات دولار من الاستثمارات الصينية. كما تُنشئ شركات صناعة السيارات الصينية، مثل “بي واي دي” و”شيري”، مصانع لتجميع السيارات الكهربائية هناك. وتمَّ توسيع موانئ القناة، في العين السخنة على سبيل المثال، بتمويل صيني، ويجري حاليًا مناقشة مشاريع جديدة للطاقة والخدمات اللوجستية[34].
وفي حقل التجارة الخارجية الثنائية، تتبادل الصين ومصر اليوم سلعًا بمليارات الدولارات سنويًّا، إلا أن الميزان التجاري يميل بشدة لصالح الصين، حيث تُظهِر بيانات العام 2024م، أنه بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين ومصر 17.378 مليار دولار أمريكي، منها صادرات صينية بقيمة 16.8 مليار دولار أمريكي مقابل صادرات مصرية بقيمة 578 مليون دولار أمريكي فقط[35]. وإذا ما دققنا في هيكل صادرات كلا الطرفين، نجد أن معظم صادرات مصر تتكون في الغالب من السلع الخام، ذات القيم المضافة المنخفضة، في حين، على النقيض تمامًا، تتنوع الصادرات الصينية لتشمل منتجات ذات قيم مضافة عالية، كالآلات والإلكترونيات، بالإضافة إلى الصلب والمنسوجات والمنتجات البلاستيكية، وهو ما يثير المخاوف بشأن استدامة السياسات المتبعة في ظل هذا الخلل الكبير في تدفق السلع لصالح الصين.
التعاون العسكري:
إلى جانب العلاقات الاقتصادية، شهد التعاون العسكري أيضًا ارتفاعًا خلال السنوات الماضية، حيث أجرى البلدان مناورة بحرية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط في أغسطس/آب 2024م، تمَّ فيها تنفيذ تدريبات على تنسيق الاتصالات، ومناورات التشكيلات، وتحديد مواقع الإمداد البحري، وكانت تلك أول مناورة مشتركة منذ عام 2019م، عندما حصلت تدريبات مشتركة على مكافحة الإرهاب والقرصنة. كما أرسل سلاح الجو الصيني ثماني طائرات إلى عرض جوي مصري في العام 2024م[36].
ولعلَّ الأمر الأكثر إثارة للاهتمام في العلاقات العسكرية بين البلدين، هو تلك الأخبار التي تتردد حول شراء مصر طائرات مقاتلة صينية من طراز J-10C كبديل لطائراتها القديمة من طراز F-16، وهي خطوة يمكن تفسيرها في عدة اتجاهات، فهي إما محاولة مصرية لتنويع مورديها العسكريين لتقليل الاعتماد على الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، أو أنها محاولة من مصر لتأمين ورقة مساومة بعد أن جمدت الولايات المتحدة صفقة تتعلق بعشرين طائرة من طراز F-35 والتي التزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شفهيًّا ببيعها لمصر في عام 2018م، في حين تطرح آراء أخرى نقطة مفادها أن الطائرة الصينية تُعَد خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة لمصر[37].
ثالثًا: الاعتبارات والمخاوف المصرية فيما يتعلق بالصراع الأمريكي-الصيني
في ظل التصاعد الملحوظ في حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين، تجد مصر نفسها في مواجهة مجموعة من الاعتبارات والمخاوف التي قد تؤثر على خياراتها المستقبلية:
الحفاظ على الشراكة مع أمريكا:
تُدرك القاهرة أن الولايات المتحدة لا تزال الشريك الأمني والعسكري الأهم لها منذ توقيع معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية عام 1979م، إذ حصلت مصر منذ ذلك الحين على مساعدات عسكرية سنوية مستمرة بقيمة تُقارب مليار دولار، إضافة إلى التعاون الوثيق في مجالات التدريب العسكري ونقل التكنولوجيا الدفاعية. وأي تراجع في العلاقات مع واشنطن أو انحياز واضح لبكين قد يعرِّض هذه المساعدات للتهديد، ما ينعكس مباشرة على توازن القوة العسكري المصري في مواجهة التحديات الإقليمية، مثل ملف سد النهضة الإثيوبي أو التوترات في غزة وليبيا.
الحاجة إلى الاستثمارات والتمويل الخارجي:
تواجه مصر اليوم أزمة اقتصادية خانقة، تتمثل في ارتفاع الديون الخارجية وتراجع الاحتياطي النقدي وازدياد الضغوط التضخمية. وفي هذا السياق، تمثل الصين شريكًا جذابًا عبر مبادرة الحزام والطريق ومؤسسات التمويل التي تهيمن عليها مثل بنك التنمية الصيني والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، إلا أن القاهرة تخشى اليوم من الانزلاق إلى “فخ الديون” وفقدان السيطرة على بعض الأصول الإستراتيجية كما حدث في دول أخرى.
