الخبر:
بعد تأخير قرابة شهر، منذ اغتالت إسرائيل القيادي بحزب الله فؤاد شكر، يوم 30 يوليو 2024 وبعده بيوم، إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، بدأ الرد الانتقامي المعلن لحزب الله، بدون إيران.
أعلن الحزب، فجر يوم 25 أغسطس 2024، إطلاق 320 صاروخًا وطائرة مسيرة تجاه إسرائيل “ضمن المرحلة الأولى من انتقامه”، طالت 11 قاعدة عسكرية و”هدف نوعي”، هو وحدة 8200 المسؤولة عن التجسس والحرب الإلكترونية.
قبل رد الحزب الانتقامي، بساعة، قال الجيش الإسرائيلي إنه قام بضربة استباقية بـ 100 طائرة حربية هاجمت 200 موقع لصواريخ الحزب وزعم تدميره 6 ألاف صاروخ كانت ستضرب إسرائيل.
مسؤولون أكدوا لموقع “أكسيوس” الأميركي، في 25 أغسطس 2024، إن الولايات المتحدة وإسرائيل حصلتا على معلومات استخباراتية دقيقة قبل ضربة حزب الله، لذا جاءت ضربتهم الاستباقية. لكن حسن نصر الله اعتبر أن بدء العدو غاراته “قبل نصف ساعة من عمليتنا يدل على أنه لم يكن لديه معلومات استخبارية”.
التعقيب:
- رغم أهمية ضربة حزب الله العسكرية لإسرائيل، لأنها شملت 11 قاعدة عسكرية إسرائيلية، إلا أنها كانت “محسوبة” وليست بالمستوى الذي توقعه الجميع.
- ظلَّ حجم قصف حزب الله، ورد إسرائيل الاستباقي، محافظًا على ما يُسمَّى “قواعد الاشتباك” بينهما، أي قصف مناطق حدودية دون العمق.
- كان مبرر إيران وحزب الله لتأجيل انتقامهما من إسرائيل، هو التنسيق بين جبهات محور إيران لتوجيه ضربة موحدة لإسرائيل، لكن جاء رد حزب الله بدون إيران وبدون الحوثيّين، ليطرح تساؤلات.
- هل المرحلة الأولي من “رد” حزب الله تعني بداية تصعيد ومراحل آخري قادمة؟ أم أن الرد “حفظ لماء الوجه”؟
- وهل قررت إيران أن ينوب عنها حزب الله خشية “سيناريو أو خطة توريط” تخشاه طهران من جانب أمريكا وإسرائيل لاستغلال التصعيد والحرب الشاملة في ضرب برنامجها النووي؟ وهل معني ذلك أن كلاهما قررا عدم التصعيد؟
- حديث أمين عام الحزب حسن نصر الله عن أنه إذا كانت نتيجة الضربة (المرحلة الأولي) مرضية، “فنعتبر أن عملية الرد قد تمت، وإذا لم تكن النتيجة كافية فسنحتفظ بحق الرد حتى وقت آخر”، مؤشر على أن الهجوم مرحلة أولي وأخيرة.
- دبلوماسيون أجانب أكدوا لوكالة “رويترز” أن تبادل إسرائيل وحزب الله الضربات يحمل “رسائل تهدئة”، مفاداها أن كلاهما لا يرغب في زيادة التصعيد أكثر من ذلك. وأكدوا أن رسائل الطرفين، التي يمكن قراءتها من القصف المتبادل، تشير لاعتبارهما أن القصف المكثف “انتهى”، وأنهما لا يريدان حربًا شاملة، ويستطيع الحزب القول إنه رد على اغتيال فؤاد شكر ليحفظ ماء وجهه.
- لو انتهي القصف “الكبير” على ذلك وعاد تبادل القصف الروتيني، فهذا معناه أن الجولة الساخنة انتهت، ويستطيع نتنياهو الزعم – لأغراض دعائية – بأنه أحبط هجومًا كبيرًا لحزب الله.
- لو اعتبرنا رد حزب الله الانتقامي “محدودًا”، فهو يعطي إشارة بأن الرد الإيراني على اغتيال هنيَّة، إذا كان سيحدث، وكذلك الرد الحوثي على ضرب ميناء الحديّدة، سيكونان محدودان أيضًا، طالما أن الهدف الأساسي هو عدم التصعيد الشامل.
- الرد المحسوب والمحدود من جانب حزب الله، بعد شهر من الاتصالات الساخنة بين واشنطن وطهران، مباشرة وعبر وسطاء، يشير لاختيارهما “هندسة” المشهد السياسي والميداني على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، أي ادعاء كل طرف أنه انتصر، بينما الحقائق شيءٌ آخر.
- تنفيذ حزب الله انتقامه العسكري واستهداف مقرات الموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية في تل أبيب معناه أن محاولات الضغط الغربية والاتصالات والتفاهمات، لإثناء إيران وحلفائها عن الرد بحجة انهيار مفاوضات غزة، قد فشلت.
- لا ينبغي التقليل من أهمية ضربات حزب الله، بوزنها بميزان نظريات المؤامرة ومصالح المحور الإيراني، ولا التضخيم منها أيضًا وتصويرها باعتبارها الخلاص لغزة من الإبادة الجماعية.
- ينبغي النظر لها بمعيار، أن ما قدمه محور إيران أفضل مما فعلته كل الأنظمة العربية التي تواطأ بعضها ضد غزة وشارك في حصارها، خاصَّة نظام السيسي. وأنه من الطبيعي أن يكون لإيران وحلفائها مصالح آخري، مثل بناء قوتها النووية وإدراكها أن الحرب الشاملة لن تكون مع إسرائيل وإنما أمريكا و5 دول أوروبية.