الخبر:
في موقف يدل على حالة التوجس الإسرائيلي من تغيير النظام في سوريا، مِن حكم ضعيف متواطئ، هو حكم بشار الأسد، لنظام حكم نظام ثوري وطني، بدأت إسرائيل حربًا على سوريا لتدمير قدراتها العسكرية، كي لا يستخدمها النظام الجديد ضدها.
لتبرير هذه الحرب وهذه الهجمات العدوانية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم 8 ديسمبر 2024م، إنهاء اتفاق فصل القوات الموقع عام 1974م بين إسرائيل وسوريا.
بعد اعلانه انهيار اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974م، هاجم الاحتلال أكثر من 100 هدف داخل سوريا بموجة استهدافات عنيفة لأول مرة منذ حرب أكتوبر 1973م، ودمر مطارات وطائرات لسلاح الجو السوري ومدفعية وأنظمة دفاع جوي.
كما احتلت إسرائيل منطقة جبل الشيخ الملاصقة للجولان، وتوغلت قواتها في مساحة 14 كيلومتر داخل الاراضي السورية.
باحتلال جبل الشيخ وقصف مخازن سلاح السلاح في سوريا عقب انهيار حكم بشار الأسد وانتصار ثوار سوريا، هل تفتح إسرائيل على نفسها جبهة سوريا بعد غزة ولبنان؟ وما أهداف الاحتلال الصهيوني منذ ذلك؟ وهل يكرر الكيان الصهيوني هذا التصرف مع مصر في حال انهار حكم السيسي لتعيد ضم سيناء بإلغاء اتفاقية السلام؟
التعقيب:
تسعى إسرائيل إلى تدمير القدرات الحربية والدفاعية السورية، وأي سلاح إستراتيجي ثقيل، والصواريخ أرض – جو، ومنظومات الدفاع الجوي، والصواريخ أرض – أرض، الموجهة عن بُعد، والقذائف الصاروخية طويلة المدى، والصواريخ شاطئ – بحر، كي تضمن السيطرة على أجواء سوريا وردع نظام الثوار أو النظام الجديد من تهديد أمنها.
لا يهم إسرائيل مَن الذي يحكم في سوريا، بقدر اهتمامها بأن يكون الحكم فيها متواطئًا أو عميلًا، أو ضعيفًا، أو غير قادر على تهديدها، لذا أعربت بوضوح عبر تصريحات رسمية وتحليلات خبراء الإستراتيجية الإسرائيليّين، عن رغبتها في بقاء بشار الأسد في الحكم لأنه “ضعيف” كما قالت، و”متواطئ” كما تمَّ الكشف عنه بعد سقوطه، وتمريره إحداثيات مواقع القيادات في حزب الله ومراكز أسلحتهم لتدميرها، بحسب بعض المتابعين.
كان الوضع العسكري بين إسرائيل وسوريا قبل انهيار حكم الأسد، قائمًا على “اتفاقية فك الاشتباك”، التي أبرمت في 31 مايو 1974م في جنيف، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق، بغرض الفصل بين القوات السورية والإسرائيلية في المنطقة بعد حرب 1973م، مع “استمرار حالة الحرب”، لأنه لم يجر توقيع اتفاق سلام مثل حالة مصر واتفاق كامب ديفيد.
بإعلان رئيس حكومة الاحتلال أن اتفاق 1974م يُعتبر لاغيًا، بحجة أن الجنود السوريّين تركوا مواقعهم في الجولان المحتل، وبرغم وجود قوات للأمم المتحدة، يكون نتنياهو قد أعلن الحرب رسميًّا على سوريا مجددًا، ومن حقها الرَّد، لكنه يعلم أنها مفككة حاليًا ومشغولة بتسليم وتسلم الحكم لنظام الثوار الجديد، لذا استكمل عدوانه للقضاء على إمكانياتها العسكرية وتدمير قدارتها الحربية.