أخطار التحوُّل إلى ساحة تنافس:
إحدى أبرز المخاوف المصرية هي أن تصبح أراضيها أو بنيتها التحتية محلًا لتنافس بين القوتين؛ فالولايات المتحدة تضغط على حلفائها، ومنهم مصر، لاستبعاد شركات صينية مثل هواوي من تطوير شبكات الجيل الخامس لأسباب أمنية، وفي حال انخراط مصر بعمق في التكنولوجيا الصينية، فقد تواجه عقوبات أو تراجعًا في التعاون التقني والاستخباراتي مع واشنطن.
القضايا الإقليمية الساخنة:
هناك مجموعة من الملفات الإقليمية الحساسة التي تدفع مصر إلى الموازنة بدقة في علاقاتها مع القوتين، ففي قضية سد النهضة، يُنظَر إلى الولايات المتحدة كطرف يمكنه ممارسة ضغوط على إثيوبيا، بينما تسعى القاهرة أيضًا إلى كسب الصين باعتبارها المستثمر الأكبر في إثيوبيا[38]، ما يمنح بكين قدرة أكبر على التأثير على إثيوبيا.
أما في ليبيا وغزة، فإن الدعم الأمريكي والأوروبي يبقى ضروريًّا لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني، إلا أن انفتاح القاهرة على بكين قد يُتيح فرصًا اقتصادية لشراكة مصرية أفضل في إعادة الإعمار مستقبلًا.
المخاوف من تغيّر ميزان القوى العالمي:
تعتبر مصر أن التنافس بين الولايات المتحدة والصين يتجاوز الأُطر الاقتصادية والتكنولوجية، إذ يشكل بداية تحول جذري في طبيعة النظام الدولي، وإذا مضى الصراع في هذا المسار نحو تراجع النفوذ الأمريكي وصعود الصين كقطبٍ عالمي، فقد يُجبر ذلك القاهرة على إعادة ضبط تحالفاتها الدولية بما يتماشى مع المتغيّرات الجيوسياسية الجديدة.
وفي ظل هذا السياق، تطفو المخاوف الاقتصادية على السطح، فالحفاظ على علاقة مستقرة مع المؤسسات المالية الدولية، التي لا تزال خاضعة لتأثير واشنطن، مثل صندوق النقد والبنك الدولي، يُعدّ عاملًا أساسيًّا لاستقرار الاقتصاد الوطني في ظل المديونية المتفاقمة.
رابعًا: تحولات السياسة الخارجية المصرية
تشهد السياسة الخارجية المصرية منذ العقد الماضي تحولاتٍ ملحوظةٍ في ظل البيئة الإقليمية والدولية المضطربة، إذ وجدت القاهرة نفسَها أمام معادلة دقيقة تتمثل في الحفاظ على شراكتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة من جهةٍ، والانفتاح على الصين باعتبارها قوة صاعدة وفاعل اقتصادي رئيسي من جهةٍ أخرى. هذا التوازن يعكس رغبة مصر في تعزيز استقلالية قرارها الخارجي وضمان مصالحها في قضايا الأمن القومي والتنمية الاقتصادية.
1 – قدرة مصر على التحرك في اتجاه الصين
منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م، ارتبطت القاهرة بعلاقات وثيقة مع واشنطن، حيث أصبحت الأخيرة الضامن الأساسي للمساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر، وقد مثلت هذه المساعدات أحد أعمدة الاستقرار الداخلي والإقليمي بالنسبة للقاهرة. غير أن السنوات الأخيرة كشفت عن حدود هذه الشراكة، إذ واجهت مصر في بعض الأحيان ضغوطًا أمريكية مرتبطة بملفات حقوق الإنسان والإصلاحات السياسية، وهو ما دفعها إلى البحث عن شركاء جدد لتقليل الاعتماد على واشنطن.
تقدِّم الصين في هذا السياق بديلًا مناسبًا، حيث تطرح نفسها شريكًا اقتصاديًّا لا يربط الاستثمارات والتمويلات بشروط سياسية. وقد رحَّبت القاهرة بمبادرة الحزام والطريق، ودمجتها في إستراتيجياتها التنموية. ورغم إدراك مصر لحساسية الموازنة بين الطرفين، إلا أنها باتت ترى في تنويع الشركاء ضمانة لتعزيز استقلالية القرار الخارجي.
