في السادس من نوفمبر 2024، نشر ميدل إيست إنستيتيوت (معهد الشرق الأوسط) تقدير سياسات بعنوان ” كيف يمكن أن يتعامل دونالد ترامب مع الشرق الأوسط في عام 2025″، لـ “برايان كاتوليس“، وهو كبير الباحثين في السياسة الخارجية الأميركية بـ “ميدل إيست إنستيتيوت”؛ و “أثينا ماستهوف”، التي تعمل كباحث مشارك للسياسات والبرامج في المعهد الأمريكي.
يرى الباحثان أن هناك قضيتين رئيستين سوف تهيمنان على الأجندة الإقليمية للإدارة الأمريكية المقبلة بقيادة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وهما: “إيران”، و“الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية”، وعليه فستكون كلتا المسألتين موضع تركيز هذه الورقة التي ستتناولهما بشكل تحليلي مفصَّل.
يُذكر أن “ميدل إيست إنستيتيوت” هو مركز تفكير أمريكي للأبحاث حول الشرق الأوسط ومقره واشنطن العاصمة، حيث تأسس عام 1946. ويُعتبر المركز مؤسسة تعليمية أمريكية مستقلة غير حزبية وغير ربحية، حيث لا يتبنى رأيًا خاصًّا في أي قضية من القضايا التي يتناولها، وبالتالي لا يشارك في الدعوة إلى أي من ذلك. كما يتمتع الباحثون في المركز بالاستقلالية التامة، حيث تعبّر آراؤهم عن استنتاجاتهم وقناعاتهم البحثية. ويستهدف المركز “زيادة المعرفة حول الشرق الأوسط بين المواطنين الأمريكيّين وتعزيز التفاهم بين شعوب المنطقتين”.
وفيما يلي يقدم “منتدى الدراسات المستقبلية“ بإسطنبول ترجمة كاملة لتقدير السياسات الذي أعده برايان كاتوليس وأثينا ماستهوف، ونشره مركز “ميدل إيست إنستيتيوت” على موقعه، وذلك على النحو التالي:
فاز الرئيس السابق دونالد ترامب مؤخرًا بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، وسيعود إلى البيت الأبيض في العشرين من شهر يناير 2025. ومن المرجّح عند استلامه لمقاليد السلطة في البلاد أن تواجه إدارته الشرق الأوسط وهو في حالة من الاضطراب، في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة وفعليًّا في لبنان، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة القادمة من إيران وشبكتها الإقليمية من الوكلاء.
وعلى الرغم من أن المخاوف الاجتماعية والاقتصادية، وليس قضايا السياسة الخارجية، هي التي هيمنت على الحملة الانتخابية الأخيرة في الولايات المتحدة، إلَّا أنه من الممكن استقراء الكيفية التي قد تتناول بها إدارة دونالد ترامب الثانية القادمة لذلك الوضع المعقد في منطقة الشرق الأوسط من خلال تفحص سجلّ الرئيس الأمريكي المنتخب خلال ولايته الأولى، وما صرّح به منذ ذلك الحين، بالإضافة إلى التصريحات العامة التي أدلى بها السيناتور جيه دي فانس، شريكه في الترشح (كنائب له في ولايته الثانية).
ومن المرجح أن تهيمن قضيتان رئيستان على الأجندة الإقليمية للإدارة الأمريكية المقبلة، وهما: “إيران” و”الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية”، واللتان تشكلان محور هذا التقييم. ويمكن للقارئ الكريم أيضًا الاطلاع على هذا التحليل المنفصل الذي كان قد نشره “ميدل إيست إنستيتيوت”، لإلقاء نظرة موجزة وسريعة على التصريحات التي صدرت عن حملة ترامب الانتخابية حول قضايا رئيسة أخرى في الشرق الأوسط، بما في ذلك “الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش)، و“سياسة الطاقة”، و”مصر”، و“العلاقات مع دول الخليج”.
أولًا: إيران
يؤمن دونالد ترامب بأنه على الولايات المتحدة أن تقوم بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، ولطالما انتقد تصرفات إيران المزعزِعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. وبعد الضربة الانتقامية الأخيرة التي شنتها إسرائيل ضد إيران في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، أعرب ترامب عن دعمه لـ “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” ضد التهديدات التي تشكلها إيران.