بموجب اتفاق 1974م، تمَّ إنشاء منطقة عازلة، فضلًا عن منطقتين متساويتين من القوات والأسلحة المحدودة للطرفين على جانبي المنطقة، لكن جيش الاحتلال قام باحتلال هذه المنطقة منزوعة السلاح (14 كم) ووسع احتلاله لسوريا واحتل منطقة جبل الشيخ (التي كانت غير محتلة) ليضمها للجولان المحتل وضمنها 5 قري درزية طالب سكانها بعدم الخروج من منازلهم.
أنهت إسرائيل بذلك العمل باتفاق “فض الاشتباك” مع سوريا، وأرسلت قواتها إلى المنطقة العازلة وجبل الشيخ للسيطرة عليهما، فيما استهدفت طائراتها الحربية مواقع عسكرية سورية.
إسرائيل استولت على مرتفعات الجولان خلال حرب عام 1967م، وضمتها إليها في عام 1981م، في خطوة غير معترف بها بموجب القانون الدولي. وتكتسب المنطقة أهمية من الجانب العسكري ومن حيث موارد المياه بها.
الجولان تمتد على مساحة نحو 800 كيلومتر مربع، وهي موطن لنحو 20 ألف من الطائفة الدرزية، ونحو 25 ألف إسرائيلي منتشرين في أكثر من 30 مستوطنة. واحتلت إسرائيل القسم الأكبر من مرتفعات الجولان خلال حرب عام 1967م، ثم ضمتها لاحقًا في خطوة لم تعترف بها غالبية دول العالم ولكن اعترف بها الرئيس الأمريكي ترامب في فترة رئاسته الأولي.
قالت إذاعة الجيش إن “موجات الهجمات الواسعة في سوريا، تعطي الانطباع بأن إسرائيل قررت الاستفادة الكاملة من الفرصة، والهجوم على أوسع نطاق ممكن مع الاستفادة من الفرصة والفوضى في سوريا”.
قد تستمر أطماع إسرائيل في سوريا وتوسع احتلالها لمناطق حدودية، فقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية (كان) عن مصدر إسرائيلي، 8 ديسمبر 2024م، قوله إن الحكومة تدرس تعميق سيطرة جيشها داخل الأراضي السورية، “لثني قوات المعارضة المسلحة في سوريا عن دخول المنطقة، التي تفصل هضبة الجولان عن بقية الأراضي السورية”.
قبل التحرك العسكري الإسرائيلي ضد سوريا، أعلن مصدر عسكري سوري أن قيادة الجيش السوري أبلغت الضباط رسميًّا بسقوط النظام، ونتج عن ذلك تسريح الجيش عمليًّا، وبعضهم قبل الانضمام للثوار لكن لا يوجد فعليًّا جيش سوري.
التحرك الإسرائيلي ضد سوريا جاء بعد سلسلة تحذيرات من قادة عسكريّين ومراكز أبحاث إسرائيلية مِن أن مَن سيحكم سوريا هم الثوار المسلمين وتصنيفهم على أنهم “جهاديّين وداعشيّين”.
الحقيقة أن غالبية فصائل ثوار سوريا خاصة “هيئة تحرير الشام” وأحرار الشام” هم من السلفيين المعتدلين، وهو ما دفع الاحتلال للتخوف من نشوء دولة سنية معادية في سوريا بدل الدولة العلوية، التي كانت تنشد الهدوء مع دولة الاحتلال حفاظًا على كرسي الحكم.
ما فعله الاحتلال مع سوريا من الممكن أن يفعله مع مصر حال انهار نظام عبد الفتاح السيسي في أي ثورة شعبية أو اضطرابات، ويمكن أن يحتل سيناء ويسعي لضمها، وهو ما لم يفعله حال ثورة 2011م، لأن الجيش هو الذي تسلم الحكم بدلًا من نظام مبارك، وتعهد باحترام اتفاق السلام مع إسرائيل، ومِن ثم لم تكن هناك حاجة لتحرك عسكري.