تمهيد
“كامل باشا قد رُقِّى إلى وظيفةٍ أعلى وأسمَى“، جملة استهل بها “إسماعيل صدقي باشا” رئيس الوزراء وداعه لوزير العدل في حكومته آنذاك “محمد كامل مرسي باشا” الذي ترك الوزارة ليتولى منصبه كأول رئيس لمجلس الدولة المصري فور تأسيسه في سبتمبر 1946.
في الجملة ما يكفي للدلالة على مقام مجلس الدولة المصري، وما تغيَّاه المؤسسون من تأسيسه، واعتباره أسمي من الوظيفة الحكومية ولو كانت حقيبة وزارية، وقد كان من شأن ذلك أن استقال الوزير الذي نافح عن تأسيسه في مجلس النواب ليترأس نسخته الأولى.
خلال ثمانية عقود، بفعل الواقع والتطبيقات، وبموجب الدساتير والقوانين المنظمة، أصبح مجلس الدولة صاحب الولاية والاختصاص الحصري بنظر الدعاوي الإدارية والتأديبية، والتي يستأثر بها دون غيره من الهيئات والجهات القضائية، فترك بصمة وتاريخًا حافلًا بالأحكام والمبادئ الهامة التي أرّقت النظام الحاكم، وهذبت حركة دواليبِه الإدارية، بل فضحت في بعض الأحيان خطوات أقدم عليها النظام الحاكم بغير حق ولا سند، ما جعله عُرضة لسياسات عدة انتقصت من صلاحياته، أو نالت من رجاله، فمرَّ بفترات حاسمة، كان في بعضها بأوج قوته، وأخري مثلت ذروة ضعفه.
في العقد الأخير وعلى وقع متغيرات سياسية حادة، طرأت على القضاء الإداري حزمة من المتغيرات التي قلصت من أدواره الدستورية التي استقر عليها العمل منذ نشأته، فأثرت على اختصاصه القضائي، وخفضت من سقف مهامه الرقابية على الحكومة، كما نالت من أدواره في الجانب التشريعي المعاون لمجلس النواب، وجرت هذه المتغيرات وفق رغبة السلطة في حل بعض معضلاتها الإدارية التي تكتنف خططها، واستراتيجياتها، وسياستها العامة الرامية لتسييل الأصول والثروات، بغية الانفلات من أي قيد في إبرام الاتفاقيات والعقود، ما جعل مجلس الدولة في عين العاصفة، وفقد أو كاد يفقد جُلَّ اختصاصاته وصلاحياته.
سوف تعرض هذه الورقة البحثية في قسمها الأول مسيرة استقلال مجلس الدولة في الدستور والقانون، وفي قسمها الثاني تستعرض أهم الإجراءات التي انتقصت من صلاحيات المجلس الفنية، وأهم نواقض الاستقلال الإداري التي تعرض لها، وتدعم ذلك باستعراض النصوص الدستورية والتشريعية والمقارنة بين تعديلاتها.
المبحث الأول
استقلال مجلس الدولة بين الدستور والقانون
قبل النشأة الرسمية لمجلس الدولة المصري، لم تعرف مصر تطبيقات القضاء الإداري بشكله الفني المستقر، لكنها في المقابل لم تخل من بعض التطبيقات والأحكام المهمة التي أصدرتها المحاكم المصرية المختلطة والأهلية([1])، والتي أقرت بعض الحقوق للمصريّين والأجانب تجاه الحكومة بشأن قراراتها وسلطتها العامة، وهو ما أرسى أحكامًا مثلت بداية في مسيرة القضاء الإداري المصري.
وعن نشأة مجلس الدولة يقول المستشار طارق البشري: “لم يكن النظام القانوني والقضائي بمصر يسمح للأفراد بأن يرفعوا الدعوي على الحكومة في ممارستها لسلطتها العامة، حتى أُنشِئ مجلس الدولة الذي أخضع نشاط الدولة لرقابة القضاء، وأخضع القرارات التي تصدر من سائر الوزارات والمصالح متعلقة بالمواطنين لرقابة محاكم مجلس الدولة التي تنظر في مدي مشروعية أي من هذه القرارات وسلامته القانونية وعدم انحراف السلطات في إصداره“([2]).
على غرار مجلس الدولة الفرنسي تأسس مجلس الدولة المصري، وتزامن معه تأسيس إدارة قضايا الحكومة “هيئة قضايا الدولة حاليًا”([3])، وهو ما ينم عن رغبة تشريعية وقتها في ضبط الأداء القضائي فيما يخص المسائل والدعاوي الإدارية.
أولًا: وظائف مجلس الدولة
كانت نشأة مجلس الدولة المصري نشأة تشريعية، فقد تأسس في عهد الملك فاروق بموجب مرسوم ملكي بالقانون رقم 112 لسنة 1946([4])، تلك النشأة غير المحصنة بالدستور عرَّضت المجلس فيما بعد لتقلبات سياسية حادة، بلغت ذروتها فيما عُرِف بـ”مذبحة القضاة”، إبَّان حكم “جمال عبد الناصر”، والتي نالت من استقلاله، وأضرت ببنيانه، واعتبرت “أحد أصعب الفترات التاريخية التي مرت بالقضاة، جرت فصولها في أجواء ملتهبة سادت فيها منهجية إنشاء التنظيمات السرية البديلة المنتمية للنظام الطليعي والاتحاد الاشتراكي الذي هندَسَهُ نظام عبد الناصر ليكون ذراعه الطولي في مؤسسات الدولة”([5]).
مر المجلس بتطورات تشريعية عدة قبل النص عليه كهيئة قضائية مستقلة في دستور 1971، يمكن إجمال هذه المحطات التشريعية في النقاط التالية:
الوظيفة الفنية:
وفق القانون الحالي 47 لسنة 1972([6])، يتكون مجلس الدولة من الأقسام التالية:
القسم القضائي: ويؤلف من المحكمة الإدارية العليا، ومحكمة القضاء الإداري، والمحاكم الإدارية، والمحاكم التأديبية، وهيئة مفوضي الدولة، ويختص بالفصل في المسائل الإدارية إلغاءً وتعويضًا وتأديبًا.
قسم التشريع: تُعرَض عليه مشروعات القوانين التي تعدها الوزارات أو المصالح الحكومية لمراجعتها، قبل أن تُعرَض عليه مرة أخري لمراجعة الصياغة النهائية قبل صدورها من البرلمان.
قسم الفتوي: ويضم إدارات ولجان تختص بتقديم الفتوي والرأي الاستشاري فيما يُعرَض عليها من رئاسة الجمهورية، أو مجلس الوزراء والوزارات والهيئات العامة.
الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع: والتي تُبدِي الرأي في المسائل التي تحال إليها من الرئاسة أو البرلمان أو الوزارات والمصالح العامة، أو في المسائل التي تحمل رأيًا يخالف فتوي سابقة، أو المنازعات التي تنشأ بين الوزارات والهيئات والمؤسسات وغيرها من الاختصاصات التي حددها القانون.
وفي تعديل لاحق أضيفت دائرة جديدة بالمحكمة الإدارية العليا تهدف إلى “توحيد المبادئ”، ويتمثل دورها في إزالة الاختلاف بين أحكام المحكمة الإدارية العليا في الطعون التي تتصدي للحكم فيها، والتي تقرر بشأنها حكمًا مخالفًا لحكمٍ سابق، أو الحالات التي رأت فيها العدول عن مبدأ سابق([7]).
الوظيفة الإدارية:
يَختص بها المجلس الخاص للشئون الإدارية عبر النظر في تعيين أعضاء مجلس الدولة وتحديد أقدمياتهم وترقياتهم، وإجراءات الندب والإعارة والتظلمات المتصلة بذلك، وكذا مركز الدراسات والبحوث القضائية الذيأنشئ بقرار رئيس مجلس الدولة، ويختص بإعداد وتدريب وتأهيل أعضاء ومستشاري مجلس الدولة، ونشر الوثائق والتشريعات والأبحاث وتبادلها مع المنظمات والجهات الدولية([8]).
ثانيًا: استقلال منقوص
مارس مجلس الدولة أعماله باستقلالٍ كبيرٍ، مستفيدًا من أجواء التعدد الثقافي، والممارسة السياسية المنفتحة في الفترة الملكية. ولما تغيّرت تلك الأجواء لممارسات سياسية أضيق، سيطر فيها العسكريون على السلطات جميعًا، أسفرت بالتبعية عن تهميش دور القضاء، بإنشاء محاكم استثنائية أو خاصة، كمحاكم “الغدر” و”الثورة” و”الشعب” و”الطوارئ”، استخدمها مجلس قيادة الثورة ثم “عبد الناصر” للسيطرة على مفاصل الدولة والتخلص من القوى السياسية، فأصبحت وظيفة مجلس الدولة على المحك، لما لها من علاقة أصيلة بما تصدره الدولة من قرارات وأحكام، ففرضت القوانين المتعاقبة قيودًا على هذا الاستقلال، أبرزها، فرض تبعية المجلس للجهات التنفيذية، فتارة أُلحِق بوزير العدل([9]) وتارةً أخرى برئاسة الوزراء([10]) وثالثة بالمجلسالتنفيذي([11]).
الضمانة الدستورية للاستقلال:
تجدر الإشارة إلى أن النص على استقلال مجلس الدولة في دستور 1971 يُعَد سابقة دستورية، استمرت في جميع الإصدارات الدستورية اللاحقة، حتى آخر تعديل في 2019، فيما خلت دساتير مصر وإعلاناتها الدستورية طوال فترة الخمسينات والستينات من القرن المنصرم من ثمَّة إشارة تفصيلية للهيئات والجهات القضائية فضلًا عن استقلالها، وتركت أمر ضبطها بالكلية للقانون.
نصت المادة 172 من دستور1971 على أن “مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة“، وفي مسلك غير مفهوم، وعلى الرغم من هذا النص الدستوري الصريح، قيَّد قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من هذا الاستقلال وألحق المجلس بوزير العدل، فظل النصُّ الدستوري معطلًا حتى تم إقرار القانون رقم 136 لسنة 1984، والذي طبق الضمانة الدستورية، ونصَّ على أن “مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة“([12]).
ثالثًا: نواقض الاستقلال
“المجلس الخاص” و”المجلس الأعلى للهيئات القضائية”
رغم تبعية المجلس للجهات التنفيذية، إلَّا أن أعضاءه تمتعوا بحصانة عدم القابلية للعزل، بالإضافة لصلاحيات رئيس المجلس والجمعية العمومية الواسعة في شؤون المجلس وأعضائه. وعلى وقع ازدياد تطبيقات المجلس وتوسع أعماله طرأت الحاجة لإنشاء “المجلس الخاص” باعتباره الجهة الوحيدة المعنية بالشؤون الإدارية للمجلس، لكنه – أي المجلس الخاص – لم يسلم من تقلبات تشريعية انتقصت من صلاحياته “بشكلٍ خاص” ومن صلاحيات مجلس الدولة “بشكلٍ عام”، تأتي نشأة “المجلس الأعلى للهيئات القضائية” في مقدمة تلك التقلبات([13])، حيث أنشأه “عبد الناصر” وقام برئاسته ضمن إجراءات “مذبحة القضاة”، بهدف سلب صلاحيات المجلس الخاص والجمعية العمومية فيما يخص شؤون الأعضاء لصالح رئيس الجمهورية، ما أضَرّ باستقلال المجلس ونالَ من أعضائه([14]).