خمسة مواقف وتصريحات رئيسية
- الجدل بأن هجمات إيران على إسرائيل لم تكن لتحدث في عهده. حيث هناك سردية ثابتة طالما قدمها دونالد ترامب، وهي أن العالم اليوم أكثر فوضوية مما كان عليه عندما كان في منصبه كرئيس للولايات المتحدة، ويستشهد على ذلك بهجمات إيران على إسرائيل كواحدة من بين عدة أمثلة على ذلك.
- أعلن ترامب في بيان نشره على حسابه على موقع “تروث سوشل” بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل أن “العالم يحترق ويخرج عن السيطرة”، وأنه تحت إدارته “كانت إيران تحت السيطرة الكاملة. وكانوا يفتقرون بشدة إلى المال، وكانت إيران قد تمَّ احتواؤها بشكل كامل، وكانوا يتوقون بشدة إلى إمكانية إبرام صفقة (مع الولايات المتحدة)”. وفي نفس المنشور (على “تروث سوشل”)، زعم ترامب أن إيران كانت تريد أن تصبح كامالا هاريس هي رئيسة الولايات المتحدة، لأنه “طالما أنها في السلطة، فإن بإمكانهم استغلال أمريكا” والاستفادة منها.
- و شدّد ترامب في حسابه على موقع “تروث سوشل”، قائلًا، “كان يمكن منع هذه الحرب تمامًا. ولم يكن ينبغي أن تحدث أبدًا. ولو كنت أنا الرئيس، لما حدثت!”. (جدير بالذكر أن “تروث سوشل” هي منصة تواصل اجتماعي أطلقتها مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، وذلك في أعقاب فرض كبرى مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” و”يوتيوب” حظر على ترامب بعد الهجوم الذي شنّه جمع من أنصاره على مبنى الكابيتول في السادس من شهر يناير عام 2021 في محاولة لمنع الكونجرس من المصادقة على فوز منافسه جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي جرت أواخر عام 2020).
- الادعاء بأن إيران تمكّنت من الوصول إلى المزيد من الأموال بسبب سياسات بايدن-هاريس. فقد زعم كل من “ترامب” و”فانس” أن النظام الإيراني أصبح لديه أموال سائلة اليوم أكثر مما كان عليه في ظِل نهج “الضغط الأقصى” الذي اتبعه ترامب ضد إيران في الفترة من 2018 إلى 2021.
- في مقابلة مع برنامج “فوكس آند فريندز”، في الثامن عشر من شهر أكتوبر، ردّد ترامب قوله بأنه خلال فترة رئاسته “لم يكن لأحد أن يشتري النفط من إيران، لقد كانوا يريدون عقد صفقة. والآن لديهم 300 مليار دولار عدًّا ونقدًا”.
- وفي معرض رد فانس على سؤال عما إذا كان سيؤيد أو يعارض توجيه ضربة استباقية من جانب إسرائيل إلى إيران، أكد المرشح لمنصب نائب الرئيس بأن دونالد ترامب “حقق الاستقرار في العالم… من خلال إرساء سياسة الردع الفعّال”. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعلن أنه في ظِل “إدارة كامالا هاريس” (على حد قوله)، تلقت إيران أكثر من 100 مليار دولار من الأصول غير المجمدة، والتي تُستخدَم “لشراء الأسلحة التي يطلقونها الآن ضد حلفائنا… وربما يطلقونها ضد الولايات المتحدة أيضًا”. وأكد فانس مفهوم ترامب عن “السلام من خلال القوة”، وكيف دفع هذا الدولَ إلى اللجوء إلى الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار والسلام عندما كان آخرون قد “تعدوا الحدود”.
- منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية. حيث صرح ترامب بأن إيران لا ينبغي لها أبدًا أن تحصل على سلاح نووي.
