مقدمة
بالرغم من أن السلطة التشريعية المصرية كانت قد أصدرت تعديلًا على قانون الإجراءات الجنائية في منتصف شهر يناير 2024، وهو القانون الذي أعلن عن بدء نفاذه في 17 يناير 2024م[1]، إلَّا أن الأجواء التشريعية في مصر كانت حبلى بتعديلات جديدة أكثر شمولًا، حتى إنها تتضمن تعديلات على التعديلات التي أدخلها القانون رقم 1 لسنة 2024، حملت معها جدلًا في المجال العام، وبخاصَّة فيما يتعلق بتأثير القانون على حقوق المصريين وحرياتهم.
ثمَّة فارق واضح في الحضور السياسي بين القانون رقم 1 لسنة 2024 وبين التعديلات المرتقب أن ينظرها مجلس النواب في مطلع أكتوبر 2024. ففيما تتعدد مواقف المعارضة المصرية والمنظمات الحقوقية من قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات، ليأتي على رأس اهتمامات المعارضة ظاهرتا أحكام الإعدام والحبس الاحتياطي، فإن قضية الإعدام نوقشت في أعقاب تعديلات يناير 2024، والتي أتت بغتة من دون حوار مجتمعي، ولم يدر حولها جدل سياسي كبير؛ لأن ما وقع قد وقع.
أما التعديلات الراهنة لبعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، فإنها كُشِفت مبكرًا، وبُني منها موقف سلبي تراكمي؛ وإن كان واهنًا، رغم حرص سلطة 3 يوليو على إخراج هذه التعديلات بصورة بالغة الإيجابية على نحو ما سنعرض له في حينه.
غير أن الجدل حول القانون ثار بعد إعلان رئاسة الوزراء المصرية موافقتها على مشروع القانون قبل الموافقة عليه في الجلسة العامة للبرلمان أو طرحه لنقاش مجتمعي، وبخاصة بعد تصريح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بأن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية على رأس أولويات الحكومة لتنفيذ الاستراتيجية القومية لحقوق الإنسان تنفيذًا لتوجيهات الرئاسة[2].
وفي هذا السياق، فإن التعديلات التي تتضمن 550 مادة، لم تطرح للنقاش المجتمعي، ولم تشر أية وسيلة إعلامية إلى كيفية حصول نقابة المحامين على نسخة منها. وإن بدا أن القانون قد وصل إلى النقابة عبر مكاتبة خاصة، وهو المفهوم من تصريح المستشار محمد عبد العليم كفافي المستشار القانوني لرئيس المجلس ومقرر اللجنة الفرعية لصياغة القانون[3].
التباين في المواقف يعكس تباينًا في الاقتراب السياسي من القانون، حيث حرص مجلس النواب على أن يتبنى مدخلًا أداتيًّا ينطلق من العلاقة العضوية بين الدولة والقانون، ويتعلق بمحض مواكبة المستجدات الكمية والتقنية، فيما كان اقتراب المعارضة اقترابًا سياسيًّا حقوقيًّا، وإن اختلفت تجليات هذا الاقتراب الحقيقي بين الأطراف التي عارضت القانون.
هذه الدراسة تجتهد في الإجابة عن تساؤلات حول فلسفة القانون ومثار الجدل حوله، وإطار صدوره المحلي والعالمي، وطبيعته، ومسار إقراره حتى تاريخ كتابة هذه السطور، والاحتكاكات التي شهدتها عملية إقراره، ومردوده المستقبلي.
أولًا: في طبيعة القانون
يمكن في هذا الإطار الحديث عن طبيعتين لقانون الإجراءات الجنائية، ومن ثمَّ التعديلات الواردة عليه:
أ. الطبيعة الأولى.. فلسفة القانون: هذه النوعية من القوانين تتعلق بالحقوق والحريات. فقوانين الإجراءات الجنائية شرعت في المقام الأول لحماية الحقوق والحريات من احتمالات إساءة الأجهزة الأمنية، والتي تحوز – منفردة – الحق المشروع في استخدام القوة القاهرة في مواجهة المجتمع، وتتمتع بحقوق الضبط القضائي، ما يمكنها – إن أرادت – من التلاعب بما يتعلق بالوقائع موضوع المخالفة ومحل الضبط.
ويواجه رأس سلطة 3 يوليو المجتمع الدولي فيما يتعلق بالمسألة الحقوقية بوجه مكشوف حاسم، وأعلن صراحة أنه لن يتراجع عن استهتاره بالحقوق والحريات، وسبق له أن قدم رؤية تتسم بـ”الخصوصية” أمام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال القمة التي جمعتهما في 28 يناير/كانون الثاني 2019، وذلك إثر مناشدة الأخير سلطة 3 يوليو باحترام حقوق الإنسان، فيما أثار رأس سلطة 3 يوليو في مواجهته قضية “الخصوصية الحضارية”، وإعادة تعريف مفهوم حق الإنسان، وصَكَّ مثقفو نخبته مبدأ مفاده أن “الشعب المصري هو صاحب الحق في تقييم ما يتمتع به من حقوق”[4]. وكان لافتًا أن هذا الموقف حدث في سياق صدور أحكام إعدام جماعية خلال عام 2018، بلغ عدد ضحاياها 737 مواطنًا مصريًّا[5].
