خبر وتعقيبغير مصنف

تراشق إعلامي مصري سعودي يتجاوز الحدود الحمراء

الخبر:

تجددت الخلافات والتراشقات الإعلامية بين مصر والسعودية، لكنها شهدت هذه المرة تطورًا خطيرًا، إذ طالت بشكل مباشر رأسي النظامين: عبد الفتاح السيسي، ومحمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة.

فقد تبادل إعلاميون محسوبون على النظامين، إلى جانب اللجان الإلكترونية، الهجوم على كل من السيسي وبن سلمان. إذ توقع إعلاميون سعوديون انتهاء حكم السيسي عام 2026م، ودخوله سجن طره، في حين دعت أطراف مصرية الأسرة الحاكمة في السعودية إلى عزل محمد بن سلمان والانقلاب عليه. ما يشير إلى أن الخلافات هذه المرة خرجت عن المألوف.

ونظرًا لخطورة التصعيد غير المسبوق، سُجِّل تدخل رسمي عاجل لاحتواء المعركة الإعلامية، فتم حذف التصريحات التي نادت بإنهاء حكم السيسي وبن سلمان من كلا الطرفين، تجنبًا لانفجار سياسي قد يُطيح بالتنسيق القائم بين النظامين، خاصَّة في ملف محاربة التيار الإسلامي.

وقد قاد الحملة الإعلامية المتبادلة إعلاميون بارزون ولجان إلكترونية موالية للنظامين، وبدأت بتعليق ساخر من الإعلامي المصري عمرو أديب (الحاصل على الجنسية السعودية) في قناة “إم بي سي” على حادث مروري راح ضحيته 19 فتاة، موجّهًا انتقادًا للوزير العسكري كامل الوزير.

رد الوزير المصري بسخرية من ارتفاع تكلفة الطرق في السعودية مقارنة بمصر، ما أثار غضب سعوديّين، على رأسهم تركي آل الشيخ، مستشار بن سلمان، الذين شنّوا حملة ساخرة ضده. وتناقلوا استخدامه لكلمة “Ipossibl” بدلًا من “Impossible” باعتبارها اختراعًا لغويًّا مضحكًا.

لاحقًا، كتب الصحفي السعودي قينان الغامدي، وهو من الوجوه الإعلامية المقربة من السلطة، تغريدة قال فيها إن “حكم السيسي سينتهي عام 2026م، وسيدخل سجن طره هو ولجان المخابرات، إن لم يهرب بطائرته الفاخرة”.

وردت عليه لجان إلكترونية مصرية تطالب بعزل محمد بن سلمان، واعتبرت أنه يمثل تهديدًا مباشرًا للنظام المصري، مطالبة الأسرة الحاكمة بالانقلاب عليه.

التعقيب:

تكمن خطورة هذا التصعيد الإعلامي في كونه غير اعتيادي، ولم يأتِ من حسابات فردية أو ناشطين، بل من شخصيات رسمية محسوبة على الأنظمة، ما يُخرِجه من دائرة “التراشق الشخصي” إلى “سياسة إعلامية موجَّهة”.

ولهذا السبب صدرت أوامر عليا في البلدين بوقف الهجوم، وحذف تغريدات قينان الغامدي، إلى جانب حذف مطالبات الانقلاب على بن سلمان من قبل اللجان المصرية، وذلك تجنبًا لانفلات الأمور.

ويستبعد أن تُطلق هذه الإهانات بحق رئيسي النظامين دون ضوء أخضر من جهات أمنية عليا في البلدين، غير أن تطوّر الأمر ليطال الزعيمين بشكل مباشر أدَّى إلى تحرُّك سريع لإخماد الأزمة قبل أن تتحول إلى قطيعة سياسية.

وقد بلغ التصعيد درجة دفعت مسؤولين رسميّين للتدخل. ففيما يبدو ردًاّ على الإهانات السعودية، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات حادة:

“هناك دول بلا حضارة، وبلا تاريخ سياسي، وبلا قوة عسكرية، تحاول قيادة المشهد الإقليمي… وهذا أمر لا يمكن القبول به سياسيًّا أو أخلاقيًّا، ولن تسمح مصر بإعادة تشكيل المنطقة وفق أهواء قوى طارئة”.

تصاعد التراشق الإعلامي بين القاهرة والرياض يأتي في سياق أمني وإقليمي حساس، إذ تتداول تقارير عن سعي السعودية لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية على ساحلها الشرقي المطل على البحر الأحمر، قبالة قناة السويس، أو في جزر تيران وصنافير. وترى القاهرة في ذلك تهديدًا لأمنها القومي.

ويُعتقد أن من أسباب هذا التصعيد أيضًا، هو تعثر اتفاق تسليم تيران وصنافير، بعد أن رفعت مجموعة من النشطاء والمحامين المصريّين دعوى قضائية لإلغاء الاتفاق، في خطوة يُعتقد أنها جاءت بضوء أخضر من السلطة المصرية لمضايقة السعودية.

كذلك، يأتي هذا التوتر في ظِل استمرار الأزمة الاقتصادية الخانقة في مصر، وتوقف الخليج عن تقديم المنح المجانية، وتحوله إلى الاستثمار المباشر وشراء الأصول، وهو ما أثار حساسيات داخلية في القاهرة.

وفي تحليل حديث صادر عن “معهد الشرق الأوسط” الأمريكي (2 يوليو 2025م)، أشار إلى أن السعودية لا تعتزم تقديم مزيد من “الشيكات المفتوحة” لمصر، لكنها في الوقت نفسه لن تسمح بانهيار النظام المصري نظرًا لأهميته الجيوسياسية بالنسبة لاستقرار الخليج.

وأضاف التحليل أن أحد أوجه التوتر هو تنافس السعودية مع مصر على النفوذ الإقليمي، وتباين مواقفهما من السياسات الأمريكية، خاصة بشأن الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأحمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى