مقدمة
تتميز الدولة الحديثة بتنوع القوى الفاعلة في حياتها السياسية، فمنها ما هو رسمي، ومنها ما هو غير رسمي، ولكن كلا الشكلين يُسهم في الحِراك السياسي، ويؤثر فيه على حسب ما يتمتع به من قوة وتنظيم.
تحاول هذه الورقة رسم خريطة للفاعلين في المشهد السياسي التركي، في 2023، من خلال استعراض سلطات الدولة، والمؤسسات الرسمية الفاعلة في اتخاذ القرارات وتنفيذ سياسة الدولة الداخلية والخارجية، والأحزاب السياسية، والحركات المسلحة، والهيئات غير الرسمية التي تقوم بدور جماعات الضغط.
أولًا: سلطات الدولة التركية
يُهيمن حزب “العدالة والتنمية” على السلطتين التنفيذية والتشريعية، بحكم الأغلبية البرلمانية، ووجود الرئيس رجب طيّب أردوغان في منصب الرئاسة، وهو المنصب الذي يتيح له سلطات واسعة، منها تشكيل الحكومة وقيادتها، والحكم بمراسيم وقرارات رئاسية.
ويُعد توحيد السلطتين التفيذية والتشريعية في يد حزب واحد هو الوضع الأفضل في ظِل النظام الرئاسي، لأنه يحول دون حدوث صراع بين الرئيس والبرلمان، يُفضِي إلى عرقلة عمل الحكومة، أو حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات برلمانية جديدة.
أما السلطة القضائية، فقد خضعت للتطهير بعد انقلاب 2016، وشهدت إصلاحات عديدة، كانت مثار خلاف بين السلطة الحاكمة والمعارضة.
1 – رئاسة الجمهورية
الرئيس التركي هو أعلى سلطة في صناعة القرار التركي، والقوة الفاعلة الأولى، سواء فيما يخص السياسات الداخلية أو الخارجية. فهو الذي يصدق على الاتفاقيات الدولية، ويعين الدبلوماسيّين، ويتولى القيادة العامة للقوات المسلحة، ويُعيّن رئيس الأركان، ويراقب تطبيق الدستور ومؤسسات الدولة.
ومع الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، زادت صلاحيات الرئيس التركي، فصار قادرًا على إصدار المراسيم والقرارات الرئاسية بخصوص مختلف القضايا المتعلقة بالحكم، وإعلان حالة الطوارئ، وأصبحت له كافة السلطات والصلاحيات المرتبطة بالسلطة التنفيذية.
وبعد الانتخابات الرئاسية في 2023، حافظ الرئيس أردوغان على منصبه كرئيس للجمهورية، بعد أن حصل على 52.15 بالمئة من أصوات الناخبين.
ويواجه الرئيس أردوغان في ولايته الرئاسية الأخيرة تحديات كبرى، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، يتعلق أبرزها بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من عامين، ووضع دستور مدني جديد، يحمي المكتسبات الديمقراطية التي أوجدها حزب “العدالة والتنمية”، ويوفر حالة من الاستقرار تحتاجها البلاد في المرحلة القادمة.
ويطمح أردوغان – الذي نجح في قيادة البلاد لإحداث نقلة اقتصادية وصناعية وتجارية وسياحية وعلمية، وعزز دورها السياسي في الخارج – إلى أن تكون ولايته الرئاسية الجديدة تتويجًا لتاريخه في الحكم، وذلك بإحداث نقلة جديدة، من خلال رؤية “مئوية تركيا”، أو “قرن تركيا”، التي أجملها الرئيس في 16 بندًا، أحالت إلى معاني قوة تركيا في القرن المقبل في مختلف القطاعات، داخليًّا وخارجيًّا، إضافة إلى سياقات فكرية وقيمية وأخلاقية.
وفي سبيل تحويل تركيا إلى واحدة من الدول الأولى على مستوى العالم سياسيًّا واقتصاديًّا وعلميًّا، سوف يعمل الرئيس وفق هذه الرؤية على ثلاثة مسارات: مسار الدستور الجديد، ومسار تركيا الجديدة، ومسار التفوق الأخلاقي، عبر التركيز على القيم والنجاح والسلام.
2 – الحكومة التركية
تعاون الرئيس التركي أردوغان، بوصفه رئيس السلطة التنفيذية، حكومة جديدة، أشار أردوغان من خلال تشكيلتها إلى توجهه نحو التجديد والتغيير، إذ لم يُبق من الوزارة القديمة إلَّا على وزيرين اثنين فقط.
وجاءت الحكومة في معظمها من أسماء معروفة للشارع التركي، وذات كفاءة وسير ذاتية مشجعة في مجالات عملها، وهو ما أشاع جوًّا من المصداقية والثقة والتفاؤل[1].
كما عبرت تشكيلة الحكومة عن أولويات أردوغان في ولايته الرئاسية الجديدة، والتي في صدارتها حل الأزمة الاقتصادية، وتنفيذ رؤية الحزب الحاكم للانتقال إلى القرن الجديد من عمر الجمهورية التركية، على أساس رؤية “مئوية تركيا” أو “قرن تركيا”.
فقد عيّن الرئيس نائبًا له من خلفية اقتصادية، هو جودت يلماظ، الذي كان رئيسًا للجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان، وقد يقوم يلماظ بدور مهم في متابعة الملف الاقتصادي مع المسؤولين المختصين.
وأعاد أردوغان محمد شيشمك إلى وزارة المالية، وهو صاحب خبرات اقتصادية واسعة، فى رسالة واضحة من أردوغان إلى أولوية الملف الاقتصادى فى مهام عمل حكومته الجديدة، وحاجته لمعالجة الأزمات الاقتصادية التى تعرضت لها تركيا، باتباع سياسات اقتصادية تسهم فى عودة الاستقرار وترسل رسائل إيجابية للأسواق العالمية.
كما أجرى الرئيس تغييرات في وزارات أخرى، أهمها الخارجية، فجاء بهاكان فيدان وزيرًا للخارجية، وهو المسؤول عن العديد من الملفات الاستراتيجية لتركيا، ومنها ملف المصالحة مع دول المنطقة، والتفاوض مع النظام السوري حول العديد من الملفات، ومنها ملف عودة اللاجئين السوريين التى أصبحت حتمية بالنسبة لأنقرة. كما أن فيدان سيتولى مسؤولية تطبيق سياسة أردوغان الساعية لتعزيز مكانة تركيا وقوتها الإقليمية والدولية خلال المرحلة المقبلة.
وربما يكون اختيار بعض الأسماء المعروفة والقوية وصاحبة الخبرة للوزارة، مثل محمد شيمشك للمالية، وهاكان فيدان للخارجية، وعلي يرلي كايا للداخلية، إشارة إلى حالة من التفويض للوزراء من جانب الرئيس الذي يمكن أن يركز على ملفات مهمة، مثل إعادة هيكلة حزب العدالة والتنمية، وإدرة معركة انتخابات البلدية القادمة، وتغيير الدستور التركي، والوساطة الدولية في القضايا الكبرى.
3 – البرلمان التركي
يمتلك البرلمان التركي صلاحيات عديدة، تجعل من المهم بما كان أن يكون هناك توافق بينه وبين مؤسسة الرئاسة، حتى وإن كان النظام في البلاد رئاسيًّا.
فالبرلمان التركي، يمتلك حق إبطال المراسيم الرئاسية بمراسيم مختلفة في نفس الموضوع، وهو ما يعطي الأولوية للمرسوم البرلماني. ويحق للبرلمان الطعن في المراسيم التي يصدرها الرئيس أمام المحكمة الدستورية، والدعوة إلى انتخابات مبكرة بموافقة 360 صوتًا، وإجراء تعديلات دستورية بأغلبية ثلثي عدد النواب.
وفي المقابل، فقد البرلمان سلطة استجواب الوزراء، لكن يحق له إنشاء لجان تحقيق وتدقيق، والتقدم بالأسئلة، وعقد جلسات برلمانية لمناقشة مختلف القضايا.
وبعد الانتخابات البرلمانية لعام 2023، سيطر تحالف الجمهور على البرلمان التركي، بأغلبية مطلقة، وبواقع 322 مقعدًا، وهو التحالف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية، بأغلبية نسبية، وبواقع 268 مقعدًا. ويرأس البرلمان نعمان كورتولموش، عن الحزب الحاكم.
وفي المقابل، يقود حزب الشعب الجمهوري المعارضة داخل البرلمان، بأقلية تتمثل في 169 مقعدًا، لا سلطة له على 39 مقعدًا منها، ذهبت إلى أحزاب أخرى محافظة، نجح نوابها على قوائم حزب الشعب، ومن المنتظر أن يكون لها دور مستقل عن هذا الحزب ضمن صفوف المعارضة.
وبالنظر إلى الأغلبية والمعارضة داخل البرلمان، نجد أن التحالف الحاكم يتمتع بالانسجام والتوافق، مما يجعله أداة تشريعية مساعدة لمؤسسة الرئاسة والحكومة، وذلك على عكس المعارضة التي تفكك تحالفها بعد الهزيمة في الانتخابات، ودخلت إلى البرلمان بأقلية منقسمة.
كانت بوادر هذا الانقسام داخل البرلمان في انفصال أحزاب “الديمقراطية والتنمية” و”المستقبل” و”السعادة” عن حزب الشعب الجمهوري، وعدم التصويت لمرشحه لرئاسة البرلمان.
ولعل أهم قضية سوف يشهدها البرلمان في دورته الجديدة، هي قضية صياغة دستور تركي جديد، والتي لا يمكن للتحالف الحاكم أن يسير في تنفيذها بدون موافقة 360 نائبًا لإجراء استفتاء، أو 400 نائب لإقرار الدستور بدون استفتاء.
ولهذا فإنه من المنتظر أن تكون الأحزاب الصغرى محل شد وجذب بين التحالف الحاكم الذي سوف يحتاجها لاستكمال النسبة المطلوبة لتغيير الدستور، والمعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري، الذي يمكن أن يعمل على عرقلة خطة الحزب الحاكم للتوافق مع هذه الأحزاب.
وقد يشهد البرلمان ظهور كتلة معارضة جديدة، من هذه الأحزاب، وهو ما ذكرته تقارير قالت إن حزبي “المستقبل” و”الديمقراطية والتقدم” قد اقتربا من إكمال المفاوضات حول مسألة الاتحاد، واتفقا على تطبيق نظام الرئيس المشارك للكتلة النيابية المزمع تأسيسها، وأن هناك مساعٍ لضم حزبي السعادة والديمقراطي لهذا الاتحاد بغية تعزيز قوة الكتلة النيابية في البرلمان[2].
4 – المؤسسة القضائية
يشرف مجلس القضاة والمدعين العامين على عمل القضاء، وقد جرى تخفيض عدد أعضاء المجلس من 22 الى 13 عضوًا، ومُنح نائب وزير العدل مقعدًا دائما فيه. ويتألف المجلس من وزير العدل ونائبه، وسبعة أعضاء يعينهم البرلمان. أما بقية الأعضاء والبالغ عددهم 4 فيسميهم الرئيس من قائمة تقترح عليه[3].
وبهذا يكون للأغلبية البرلمانية ومؤسسة الرئاسة اليد الطولى في تعيين هذا المجلس الذي يُعيّن القضاة، الأمر الذي يعرض الرئيس أردوغان وحزبه لاتهامات من جانب المعارضة التركية بالتدخل في أعمال القضاء.
فحزب الشعب الجمهوري المعارض يرى أن مجلس القضاة والمدعين العامين، الذي تمَّ تغيير هيكله مع التعديل الدستوري في عام 2017، أصبح مسيَّسًا بالكامل مع الانتقال إلى النظام الإداري الجديد.
كما تعد السلطة القضائية التركية واحدة من أكثر ملفات الخلاف بين الدول الغربية والحكومة التركية، حيث يتهم الغرب حكومة الرئيس أردوغان بالتدخل في أعمال القضاء وتقويض استقلاليته وتوجيهه ضد خصومه من المعارضة التركية.
ولكن رئيسة المحكمة الإدارية العليا في تركيا، زرين كونغور، ترفض اتهام القضاء بموالاة الحكومة، وتشدد على أن قرارات السلطة القضائية مفتوحة أمام النقد العلمي، لاسيما أن الأحكام القضائية غير مبنية على أساس المصالح الحزبية أو الشخصية، بل على أسس موضوعية تتوافق مع المعايير العلمية والقانونية[4].
ثانيًا: المؤسسات الرسمية
ثمَّة مؤسسات رسمية عديدة تشارك في صنع القرار أو تنفيذ سياسات الدولة وتحقيق أهدافها، داخل البلاد وخارجها، وأهم هذه المؤسسات ما يلي:
- المؤسسة العسكرية
تعد المؤسسة العسكرية أحد الفواعل المهمة في السياسة التركية، بما يتيحه لها دستور 1982، الذي يحاول الرئيس أردوغان التخلص منه، وصياغة دستور مدني جديد، ينهي أي وصاية دستورية للقوات المسلحة على الشأن العام التركي.
استطاعت حكومة حزب العدالة والتنمية بسط السيادة المدنية علي المؤسسة العسكرية تدريجيًّا، لتقوم الكوادر السياسية للحزب باتخاذ جميع القرارات الحكومية، بما في ذلك صياغة وتنفيذ سياسة الدفاع والأمن القومي، مع أخذ آراء العسكريّين بعين الإعتبار.
وكان انقلاب 2016، هو الفرصة التي استغلها الرئيس أردوغان أفضل استغلال من أجل إعادة هيكلة هذه المؤسسة، لتنتقل إلى مرحلة جديدة، من حيث الدور والوظيفة والعلاقة مع المؤسسة السياسية.
فقد أخضع أردوغان قادة الأسلحة الرئيسة لأوامر وزارة الدفاع، وهي جزء من السلطة التنفيذية التي يرأسها، ووَسَّع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وضم إليه نواب رئيس الوزراء ووزراء العدل والداخلية والخارجية، ليمنع العسكر من احتكار سلطة اتخاذ القرارات الخاصَّة بالشؤون العسكرية والتعيينات، وصار وزير الدفاع أمينًا عامًّا للمجلس بدلًا من نائب رئيس الأركان، وربط قوات الدرك بالداخلية، وجمع المدارس والكليات والمعاهد العسكرية في جامعة الدفاع الوطني التي يشرف عليها أساتذة تعينهم الحكومة لا الجيش[5].
وبعد هذه التغييرات الهيكلية، صارت المؤسسة العسكرية، بوصفها قوة خشنة، أداة مهمة في يد الدولة، ممثلة في نظامها الحاكم بقيادة حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان، الذي يعتمد على هذه القوة في تنفيذ سياساته الداخلية والخارجية.
فعلى صعيد السياسة الداخلية، تقوم المؤسسة العسكرية بدور مهم في مواجهة التنظيمات الإرهابية، من خلال تصديها لهذه التنظيمات بقوة. ونجح الجيش في نقل المعركة معها إلى خارج الحدود التركية، ومهاجمتها في معاقلها داخل الحدود السورية والعراقية، وهو ما خلق بيئة داخلية آمنة للتنمية.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، تقوم المؤسسة العسكرية بدور مهم في دعم التواجد التركي على المستوى الدولي، من خلال حماية الأمن القومي التركي، والدفاع عن المصالح التركية، وتقوية العلاقات مع الدول الأخرى، وتأمين العمق الاستراتيجي للدولة في البلاد الناطقة بالتركية.
فقد تواجدت قوات الجيش التركي في الشمال السوري وشمال العراق لحماية الحدود التركية. وتواجد الجيش التركي في شرق المتوسط لحماية سفن التنقيب عن الغاز في ظِل نزاع على الحدود البحرية مع قبرص واليونان ومصر، حتى إن أكبر مناورة بحرية عسكرية تركية كانت في 2019، لإظهار قوة تركيا على حماية حقوقها في الغاز[6].
كما استخدم الجيش في دعم وحماية أنظمة حليفة، من خلال التواجد في ليبيا وقطر، ومساعدة الجيش الأذربيجاني في استرداد أراضيه المحتلة من أرمينيا، وهو ما سيؤدي إلى إقامة ممر زنغزور البري، الذي يصل تركيا بباقي الدول الناطقة بالتركية، في آسيا الوسطى، وستكون له آثار إيجابية على الاقتصاد التركي.
- مجلس الأمن القومي
تأسس مجلس الأمن القومي بعد انقلاب 1960، ليضمن سيطرة قادة المؤسسة العسكرية التركية على مقاليد الحكم بعد تسليم السلطة لحكومة مدنية، ويُبقى النفوذ الأساسي بيد قادة الجيش، والذين كانوا يشكلون مجلس الأمن القومي ويديرون البلاد من خلاله.
استمرت الصبغة العسكرية على هذا المجلس إلى أن وصل حزب التنمية والعدالة للحكم، وتمَّ تقليص نفوذه بعد تعديلات دستورية تعلقت بصلاحياته ونطاق عمله وتشكيله.
كان الهدف من هذه التعديلات هو الحد من دور الجيش التركي من خلال إصلاح مجلس الأمن القومي، ليصبح جهازًا استشاريًّا بغالبية مدنية، ويتمكن المدنيون منذ ذلك الوقت من تولي منصب سكرتير المجلس. وبالتالي لم يعد لمجلس الأمن القومي سلطات تنفيذية على بعض أجهزة الدولة، كالإعلام والاتصالات، واقتصرت مهمته فقط على تقديم توصيات لرئيس الجمهورية والحكومة.
تناط بالمجلس مسؤولية مناقشة الأوضاع الأمنية، وتقديم التوصيات للرئيس والحكومة بناءً على رؤية أعضائه للقضايا المعروضة عليه.
والعلاقة ما بين مجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي التركي متداخلة ومتشابكة، ففي الوقت الذي يتبع مجلس الأمن القومي المختص بشؤون الدفاع والأمن مجلس الوزراء في اتخاذ القرارات والالتزام بسياسة الدولة داخل المؤسسة وتنفيذ السياسة الأمنية، فإن مجلس الوزراء عليه أن يعطي الأولوية لقرارات مجلس الأمن القومي والخاصة بالإجراءات التي تبدو ضرورية لحفظ وجود الدولة واستقلالها وسلامة المجتمع وأمنه، ولهذا يلتزم مجلس الوزراء عادة بالنصائح التي يتقدم بها العسكريون[7].
ظهرت آثار التعديلات التي أجريت على مجلس الأمن القومي في لحظة فارقة من تاريخ تركيا، وهي انقلاب 2016، حينما خرج المجلس بتوصيات أمنية مهمة للحكومة، أعلنت بموجبها حالة الطوارئ، بهدف القضاء على كافة العناصر التابعة لمنظمة غولن الإرهابية، وتسهيل العمل من أجل إزالة التهديدات التي تستهدف الديمقراطية ودولة القانون والحقوق والحريات[8].
- رئاسة الشؤون الدينية
رئاسة الشؤون الدينية والمعروفة باسم “ديانت”، هي الجهة الرسمية المسؤولة عن إدارة الشؤون المتعلقة بالدين الإسلامي في تركيا، من العقائد والعبادات والمبادئ الأخلاقية، وتثقيف المجتمع في المسائل الدينية، إضافة إلى إدارة دور العبادة.