- خلال مؤتمر صحفي عُقِد في مدينة نيويورك، في السادس والعشرين من شهر سبتمبر، قال ترامب إن إيران “كانت ستبرم صفقة معنا”، وأن “الشيء الوحيد المطروح هو أنهم لا يمكن أبدًا أن يمتلكوا أسلحة نووية”.
- وفي الرابع من شهر أكتوبر، علَّق ترامب على إجابة بايدن على سؤال ما إذا كان سيؤيد هجومًا إسرائيليًّا على المنشآت النووية الإيرانية، وقال إنه كان ينبغي أن تكون: “اضربوا الأسلحة النووية أولًا، وفكروا بشأن الباقي لاحقًا”، بدلًا من عدم دعم مثل هذه الضربة. كما أكد أن الأسلحة النووية هي “أكبر خطر نواجهه”.
- الادعاء بأنه قادر على التوصل إلى اتفاق مع إيران وحتى ضمها إلى اتفاقيات أبراهام. فقد صرح ترامب مرارًا بأنه قادر على التوصل إلى اتفاق مع إيران في فترة زمنية قصيرة، وربما أيضًا يتم ضم إيران إلى اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل، دون تقديم تفاصيل حول كيفية القيام بذلك.
- عندما سُئل ترامب عما إذا كان سيعاود التفاوض على صفقة مع إيران إذا أعيد انتخابه، قال ترامب، “بالتأكيد، سأفعل ذلك” و”علينا أن نبرم صفقة لأن العواقب مستحيلة”. كما أكد أن إيران كانت ستبرم صفقة لأنه “أتاح لهم موقف دولة تريد عقد صفقة. وكان عليهم القيام بذلك. لم تكن هناك أموال لحماس. ولم تكن هناك أموال لحزب الله”.
- في التاسع عشر من شهر سبتمبر، وأثناء حديثه أمام المجلس الإسرائيلي الأمريكي، علّق ترامب بأنه “ربما كان بإمكانه جعل إيران توقّع” على اتفاقيات أبراهام.
- وخلال مقابلة أجراها ترامب مع قناة العربية في العشرين من شهر أكتوبر، قال إنه “يحترم” إيران وشعبها، مؤكدًا أنهم “أذكياء للغاية”، و”مفاوضون عظماء”، و”رجال أعمال كبار”. وأعلن أيضًا أنه “يريد لها أن تنجح، كدولة”، وأن البلاد الآن “ربما تكون في خطر، وربما أكثر مما كانوا ليتصوروا ذلك قبل شهر في ظِل ما يجري”.
- إبراز التهديد الذي تشكله إيران على الولايات المتحدة، بما في ذلك محاولات الاغتيال. حيث نبّهت وكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون الأمريكية ترامب إلى المؤامرات الإيرانية على حياته، واستخدم ترامب هذه المعلومات للحديث عن العواقب المحتملة التي قد تترتب على إيران في حالة تعرضها للانتقام الأمريكي.
- ناقش ترامب محاولتي اغتياله الأخيرتين، في بتلر بولاية بنسلفانيا، وويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، مؤكدًا أنه “قد تكون إيران متورطة أو غير متورطة فيهما، ولكن من المحتمل أن تكون متورطة فيهما”، مع الاعتراف بعدم وجود أدلة تثبت تورط إيران (في محاولتي الاغتيال). ثم أعلن أنه إذا أصبح رئيسًا، وكان مرشح جمهوري أو ديمقراطي تحت التهديد، فسوف “يبلغ الدولة المهدِّدة، في هذه الحالة إيران، أنه إذا فعلت أي شيء لإيذاء هذا الشخص، فسوف نفجر أكبر مدنكم ونحوّل الدولة نفسها إلى أشلاء”. وأضاف ترامب أنه بعد ذلك، “لن تكون هناك المزيد من التهديدات”، ولكننا الآن “ليس لدينا تلك القيادة، أو أولئك الأشخاص اللازمين، أو هؤلاء القادة الذين نحن في حاجة إليهم” للقيام بذلك.