أسهمت تحركات قضاة الاستقلال في عام 2005 في خلق واقع جديد أجبر نظام “مبارك” على إلغاء القانون الذي أصدره “عبد الناصر”، لتعود المجالس الإدارية للهيئات القضائية للعمل في كامل شؤونها، واقتصار دور مجلس الهيئات القضائية في حدود مهمة تنسيقية هامشية، وهو أحد أهم مكتسبات قضاة الاستقلال التي تم تضمينها التعديل الدستوري في 2007([15])، وتم التأكيد عليها في القانون 192 لسنة 2008 في شأن مجلس الهيئات القضائية([16]).
السيسي، وفي سبيل الهيمنة على الهيئات والجهات القضائية، استعاد المجلس الأعلى للهيئات القضائية، مانحًا إيَّاه صلاحيات أوسع بكثير من صلاحياته في نسخته الأولي في 1969، شملت آليَّات حصرية لتعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية، وأعطت المجلس حق النظر في شروط التعيين والترقية والتأديب، وإبداء الرأي في مشروعات القوانين المنظمة للقضاء، وفق تعديلات الدستور في 2019، ومن ثم ترأس السيسي المجلس في الجلسة الأولى بعد تشكيله([17]).
جدول رقم (1)
مقارنة بين نصوص الدستور بخصوص المجلس الأعلى للهيئات القضائية
2014 | 2019 |
المادة 185 تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شؤونها ويكون لكل منها موازنة مستقلة يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها وتدرج بعد إقرارها في الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها. | المادة 185 مستبدلة تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شؤونها، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة. ويُعيّن رئيس الجمهورية رؤساء الجهات والهيئات القضائية من بين أقدم سبعة من نوابهم، وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون. ويقوم على شؤونها المشتركة مجلس أعلــى للجهــات والهيئــات القضائية، يرأسه رئيس الجمهورية، وبعضوية رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورؤساء الجهات والهيئات القضائية، ورئيس محكمــة اســتئناف القاهرة، والنائب العام. ويكون للمجلس أمين عام، يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية للمدة التي يحددها القانون وبالتناوب بين الجهات أعضاء المجلس. ويحل محل رئيس الجمهورية عند غيابه من يفوضه من رؤساء الجهات والهيئات القضائية. ويختص المجلس بالنظر في شروط تعيين أعضاء الجهات والهيئات القضائية وترقيتهم وتأديبهم، ويؤخذ رأيه في مشروعات القوانين المنظمة لشؤون هذه الجهات والهيئات، وتصدر قراراته بموافقة أغلبية أعضائه على أن يكون من بينهم رئيس المجلس. |
الجمعية العمومية ورئيس الجمهورية
استقرت أعراف مجلس الدولة على اختيار أقدم النواب ليخلف الرئيس المنتهية مدته، وأقرت القوانين المتعاقبة طريقة تعيين رئيس المجلس ونوابه كالتالي:
الطريقة الأولى: اقتراح من وزير العدل، وموافقة الجمعية العمومية للمجلس، ثم يصدر قرار “الملك/رئيس الجمهورية” بالتعيين([18]).
الطريقة الثانية: تعيين الرئيس من بين النواب بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية، ويعين النواب بناء على ترشيح الجمعية العمومية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية، ثم يصدر قرار التعيين من رئيس الجمهورية([19]).
الطريقة الثالثة: يعين رئيس المجلس من بين النواب، بعد أخذ رأي الجمعية العمومية بقرار يصدره رئيس الجمهورية([20]).
الطريقة الرابعة: تغيرت طريقة التعيين، وفق تعديل قانون مجلس الدولة في عام 2017 وتوقف دور الجمعية العمومية على ترشيح ثلاثة أسماء من بين أقدم سبعة نواب لرئيس المجلس، ووجوب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس المجلس الحالي بستين يومًا، مع أحقية رئيس الجمهورية في التعيين من بين أقدم سبعة نواب مباشرة في حال عدم تسمية المرشحين خلال المدة، أو ترشيح عدد أقل من ثلاثة، أو ترشيح مَن لا تنطبق عليهم الشروط التي وضعها القانون([21]).
الطريقة الخامسة: وردت في التعديل الدستوري الذي أجري عام 2019 ([22]) حيث انفرد رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المجلس “مباشرةً” من بين أقدم سبعة نواب([23]).
لاقت تلك التعديلات احتجاجات واعتراضات لم تقتصر على القضاة، وإنما انتقلت إلى بعض الساسة الذين عزَوها إلى “رغبة السلطة في السيطرة على كل شيء، البرلمان والإعلام والاقتصاد والمجتمع المدني وحتى القضاء”([24]). وبالرغم من توصية قسم التشريع بمجلس الدولة بعدم إصدارها لتوافر شبهة عدم الدستورية في أغلب مواد القانون، أصدرها السيسي، بل وطبقها أكثر من مرة، في افتئات واضح على حق المجلس في المشاركة باختيار رئيسه.
التفسير الأوقع للغرض من تلك التعديلات هو الذي قدمه المستشار أحمد مكي، في أن هدف القانونالأساسي هو “… التخلص من المستشار يحيى الدكروري، القاضي الذي حكم بمصرية تيران وصنافير، وحرمانه من حقه في التعيين بالأقدمية المطلقة رئيسًا لمجلس الدولة…“([25]).
وهكذا استقر أمر تعيين رئيس مجلس الدولة بقرار منفرد يصدره رئيس الجمهورية، بلا اعتبار لرأي الجمعية العمومية، ودون الالتزام بترتيب الأقدميات بين السبعة نواب.