وبعد وصول العدالة والتنمية للحكم، لعبت رئاسة الشؤون الدينية دورًا جديدًا في المجتمع التركي، فهذه المؤسسة تؤدي دورًا إلى جانب الحزب الحاكم في تعزيز مكانة الدين في الشأن العام والحياة، وتدفع باتجاه التخلص من أثر العلمانية والأتاتوركية في المجتمع والدولة.
ولتحقيق دورها المتسق مع أهداف الرئيس أردوغان وحزبه، خصصت لرئاسة الشؤون الدينية موازنة هي الأكبر في تاريخها، وتفوق مخصصات 7 وزارات، بما في ذلك وزارات الداخلية والخارجية والرئاسة، بقيمة 16 مليار ليرة تركية عام 2022، لتصبح 18 مليار ليرة في العام التالي، و20.7 مليار ليرة للعام الذي يليه[9].
جنحت المؤسسة إلى التدخل في الشؤون السياسية، من خلال مواقفها المعلنة، كاتهام موقف بابا الفاتيكان من قضية إبادة الأرمن بأنه غير أخلاقي، ومناصرة القضية الفلسطينية، واتهام منظمة غولن بالإرهاب، والوقوف ضد الانقلاب العسكري في 2016، من خلال دعوة الشعب عبر مكبرات الصوت بالمساجد للتصدي للانقلابيّين.
انعكس تعاظم دور المؤسسة الدينية على الموقع البروتكولي لرئيسها، علي أرباش، الذي صار يُقدَّم على كثير من المسؤولين وقادة الجيش في الاحتفالات الرسمية التي يحضرها الرئيس أردوغان.
ولا يقتصر دور المؤسسة الدينية على الداخل التركي، وذلك بعد أن صار لها مكاتب وفروع في معظم دول العالم، تشرف من خلالها على أنشطة عديدة، مثل رعاية الجاليات الإسلامية، وبناء المساجد، وإنشاء المراكز الإسلامية، ومناصرة قضايا المسلمين، وعلى رأسها قضية فلسطين.
ثالثًا: الأحزاب السياسية
يبلغ عدد الأحزاب السياسية في تركيا 122 حزبًا مسجلًا بشكل رسمي، وفق ما أعلن عنه الادعاء العام التابع للمحكمة العليا مطلع يناير/كانون الثاني 2023. ويضم البرلمان التركي 13 حزبًا منها بعد انتخابات 2023، وهي الأحزاب التي تجاوزت العتبة الانتخابية، أو دخلت البرلمان على قوائم لأحزاب أخرى.
1 – أحزاب التحالف الحاكم
يضم التحالف الحاكم، وهو تحالف الجمهور، حزب العدالة والتنمية، والأحزاب المتحالفة معه، وهو تحالف متجانس، لاسيما في مواجهة المشاكل الأساسية للبلاد، ودعم مواقف الحكومة، والتوافق على القوانين التي تقدم للبرلمان.
استطاع هذا التحالف الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان في 2023، بواقع 322 مقعدًا، بالإضافة إلى منصب رئيس الجمهورية، ليُحافظ على السلطتين التشريعية/الرقابية والتفيذية، وليظل في موقعه المتقدم في خريطة القوى السياسية التركية خلال السنوات الخمس القادمة.
- حزب العدالة والتنمية
حزب العدالة والتنمية هو الحزب الحاكم، وهو أكبر أحزاب تركيا، وأكثرها استقرارًا، ويُعرِّف الحزب نفسه بأنه ديمقراطي محافظ، ويُنظر إليه كحزب يميني، ويمثل الجناح “الإسلامي المعتدل” في تركيا[10]، وذلك على الرغم من رفض مسؤولي الحزب تصنيفه كحزب إسلامي.
تقوم مبادئ الحزب على احترام كافة الحريات الدينية والفكرية، واقتصاد السوق المفتوح، والدولة الاجتماعية، وتعزيز القيم الأسرية، وتمكين تركيا خارجيًّا من خلال القوى الناعمة والخشنة.
ويسعى الحزب برئاسة أردوغان إلى توسيع دوائر التدين الرسمي والشعبي في تركيا، ما نتج عنه زيادة مظاهر وأعمال التدين في المجتمع التركي.
يحتل الحزب المرتبة الأولى من حيث شعبيته المنتشرة في جميع المدن والولايات، ويُعتبر الأول شعبيًّا في أكثر من 40 ولاية تركية[11]. كما حقق الحزب شعبية كبيرة وشهرة إقليمية وعالمية بعد نجاحه السياسي والاقتصادي، ولم يخسر أي استحقاق انتخابي منذ تأسيسه في 2001.
خاض الحزب أصعب معاركه الانتخابية في 2023، وحصل نوابه على 268 مقعدًا. وفاز مرشحه رجب طيّب أردوغان بالرئاسة، بعد أن حصل على 52.15 بالمئة من أصوات الناخبين.
وبمقارنة نتائج الانتخابات الأخيرة بنتائج انتخابات 2018، سنجد أن الحزب خسر ما يقرب من 27 مقعدًا، وتراجعت نسبة أردوغان بنسبة 0.44 من أصوات الناخبين.
رأى البعض في هذا التراجع رسالة من الناخبين لأردوغان وحزبه بضرورة حل المشكلات الاقتصادية التي أثرت على وضعهم المعيشي، ولكنهم لم يتخلوا عنه بالكليَّة، وذهبت أصوات قسم منهم إلى الأحزاب المشاركة في تحالف الجمهور.
وثمَّة عناصر قوة تميز الحزب الذي يمسك بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، وتبرر تصدره لقائمة الأحزاب التي تشكل خريطة القوى السياسية، وهي على النحو التالي:
- امتلاك الحزب لقاعدة انتخابية كبيرة، ينتمي أكثرها إلى الكتلة المحافظة والمتدينة في تركيا، والتي تقدر نسبتها بـ 45 بالمئة من الناخبين.
- قيادة الحزب لتحالف متجانس في الأهداف السياسية العامة، حتى وإن اختلفت أحزابه في الخلفية الأيديولوجية.
- اكتساب الحزب تأييد قطاعات كبيرة من القوميين الذين يؤيدون حربه ضد التنظيمات الانفصالية الإرهابية، ورفضه المساس بوحدة أراضي الدولة.
- تمسك الحزب بمبادئه، وعدم التضحية بها في سبيل التحالفات الانتخابية، أو لِضمان أصوات الناخبين، وهو ما يكسبه مزيدًا من المصداقية لدى الجماهير.
- تواجد الحزب في الحكم، وهو ما يعطيه إمكانيات كبيرة للدعاية عبر الإنجازات، ويكسبه ثقة الناخبين الذين يشاهدون تقدمًا ملحوظًا في خدمات البنية التحتية والمشاريع التنموية.
- وجود الرئيس أردوغان على رأس الحزب، بما يمتلكه من خبرة وسِجل مليء بالإنجازات، بالإضافة إلى شخصية التي تمتلك كاريزما قيادية لا ينكرها أحد.
- نجاح أردوغان في تحويل الأزمات إلى فرص، من خلال سرعة استجابته، وقربه من الناس. وهو ما رأيناه في الأزمات التي توالت على تركيا، وآخرها الزلزال.
- قدرة الحزب على الاستنفار والحشد، وهي مؤشر على الاستعداد والجاهزية والقدرة على إقناع الناخبين بالاصطفاف خلفه.
- امتلاك مشروع حزبي واضح المعالم، يشمل السياستين الداخلية والخارجية، وهو “مئوية تركيا”، أو “قرن تركيا”، وهي رؤية بعيدة المدى لمستقبل الجمهورية في مئويتها الثانية.
ولكن في المقابل، يواجه حزب العدالة والتنمية تحديات كثيرة، تضع شعبيته على المحك، وتحتاج إلى اهتمام كبير ومعالجات جادة من جانب مسؤوليه، وهي على النحو التالي:
- التربص الخارجي والتحريض على الرئيس أردوغان وحزبه بسبب مواقفه الوطنية والمحافظة واستقلالية قراره السياسي.
- العداء الإقليمي لحكم أردوغان الديمقراطي التنموي، بسبب شذوذ هذا النموذج عن النماذج المحيطة، وانتماء الحزب إلى التيار المحافظ الذي يدعم الإسلاميّين.
- وجود جيل جديد من الناخبين يقدر بـ6 ملايين شاب، وميل شريحة كبيرة منهم للتغيير، لتأثرهم بالحملات الإعلامية التي تقودها المعارضة.
- عدم حصول التحالف الذي يقوده الحزب على النسبة التي تمكنه من الحصول على موافقة البرلمان على طرح مشروع لصياغة دستور جديد، يزيل بقايا الوصاية العسكرية.
- الأزمة الاقتصادية التي أثرت على شعبية الحزب، وكانت محور المعركة الانتخابية.
- عدم وجود بديل لأردوغان حتى الآن.
- حزب الحركة القومية
حزب الحركة القومية، حزب يميني قومي، ويُعد رابع أقوى أحزاب البرلمان بـ50 نائبًا، ويترأسه دولت بهتشلي، الذي يرفض منح الأكراد الحقوق الثقافية في الإعلام والتعليم، كما يعارض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي يُعرِّف الحزب فيه عن نفسه بأنه ينتمي إلى المعسكر المحافظ، فإن الغرب يصفه بأنه أقرب للتوجهات القومية المتطرفة.
وعلى الرغم من أن الحزب يعاني من تراجع في شعبيته خلال السنوات القليلة الماضية، فإنه لا يزال الحزب الأول لدى القوميّين الأتراك، الذين يرونه ممثلاً “للمبادئ القوميّة” التي تبناها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك.