- وفي الخامس والعشرين من سبتمبر، غرّد ترامب على منصة إكس، تويتر سابقًا، قائلًا: “هناك تهديدات كبيرة لحياتي من قِبل إيران. الجيش الأمريكي بأكمله يراقب وينتظر. لقد اتخذَت إيران بالفعل خطوات بهذا الخصوص لكنها لم تنجح، وسيحاولون ذلك مرة أخرى. هذا ليس وضعًا جيّدًا لأي أحد… فالهجوم على رئيس سابق هو بمثابة رغبة في الموت بالنسبة للمهاجم!”
ثانيًا: الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية
دعا ترامب إلى إنهاء الحرب على غزة، رغم أن رسالته الرئيسة ركّزت على ضمان تحقيق إسرائيل “النصر”، دون تقديم الكثير من التفاصيل في ذلك. كما أنه يدعم الجهود الرامية إلى تعزيز التطبيع وصفقات التكامل الإقليمي مثل اتفاقية التطبيع المقترحة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
خمسة مواقف وتصريحات رئيسة
- إعراب ترامب عن دعمه القوي لإسرائيل؛ حيث دأب على وصف نفسه بأنه “أفضل صديق” لإسرائيل.
- خلال خطابه أمام المجلس الإسرائيلي الأمريكي في واشنطن، في التاسع عشر من سبتمبر، صرّح ترامب بأنه “سنجعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى”، وأكد أنه بفضل أصوات اليهود الأمريكيّين، سيكون “مدافعًا عنهم” و”حاميًا لهم” و”أفضل صديق يمكن أن يحظى به اليهود الأمريكيون في البيت الأبيض”. وذكر أن هذه الانتخابات الأمريكية هي “أهم انتخابات في تاريخ إسرائيل”، وأن إسرائيل في “ورطة كبيرة” وأنها ستُمحى من على وجه الأرض إذا لم يفز (بالرئاسة). وفي نفس الفعالية، بدا أن ترامب كان يلقي باللوم جزئياً على اليهود الأمريكيّين في حالة خسارته الانتخابات، قائلًا: “إذا لم أفز بهذه الانتخابات – وسيكون للشعب اليهودي حقًّا الكثير من الفضل في الأمر إذا حدث ذلك؛ لأنه إذا قام 40 بالمئة، أقصد 60 بالمئة، من الناس بالتصويت للعدو – فإن إسرائيل، في رأيي، ستُمحى من الوجود في غضون عامين”.
- وصرح ترامب بأن هجوم السابع من أكتوبر كان “واحدًا من أحلك الساعات ظلمةً في تاريخ البشرية”، موضحًا أنه كان “هجومًا على الإنسانية نفسها” وأنه كشف عن “وحشية مرعبة” و”بهجة شيطانية”. وأكد من جديد بأن الرابطة بين الولايات المتحدة وإسرائيل “قوية ودائمة”، لكنها ستكون “أقوى وأقرب من أي وقت مضى” إذا فاز في الانتخابات. وصرّح ترامب بقوله: “يجب علينا وقف هذا الانزلاق الخطير نحو الصراع والكراهية والدمار” من خلال “القيادة الأمريكية الثابتة والقوة الأمريكية التي لا مراء فيها”، والتي من شأنها أن تسمح “ببزوغ فجر شرق أوسط جديد أكثر انسجامًا – ليكون – في متناول أيدينا أخيرًا”. كما أكد أنه “إذا لم تكن الولايات المتحدة (التي تقوم بذلك)، فلن يحدث أبدًا”.
- دعم “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. حيث تحدث ترامب عن منح إسرائيل كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها والسماح لها “بإنهاء المهمة”.
- في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في وقت سابق من هذا الشهر، وردت تقارير بأن ترامب قال إن إسرائيل يجب أن “تفعل ما يتعين عليها فعله” من أجل حماية البلاد.
- وفي حفل تذكاري أقيم في ولاية فلوريدا، في السابع من شهر أكتوبر، تعهّد ترامب بأنه “سيدعم حق إسرائيل في الفوز في حربها ضد الإرهاب”، مضيفًا أن “عليها أن تفوز بها بسرعة، بغض النظر عما يحدث، ويجب أن تسير الأمور بسرعة”.