إنّ النهج المصري في السياسة الخارجية لطالما كان يركِّز على ما يمكن تسميته بالتوازن الإستراتيجي، حيث تتجنب مصر الانحياز إلى تحالفات إقليمية أو دولية تحت أيّ مبرر، وتبتعد عن الاستقطاب[39]، بهدف تعظيم المكاسب وتقليل المخاطر. وتعمل مصر جاهدة في هذا السياق، على التحرك نحو الصين بالشكل الذي لا يُفهَم بوصفه قطيعة مع واشنطن، بل كجزء من إستراتيجية تنويع علاقاتها مع شركائها.
2 – المحددات التي تدفع مصر باتجاه إحدى القوتين
التحديات الإقليمية:
- سد النهضة: يُمثل سد النهضة الإثيوبي تهديدًا مباشرًا للأمن المائي المصري، ما يدفع القاهرة إلى البحث عن دعم دولي. الولايات المتحدة حاولت لعب دور الوسيط لكنها لم تمارس ضغوطًا كافية على أديس أبابا، في المقابل، الصين بحكم استثماراتها الكبيرة في إثيوبيا لم تتخذ موقفًا منحازًا لمصر، وهو ما يقلل من جدوى التعويل عليها في هذا الملف، لكنه يدفع القاهرة لموازنة خياراتها.
- الأوضاع الليبية: ترى مصر في استقرار ليبيا هدفًا إستراتيجيًّا، وقد تعاونت مع واشنطن في مكافحة “الإرهاب” هناك. في حين تركز الصين على الفرص الاقتصادية لإعادة الإعمار، دون تدخل مباشر في المعادلات الأمنية، وهو ما يجعل الاعتماد الأمني المصري أكبر على واشنطن.
- القضية الفلسطينية والحرب في غزة: تاريخيًًا لعبت مصر دور الوسيط الرئيس، وهو ما يمنحها وزنًا لدى واشنطن التي تملك التأثير الأكبر على إسرائيل، في المقابل، تطرح الصين نفسها داعمًا سياسيًّا للحقوق الفلسطينية، لكن دون نفوذ مباشر على الأطراف المتصارعة.
التحديات الداخلية:
- الأزمة الاقتصادية: تُعاني مصر من أزمة اقتصادية خانقة تتجلى في ارتفاع الديون وتراجع الاحتياطي النقدي، لذا فإن التمويلات الصينية عبر البنوك والمؤسسات مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية تمثل متنفسًا مهمًّا، خصوصًا في ظل صعوبة الحصول على تمويل غربي بشروط ميسرة.
- تعزيز الشرعية: يسعى النظام المصري إلى تعزيز شرعيته الداخلية عبر تحقيق إنجازات تنموية، وهو ما قد توفره الاستثمارات الصينية في البنية التحتية والمدن الجديدة. بالمقابل، تقيّد واشنطن هذا البُعد من خلال ربط مساعداتها بشروط إصلاحية قد تكون صعبة التحقيق بالنسبة لمصر.
اعتبارات التوازن الإستراتيجي:
- الحفاظ على علاقات متوازنة: ترى القاهرة أن التحالف الوثيق مع قوة واحدة يعرضها لمخاطر سياسية واقتصادية، لذلك تفضل الحفاظ على علاقات متوازنة، مستفيدةً من التنافس الأمريكي–الصيني لتعظيم مكاسبها. وتسمح هذه الإستراتيجية لمصر باللعب على التناقضات بين الطرفين للحصول على مكاسب في قضايا مثل المساعدات أو القروض.
3 – السيناريوهات المستقبلية في علاقة مصر مع أمريكا والصين:
السيناريو الأول: التوازن الإستراتيجي
في هذا السيناريو، تسعى القاهرة للحفاظ على شراكتها الأمنية والعسكرية مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تواصل توسيع التعاون الاقتصادي مع الصين.
تبعات هذا السيناريو إيجابية نسبيًّا، إذ يتيح لمصر الاستفادة من التكنولوجيا والتمويل الصيني دون خسارة المظلة الأمنية الأمريكية، لكنه يتطلب براعة دبلوماسية لتفادي أن تُفسِّر واشنطن التوسع الصيني في مصر على أنه تهديد مباشر لمكانتها في المنطقة.