المبحث الثاني
الانتقاص من صلاحيات مجلس الدولة
لم يتوقف الأمر عند حدود الاستقلال الإداري والهيكلي لمجلس الدولة، وإنما تعداه للانتقاص من الوظيفة الفنية للمجلس، وهو الأهم والأخطر. الأهم: كونه يمس وظيفة المجلس الرئيسة، والأخطر: لأنها الضمانة الرئيسة من ضمانات المواطنة المتمثلة في “قضاء الإلغاء” المتعلق بالمشروعية القانونية لقرارات الدولة، هذا بالإضافة لتقليص وظائفه الأخرى في التشريع والفتوي والرأي.
أولًا: تقليص الصلاحيات القضائية في ضوء نظريتي السيادة والمواطنة
بحسب الأصل، فقد نشأ مجلس الدولة للحفاظ على مشروعية قرارات الدولة وقوانينها، وكان غرضه الأساس، تكوين تراكم فني معتبر، تستفيد منه الدولة في شؤونها الإدارية، ويطمئن به المواطن على مشروعية ممارسات الدولة تجاهه، ما يضبط إيقاع تصرفات النظام في ثروات الدولة ومقدراتها، فتصوب أحكامه ما يحتاج إلى تصويب، أو تهدره إن لزم الأمر، وهو ما تم في تطبيقات عديدة تصدت فيها محاكمه لقضايا الشأن العام، وأرست أحكامًا ألغت بموجبها قرارات مهمة أصدرتها النظم المختلفة، ما أجبرها على التراجع عنها أو إعادة صياغتها، أو اللجوء لطرق استثنائية غلَّت بها يد القضاء الإداري، وهو ما أدي في النهاية لتقليص صلاحيات المجلس.
نظرية أعمال السيادة:
حسب الدستور، يختص مجلس الدولة دون غيره بالفصل في “كافة المنازعات الإدارية” و”منازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه” ويتولى “الدعاوي الطعون التأديبية“، ويمارس وظائفه تلك عبر قضاء “الإلغاء” وقضاء “التعويض”، وقضاء “التأديب”، مع استثناء أعمال السيادة فلا سلطة لمجلس الدولة عليها.
تطبيقات نظرية “أعمال السيادة” في قضائي مجلس الدولة الفرنسي والمصري، كانت في أغلب الأحيان بمثابة “مهرب قانوني” تلجأ إليه السلطة لتقييد سلطان مجلس الدولة، إزاء عدم تعريف الفقه الإداري لأعمال السيادة، أو تحديد نطاقها، كانت تطبيقات الدولة لها أقرب للهرب منها إلى تطبيق مفهوم السيادة.
بنفس القدر، عجزت تشريعات مجلس الدولة عن تحديد دقيق لأعمال السيادة، فلجأت لضرب الأمثلة لها([26])، أو تركتها لتقدير القضاء([27])، وهو ما عليه قانون مجلس الدولة الحالي([28]).
بدوره، حاول القضاء تقديم مقاربة لمفهوم “أعمال السيادة”، لكنه لم يقدم مفهومًا مانعًا جامعًا لها، فعرفتها محكمة القضاء الإداري بأنها “تلك الأعمال التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة...”([29]).
وعرفتها المحكمة الدستورية العليا بأنها “هي التي تصدر عن السياسة العليا للدولة بما لها من سلطة عليا وسيادة في الداخل والخارج، مستهدفة تحقيق مصلحة الجماعة السياسية كلها، مع احترام الحقوق التي كفلها الدستور“([30]).
المحاولات العديدة لضبط مفهوم أعمال السيادة، وحدودها، لم تخل من انتقادٍ، كونها مخالفة للدستور الذي يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء([31]).
تطبيقات شاذة لنظرية السيادة:
تظل المحاولات المتعثرة لتعريف أعمال السيادة في كِفة، والتطبيق الذي أتى به القانون 31 لسنة 1963 الذي أصدره “عبد الناصر” في الكِفة الأخرى، حيث اعتبر “قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميّين للمعاش، أو الاستيداع، أو فصلهم بغير الطريق التأديبي” من أعمال السيادة التي لا يختص مجلس الدولة بنظرها، وهو مثال واضح على المسلك الشاذ الذي قد تنتهجه السلطة في غل يد قضاء مجلس الدولة عن ممارسة أعماله بحجة نظرية السيادة.
تيران وصنافير:
ولعل السجال بين المحكمة الإدارية العليا([32]) ومحكمة الأمور المستعجلة([33]) حول قضية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير خير دليل على سوء استخدام نظرية “أعمال السيادة” وجعلها قيدًا على الدستور من جهةِ، وعلى بسط مجلس الدولة لاختصاصاته القضائية الأصيلة من جهةٍ أخري.
حقوق المواطنة ودعاوي الإلغاء:
سطَّر مجلس الدولة المصري تاريخًا ساطعًا من الأحكام التي صدرت بإلغاء قرارات الدولة التي تمس حقوق المواطنين، مستندًا فيها لمبدأي “الصفة والمصلحة”، فالمواطن له مصلحة مباشرة في الحقوق التي تهدرها الدولة، وتعد “دعاوي خصخصة شركات قطاع الأعمال والعام” المثال الأشهر في العقد السابق لثورة يناير، بالإضافة لدعاوي التنازل عن جزء من إقليم الدولة كقضية “جزيرتي تيران وصنافير” أو قضايا نزع الملكية التي أقامها سكان جزيرة الوراق عام 2002.