ينتشر الحزب في أكثر من 10 ولايات تركية أبرزها مينيسيا وكوتاهيا وكارابوك، وتحالف في عام 2018 مع حزب العدالة والتنمية، ليكونا معًا تحالف الجمهور.
وبعد انتخابات 2023، صار للحزب كتلة برلمانية مكونة من 50 نائبًا.
- حزب الرفاه من جديد
يُعد حزب “الرفاه من الجديد”، الذي تأسس في 2018، من الأحزاب المحافظة دينيًّا واجتماعيًّا، ويرى نفسه الوريث الحقيقي لمبادئ “الرؤية الوطنية”، المستلهمة من فكر نجم الدين أربكان.
يتزعم الحزب فاتح أربكان، نجل نجم الدين أربكان، مؤسس تيار الإسلام السياسي في البلاد. وبحسب ميثاقه التأسيسي، أعلن الحزب أن هدفه هو “إقامة عالم جديد ونظام عادل تحت قيادة تركيا الكبرى مرة أخرى”، بالتوازي مع الأخذ بمبدأ “الأخلاق أولًا”. ومن أهدافه أيضًا تعزيز الإنتاج والتنمية الوطنيّين والقضاء على الفقر، وتقليل أسعار الفائدة[12].
خاض الحزب انتخابات 2023، وحصل على 5 مقاعد برلمانية.
- حزب هدى بار
حزب هدى بار، حزب كردي محافظ، ذو ميول إسلامية وقومية، يترأسه حاليًا زكريا يابجي أوغلو. ويُنظر إلى الحزب في الساحة السياسية على أنه نقيض حزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب.
تتركز قاعدة الحزب الشعبية في مناطق جنوب شرق وشرق الأناضول، وينشط في المناطق ذات الأغلبية الكردية، حيث يُعد الأكراد المحافظون والإسلاميون أكبر مؤيديه.
يُوصف الحزب من جانب المعارضة بأنه امتداد لجماعة “حزب الله” التركية، المتهمة بارتكاب جرائم في شرق البلاد في فترة التسعينيات خلال مواجهتها لحزب العمال الكردستاني.
يرفض الحزب هذا الاتهام، ويؤكد على عدم استخدام العنف لتحقيق أفكاره، وأنه يهدف للقضاء على الظلم في توزيع الدخل، ونشر الرفاهية، والمساهمة في السلم والأمن الاجتماعيّين.
ويعطي الحزب الأولوية لوحدة الأمة الإسلامية، ولحل كل المشاكل في الدول الإسلامية على أساس الحقوق والعدالة والأخوة الإسلامية، ويرفض طلب الحل من الإمبرياليّين بأي شكل من الأشكال، ويناهض الإمبريالية والصهيونية[13].
تمكن حزب هدى بار من دخول البرلمان من خلال تحالف الجمهور الذي حرص على اجتذاب أكبر عدد ممكن من الأكراد المحافظين، وحصل على 3 مقاعد على قوائم حزب العدالة والتنمية.
- أحزاب صغرى
ثمَّة أحزاب أخرى متحالفة مع الحزب الحاكم، ولكنها أحزاب صغيرة. ومنها حزب “اليسار الديمقراطي”، الذي حصل على 3 مقاعد من حصة حزب العدالة والتنمية، وهو حزب قومي يساري.
وحزب “الوحدة الكبرى”، وهو حزب منشق عن حزب “الحركة القومية”، ويُعد أحد أجنحته، ويرى أنّ الإسلام عنصر مهم في الهوية التركية.
2 – أحزاب المعارضة
توحدت المعارضة قبل انتخابات 2023، في تحالفات عديدة، وكان الهدف الأول لجميع التحالفات هو إسقاط الرئيس أردوغان، وإزاحة حزب العدالة والتنمية عن السلطة، ثم إلغاء النظام الرئاسي، والعودة إلى النظام البرلماني.
مُنيت المعارضة التركية مجتمعة بالهزيمة أمام تحالف الجمهور الحاكم، وخسر مرشحها للرئاسة، وخرجت من الانتخابات البرلمانية بنيجةٍ أبقت على أحزابها في مواقعها السابقة على خريطة القوى السياسية التركية إلى حين إجراء انتخابات أخرى.
- حزب الشعب الجمهوري
حزب الشعب الجمهوري، حزب علماني يساري التوجه، وهو المنافس الأبرز وقائد المعارضة التركية في مقابل حزب العدالة والتنمية.
يتبنى الحزب بقيادة كمال كليتشدار أوغلو ما يُعرَف بـ”الأفكار الكمالية” (نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك)، ويرى نفسه وريثًا لقيم الجمهورية والعلمانية، ويصف نفسه بأنه “حزب ديمقراطي اجتماعي حديث، مخلص للمبادئ والقيم المؤسسة للجمهورية التركية”.
حاول الحزب تغيير خطابه السياسي، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، ووعد رئيسه باحتضان كافة شرائح المجتمع مهما كانت أفكارهم وتوجهاتهم، ووجّه اعتذارًا رسميًّا باسم حزبه للشريحة المحافظة وللمحجبات على “أخطاء الماضي”، طالبًا منهم السماح[14].
يحظى الحزب بشعبية عالية في أكثر من 20 ولاية، وارتفعت نسبة التصويت له في انتخابات 2023، وحصل على 169 مقعدًا، ولكن هذه المقاعد تشمل 39 مقعدًا، ذهبت إلى الأحزاب التي تحالف معها الحزب. كما خسر مرشح الحزب انتخابات الرئاسة.
يمكن أن نعزو هزيمة الحزب في الانتخابات البرلمانية والرئاسية إلى أسباب عديدة، هي في مجملها أخطاء ومشاكل في أداء الحزب.
هذه الأخطاء والمشاكل سوف تزداد آثارها السلبية على الحزب بعد أن انتهت الانتخابات، وسوف تؤثر على استقراره، وبالتالي على وضعه في الخريطة السياسية التركية، وعلى أدائه في المرحلة المقبلة، التي يجب أن يستعد فيها لانتخابات البلدية. ويمكن أن نذكر منها ما يلي:
- الزعامة غير المقنعة، فرئيس الحزب ليس زعيمًا صاحب كاريزما قيادية.
- تمسك رئيس الحزب بالترشح للرئاسة رغم هزائمه المتتالية أمام حزب العدالة والتنمية، وفرض اسمه على التحالف المعارض كمرشح للرئاسة.
- رفض رئيس الحزب الاعتراف بمسؤوليته عن الهزيمة، وتمسكه بمنصبه، وهو ما سوف يُدخِل الحزب في خلافات داخلية، قد تفضي إلى صراع على القيادة وانشقاقات.
- قيادة الحزب لتحالفٍ غير متجانسٍ في الأهداف السياسية العامة.
- استخدام الحزب للخطاب القومي المتطرف في التخويف من وجود اللاجئين السوريين.
- التخلي عن مبادئ الحزب الكمالية والعلمانية، لكسب أصوات الناخبين من جميع التيارات.
- التعامل مع حزب متهم بأنه الواجهة السياسية لتنظيم إرهابي، وهو حزب الشعوب الديمقراطي.
- خوف شريحة من الناخبين من قبول الحزب للوصاية الغربية.
- الإغراق في الشعبوية، وتقديم وعود غامضة لا أساس لها من الصحة، أو لا يمكن تحقيقها.
- ابتعاد الحزب عن الحكم لفترة طويلة، وخلو سجله من الإنجازات، وسوء الأداء في البلديات التي فاز بها الحزب، وهو ما أفقد الناخب الثقة في قدراته.
- الخطاب المثير لمشاعر المحافظين والمتدينين، خاصَّة فيما يخص حقوق المثليّين.
- انهيار الفكرة المحورية التي جمعت المعارضة خلف الحزب، وهي إسقاط أردوغان، وتعديل نظام الحكم، والعودة إلى النظام البرلماني.
ومع ذلك فإن الحزب يمتلك من الأدوات ما يمكنه من القيام بدور المعارض الرئيس للرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية، ولكنها تظل معارضة لمجرد إثبات الوجود وعرقلة مسيرة الآخرين، ما لم يقم بإيجاد حلول لأزماته التي أظهرتها الانتخابات الأخيرة، ومنها:
- تأييد الكتلة الصلبة من التيار العلماني، والتي تعادي أردوغان وحزبه، لأسباب أيديولوجية، بغض النظر عن إنجازاته في الحكم.
- امتلاك المنصات الإعلامية المتنوعة، والتي توفر للحزب أدوات للهجوم على النظام الحاكم.
- الدعم الخارجي الغربي، والذي يمكن استغلاله في عرقلة مسيرة الحزب الحاكم وخلق الأزمات.
- استغلال حالة الفراغ المفروضة على الحزب بسبب البُعد عن الحكم ومراكز صنع القرار، والتربص بالحزب الحاكم لخلق المشاكل وإحداث حالة من انعدام الاستقرار.
- وجود توازن نسبي بين المعارضة مجتمعة والتحالف الحاكم داخل البرلمان، وهو ما يمكن للحزب أن يستغله إذا أوجد صيغة للتعاون مع باقي أطراف المعارضة.
- حزب الجيد
حزب الجيّد، حزب ليبرالي وسطي قومي، ترأسه ميرال أكشينار، التي أسسته في 2017، بعد أن انشقت عن حزب الحركة القومية. وهو ثاني أحزاب المعارضة من حيث القوة والتأثير. ويحظى الحزب بقبول لدى شريحة من القوميّين الذين يرفضون تحالف حزب الحركة القومية مع حزب العدالة والتنمية.