السيناريو الثاني: الانحياز التدريجي نحو الصين
قد تدفع الظروف الاقتصادية القاهرة إلى توثيق اعتمادها على التمويل الصيني، خاصة في ظل أزمة الديون واحتياجات البنية التحتية. في هذه الحالة، سوف تُعمِّق مصر ارتباطها بالاستثمارات الصينية في الموانئ والطاقة، وربما في القطاع العسكري عبر شراء تقنيات عسكرية، غير أن هذا السيناريو يحمل أخطارًا تتمثل في تراجع الدعم الأمريكي، سواء عبر تقليص المساعدات العسكرية أو فرض قيود على التعاون الأمني.
السيناريو الثالث: الانحياز نحو واشنطن
قد ترى القاهرة أن مصالحها الإستراتيجية طويلة المدى، خصوصًا فيما يتعلق بالأمن الإقليمي (مثل ضمان استمرار التفاهمات مع إسرائيل أو مواجهة التهديدات الإرهابية)، تقتضي تعزيز التبعية لواشنطن على حساب الانفتاح الصيني. إلا أن هذا الخيار يُقيّد هامش الاستقلالية المصرية، ويجعلها أكثر عرضة للضغوط الاقتصادية والسياسية أيضًا.
الخاتمة
يتضح من خلال تتبع مسار العلاقات الدولية في العقد الأخير أنَّ مصر تقف أمام تحديات وفرص متشابكة في خضم الصراع الأمريكي – الصيني. فبينما تمثل الولايات المتحدة الشريك الأمني والعسكري الأكثر تأثيرًا للقاهرة منذ سبعينيات القرن الماضي، تُعدّ الصين الشريك الاقتصادي الصاعد الذي يفتح آفاقًا جديدة أمام الاستثمار، والبنية التحتية، ونقل التكنولوجيا، وهذه الازدواجية في المصالح تضع مصر أمام معادلة صعبة: كيف يمكنها تعظيم المكاسب من كلا القوتين، مع تجنب الوقوع في فخ الاستقطاب الدولي المتصاعد؟
إنّ أبرز المخاوف المصرية تتمثل في أن يؤدي تفاقم التنافس بين واشنطن وبكين إلى تضييق هامش المناورة أمام القاهرة، فاعتماد مصر على التمويل الدولي، الذي لا يزال خاضعًا للنفوذ الأمريكي، يجعلها حذرة في المضي بعيدًا في شراكات اقتصادية عميقة مع الصين، خشية فقدان الدعم الغربي. في الوقت ذاته، فإن تعويل مصر على الاستثمارات الصينية ضمن مبادرة “الحزام والطريق” يوفر لها مصدرًا بديلًا من التمويل الذي تحتاجه في ظل أزمة الديون وتباطؤ النمو، هذا التوازن يعكس نهج “التوازن الإستراتيجي” الذي تتبعه السياسة الخارجية المصرية[40].
وعلى المدى البعيد، فإن استمرار الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين قد يفرض على القاهرة خيارات أكثر صعوبة، فإذا تصاعدت الضغوط الأمريكية على الدول الحليفة للحد من الانخراط مع بكين، فقد تضطر مصر إلى تقليص تعاونها مع الصين في بعض المجالات، الأمر الذي قد يحرمها من فرص اقتصادية وتنموية. في المقابل، إذا واصلت الصين تعزيز حضورها في الشرق الأوسط، خاصة عبر الاستثمارات الضخمة والتعاون الأمني، فإن تجاهل القاهرة لهذا الصعود قد يُضعِف موقعها في النظام الدولي الجديد.
من هنا، يمكن القول إن الإستراتيجية المصرية المثلى تكمن في الحفاظ على التوازن الدقيق بين القوتين، مع استثمار موقعها الجغرافي الإستراتيجي ودورها المحوري في المنطقة كورقة قوة في مواجهة أي ضغوط. كما أن تنويع الشراكات مع قوى أخرى مثل الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والهند، يمكن أن يمنح القاهرة هامشًا أوسع للمناورة ويقلل من أخطار الارتهان لقطب دولي واحد.
في نهاية المطاف، فإن مستقبل الدور المصري في ظل التنافس الأمريكي – الصيني سوف يعتمد على مدى قدرة القاهرة على صياغة سياسة خارجية مستقلة ومرنة، تحافظ على المصالح الوطنية، وتوازن بين الشراكة الأمنية مع واشنطن والانفتاح الاقتصادي على بكين.
إن هذا النهج ليس خيارًا ترفيًّا، بل ضرورة إستراتيجية لمصر التي تجد نفسها في قلب التفاعلات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.
[1] – الحرب الباردة.. صراع ساخن قسّم العالم لقطبين، الجزيرة نت، مارس/آذار 2016م.
