الخبر:
يوم 28 أغسطس 2024، أرسلت مصر طائرات عسكرية للصومال تحمل قرابة 10 آلاف جندي مصري ومعدات عسكرية، نصفها يشارك في بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي، والنصف الآخر يعمل بشكل مستقل قرب حدود الصومال مع إثيوبيا.
إرسال قوات ومعدات مصرية جاء عقب إبرام مصر اتفاقية دفاعية مع الصومال، ردًّا على إبرام إثيوبيا اتفاق مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي (صوماليلاند) للحصول على قاعدة علي البحر الأحمر، تعتبرها مصر تهديدًا لقناة السويس.
مصر أعلنت أن التعاون العسكري المصري الصومالي يأتي في إطار بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال.
لكن هذا التواجد العسكري المصري في الصومال قرب حدود إثيوبيا أقلق أديس أبابا فحذرت مصر في بيان – دون أن تذكر اسمها – بأنها تلعب بالنار وتهدد أمن الأحباش القومي.
وردت أديس أبابا بالإعلان عن نقل قوات عسكرية إلى إقليم أوجادين الذي يمثل حدودها مع الصومال.
التعقيب:
- هناك ثلاثة تفسيرات لإرسال مصر قوات عسكرية إلى الصومال: أولها أنها قوات حفظ سلام وتدريب لجيش الصومال، كما هو معلن.
- وثانيها أن هذا استعراض للقوة وبروباجندا لتلميع الجيش المصري بعدما وجهت له اتهامات بالتخلي عن غزة ونهر النيل.
- والتفسير الثالث، أن التحرك المصري هو نوع من “التحوط الاستراتيجي” وحصار لإثيوبيا، ردًّا على تهديدها أمن مصر المائي والقومي، ببناء سد النهضة وملئه من نصيب مصر المائي، دون تنسيق مع القاهرة او موافقة منها.
- بدا من تغطية لجان السيسي لسفر القوات المصرية للصومال أن العملية أخذت طابع الدعاية (بروباجندا) وتلميع للجيش المصري لنفي أنه منشغل بالبيزنس الداخلي ولا يحارب أعداء مصر.
- يستهدف نظام السيسي من وراء هذه التحركات العسكرية إظهار أن مصر لديها قوات وعضلات وجنود وعسكر وصواريخ وطائرات، وبالتالي يغطي على إهانة جيش مصر من قبل إسرائيل باحتلال محور فيلادلفيا ورفع العلم الإسرائيلي على معبر رفح.
- يرجح أيضًا أن تكون هناك محاولة من النظام لشغل الشعب بالبحث عن وسيلة جديدة لإلهائه عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، ويبرر الغلاء وربما التعويم الجديد القادم بأن مصر ستدخل معركة كبري لحماية أمنها المائي وربما تضرب السد ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة!
- لو كان قرار إرسال قوات مصرية للصومال، ودعم جيش الصومال بعتاد عسكري هدفه مناكفة إثيوبيا، فهو قرار صحيح يدعم الأمن القومي المصري، رغم مخاوف أن يكون التواجد في الصومال يخدم خطط أمريكا في حصار روسيا بإفريقيا، لا مصالح مصر.
- هناك مخاوف أخرى من توريط القوات المصرية في قتال محتمل ضد الجماعات الإسلامية المسلحة النشطة في الصومال، مثل “حركة الشباب” القريبة من تنظيم القاعدة، خاصَّة أن حسابات صومالية وصفت مصر بأنها “حليف قوي”، و”لديها خبرة في القتال ضد الجماعات المسلحة الإسلامية.
- التحركات الإثيوبية لشراء قاعدة عسكرية في صوماليلاند علي البحر الأحمر، هددت أمن مصر القومي من ثلاثة زوايا.
- أولها: تهديد أمنها المائي بحجز مياه النيل ورفض توقيع اتفاق يضمن حقوق مصر المائية التاريخية (55 مليار متر مكعب سنويًّا)، وثانيها: تهديد قناة السويس بهذه القاعدة، وثالثها: تهديد السودان الذي هو الحديقة الخلفية لأمن مصر القومي.
- صحيفة “أديس استاندرد” الإثيوبية أكدت أن وصول ضباط ومعدات عسكرية مصرية إلى مقديشيو في بداية عملية انتشار تشمل 10 آلاف جندي مصري في الصومال، “له علاقة بسد النهضة”.
- ووصفت الوجود العسكري المصري في الصومال بأنه “خطوة استراتيجية لها علاقة بالجدل حول سد النهضة الإثيوبي الكبير وتعارض مصالح البلدين في منطقة القرن الإفريقي”.
- التفسير الاستراتيجي للتحركات العسكرية المصرية في الصومال هو أن مصر تحاول أن تعوض خسارتها في معركة سد النهضة، كما سرب موقع مدى مصر نقلًا عن دبلوماسي مصري، وتسعى لموطئ قدم في الصومال نكاية في إثيوبيا.
- مصر تحاول أيضًا أن تحمي ظهرها في السودان خوفًا من مطامع إثيوبيا في السودان في إطار عدم وجود دولة في السودان فتتجه لتواجد عسكري في الصومال.
- لكن اللغز هو: لماذا تأخر الجيش المصري في الرد على استفزازات إثيوبيا منذ 2014 وتركها تملأ سد النهضة خمس مرات وتضرب عرض الحائط باتفاقها مع السيسي والاتفاقيات التاريخية التي تحفظ حق مصر في مياه النيل؟ لماذا تحرك الآن؟