يشارك الحزب في البرلمان بـ 43 مقعدًا. وعلى الرغم من أنه لم يخسر من حصته السابقة إلَّا مقعدًا واحدًا، إلا أنه يُعد من أكبر الخاسرين، لأن التوقعات بخصوصه كانت مرتفعة جدًّا.
ويعود عدم تقدم الحزب في الانتخابات البرلمانية إلى تراجع حاضنته الشعبية بسبب التواجد في تحالف يتعاون مع حزب الشعوب الديمقراطي، المتهم بالإرهاب.
- حزب الديمقراطية والتقدم
حزب الديمقراطية والتقدم، حزب منشق عن حزب العدالة والتنمية، ويرأسه نائب رئيس الوزراء السابق، علي باباجان، الذي أسسه في 2020.
يدعو الحزب الذي يوصف بأنه محافظ وليبرالي، إلى إصلاحات لتعزيز سيادة القانون والديمقراطية، ويعارض سياسات الرئيس أردوغان في معظم النواحي، ويركز بشكل خاص على ملف الاقتصاد.
ويؤكد الحزب على أنه يعمل على تعزيز حكم القانون، وحرية الصحافة، والنظام البرلماني، وحقوق المرأة، والانتقال إلى جيش محترف، وحل المشكلة الكردية، وحل مشكلة اللاجئين. ويولي الحزب أهمية للأسرة.
حصل الحزب على 14 مقعدًا في انتخابات 2023، من خلال تحالفه مع حزب الشعب الجمهوري، ويقود جهودًا لتكوين كتلة داخل البرلمان من الأحزاب الصغيرة، وهو ما يقلل من كتلة حزب الشعب.
- حزب المستقبل
حزب المستقبل، حزب منشق عن حزب العدالة والتنمية، ويرأسه رئيس الوزراء السابق، أحمد داوود أوغلو، الذي أسسه في 2019.
يُحسَب حزب المستقبل بالنظر إلى خلفية مؤسسيه على يمين الوسط والتيار المحافظ، ويؤكد مؤسسه على أن حزبه يتبنّى سياسة منفتحة قائمة على الحريات والتعددية، ولكنها قائمة في الوقت نفسه على “احترام العادات وتقاليد المجتمع”.
ويعارض الحزب النظام الرئاسي المعمول به في البلاد، ويدعو لإعادة تطبيق النظام البرلماني، وإلى تعليم اللغة الكردية لغة ثانية لجميع الأتراك، بينما يعبر عن رفضه الخطاب العنصري ضد اللاجئين والأجانب، ويتبنّى عوضًا عن ذلك الدعوة إلى العودة الطوعية للاجئين السوريّين بعد توفير البيئة الآمنة في بلادهم[15].
حصل الحزب على 11 مقعدًا برلمانيًّا بعد أن دخل الانتخابات على قوائم حزب الشعب الجمهوري، وهو انتصار لا يُعبّر عن القاعدة الانتخابية للحزب.
- حزب السعادة
حزب السعادة، حزب إسلامي محافظ، تأسس عام 2001، وهو امتداد لحزب الفضيلة الذي أسسه نجم الدين أربكان، وحلته السلطات التركية.
تستند أيديولوجية الحزب إلى تعاليم الإسلام، وتسعى إلى تعزيز القيم والتقاليد الإسلامية في البلاد، ويؤكد برنامج الحزب على أهمية القيم الأسرية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، مع الدعوة إلى سياسة خارجية أكثر حزمًا واستقلالية.
يعارض الحزب العلمانية، ولكن خلافه مع حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان دفعه إلى التحالف مع حزب الشعب الجمهوري وغيره من الأحزاب العلمانية.
حصل الحزب على على 10 مقاعد في انتخابات 2023، بعد أن خاض الانتخابات على قوائم حزب الشعب الجمهوري. وهي نتيجة غير متوقعة في ظِل النسب المتدنية لأصوات ناخبيه.
- الحزب الديمقراطي
الحزب الديمقراطي، حزب قومي يميني محافظ، حصل على 3 مقاعد في البرلمان، بعد أن شارك في الانتخابات على قوائم حزب الشعب الجمهوري.
رابعًا: القوى الكردية
يبلغ تعداد الأكراد في تركيا 15 مليون نسمة، ويمثلون نحو 20 بالمئة من السكان. ويخوض الأكراد صراعًا سياسيًّا وعسكريًّا ضد الدولة المركزية من أجل الحصول على أكبر قدر من الحقوق السياسية والثقافية، وتتراوح المطالب الكردية ما بين الحكم الذاتي والاستقلال التام عن الدولة التركية.
ويمثل أغلبية الأكراد مجموعة من الأحزاب السياسية التي يُتهَم بعضها بأنه واجهة سياسية للتنظيمات المسلحة التي تحارب الدولة المركزية، وتتهم بالإرهاب.
1 – الأحزاب السياسية
شكل الأكراد مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية التي ينتمي أغلبها إلى التيار اليساري، وتحظى بشعبية كبيرة في الولايات ذات الغالبية الكردية في جنوب وشرق البلاد، مثل ديار بكر ووان وماردين وباتمان وشرناخ، فضلا عن وجود ملايين الأصوات الكردية في كبريات المدن التركية مثل إسطنبول وأنقرة وأزمير.
وتخوض هذه الأحزاب صراعًا سياسيًّا مع الدولة التركية من أجل الحصول على ما تعتبره حقوقًا سياسية وثقافية للأقلية الكردية، وتُتَّهم هذه الأحزاب بأنها الواجهة السياسية للتنظيمات المسلحة الكردية، وهو ما يجعلها عرضة للحظر والحَل، ولهذا يلجأ الأكراد إلى تشكيل أحزاب جديدة بنفس الكوادر القديمة.
ولكن هذه الأحزاب لا تمثل الأكراد بالكامل، لوجود شريحة كردية محافظة، تدعم الرئيس أردوغان، الذي أحدث تغييرًا في ولاياتهم منذ مجيئه للسلطة، بالإضافة إلى رفضهم لموقف الأحزاب الكردية من التنظيمات المسلحة، المتهمة بالإرهاب.
- حزب الشعوب الديمقراطي
حزب الشعوب الديمقراطي، أحد الأحزاب اليسارية ذات الأغلبية الكردية. وبحسب قانون الحزب، فإنه يمثل المضطهدين والمُهمَّشين، ويُدافع عن حقوق النساء والمثليّين والأقليات والشباب في المجتمع، ويدعو إلى مساواة هذه الفئات مع غيرها، ويسعى لتسليم سلطة الديمقراطية للشعب، وتغيير النظام التركي الذي يعتبره غير ديمقراطي في ظِل حكم العدالة والتنمية[16].
يحظى الحزب بمباركة قوية من زعيم حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان، الذي يعتبره محطة تاريخية مهمة في النضال من أجل الديمقراطية في تركيا، ولكن الحزب ينفي أي صلة بهذا التنظيم المسلح.
وعلى الرغم من نفي حزب الشعوب أي صلة له بحزب العمال الكردستاني، فإن أهدافه الرئيسة تلتقي مع أهداف حزب العمال في ما يتعلق بمطالب الحكم الذاتي، ووقف العمليات العسكرية التركية ضد التنظيم وفرعه السوري، وحدات حماية الشعب الكردية، من منظور أن استخدام القوة أثبت أنه لا يُنهي الصراع التركي.
يُعد الحزب أكثر الأحزاب استقطابًا للصوت الكردي، ولكنه يواجه احتمالية الإغلاق بسبب الدعوى المرفوعة بحقه أمام المحكمة الدستورية العليا، لمنع مئات من أعضائه من ممارسة العمل السياسي، بتهم تتعلق بالإرهاب.
ولهذا، خاض الحزب انتخابات 2023 تحت مظلة حزب “اليسار الأخضر”، الذي تأسس ليكون بديلًا كرديًّا جاهزًا لكوادر الشعوب الديمقراطي حال إغلاقه بقرار من المحكمة.
وَجَّه الحزب أنصاره لدعم مرشح تحالف الأمة، كمال كليتشدار أوغلو، في انتخابات الرئاسة. ووَعد في بيانه بالعمل لوقف العمليات العسكرية التركية ضد التنظيمات الكردية، وإلغاء مادة الديانة الإلزامية، وإنشاء وزارة للدين بدلاً من وزارة الشؤون الدينية، والانسحاب من سوريا والعراق. وإقرار حق المرأة في الإجهاض، وإلغاء مشاريع واتفاقيات محطات الطاقة النووية، وإلغاء مشروع قناة إسطنبول، وإلغاء هيمنة السلطة التنفيذية والتشريعية على القضاء[17].
حصد الحزب نسبة أقل من 9 بالمئة من أصوات الناخبين، بواقع 61 مقعدًا، بعد أن بلغت نسبة ما حصده في انتخابات 2018 نحو 12 بالمئة، وبواقع 67 مقعدًا .
وهذا يعني تراجع الحزب بنسبة 3 بالمئة، وبواقع نحو مليون و300 ألف صوت، فاقدًا 6 مقاعد برلمانية، بدلًا من زيادة نسبة أصواته ومقاعده، وكان البعض يأمل وقت الدعاية الانتخابية أن يحصد الحزب 100 مقعد.
وفي أعقاب الانتخابات، أعلن مدحت سنجار وبرفين بولدان، الرئيسان المشتركان لحزب الشعوب الديمقراطي، عدم ترشحهما لقيادة الحزب الفترة المقبلة بعد تراجع التصويت له. كما أعلن زعيم الحزب، صلاح الدين دميرطاش، من محبسه اعتزال العمل السياسي.
- دلالات التراجع الكردي
يمكن القول إن النتيجة التي حققتها حزب الشعوب الديمقراطي، كانت مخيبة للآمال بالنسبة لقيادات الحزب وأنصاره. فقد تراجعت نسبة التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي، وإنْ بقي الحزب في مكانه كثاني كتلة حزبية معارضة بعد حزب الشعب الجمهوري.