[2] – Mohan Malik, “The China-U.S. Cold War Has Already Started”, The Diplomat, June 2020.
[3] – The Role of China in the Middle East and North Africa (MENA). Beyond Economic Interests? The European Institute of the Mediterranean, July 2020.
[4] – Jon B. Alterman, “China’s Soft Power in the Middle East”, Center for Strategic and International Studies (CSIS), July 2020.
[5] – The Role of China in the Middle East and North Africa (MENA). Beyond Economic Interests? The European Institute of the Mediterranean, July 2020.
[6] – Andrea Ghiselli, “China and the Middle East: Growing Influence and Divergent Perceptions”, Middle East Institute, April 2018.
[7] – Fatma Khaled, Egypt and China deepen cooperation during el-Sissi’s visit to Beijing, AP News, May 2024.
[8] – Fabio Indeo, The Middle East in China’s Belt and Road Initiative – Strategic and Geopolitical Implications, Middle East Institute, March 2021.
[9] – What are China’s economic interests in Iran?, Reuters, June 2025.
[10] – US-China tech war: Everything you need to know about the US-China tech war and its impact, South China Morning Post, April 2021.
[11] – المصدر السابق.
[12] – Rumana Ahmed and Moira Whelan, China Knows the Power of 5G. Why Doesn’t the U.S.?, Foreign Policy, July 2021.
[13] – Alvite Ningthoujam, The Middle East: An Emerging Market for Chinese Arms Exports, The Diplomat, June 2021.
[14] – Alvite Ningthoujam, The Middle East: An Emerging Market for Chinese Arms Exports, The Diplomat, June 2021.
[15] – صفقة سلاح سرية بين مصر والصين تقلق إسرائيل، روسيا اليوم، سبتمبر/أيلول 2024م.
[16] – الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية.. صفعة ثلاثية الأبعاد لواشنطن، الجزيرة نت، مارس/آذار 2023م.
[17] – مجموعة السبع تريد استثمار 600 مليار دولار بالبنية التحتية العالمية، وكالة الأناضول، يونيو/حزيران 2022م.
[18] – Biden unveils US $600 billion global infrastructure plan at G7 summit to counter China’s Belt and Road, SCMP, June 2022.
[19] – عبد المعز خان، الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا: خطوة محدودة جدًّا ومتأخّرة جدًّا؟، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ديسمبر/كانون الأول 2023م.
[20] – U.S. Forces in the Middle East: Mapping the Military Presence, Council on Foreign Relations, June 2025.
[21] – هل ستزيد الصين انخراطها في أمن الشرق الأوسط؟ ، مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، أبريل/نيسان 2025م.
[22] – Egypt – A Guide to the United States’ History of Recognition, Diplomatic, and Consular Relations, by Country, Office of the Historian, U.S. Department of State.
[23] – Alexander Shelby, “The Political Dilemma: American Egyptian Relations and the Postwar Petroleum Order”, Wilson Center, May 2018.
[24] – U.S. Relations With Egypt: Bilateral Relations Fact Sheet, US Department of State, April 2022.
[25] – Statement for the Record General Michael Kurilla Commander, U.S. Central Command, March 2023.
[26] – المصدر السابق.
[27] – ForeignAssistance.gov
[28] – U.S. Relations With Egypt: Bilateral Relations Fact Sheet, US Department of State, April 2022.
[29] – Egypt-U.S. Business Relations, American Chamber of Commerce in Egypt.
[30] – Egypt Trade Summary, The Office of the U.S. Trade Representative (USTR).
[31] – China and Egypt, Ministry of Foreign Affairs People’s Republic of China.
[32] – Anson Zhang, China and Egypt: A Strategic Embrace at the Crossroads of Power and Infrastructure, The Organization for World Peace, June 2025.
[33] – المصدر السابق.
[34] – المصدر نفسه.
[35] – China and Egypt, Ministry of Foreign Affairs People’s Republic of China.
[36] – Jonathan Fulton, What’s behind Egypt and China’s ‘golden decade’ of partnership, Atlantic Council, January 2025.
[37] – المصدر السابق.
[38] – سد النهضة يخلق ملاذًا لشركات تعدين بتكوين الصينية في إثيوبيا، اقتصاد الشرق، فبراير/شباط 2024م.
[39] – الأمير نصري، وزير الخارجية: “الاتزان الاستراتيجي” هو العقيدة الحاكمة للدبلوماسية المصرية، اليوم السابع، يونيو/حزيران 2025م.
[40] – المصدر السابق.