- وهذا يعكس تعليقات ترامب السابقة بأن إسرائيل بحاجة إلى إنهاء الحرب ضد حماس في غزة. ففي حديثه ضمن برنامج “هيو هيويت شو” في وقت سابق من هذا العام، قال ترامب: “عليك أن تنتهي من الأمر، وعليك أن تعود إلى الحياة الطبيعية. ولست متأكدًا من أنني أحب الطريقة التي يفعلون بها ذلك، لأنك يجب أن تحقق النصر. يجب أن تحقق النصر، ولكن هذا الأمر يستغرق وقتا طويلًا”.
- وفي حديثه في تجمع “الوقوف مع إسرائيل”، في السابع من أكتوبر، قال فانس: “لأننا نريد السلام أكثر من أي شيء آخر ولأننا نود منع تحول هذا الصراع إلى صراع إقليمي أوسع نطاقًا، فإننا ندعم حق إسرائيل في الوجود، وندعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والقيام بكل ما يلزم لإنهاء الحرب”. وفي وقت لاحق أضاف: “نريد أن نمنح إسرائيل الحق والقدرة على إنهاء ما بدأته حماس. إسرائيل لم تبدأ هذا، حماس هي التي بدأته، لكن إسرائيل ستكمله”.
- وفي خطاب ألقاه في واشنطن العاصمة، في التاسع عشر من شهر سبتمبر، أشار ترامب إلى أنه “وفوق كل شيء آخر، أعطى (إسرائيل) أكثر من 20 مليار دولار”، وعندما فعل ذلك، قال إنه “أفضل صديق لهم على الإطلاق”.
- زعمه بأن نهج بايدن-هاريس أدَّى إلى إطالة أمد الحرب. حيث انتقد كل من ترامب وفانس بانتظام نهج بايدن-هاريس في التعامل مع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس ووصفه بأنه ضعيف ومتذبذب.
- ففي مقابلة مع برنامج “فوكس آند فريندز”، في السابع من أكتوبر، صرح فانس أنه في هذه الذكرى يجب أن نتذكر أن هناك “بربرية حقيقية” و”شر حقيقي” في العالم، وأنه “عندما يكون أهل الخير ضد أهل الشر، يجب على أمريكا أن تسعى بكل ما يمكنها أن تدعم الأخيار”. وزعم فانس أن تصرفات الإدارة الحالية “المتذبذبة” و”المترددة” “قتلت بلا داع” الفلسطينيّين والإسرائيليّين على حد سواء، ومنعت تحقيق السلام الدائم في المنطقة.
- ودعا فانس إلى قيادة أمريكية “أقوى وأذكى”، مدعيًا أن هاريس “اتبعت سياسات تطيل أمد الحرب” في حين كانت “في طليعة التهديد بطعن حلفائنا في الظهر”. وأشار إلى قرار الإدارة الحالية بمنع الأسلحة الموجَّهة بدقة، قائلًا إن هذا من شأنه أن يسمح لنا في الواقع “بتدمير الأشرار من حماس” مع “تقليص الخسائر بين المدنيّين”.
- وانتقد ترامب هاريس وإدارة بايدن، في مؤتمر صحفي عُقِد في منتصف شهر أغسطس، لدعوتهما المتكررة لوقف إطلاق النار. وقال ترامب: “منذ البداية، عملت هاريس على تكبيل يد إسرائيل خلف ظهرها، وطالبت بوقف إطلاق النار الفوري، وكانت دائمًا تطالب بوقف إطلاق النار”، وهو ما “سيمنح حماس الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد على غرار هجوم السابع من أكتوبر”، حسبما أكد ترامب.
- دعم الضربة الإسرائيلية التي أدَّت إلى اغتيال قائد حماس. فقد أعرب ترامب وفانس عن دعمهما لقتل إسرائيل لقائد حركة حماس يحيى السِّنوار.
- عندما سُئل ترامب عن ردة فعله على وفاة السِّنوار وما إذا كان ذلك يجعل السلام أسهل أم أصعب في الشرق الأوسط، أجاب بقوله: “رد فعلي هو أنه لم يكن شخصًا جيّدًا”، و”أعتقد أن ذلك (اغتيال السِّنوار) يجعل الأمر أسهل”. وتابع ترامب قائلًا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو “يقوم بعمل جيد”، وإن بايدن “يحاول كبح جماح (نتنياهو)، وربما كان ينبغي عليه أن يفعل العكس تمامًا”، وإنه “سعيد لأن نتنياهو قرّر أن يفعل ما كان عليه أن يفعله”، مشيرًا إلى أن “الأمر يسير بشكل جيّد”.
