الخبر:
يوم 7 نوفمبر 2024، قبلت “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان” قضية قدمتها منظمتان حقوقيتان مصريتان تعملان من الولايات المتحدة الأمريكية، يطالبان فيها بمحاكمة رأس النظام المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
القضية تتعلق بعملية استخبارية عسكرية فرنسية تجري على أرض مصر، تحت أسم “سيرلي”، قتل فيها الجيش المصري بالاشتراك مع أطقم وطائرات استخبارية فرنسية مدنيّين أبرياء على الحدود مع ليبيا بادعاءات أنهم “إرهابيّين”، وهو ما ثبت كذبه.
وكانت المنظمتان: “المصريون في الخارج من أجل الديمقراطية (EAD) “، و”كود بينك” CODEPINKلحماية النساء، رفعتا الدعوى ضد فرنسا ومصر، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) يوم 8 فبراير 2024.
وقالت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، في 8 فبراير 2024، إن المنظمتين المصريتين، اللتين يوجد مقرهما في الولايات المتحدة، قدمتا شكوى للمحكمة “بسبب انتهاك الاتفاقية الأوروبية للحقوق الأساسية”، من قبل فرنسا ومصر.
التعقيب:
تمَّ الكشف عن فضيحة عملية سيرلي عن طريق موقع “ديسكلوز” الاستقصائي الفرنسي، في 21 نوفمبر 2021، وملخصها أن فرنسا كانت تُقدم معلومات استخبارية لمصر، بحجة تعقب إرهابيّين عبر الحدود مع ليبيا، لكن تمَّ قصف أهداف عشوائية بالصحراء الغربية وقتل مدنيّين زعم المتحدث العسكري حينها أنهم “إرهابيون”، ثم كشفت وثائق فرنسية أنهم مدنيون أبرياء من التجار ومهربي السلع.
بعد نقل فضيحة “سيرلي” للقضاء الفرنسي عام 2021، طُرحت تساؤلات: هل يُحاكم السيسي وماكرون؟ لكن حكومة باريس سرعان ما تدخلت في شؤون القضاء بحجة أن القضية تتعلق بأسرار عسكرية وعملت على إجهاض أي محاكمة هناك.
بعدما رفضت فرنسا التحقيق في القضية، واعتقلت صحفية كشفت الفضيحة بموقع “ديسكلوز”، بحجة كشف أسرار عسكرية، وسجنت أحد الجنود بتهم اختلاس هذه الأسرار ونقلها للصحفية، لجأت المنظمتان الحقوقيان إلى “المحكمة الأوروبية” لإجبار باريس على التحقيق ومحاكمة المتورطين.
أكدت المنظمتان أن سبب تقديم الدعوى أمام المحكمة الأوروبية هو رفض فرنسا التحقيق في الفضيحة ورفض القضاء الفرنسي فتح تحقيق في هذه الجريمة رغم نشر معلومات عن “العملية سيرلي”.
جاء قبول المحكمة الأوروبية للقضية عبر بيان على موقعها الرسمي على الإنترنت، في 30 سبتمبر 2024، ليجدد آمال محاكمة السيسي وماكرون بعد التحقيق في “جرائم ضد المدنيّين” ارتكبتها فرنسا بالتعاون مع السلطات المصرية.
حقوقيون شاركوا في رفع القضية يؤكدون أن قبول المحكمة الأوروبية القضية يعني احتمالات كبيرة لإدانة النظام المصري وحكومة فرنسا بتهم “الإبادة الجماعية وانتهاك القوانين الدولية”.
التهم الموجهة لماكرون والسيسي هي انتهاك 3 مواد على الأقل من الاتفاقية الأوروبية للحقوق الأساسية، أبرزها “الحق في الحياة، ويعاقب عليها القانون بالسجن 7 سنوات وغرامة 100 ألف يورو، والوضع تحت المراقبة القضائية.
فقد كشف موقع “ديسكلوز” أن مصر وفرنسا شاركا فيما لا يقل عن 19 ضربة جوية ضد مدنيّين مصريّين أبرياء بموجب معلومات خاطئة بين عامي 2016 و2018، نتج عنها ألاف الضحايا.
وفي الدعوة القضائية المقدمة للمحكمة الأوروبية، وجهت المنظمتان الحقوقيتان أصابع الاتهام إلى السيسي وماكرون، بالتآمر على قتل آلاف المصريّين المدنيّين الأبرياء على الحدود المصرية الليبية، عبر أنظمة تجسس فرنسية تدعم نظام السيسي، وقيامهما “بجرائم ضد الإنسانية والتعذيب”.
وقد وصفت المحامية والمستشارة الدولية “هايدي ديجكستال”، التي قدمت الشكوى ضد فرنسا ومصر، نيابة عن المنظمتين، قبول المحكمة الأوروبية قضية العملية سيرلي المقدمة ضد مصر وفرنسا، بأنه يعني بدء خطوات التقاضي بالفعل، مؤكدة أن “مرتكبي الجرائم لا ينبغي أن يفلتوا من العقاب”.
واعربت منظمة “كود بينك” عن سعادتها بقبول المحكمة الأوروبية القضية، معتبره أنها انتقلت إلى المرحلة التالية، للسعي إلى العدالة والمساءلة عن الانتهاكات والجرائم الجسيمة، والوصول إلى العدالة.
وقالت منظمة “كود بينك” على موقعها، في 11 نوفمبر 2024، “إن إبلاغ المحكمة الأوروبية لفرنسا بقضيتنا هو خطوة للأمام في الاتجاه الصحيح لتحقيق العدالة والإنصاف لحقوق الإنسان وللشعب المصري على وجه الخصوص”.
وقالت “منظمة المصريين في الخارج من أجل الديمقراطية“، إن قبول المحكمة الشكوى بشأن التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، والتعذيب، تمَّ ارتكابها على الأراضي المصرية ضمن عملية استخباراتية بين مصر وفرنسا (سيرلي)، يستلزم صدور عقاب.
ويتوقع نشطاء مصريون وفرنسيون ومنظمات حقوقية أن يؤدي عرض القضية أمام المحكمة الأوروبية بعد رفض السلطات القضائية الفرنسية التحقيق فيها، لإعادة كشف فضائح جديدة وصدور إدانات في نهاية جلسات المحكمة الأوروبية.
وقد كشف موقع “ديسكلوز“، يوم 13 نوفمبر 2024، أنه بعد رفض فرنسا التحقيق في الفظائع التي جرت، وقبول المحكمة الأوروبية لها، تحرك نظام السيسي أيضًا في مصر لترهيب المنظمات الحقوقية التي تقدمت بشكاوى ضده.
يُذكَر أن “عملية سيرلي” بدأت في فبراير 2016 كنتيجة لاتفاق سري بين الحكومة الفرنسية للتعاون في مكافحة الإرهاب، قبل أن يكشفها موقع “ديسكلوز” في عام 2021.