مبدأي الصفة والمصلحة المعمول بهما في القضاء الإداري فرعٌ عن حقوق المواطنة المتعارف عليها بالدساتير الحديثة، والتي تمنح المواطن الحق في حماية المال العام والثروات الطبيعية، ومُكنة اتخاذ الإجراءات القضائية في سبيل ذلك، وفق إطار أقرته دساتير 1971/ 2012 وتشريعات مجلس الدولة المتتابعة.
الانقلاب والمواطنة:
أعلى دستور 2012 من قيمة المواطنة، عبر ثلاث محددات، حيث أوجب على المواطن حماية الثروات الطبيعية باعتبارها ملك الشعب ويد الدولة عليها يد حفظ وحسن استغلال، وأوجب على الدولة مراعاة حقوق الأجيال القادمة، وعدم جواز التصرف فيها إلَّا بضوابط ([34])، كما نصَّ ثانيًا على كون حماية الملكية العامة واجب الدولة و”المجتمع”([35])، وحظر ثالثًا تحصين أي عمل أو قرار من رقابة القضاء([36])، ومن ثم كان التقاضي ضد الدولة إن خالفت مهمتها، هو المكتسب الأبرز للمواطنة.
المواطنة وفق هذا التأسيس، كانت أحد أبرز الأمور التي انقلب عليها نظام يوليو 2013، فألغى كل محددات المواطنة التي رسمها دستور 2012 بموجب التعديل الدستوري الذي أجراه في 2014، فألغى الحق الدستوري للمواطن في حماية الملكية العامة حيث اكتفى النص بالإحالة للقانون.
جدول رقم (2)
مقارنة بين نصوص الدستور بخصوص حدود واجب المواطنين في حماية الأموال والملكية العامة
2012 | 2014 |
المادة 22: للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب وطني على الدولة والمجتمع. | المادة 34: للملكية العامة حرمة، لا يجوز المساس بها، وحمايتها واجب وفقً للقانون. |
كان القرار بقانون رقم 32 لسنة 2014، الذي أصدره المستشار عدلي منصور بتنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة([37])، نقطة البدء في هذا التوجُّه، حيث قَصَرَ حق الطعن على أطراف التعاقد فقط، مهدرًا “فكرة المواطنة” في عدم الأخذ بمبدأي “الصفة والمصلحة” باعتبارهما المحددين الرئيسين لها، كما أوجب على القضاء رفض التصدي لدعاوي الإلغاء الجديدة، والأخطر أنه أهدر جميع الدعاوي المرفوعة أمام مجلس الدولة قبل العمل بهذا القانون، في مخالفة صريحة لمبدأ عدم رجعية القوانين المنصوص عليها في الدستور([38]).
فور صدور هذا القانون، استندت إليه الحكومة في جميع الدعاوي المنظورة أمام مجلس الدولة والمتضمنة طلبات إلغاء لتصرفات حكومية سابقة بالخصخصة، أو اتفاقيات الأصول والثروة، وهو ما اضطر محاكم مجلس الدولة إلي وقف الطعون وإحالة القانون 32 لسنة 2014 للمحكمة الدستورية العليا للنظر في مدي دستوريته، كونه يقيد سلطان المحاكم الإدارية على مثل هذه الدعاوي([39]).
الدستورية ومفهوم جديد لفكرة المواطنة:
ثبّتت المحكمة دستورية القانون عبر رفض الطعون بعدم دستوريته، وأكّدت عدم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعاوي التي يرفعها المواطنون ضد قرارات الحكومة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أرست الدستورية في طيّات حكمها مفهومًا جديدًا للمواطنةأخضعها بموجبه للسلطة التقديرية للمشرع وهو ما يتنافى مع التحصين الدستوري لها، واعتبرت أن صفة المواطنة وحدها لا تقيم لصاحبها الحق في المخاصمة القضائية في تصرفات الدولة([40]).
ولعل أخطر ما أثبته الحكم هو تلك النظرة المتدنية من واضعي دستور 2014 لمبدأ المواطنة، وهو ما يكفي للدلالة على ما آلت إليه الأوضاع بعد انقلاب يوليو، وما وصل إليه العقل القانوني المساند للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قادة الانقلاب والذي أقرته فيه المحكمة الدستورية العليا، بالإضافة لاتهام الدستورية – في مسلك هجومي مُستغرَب – مَن يرفع الدعاوي للدفاع عن الملكية العامة للدولة بأنه ليس ذي صفة، أو أنه يستخدم الخصومة القضائية لفرض سياسات اقتصادية تخالف توجهات الدستور([41]).
ثانيًا: تقليص صلاحيات التشريع والرقابة
لمجلس الدولة اختصاصات لا تقل أهمية عن الاختصاص القضائي، فهو يشارك في مهام التشريع والرقابة على بعض ما تبرمه الحكومة من تعاقدات، كما يقدم الفتوي والرأي القانوني لجهات ودواليب الدولة.
بحسب توصيف الموقع الرسمي لمجلس الدولة، فإن مهمته في التشريع لا تتوقف عند المراجعة اللفظية والصياغة، وإنما تشمل دراسة قانونية تضمن عدم تعارضه مع الدستور أو التشريعات القائمة، ومدي ملاءمته للأهداف الكلية المرجوة من سن التشريع، ومدي صلاحيتها لتحقيق المصالح العامة([42]).