كانت التكهنات كلها تشير إلى أن الأكراد هم الكتلة التي سوف ترجح الحزب والرئيس الفائزين بالانتخابات الأخيرة، وفي سبيل ذلك، غامر تحالف الأمة بالتحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي، كحليف من خارج الطاولة السداسية، لضمان أصوات الأكراد، على الرغم من المشاكل التي أحدثها هذا التحالف، والاتهامات التي وجهت لأحزاب تحالف الأمة بالتعاون مع حزب يدعم الإرهاب.
لم يفلح الحزب في المحافظة على حصته البرلمانية، ولم ينجح في توصيل مرشح المعارضة للرئاسة، وخسر كل الوعود التي وعده بها تحالف الأمة حال وصوله للحكم، والتي قيل إنها تحتوي على خروج السجناء الأكراد، والحكم الذاتي.
وثمَّة دلالات على هذا التراجع، منها ما يلي:
- فشل دعايات الحزب التي اتهم فيها العدالة والتنمية بقمع التطلعات القومية الكردية، واضطهاد الساسة والشخصيات العامة والمثقفين والإعلاميّين الأكراد، وممارسة سياسات اقتصادية غير تنموية في المناطق الكردية.
- رسائل الدعم التي كانت تصدر عن قيادات حزب العمال الكردستاني في معقلهم بجبل قنديل بالعراق، والتي كانت تؤكد العلاقة بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال المتهم بالإرهاب، وهي علاقة لا تحظي بترحيب قطاعات من الأكراد الذين لا يؤيدون الانفصال والعمليات المسلحة.
- سوء أداء حزب الشعوب في السنوات الماضية، وانحيازه لقضايا لا علاقة لها بالقضية الكردية، مثل قضايا البيئة والمساواة بين الجنسين وحقوق المثليّين، وهو ما أفقده ثقة شريحة من الناخبين.
- التحالف مع مرشح حزب الشعب الجمهوري في انتخابات الرئاسة، على الرغم مما يحمله الأكراد من ذكريات سيئة تجاه هذا الحزب الذي كان يسيء معاملة الأكراد. وإدراك الناخب الكردي استحالة تنفيذ الوعود التي تلقاها حزب الشعوب من تحالف الأمة، خاصَّة وأن هذه الوعود خطوط حمراء بالنسبة للشعب التركي والتيار القومي المتنامي.
- في مقابل التراجع الكردي، نجح حزب التنمية والعدالة في الحصول على قرابة 40 في المئة من مجموع الأصوات في الولايات الـ15 ذات الأغلبية الكردية، سواء في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، وصار للحزب تمثيلًا برلمانيًّا كرديًّا لا يقل عن 45 مقعدًا.
- بروز دور حزب “هدى بار” الكردي، المتحالف مع العدالة والتنمية، ودخوله البرلمان بثلاثة نواب، ليكسر أحادية التمثيل القومي اليساري للأقلية الكردية بالبرلمان.
لم يعد بإمكان الكتلة الكردية التي تحالفت مع المعارضة القدرة على تحقيق شيء من الوعود الكثيرة التي وعدت بها ناخبيها خلال الخمس سنوات المقبلة، في مقابل تحركات من حزب العدالة والتنمية لكسب الأكراد إلى صفه، عن طريق التحالف مع حزب هدى بار، وتعيين قيادات للدولة من أصول كردية، منهم نائب الرئيس، جودت يلماظ.
2 – التنظيمات المسلحة
تخوض مجموعة من التنظيمات الكردية نزاعًا مسلحًا ضد الدولة التركية، وهي التنظيمات التي تصنفها الحكومة إرهابية، وتحاربها في معاقلها داخل الحدود العراقية والسورية.
ولهذه التنظيمات تأثير كبير على المناطق الكردية، بما تقوم به من عمليات للتجنيد، وعلى عموم البلاد باستهدافها لقوات الجيش والشرطة والمواطنين، وهو ما يؤثر على أمن البلاد وحالة الاستقرار المطلوبة لأي عملية تنموية تتبناها الدولة، خاصَّة في المناطق ذات الكثافة الكردية.
كما أن هذه التنظيمات التي يتواجد أنصار وممثلون لها في البلاد الأوروبية تعد أحد أسباب الخلافات بين تركيا وأوروبا، حيث تتهم أنقرة دولًا أوروبية بدعم الإرهاب وتعريض الأمن التركي للخطر.
- حزب العمال الكردستاني
حزب العمال الكردستاني (PKK)، تنظيم ماركسي، تأسس في عام 1978، بقيادة عبدالله أوجلان، الذي يقبع في السجن. ويدعو إلى إقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا، وهي منطقة ذات غالبية كردية. لكن الفصيل تراجع لاحقًا عن إعلانه هذا، وانصب تركيزه في السنوات الأخيرة على تعزيز الحكم الذاتي للأكراد.
يقود الحزب تمردًا مسلحًا ضد الدولة التركية منذ عام 1984، كلف الاقتصاد التركي ما يقدر بنحو 300 إلى 450 مليار دولار، معظمها تكاليف عسكرية، كما أثر الصراع على السياحة التركية، قبل أن تنجح السلطات التركية في الحد من عمليات الحزب على الأراضي التركية، ومهاجمته في معاقله خارج الحدود، خاصَّة في جبل قنديل بشمال العراق.
يمتلك الحزب لوبي قوي في أوروبا، يستطيع أن يحشد مظاهرات في عدة عواصم أوروبية في وقت واحد، إضافة إلى دعم مالي يستطيع الأكراد العاملون في أوروبا تأمينه للحزب.
شرعت الحكومة التركية، بقيادة الرئيس أردوغان، في مفاوضات مع حزب العمال في عام 2013، لإيجاد حل للأزمة الكردية، ولكن القتال استؤنف بينهما بعد انهيار وقف إطلاق النار في 2015.
كانت آخر العمليات الإرهابية الكبرى المتهم بها الحزب في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقبل الانتخابات بأشهر، فيما وُصِف بأنه محاولة للتأثير على الحكومة.
أيد حزب العمال الكردستاني تحالف الأحزاب الكردية مع المعارضة التركية لإسقاط الرئيس أردوغان وإزاحة حزب العدالة والتنمية عن السلطة، بعد وعود من كليتشدار أوغلو بإعادة مناقشة المسألة الكردية داخل البرلمان، وحديث عن وعود بمنح الأكراد إدارة ذاتية، والإفراج عن قياداتهم، وهو ما لن يتحقق بعد أن خسرت المعارضة في انتخابات البرلمان والرئاسة.
- تنظيم صقور الحرية الكردستاني
ثمَّة تنظيمات مسلحة أخرى، يعد بعضها امتدادًا أو فرعًا من حزب العمال الكردستاني، منها تنظيم “صقور الحرية الكردستاني” (TAK)، وهو تنظيم قومي كردي متطرف مسلح، مصنف إرهابيًّا، وينشط في تركيا وشمال العراق.
ينفي التنظيم الذي قام بعمليات في كبرى المدن التركية عن نفسه التبعية لحزب العمال الكردستاني، ولكن يُنسَب إلى عناصر من حزب العمال أن الحزب يتخفى خلف أسماء تنظيمات أخرى لتبني عملياته لتجنب غضب الرأي العام، ومنها تنظيم صقور الحرية، الذي يتكون من عناصر من حزب العمال[18].
خامسًا: الهيئات المستقلة
تعد الهيئات المستقلة عن الإطار الرسمي للدولة شكلًا من أشكال القوى الفاعلة في المشهد السياسي التركي، لما تمتلكه من أعضاء وإمكانيات تؤهلها للضغط من أجل تحقيق أهدافها، وحماية مصالحها، وتجاوز الدور الوظيفي إلى التأثير السياسي والمجتمعي، وفي مقدمة هذه الهيئات جمعيات رجال الأعمال والجماعات الصوفية والنقابات العمالية.
1 – جمعيات رجال الأعمال
توجد في تركيا جمعيتان كبيرتان لرجال الصناعة والأعمال، يمثلان أهمية كبيرة للاقتصاد التركي، ويملكان من القوة ما يؤهلهما للتدخل في الشأن السياسي، وهما توسياد، وموصياد.
- جمعية توسياد
تأسست جمعية الصناعيّين ورجال الأعمال الأتراك “توسياد” في 1971، ونصَّ نظامها الداخلي على “تنمية التركيبة الاجتماعية المخلصة والوفية لأهداف ومبادئ أتاتورك في الحضارة العصرية، والعمل على ترسيخ مفهوم دولة القانون العلمانية والمجتمع المدني الديمقراطي”[19].
والجمعية هي أقوى كيان اقتصادي تركي، لامتلاكها قدرة تمثيلية مهمة في مجالات التجارة والصناعة والتمويل والصادرات، وتسيطر على 50 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 85 بالمئة من تجارة تركيا الخارجية، ويوظف منتسبوها 50 بالمئة من الأيدي العاملة، فضلًا عن دفعهم ما يقرب من 80 بالمئة من الضرائب في عموم تركيا.
اقتصر تأثير توسياد في البداية على الأمور التجارية والصناعية، ولكنها اكتسبت من القوة في نهاية السبعينات ما جعلها تؤثر في الشأن السياسي، وتدفع قادة المؤسسة العسكرية المسيطرين على البلاد لحماية مصالحها، فتسببت في إسقاط حكومات، مثل حكومة بولنت أجاويد، وحكومة نجم الدين أربكان.
