الخبر:
تحارب الإدارة الأمريكية الحالية فعليًّا مع إسرائيل ضد إيران عبر مدها بالسلاح وإسقاط الصواريخ والمُسيَّرات الإيرانية التي تستهدف الكيان الصهيوني، وقصف أهداف إيرانية سِرًّا من البحر، لكنها لن تعلن دخولها الحرب رسميًّا ضدها.
تحليل لـ “معهد دراسات الأمن القومي” الاسرائيلي، أكد في 14 يونيو 2025م أن “الإدارة الأمريكية ستواجه قريبًا قرارًا إستراتيجيًّا بشأن سياستها بعدم التدخل في الحرب بين إسرائيل وإيران”.
أوضح التحليل أن “هناك إدراك بأن التهديد العسكري الأمريكي المباشر أو المشاركة الفعلية في الحملة قد يكون العامل الوحيد الذي يدفع إيران نحو قبول اتفاق، بما يتماشى مع الهدف الجوهري للرئيس ترامب”.
تحليل المعهد الاسرائيلي ذكر أن: إلحاق ضرر مباشر بالمصالح الأمريكية أو وقوع أضرار جسيمة داخل الأراضي الإسرائيلية أو هجوم إيراني على أهداف إستراتيجية في دول صديقة للولايات المتحدة ستغير حسابات عدم التدخل الأمريكية.
أكد التحليل أيضًا أن “فشل إسرائيل المستمر في إلحاق ضرر كبير بالبنية التحتية النووية الإيرانية رغم الغارات الجوية قد يدفع الولايات المتحدة للتدخل المباشر”.
التعقيب:
منذ بداية العدوان الإسرائيلي، دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسرائيل، ولم يفوت فرصة للتفاخر بنجاح التقنيات العسكرية الأمريكية لدى تلأبيب في ضرب طهران.
ومع هذا، ظل الموقف الأمريكي الرسمي يزعم مرارًا وتكرارًا أن هذا العدوان كان “خطوة إسرائيلية أحادية الجانب”، دون أي تدخل عسكري أمريكي مباشر.
وأوضح مسؤولون أمريكيون أنه على الرغم من أن إسرائيل أبلغت الإدارة مُسبقًا بنيتها شنّ العملية، وكان ترامب يَرى تأجيلها لحين انتهاء مفاوضات النووي الإيراني، إلا أن واشنطن وصفت العدوان بأن “ضروري لدفاع إسرائيل عن نفسها”!
الحديث يدور، في الأوساط البحثية والصحفية، عن خطة إسرائيلية أمريكية مشتركة لمحو النظام الإيراني الحالي بحجة اقتناء سلاح نووي على غرار ما جرى مع العراق في عهد صدام حسين، وأن النفي الأمريكي بشأن المشاركة في العدوان بشكل رسمي ليس سوى خدعة.
الخطط المطروحة تشير إلى اتفاق بين ترامب ونتنياهو بحيث يضرب نتنياهو إيران ضربة قوية تدفع إيران للرضوخ والنزول على مطالب أميركا وإسرائيل بوقف برنامجها النووي وتصفيته، لكن رد الفعل الإيراني القوي واحتمالات أن تتعرض إسرائيل لضربات قوية تؤثر على أمنها قد يدفع واشنطن للتدخل رسميا واستكمال الخطط الإسرائيلية.
هذه الخطط الإسرائيلية الأمريكية كانت طموحة لحد الحديث عن تغيير نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، وطرح تصور لـ “اليوم التالي” في إيران، أي قيام نظام حاكم جديد، على غرار ما يحاولون تنفيذه في قطاع غزة.
المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، قال في 13 يونيو 2025م، إن “ما يجري حرب إسرائيلية أمريكية لإنهاء النظام الإيراني، لا ضربة استباقية ولا ردع ولا تهديد”.
وتساءل الكاتب ديفيد أغتاشيوس في صحيفة “واشنطن بوست” عن وجود هذه الخطط، لدى اسرائيل وأمريكا، أي “خطة لليوم التالي في إيران”، لكن بعد صمود إيران وردها الموجع على إسرائيل، عاد ترامب يتحدث عن استكمال مفاوضات النووي، ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن “أهداف العملية هي ضرب البرنامج النووى وصواريخ أرض أرض ولا تشمل استهداف النظام”، ما يشير ربما لتراجع عن خطة “اليوم التالي”.
قد يكون التهديد أو التدخل العسكري الأمريكي المباشر أو المشاركة الفعلية في الحرب يستهدف ردع إيران ودفعها إلى الموافقة على صفقة تفاوضية بشأن برنامجها النووي، وقد يكون الهدف أبعد من ذلك وهو إسقاط وتغيير النظام على الطريقة العراقية.
الإضرار الإيراني المباشر بالمصالح الأمريكية، أو تكبيد إسرائيل أضرارًا جسيمة أو ضرب أهداف إستراتيجية في الدول الصديقة للولايات المتحدة في الخليج، كلها عوامل قد تغير موقف إدارة ترامب للتدخل المباشر في الحرب.
إيران حذرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا من أن قواعدها وسفنها في المنطقة سوف تُستهدَف إذا ساعدت في وقف الضربات الإيرانية على إسرائيل بل وهددت بغلق مضيق هرمز، وهي تطورات تزعج الغرب وقد تدفعه للتدخل المباشر بدلًا من التدخل غير المباشر في الحرب ضد إيران.
مراقبون ومحللون عسكريون يرون أن الهدف الإيراني هو ردع العدوان الإسرائيلي وإعادة توازن الردع، ما يعني استمرار تدمير أهداف في إسرائيل وعدم الاعتداد بمطالب أمريكا وقف الحرب عند هذا الحد، ما قد يتطلب تدخل أمريكي بل وغربي عاجل، لإنقاذ إسرائيل وكسر إيران.
تصريح رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، بأن المملكة المتحدة تنقل طائرات وأصولًا عسكرية أخرى إلى الشرق الأوسط، للمشاركة في صد الضربات الإيرانية على إسرائيل، رغم تهديد طهران بأن مثل هذا الإجراء قد يؤدي إلى استهداف القواعد البريطانية في المنطقة، مؤشر على تنسيق أمريكي بريطاني للتدخل.
تطور مثير للاهتمام أخر حدث قد يشير لاحتمال أن أمريكا تجهز لعملية ضد إيران والتدخل في الحرب رسميًّا مع إسرائيل، هو قيام سلاح الجو الأمريكي ببثّ رسالة طوارئ مشفّرة (EAM)عبر نظام HFGCSبطول 246 حرفًا وهو رقم غير معتاد.
وهذه الرسائل تُستخدم في العاده لإصدار أوامر حساسة جدًا، تتعلق بالعمليات الإستراتيجية أو الردع النووي ما يشير لاحتمالية التدخل الأمريكي في الحرب.
لو تدخلت أمريكا بشكل مباشر ووجهت ضربات لإيران سيكون هذا اعترافًا ضمنيًّا بأن الضربات الإيرانية مؤثرة ومدمرة خاصة أن تلأبيب تتعمد التعتيم على خسائرها.
السيناريوهات الثلاثة المطروحة بالتالي هي: عدم تدخل أمريكي والاكتفاء بدعم إسرائيل بشكل غير مباشر، أو التدخل المباشر لتوجيه ضربات تعجيزية لإيران تدفعها للعودة لطاولة التفاوض وتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي، أما السيناريو الثالث فهو ضربات قوية تستهدف تغيير النظام الحالي في إيران.