مراجعة التشريعات وصياغتها:
يختص قسم التشريع بمراجعة مشروعات القوانين وقرارات رئيس الجمهورية ذات الصفة التشريعية واللوائح، فيجب على كل وزارة أو مصلحة عرض هذه الإجراءات على قسم التشريع لمراجعة الصياغة، كما يجوز لها أن تعهد إليه بمهمة إعداد تلك التشريعات، وصياغتها كضمانة سابقة لدستورية القانون، وعدم تكرار التشريعات أو التضارب بينها، ويتم ذلك علي مرحلتين: الأولي: إلزام الحكومة بإرسال مشروعات القوانين للمراجعة قبل إرسالها للبرلمان، والثانية: بعد الموافقة المبدئية وقبل الرأي النهائي يرسل البرلمان مشروع القانون إلي مجلس الدولة لمراجعته و(صياغته) وهو الأمر الذي نظمته لائحة مجلس النواب التي صدرت في 2016([43]) فرعًا عن الالتزام الدستوري في دستور2012.
ألغت تعديلات 2019 الدستورية اختصاص مجلس الدولة في “صياغة” مشروعات القوانين، وأبقت علي “المراجعة” فقط([44])، وهو ما يعني اقتصار وظيفة مجلس الدولة علي مرحلة واحدة من المرحلتين. وإعمالًا لهذا التعديل الدستوري، أجرى البرلمان الحالي تعديلات على لائحته الداخلية([45])، فيما يخص وجوب عرض مشروعات القوانين علي مجلس الدولة، واستعاض عن ذلك باختصاص جوازي لرئيس مجلس النواب في العرض على مجلس الدولة أو إصدار القانون دون العرض عليه([46])،وهو ما ينقل مجلس الدولة من طبقة المراجعة الموضوعية لمشروع القانون، إلى طبقة المراجعة الشكلية.
جدول رقم (3)
مقارنة بين نصوص الدستور بخصوص صلاحيات مجلس الدولة
دستور 2012 | التعديل الدستوري 2019 |
المادة 174: مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه، ويتولى الدعاوى والطعون التأديبية، والإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تحال إليه، ومراجعة العقود التي تكون الدولة طرفًا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. | المادة 190: مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون، ومراجعة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تحال إليه، ومراجعة مشروعات العقود التي يحددها ويحدد قيمتها القانون، وتكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفًا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. |
جدول رقم (4)
مقارنة بين نصوص لائحة مجلس النواب بخصوص مراجعة مجلس الدولة للقوانين
لائحة مجلس النواب القانون 1 لسنة 2016 | لائحة مجلس النواب المعدلة القانون 136 لسنة 2021 |
نصت الفقرة الأولي من المادة 175 من لائحة مجلس النواب الداخلية على: يرسل مجلس النواب مشروعات القوانين بعد موافقة المجلس عليها في مجموعها وقبل أخذ الرأي النهائي عليها إلى مجلس الدولة لمراجعتها وصياغتها خلال ثلاثين يومًا على الأكثر. | عدلت الفقرة ونصت على: يجوز لرئيس مجلس النواب إرسال مشروعات القوانين إلى مجلس الدولة لمراجعتها ويجوز للمجلس بعد الموافقة على مشروعات القوانين في مجموعها وقبل أخذ الرأي النهائي عليها إرسالها لمجلس الدولة خلال أسبوعين على الأكثر. |
اختصاص مراجعة العقود:
ألزم الدستور والقانون مجلس الدولة، بمراجعة العقود التي تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفًا فيها من قبل مجلس الدولة([47]) وهي ضمانة مهمة للتوقي من الفساد، عبر حياد السلطة عن وظيفتها في حماية حقوق الشعب أو سوء استغلال موظفي الدولة لمناصبهم.
إلَّا أن التعديل الدستوري الذي أجري على المادة 190 من الدستور أهدر تلك الضمانة، فبعد أن كانت المراجعة واجبة لكافة العقود التي تكون الدولة طرفًا فيها، أصبحت المراجعة فقط للعقود التي يحددها ويحدد قيمتها القانون، وهو ما يفتح الباب للتحكم في أصل ما يُعرَض وما لا يُعرَض([48]).
خاتمة
لعل السؤال المطروح الآن، ماذا بقي لمجلس الدولة من صلاحيات؟ وهل يظل مؤسسة مستقلة تهيمن على مهمتها ورجالها؟
قدمت الورقة ملامح دقيقة تسهم في الإجابة على هذا السؤال، وبَيَّنت جوانب العوار الذي طال مهمة هذه المؤسسة العريقة، التي ساندت المواطن والدولة معًا في القيام بالواجب ومقتضيات الرسالة.
يتوجب الآن لفت الأنظار إلى أن التضييق من نطاق فكرة المواطنة، مع التوسع في تطبيق أعمال السيادة، يحرمان المواطن من حماية حقوقه تجاه الدولة، كما يؤديان إلي تقويض المشروعية القانونية لأعمال الدولة، وخلق نظام ينصِّب نفسه قيِّمًا على الشعب، فهو وحده العالم بمصالحهم القادر على التصرف فيها، ما خلق نظامًا سلطويًّا يري نفسه في موقع الفهم والحكمة والقدرة، والشعب عالة عليه لا يقدر ولا يفهم، ما عاد بمصر إلى ما يشبه فكرة “الحكم الإلهي” المهجورة في بيئتها بالأساس، وما أدى في المحصلة إلى خلق أجيال تخاصم الوطن وتجافي العدالة، ثم تنزع لأخذ حقوقها بسبلٍ غير مشروعة بعد انسداد كل طريقٍ مشروع.
إن الانتقاص الكبير الذي تمَّ في صلاحيات واختصاصات مجلس الدولة، والذي أثر على مهامه في حماية المشروعية، أحدث تغولًا من نظام الحكم على حقوق الشعب والمجتمع، كما أن اعتبار الحكومة نفسها “أصيلة” في امتلاك ثروات وأموال الوطن وليست “وكيلة” عن الشعب في حسن إدارتها لا يسمح فقط بانتشار الفساد الإداري، بل يسمح بتقنين أوضاعه، وتثبيت وجوده.