كانت قوة “توسياد” تكفيها لعقد التحالفات السياسية والقيام بأي مشروع تريده، بل وعرقلة أي مشاريع حكومية قد تضر أرباحهم. فعلى سبيل المثال، عارضوا الاستثمار في السكك الحديدية، كون توسياد هي المتحكم بقطاع السيارات، وكون مشروع سكك الحديد ينقص من أرباح بيعهم للسيارات وإطاراتها.
وبالإضافة إلى إمبراطوريتها الاقتصادية، سيطرت توسياد على الصحافة والإعلام وعالم الأزياء والفن وكرة القدم، ودور النشر والبنوك وسوق الأوراق المالية والجامعات الخاصة[20]، وهو ما جعلها قوة مؤثرة على كافة المجالات في المجتمع التركي.
استفادت توسياد من الطفرة الاقتصادية التي حدثت في حكم أردوغان، ولم يكن هناك ما يدعو للعمل ضده، رغم الخلاف الأيديولوجي بين الطرفين. ولكن العلاقة تأزمت بينهما في العامين الماضيّين، بسبب معارضة الجمعية لسياساته الاقتصادية.
وطفا الخلاف بين توسياد وأردوغان بعد أن تبنى سياسة خفض أسعار الفائدة، وهو ما رأى فيه أعضاء توسياد سببًا للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وكان رد الرئيس على انتقاداتهم العلنية حاسمًا، حينما دعا “توسياد” لتنفيذ مهمتها الوحيدة: الاستثمار والإنتاج والعمالة والنمو، وألَّا تبحث عن طرق جديدة لمهاجمة الحكومة، لأنه لا يمكنها ذلك، نظرًا إلى كونه خبيرًا بكل خفاياها، في إشارة منه إلى إدراكه للدور الذي يمكن أن تقوم به الجمعية ضد حكومته.
- جمعية موصياد
تأسست جمعية رجال الأعمال والصناعيّين المستقلين التركية، أو المعروفة اختصارا بموصياد، في 1990، بهدف تمثيل مصالح مجموعة من أصحاب الأعمال الذين كانوا من مدن أناضوليّة.
وتهدف الجمعية إلى تشجيع رجال الأعمال الأتراك على توسيع أعمالهم خارج تركيا، إضافة إلى توفير الفرص لتطوير أنفسهم وتأسيس الشراكات مع المنظمات الدولية خارج بلادهم.
وحظيت الجمعية في بدايتها بدعم سياسي من نجم الدين أربكان، الذي احتضن هذه الجمعية أثناء توليه رئاسة الوزراء، لخلفيات أعضائها المحافظة والمتدينة، والذين رفعوا شعار: “أخلاق عالية – تكنولوجيا عالية”. وهو ما يدل على تأكيد الجمعية على العلاقة بين الاقتصاد وأهمية التدين للفرد والمجتمع[21].
وبذلك برزت طبقة من رجال الأعمال تعتمد على تصورات مخالفة لرجال الأعمال الذين كانوا يتمسكون بالعلمانية والفصل بين القيم الدينية والاقتصاد والسياسية.
تضم الجمعية 10 ألاف رجل أعمال تركي، و60 ألف شركة توظف ما يقرب من 1.8 مليون موظف وعامل، وتمارس نشاطها عبر 89 مكتبًا يمثلها في جميع أنحاء تركيا، بالإضافة إلى 225 نقطة تواصل وخدمات استشارية في 95 دولة حول العالم.
تعتبر الجمعية واحدة من أكبر إمبراطوريات الأعمال حول العالم، وأحد أذرع تركيا الاقتصادية داخليًّا وخارجيًّا، والأهم أنها تمثل جسر تركيا للتواصل الاقتصادي مع العالم بأسره، لتشكل بذلك واحدًا من أكبر وأهم التكتلات الاقتصادية وأنجحها حول العالم.
وتتّسم رؤية موصياد بالتوافق مع رؤى أردوغان في السياسة الداخلية والخارجية، التي تهدف إلى تخفيف حضور وتأثير المؤسسة العسكرية على المشهد السياسي في البلاد، وتدعم توجه أردوغان للتمدُّد ضمن ما يُعرَف بـ”العالم التركي” و”النطاق العثماني”، انطلاقًا من تلاقيهما في الفكر الإسلامي المحافظ، فضلًا عن دعم الجمعية مساعي الانضمام للاتحاد الأوروبي.
كما تدعم موصياد برنامج أردوغان الاقتصادي، وتؤكد ثقتها في الاقتصاد التركي الذي حقّق نموًّا سنويًّا بمتوسط 5.3 بالمئة على مدى السنوات العشرين الماضية دون المساس بظروف السوق الحرة، فيما تدعو أعضاءها وجميع شركات تركيا لأخذ خطوات جدّية من أجل خفض أسعار السلع والخدمات.
وبحكم نفوذ موصياد وتمددها داخل تركيا وخارجها، صارت الجمعية جزءًا من دعائم حكم حزب العدالة والتنمية، وسياساته الداخليّة والخارجيّة، سواء على مستوى توفير القاعدة والنفوذ للحزب داخل تركيا، أو عبر توفير وسائل لدعم السياسات الخارجيّة للتمدد الناعم في أقاليم متعددة، من آسيا الوسطى، إلى البلقان والشرق الأوسط[22].
2 – الجماعات الصوفية
تشكل الجماعات الصوفية أحد أهم العناصر الفاعلة في الحياة الاجتماعية والسياسية التركية، بما تملكه من تاريخ يمتد لمئات السنين، وانتشار واسع، يتمثل في نحو 30 طريقة، وما يقرب من 400 فرع تابع لها[23].
وقد حافظت هذه الجماعات على وجودها بعد قيام الجمهورية وحظر الهيئات الدينية، من خلال عملها السري، حيث استفادت من حالة الحظر التي فرضت عليها في الوصول إلى عمق المجتمع التركي، فأنشأت شبكة من العلاقات السرية مع مختلف شرائحه. ولهذا سارع الناس إلى الالتفاف حول الطرق والجماعات الصوفية بعد رفع الحظر عن الأنشطة الدينية.
وتأتي الطرق القادرية والبكتاشية والمولوية والخلوتية في صدارة الجماعات الصوفية، ولكن أهمها النقشبندية، التي يعمد شيوخها إلى تعزيز حضور الطريقة ونشرها في أوساط أساتذة الجامعات، وموظفي الدولة، وأبناء الطبقة الوسطى، من التكنوقراط، وأصحاب المهن الحرة، هذا إلى جانب أوساط من المثقفين، ورجال الأعمال، ورؤساء الأحزاب السياسية[24].
تغيّر المشهد في تركيا بعد وصول العدالة والتنمية للحكم، وبدأت الجماعات الصوفية في التحرر من العلمانية التي حاربتها، وشرعت في ممارسة نشاطها العلني في المجتمع، فأقامت المستشفيات والمساجد، وقدمت المساعدات المالية للفقراء، ووجبات طعام يومية للطلبة والمحتاجين، وشيدت بيوتًا للعجزة ومراكز للأيتام، وقدمت المنح للطلبة المحتاجين والمساعدات المادية لفقراء المسلمين في تركيا وكل بلد استطاعت الوصول إليه في العالم.
وتظهر قوة شيوخ الطرق الصوفية خلال الانتخابات، حيث يخطب السياسيون ودهم، طمعًا في الحصول على أصوات مريديهم، خاصة النقشبندية التي يتجاوز أتباعها في إسطنبول وحدها مليون شخص.
ومقابل الأصوات، يُقدِّم السياسيون والمرشحون الوعود للطرق بمنحها عددًا من التسهيلات، كأن يسمحوا لها بإقامة المدارس أو الأوقاف.
ولمعرفة الأهمية السياسية لهذه الجماعات، يكفي أن نشير إلى فرقة واحدة من فرق الطريقة النقشبندية، التي يتبعها حوالي 4.5 ملايين شخص، وهي جماعة إسماعيل أغا، التي دعمت الأحزاب الأصولية منذ أن بدأت التعددية الحزبية في تركيا، ووقفت ضد انقلاب 2016، وأصدرت تعميمات على أتباعها بالتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان في الانتخابات.
ولكن هذا لا يعني أن أصوات الصوفية محجوزة كلها لحزب العدالة والتنمية المحافظ، لأن هناك جماعات تطالب أتباعها بالتصويت لأحزاب أخرى، وهو ما حدث من جماعة السليمانية التي تتهم بالمشاركة في انقلاب 2016، وقررت دعم كليتشدار أوغلو وحزب الشعب الجمهوري في 2023م[25].
3 – حركة “خدمة”
حركة “خدمة” هي تنظيم أسسه فتح الله غولن، عام 1970، ويوصف بأنه حركة اجتماعية إسلامية صوفية تركز على مسلمي تركيا، وتنفتح على الغرب، وتعتمد في مرجعيتها على فكر غولن، وتستهدف الفئة المتعلمة المثقفة من الشعب، خاصَّة قطاع الطلاب، وتعمد إلى تمييع الدين والتركيز على الجانب الصوفي كوسيلة للتغلغل في المجتمع التركي.
وتركز الحركة على التعليم، من خلال بناء المدارس في تركيا وخارجها، والتي تعتبر وسيلة لإعداد كوادر تتولى مناصب في الدولة مستقبلًا، لتبقى الحكومات دائمًا تحت وصايتها. كما أنها اخترقت المجتمع التركي عن طريق إنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية.
وقبل انقلاب 2016 الذي اتهم غولن بالوقوف وراءه، كانت الحركة تدير أكثر من 1500 مدرسة، بالإضافة إلى 16 جامعة خاصَّة، في أكثر من 140 دولة. بالإضافة إلى وكالة أنباء، ومجموعة من القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، التي تبث بالتركية وعدة لغات أجنبية لكل أنحاء العالم، ومجموعة من الصحف، وبنك آسيا، وجمعية “توسكون” التي تجمع رجال الأعمال الموالين لغولن.