- الحديث عن الاتجاه إلى توسيع اتفاقيات أبراهام في المنطقة. ففي معرض حديثه عن إنجازاته في اتفاقيات أبراهام، قال ترامب إن الاتفاق الذي تمَّ التوصل إليه عام 2020 لتطبيع العلاقات بين إسرائيل من جهةٍ ودولة الإمارات ومملكتي البحرين والمغرب من جهةٍ أخرى سوف يتم توسيعه قريبًا.
- في مقابلة له مع قناة العربية، في العشرين من أكتوبر، أكد ترامب أنه “واثق حقًّا” من أن السلام “الحقيقي” و”الدائم” سيحدث قريبًا، بينما كرّر أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس لم تكن لتبدأ لو كان هو رئيس الولايات المتحدة. كما صرّح بأن “إشراك الجميع” في اتفاقيات أبراهام سيكون أولوية في ولايته المقبلة.
الخلاصة:
نظرة مستقبلية محتملة على المدى الأبعد للسياسة الإقليمية للولايات المتحدة:
ولكن ماذا يعني هذا بالنسبة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط في المدى الأبعد؟
قد يتكشف أمامنا هنا سيناريوهان، أحدهما عالقٌ في الماضي، والثاني أكثر استشرافًا للمستقبل، على النحو التالي:
السيناريو الأول، والذي يبدو أكثر ترجيحًا، هو أن الجمهوريّين والديمقراطيّين سوف يستمرون في استخدام مجموعة واسعة من قضايا السياسة العامة، بما في ذلك السياسة الخارجية في الشرق الأوسط، كأداة للفرقة الحزبية والأيديولوجية. وكان هذا هو النموذج الذي عملت على أساسه الولايات المتحدة على مدى ربع القرن الماضي، حيث تعوق هذه الانقسامات في كثير من النواحي قدرة أمريكا على إنجاز الأمور: كاعتماد تعيين الدبلوماسيّين والقادة العسكريّين في أماكنهم، وتمرير الميزانيات اللازمة لتنفيذ البرامج، وتعزيز إستراتيجية أكثر تماسكًا للأمن القومي في الشرق الأوسط. وربما يؤدي الأداء القوي للحزب الجمهوري في السباقات الانتخابية للكونجرس، بما في ذلك استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ، إلى تسريع هذا الاتجاه، ولكن من السابق لأوانه أن نحكم على ذلك.
السيناريو الثاني، والذي يبدو أقل ترجيحًا في الوقت الحالي، هو سيناريو يعترف فيه القادة في كلا الحزبين بأن خصوم الولايات المتحدة، بما في ذلك إيران، طالما سعوا إلى تأجيج الخلافات الحزبية والأيديولوجية داخل الولايات المتحدة لمنع واشنطن من السعي نحو تحقيق مشاركة أكثر ثباتًا واتساقًا في المنطقة. ومن المؤكد أنه يمكن الإشارة إلى مؤشرات حديثة في الكونجرس وإدارتي بايدن وترامب تجاوز خلالها المشرعون والمسؤولون الديمقراطيون والجمهوريون الخلافات بينهم وعملوا معًا على جوانب رئيسة من السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين وروسيا. ولذلك، فإنه ينبغي لقادة الحزبين أن يستخلصوا الدروس والعِبر من تلك الأمثلة الناجحة من التعاون بين الحزبين المذكورة أعلاه بمجرد الانتهاء من فرز جميع الأصوات الانتخابية وعودة المشاعر إلى طبيعتها: وبهذا يمكن للديمقراطيّين والجمهوريّين اتخاذ خطوات مماثلة لبناء تحالفات عبر الطيف السياسي تسعى إلى تعزيز نهج أمريكي أكثر فعالية وأطول أمدًا تجاه منطقة الشرق الأوسط.