[1] – أنشأها الخديوي توفيق عام 1975 – الموقع الرسمي لوزارة العدل المصرية – https://qrcd.org/6wUq
[2] – القضاء المصري بين الاستقلال والاحتواء، المستشار طارق البشري، طبعة مكتبة الشروق الدولية، ص 13.
[3] – أنشئت بالقانون 113 لسنة 1946 المنشور بجريدة الوقائع المصرية العدد 83 في 15 أغسطس 1946.
[4] – نشر في الجريدة الرسمية، العدد 83، في 15 أغسطس سنة 1946.
[5] – دراسة للباحث بعنوان “مصر وترويض القضاء: المجلس الأعلى للهيئات القضائية نموذجًا”، المعهد المصري للدراسات، في 19 أبريل 2022.
[6] – نشر في الجريدة الرسمية، العدد 40، في 5 أكتوبر 1972.
[7] – القانون رقم 136 لسنة 1984، نشر في الجريدة الرسمية، العدد 31، في 2 أغسطس سنة 1984.
[8] – قرار رئيس مجلس الدولة رقم 607 لسنة 2011، الموقع الرسمي لمجلس الدولة https://qrcd.org/6tIV
[9] – تم ذلك في القوانين 27 لسنة 1968، والقانون 47 لسنة 1972.
[10] – تم ذلك في القانون 115 لسنة 1952.
[11] – تم ذلك في القانون 140 لسنة 1962، والمجلس التنفيذي هو مجلس الوزراء أثناء الوحدة بين مصر وسوريا.
[12] – نشر بالجريدة الرسمية، العدد 31، في 2 أغسطس 1984.
[13] – قانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية، نشر بالجريدة الرسمية، العدد 35 مكرر، الصادر في 31 أغسطس سنة 1969.
[14] – منح المجلس الأعلى للهيئات القضائية سلطات واختصاصات كافة المجالس الإدارية بالجهات القضائية وهي حسب نص القانون “المجلس الأعلى للقضاء ولمجلس الاستشاري الأعلى للنيابات، وكل من الجمعية العمومية والمجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة، واختصاصات اللجنة التي تدير النيابة الإدارية واختصاصات مديرها في ممارسة عمله”.
[15] – نصت التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في عام 2007 بالمادة 173 على أن “تقوم كل هيئة قضائية على شئونها، ويشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية، يرعي شئونها المشتركة، ويبين القانون تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه”.
[16] – نص في المادة الأولى منه على “يشكل مجلس للهيئات القضائية يرعي شئونها المشتركة ويتولى التنسيق بينها، ويناط به كذلك التنسيق في الأمور المشتركة الواردة في أي قانون بما لا يمس اختصاصات المجالس العليا لهذه الهيئات” ونص في المادة السادسة على إلغاء القانون 82 لسنة 1969 في شأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
[17] – اليوم.. أول اجتماع لمجلس الهيئات القضائية لتطوير منظومة القضاء وميكنتها، اليوم السابع، https://qrcd.org/6ug2
[18] – نصت على ذلك المادة 15 من قانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة.
[19] – نصت على ذلك المادة 83 من قانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
[20] – نصت على ذلك المادة الثانية من القانون رقم 136 لسنة 1984 باستبدال المادة 83 من قانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
[21] – نصت على ذلك المادة الرابعة من القانون رقم 13 لسنة 2017 باستبدال المادة 83 من قانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
[22] – تراجع المقارنة بالجدول رقم (1)
[23] – وهو ما نصت عليه المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 2019 بتعديل قانون 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
[24] – ما سر قانون السلطة القضائي؟ زياد بهاء الدين، الشروق – https://qrcd.org/6ugk
[25] – أحمد مكي: خياران لا ثالث لهما أمام قضاة مصر في أزمتهم، عربي 21، https://qrcd.org/6uhM
[26] – نصت المادة السادية من القانون 112 لسنة 1946 على “لا تقبل الطلبات المقدمة عن القرارات المتعلقة بالأعمال المنظمة لعلاقة الحكومة بمجلسي النواب وعن التدابير الخاصة بالأمن الداخلي والخارجي للدولة وعن العلاقات السياسية والمسائل الخاصة بالأعمال الحربية وعلى العموم سائر الطلبات المتعلقة بعمل من أعمال السيادة”.
[27] – نصت المادة 12 من القانون 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة “لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة”.
[28] – نصت المادة 11 من القانون 47 لسنة 1972 في شأن تنظيم مجلس الدولة “لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة”.
[29] – حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 587 لسنة 5 ق بجلسة 26/6/1951 منشور في مجموعة المبادئ القانونية في خمسة عشر عام، الجزء الأول، القاهرة، ص 394.
[30] – حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 48 لسنة 4 ق.د، بجلسة 21/1/1984، منشور في مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة العليا والمحكمة الدستورية العليا في أربعين عامًا 1969 – 2009 ص 210.
[31] – تنص المادة 97 من الدستور المصري على “التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة”.
[32] – حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 74236 لسنة 62 قضائية عليا – منشورات قانونية – https://qrcd.org/6wPU حيث (خلصت المحكمة الإدارية العليا في حكمها إلى “أن توقيع الحكومة على الاتفاقية بما ينطوي عليه من التنازل عن الجزيرتين (تيران وصنافير) هو عمل إداري يخضع لولاية محاكم مجلس الدولة طبقا للمادة (190) من الدستور باعتباره من المنازعات الإدارية، وقضت برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم بصفتهم بعدم اختصاص المحكمة ولئيا بنظر الدعويين) وفي موضع آخر قررت المحكمة (أن القيود الدستورية والضوابط التي حددتها الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) ترفع عن الأعمال المتصلة بها صفة كونها من أعمال السيادة ولا تقوم له أية حصانة عن رقابة القضاء).