وتصف الحكومة التركية جماعة فتح الله غولن بـ”الكيان الموازي”، وتقوم منذ 2016 بحملة مكافحة واسعة للتنظيم، مستهدفة تطهير مؤسسات الدولة من كوادره. ولكن هذا لا يعني أن الحركة فقدت تواجدها في الساحة التركية، وهو ما تدل عليه حالة التحفز من جانب السلطات التركية، وعمليات الاعتقال المستمرة لأفراد من الحركة التي تعتمد على التنظيم الهرمي المحاط بسرية تامة ومعقدة[26].
وثمَّة ما يُشير إلى أن الغرب مايزال يراهن على هذه الحركة، وهو ما يبدو من إيواء أمريكا لغولن، ومنح اللجوء السياسي لعدد من ضباط التنظيم في الدول الأوروبية.
4 – النقابات العمالية
تعبر عن مصالح العمال في تركيا، والذين يتجاوز عددهم 30 مليون عامل، مجموعة من الاتحادات العامة للنقابات، والتي تضم نقابات فرعية عديدة، تتنقل بين هذه الاتحادات وفق الظروف والمصالح.
ويأتي في صدارة هذه الاتحادات النقابية الكبرى، اتحاد النقابات العمالية التركية (TURK İş)، الذي يضم 33 تقابة فرعية، واتحاد نقابات العمال الثوريّين (DISK)، الذي يضم 21 نقابة فرعية، والاتحاد القومي لنقابات العمال (MSK)، الذي يضم 6 نقابات فرعية، واتحاد النقابات العمالية التركية (Hak İş)، الذي يضم 20 نقابة فرعية، واتحاد نقابات عمال متقاعدي الخدمة العامة (KESK).
وتهتم هذه الاتحادات النقابية بقضايا مهمة، مثل تنفيذ اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وحماية العمال، واعتماد حد أدنى للأجور يحترم كرامة الإنسان، وحرية التعبير وحرية التنظيم. وتضغط من أجل مصالح العمال من خلال الإضرابات والمظاهرات.
وثمَّة علاقة وثيقة بين الأهداف التي تسعى الاتحادات العمالية التركية لتحقيقها، وبين مرجعياتها الأيديولوجية والأحزاب السياسية المسيطرة عليها، وهو ما يجعها تؤثر في الحياة السياسية وتتأثر بها في آن واحد، فقد وقفت هذه النقابات مع حقوق العمال، وربطت هذه الحقوق بالحريات السياسية، ما جعلها عرضة للحظر من جانب الحكومات الاتقلابية في تركيا.
ولكن هذه النقابات استخدمت قوتها في بعض الأحيان للضغط على الحكومات من منطلق أيديولوجي، أو لتحقيق مصالح سياسية، مثل تعيين ممثلين للعمال في البرلمان والحكومة.
سيطر اليساريون والقوميون على العمل النقابي في تركيا لفترات طويلة، ولكن مع تأسيس اتحاد النقابات العمالية التركية (Hak İş)، في عام 1976، بدأ المحافظون وأصحاب الميول الإسلامية في التواجد داخل الحركة النقابية.
كان شعار الاتحاد في البداية يحتوي على علامة مصنع ومنارة جامع، في إشارة واضحة إلى توجهات الاتحاد المحافظة. وتضمن نظامه الداخلي دعوة لمساندة العمال وأصحاب العمل على السواء، ومقاومة الشيوعية والصهيونية والفاشية[27].
ولم تتوقف نشاطات هذا الاتحاد على الداخل التركي، وإنما تجاوزت أنشطته مجاله النقابي، وصارت عابرة للحدود، بعدما أسس ائتلافًا نقابيًّا عالميًّا لنقل أبعاد القضية الفلسطينية بشكل صحيح للرأي العام العالمي[28]. وهو ما يتوافق مع اتجاه الحكومة التركية تجاه القضية الفلسطينية.
خاتمة
تنوعت أشكال القوى الفاعلة في المشهد السياسي التركي، ما بين قوى فاعلة رسمية، يقع أغلبها تحت سيطرة حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان. وأخرى غير رسمية، أو مستقلة، تستفيد من انتشارها المجتمعي أو تمثيلها لقاعدة عريضة من الأعضاء، وتتمتع بقوة تنظيمية كبيرة وإمكانيات هائلة، الأمر الذي يؤهلها للعب دور في المشهد السياسي التركي، سواء بتأييد الحكومة، أو بالضغط عليها، لحماية مصالحها، وفقًا للأيديولوجية التي تهيمن على معتقدات أعضائها. هذا بالإضافة إلى الأحزاب السياسية التي تقاس قوتها على حسب قاعدتها الانتخابية وتمثيلها البرلماني.
[1] – الجزيرة، رسائل ودلالات التشكيلة الحكومية الجديدة في تركيا، 04-06-2023، https://cutt.us/ru8Qb
[2] – تركيا اليوم، صحفي مقرب من المعارضة: حزبا داود أوغلو وباباجان على وشك الاتحاد، 06-06-2023، https://cutt.us/7XCSq
[3] – بي بي سي عربي، ما صلاحيات أردوغان في ظل النظام الرئاسي؟، 26-06-2018، https://cutt.us/fSeDO
[4] – Daily Sabahعربية، رئيسة المحكمة الإدارية العليا: التعديلات الدستورية الأخيرة عززت مبدأ الفصل بين السلطات، 10-05-2017، https://cutt.us/XdsOp
[5] – الجزيرة، 5 سنوات على انقلاب تموز الفاشل.. تحولات كبيرة يشهدها الجيش التركي، 15-07-2021، https://cutt.us/kSfCc
[6] – سكاي نيوز عربية، “أكبر مناورة عسكرية” للبحرية التركية وسط توترات الغاز، 13-05-2019، https://cutt.us/pbEUg
[7] – المركز الديمقراطي العربي، المؤسسة العسكرية التركية ودورها في عملية صنع القرار السياسي الخارجي، 20-09-2016، https://cutt.us/6EQHq
[8] – الجزيرة، مجلس الأمن التركي.. علنية الاجتماعات وسرية القرارات، 21-07-2016، https://cutt.us/KiXsu
[9] – صحيفة النهار، علي أرباش من رئيس للشؤون الدينيّة التركيّة إلى “شيخ الإسلام”، 22-09-2021، https://cutt.us/XC3uK
[10] – الميادين، تعرّف إلى التحالفات الانتخابية في تركيا، 06-05-2023، https://cutt.us/W4Awl
[11] – العربي الجديد، الانتخابات التركية: خريطة التنافس على الولايات الكبرى، 12-05-2023، https://cutt.us/C4G4a
[12] – ترك برس، “الرفاه الجديد”.. حزب أبصر النور على يد نجل أربكان وتحالف مع أردوغان، 02-04-2023، https://cutt.us/8D9dm
[13] – وكالة أنباء تركيا، تركيا.. قيادي سياسي: أردوغان الذي ذكر المسلمين بقوتهم وحضارتهم سيفوز في الانتخابات، 05-05-2023، https://tr.agency/news-174865
[14] – الميادين، الأحزاب السياسية الرئيسية في تركيا.. نشأتها ورصيدها البرلماني، 05-05-2022، https://cutt.us/He6Jn
[15] – الجزيرة، معظم مؤسسيه كانوا أعضاء بحزب العدالة والتنمية لكنهم انشقوا عنه.. حزب المستقبل التركي، 28-01-2023، https://cutt.us/vAgqw
[16] – الجزيرة، حزب الشعوب الديمقراطي، 10-12-2014، https://cutt.us/AUjCj
[17] – Yeni Safakالعربية، البيان الانتخابي، https://cutt.us/7xGtp
[18] – أورينت نت، تركيا.. صقور حرية كردستان، تنظيم مستقل أم غطاء لآخرين؟، 23-06-2023، https://cutt.us/kiecc
[19] – الجزيرة، الصراع من بوابة الاقتصاد، 03-11-2006، https://cutt.us/4wEk4
[20] – ترك برس، “التوسياد” و”الموصياد”.. إمبراطوريات الاقتصاد التركي، 10-05-2023، https://cutt.us/FHMJl
[21] – حفريات، كيف أصبحت جمعية “الموصياد” التكتل التركي الاقتصادي ذا الأدوار الأهم؟، 22-06-2023، https://cutt.us/bgdRI
[22] – حفريات، كيف أصبحت جمعية “الموصياد” التكتل التركي الاقتصادي ذا الأدوار الأهم؟، 22-06-2023، https://cutt.us/bgdRI
[23] – عربي 21، تعرف على خريطة انتشار الجماعات والطرق الإسلامية بتركيا.. “نفوذ قوي”، 13-05-2023، https://cutt.us/jEOu0
[24] – إضاءات، أي دور تلعبه الطرق الصوفية في السياسة التركية؟، 31-01-2017، https://cutt.us/zTxHw
[25] – عربي 21، تعرف على خريطة انتشار الجماعات والطرق الإسلامية بتركيا.. “نفوذ قوي”، 13-05-2023، https://cutt.us/IsX7u
[26] – المعهد المصري للدراسات، تركيا: محاولات التنظيم الموازي لتبرئة نفسه، 29-12-2017، https://cutt.us/2Iezf
[27] – إسماعيل نوري حميدي، الحركة النقابية في تركيا، مجلة آداب الرافدين، العدد 81، 2020م، ص 424
[28] – وكالة الأناضول، اتحاد عمال تركيا.. القضية الفلسطينية بقلب الأنشطة النقابية، 10-01-2020، https://cutt.us/6Rf15