[33] – ننشر حيثيات حكم الأمور المستعجلة باستمرار اتفاقية تعيين الحدود، اليوم السابع، في 3/4/ 2017، https://qrcd.org/6wPf (وقالت المحكمة إنه كانت سيادة الدولة تعلو على كافة السلطات بها وكانت الارادة الشعبية هي التي تحدد اختصاصات سلطات الدولة، والعلاقة فيما بينها فلا يجوز لإحدى السلطات أن تتجاوز ولايتها، بوصفها شخص اعتباري يعلو على كل السلطات في الدولة وأن منح المحاكم من النظر بطريق مباشر أو غير مباشر، فأي عمل يتعلق بأعمال السيادة هو تعبير عن ارادة المشرع في عدم جواز الالتفاف حول ما يعد بأعمال السيادة، بإدخاله قسرا في ولاية القضاء الذى قد استقر من قبله على خروج اعمال السيادة من ولايته).
[34] – نص المادة 18 دستور 2012 “الثروات الطبيعية للدولة ملك الشعب وعوائدها حق لها، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحسن استغلالها، ومراعاة حقوق الأجيال فيها، ولا يجوز التصرف في أملاك الدولة، أو منح امتياز باستغلالها، أو التزام مرفق عام إلا بناء على قانون، وكل ما لا مالك له فهو ملك الدولة”.
[35] – نص المادة 22 من دستور 2012 “للملكية العامة حرمة، وحمايتها واجب وطني على الدولة والمجتمع”.
[36] – نص المادة 75 “التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، وتلتزم الدولة بتقريب جهات القضاء وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم أي شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة”.
[37] – نشر بالجريدة الرسمية العدد 16 مكرر (ح) في 22 أبريل سنة 2014.
[38] – نصت المادة 225 من الدستور على “تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إصدارها، ويُعمل بها بعد ثلاثين يوماً من اليوم التالي لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر. ولا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية والضريبية، النص في القانون على خلاف ذلك، بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”.
-[39] محمد الأنصاري، القضاء الإداري في مصر تصرح بالطعن أمام الدستورية العليا بشأن قانون تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، المفكرة القانونية، في 6 /5/2014 https://qrcd.org/6wHA
[40] – قيدت المحكمة الدستورية مفهوم المواطنة، حيث ذكرت في حيثيات الحكم التأصيل التالي “وحيث إن تحقق الصفة والمصلحة في رفع دعاوى إبطال العقود التي تكون محلها أموال مملوكة للدولة، والطعن على الأحكام غير الباتة الصادرة فيها، إنما تحدد على ضوء ما نصت عليه المادة 34 من الدستور من أن” للملكية العامة حرمة، لا يجوز المساس بها، وحمايتها واجب وفقًا للقانون”. وكانت الأعمال التحضيرية للدستور – يقصد التعديل الدستوري الذي أجري في 2014 – ومن بينها (المناقشات التي دارت في الاجتماع الثالث للجنة الخبراء بجلستها المعقودة في 24 يوليو سنة 2013 ) قد أفصحت عن توافق واضعي الدستور على أن صفة المواطنة وحدها، لا تقيم لصاحبها الحق في المخاصمة القضائية للتصرفات التي ترد على أملاك الدولة الخاصة، وأن تحديد من له حق إقامة الدعاوى والطعون القضائية لمواجهة تلك التصرفات، منوط بالمشرع وحده، وذلك على نحو يغاير ما كان يجري به نص المادة 33 من دستور 1971 من أن ” للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقًا للقانون…”، مما مؤداه: تخويل الدستور القائم المشرع سلطة تنظيم شروط قبول الدعاوى والطعون المشار إليها، بما لا يمس المصلحة العامة، أو ينال من جوهر الحقوق التي كفلها الدستور.
وفي موضع آخر من الحكم يوضح حدود المصلحة في إقامة الدعوي” فإن المشرع بهذا التنظيم المتكامل، يكون قد أعمل سلطته التقديرية في تنظيم الحق في التقاضي، على نحو لا يخل بكفالة هذا الحق في جوهره، دافًعا عن مجال التقاضي في هذه الطائفة من الدعاوى، أولئك الذين ليس لهم مصلحة شخصية مباشرة تعود عليهم من القضاء في موضوعها، صارفًا بذلك عن الخصومة القضائية من توهم ضــــرًرا أراد دفعه، وغيرهم ممن توســــل بتلك الخصومة لفرض سياسات اقتصادية لا تتفق مع توجهات الدستور القائم.
[41] – حكم المحكمة الدستورية في الدعوي رقم 120 لسنة 36 ق. د المنشور بالجريدة الرسمية العدد 2 مكرر (هـ) في 17 يناير 2023.
[42] – اختصاصات قسم التشريع، الموقع الرسمي لمجلس الدولة،https://qrcd.org/6wOB
[43] – صدر بها القانون رقم 1 لسنة 2016 الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر (ب) 13 أبريل 2016.
[44]– تراجع المقارنة بالجدول رقم (3)
[45] – تراجع المقارنة بالجدول رقم (4)
[46] – صدرت لائحة مجلس النواب المعدلة بالقانون رقم 136 لسنة 2021 الجريدة الرسمية العدد 29 مكرر 28 يوليه 2021.
[47] – نصت الفقرة الثالثة من المادة 58 من قانون مجلس الدولة 47 لسنة 1972 على ” ولا يجوز لأي وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد، أو صلح، أو تحكيم، أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد على خمسة آلاف جنيه بغير استفتاء الإدارة المختصة”.
[48] – تراجع المقارنة بالجدول رقم (3)