ففي إطار الاقتراب الفلسفي، فإن الاقتراب المصري يمنح الأولوية المطلقة للحقوق الاجتماعية على الحقوق السياسية والحريات، ويعمد رأس سلطة 3 يوليو لانتهاج سياسة اجتماعية تقود إلى توسيع رقعة الفقر في المجتمع، ما يعني أن توزان الأولويات غير وارد في المستقبل القريب، وأن تغييب الحقوق السياسية والحريات أمر متوقع في الآماد القريبة والمتوسطة والبعيدة منها. وهذه رؤية تؤطر للتعديلات الواردة على قانون الإجراءات الجنائية المصري.
وبخلاف هذا الملمح الذي يكشف عن وجهة سلطة 3 يوليو حيال الشرطة والقانون، فإن تقرير لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب حول القانون وفلسفته[6]، ورغم اتسام حديث هذا التقرير عن فلسفة القانون بالضحالة وضعف الفقه القانوني، فإنه أشار إلى أن ملامح فلسفة القانون تكشف عن الآتي:
- جاء القانون في إطار الالتزام الدستوري القائم على الدولة بكفالة وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، بما يخفف من ضغط مجريات الوقائع على القضاء المصري.
- تحقيق عدد من الأهداف، أبرزها العدالة الناجزة، وتطبيق أفضل صورها، وتخفيف العبء على محكمة النقض، ووضع أفضل ضمانات للمتقاضين.
ولم يتضمن التقرير أكثر من هذين العاملين، متجاهلًا ثقل النخبة القانونية في مصر، وقدرتها على تحري ديباجة أفضل، وصياغة أقوى للقانون؛ حيث لم يفصل فيما أشار إليه عرضًا من تطورات في الظروف والمستجدات التي جعلت إصدار هذا القانون حتميًّا، ودلالة كل مستجد في إنتاج تطوير قطاعي في القانون.
ب. الطبيعة الثانية.. الطبيعة السياسية للقانون: وهي مرتبطة بالطبيعة الأولى جزئيًّا، لكنها تنصرف أكثر لتناول تأثير البيئة السياسية على القانون.
وتحوز سلطة 3 يوليو صيتًا سلبيًّا فيما يتعلق بعلاقتها بمجال الحقوق والحريات العامة وحتى الخاصة. وفي هذا الصدد، سبق لرأس سلطة 3 يوليو أن صرح، في إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة، بما مفاده أن ضابط الشرطة لن يُحاسَب إذا ما تجاوز في حق المتظاهرين مما يؤدي لوفاة أحدهم[7]. وقد تجاوز الأمر حد الصفح عن الضبَّاط في المواجهات التي تتعلق بالمجال العام؛ لصالح منح الضباط “حصانة ضمنية” حتى في حال إقدامهم على قتل خصومهم في المشادات حول التعسف في المخاطبة، واستغلال النفوذ، وحتى المشادات حول أخطاء إجراءات الضبط.
وفي هذا الإطار، ثمَّة نموذج الضابط علي لمعي، والذي قتل شابًا مصريًّا في “منطقة سيدي براني” بمحافظة مطروح، اسمه فرحات المحفوظي، إثر مشادة اختلفت الروايات حول سببها وموضوعها[8]، وأحيل الضابط إلى محكمة الجنايات، ليحصل في النهاية على البراءة فيما أدين أصدقاء “المحفوظي” بتهم التظاهر، وسُجن أحدهم مؤبدًا، فيما سجن اثنان آخران مدة خمس سنوات[9].
القضية أمام المجتمع الدولي:
سبق أن أشرنا لما طرحه رأس سلطة 3 يوليو من رؤية حول ما اعتبرها “خصوصية مصرية”. وكان لافتًا أن المؤتمر الصحافي الذي جمع رأس سلطة 3 يوليو بالرئيس الفرنسي قد حدث في سياق صدور أحكام إعدام جماعية خلال عام 2018، بلغ عدد ضحاياها 737 مواطنًا مصريًّا[10]. غير أن صدور تقرير بالتنويه لمسيرة أحكام الإعدام الجماعية في مطلع 2019 لم يمنع الاتحاد الأوروبي من عقد القمة العربية-الأوروبية في مدينة شرم الشيخ في 22 فبراير/شباط 2019[11]، ما يبدو معه وكأن البيئة الدولية لديها استعداد لقبول المقايضة بين أمن سواحلها من الهجرة غير الشرعية وبين أمن المصريّين الشخصي بشكل عام، وهو قبول طبيعي يمثل الفارق بين الرؤيتين الحاكمتين للمجال العام في كل من أوروبا ومصر.
أحيطت هذه القمة بتغطية إعلامية واسعة في إطار إنتاج صدمة لدى النخبة السياسية المصرية من الموقف الأوروبي الذي لا يبالي – حقوقيًّا – بموجة الإعدام الجماعي الذي تباشرها سلطة 3 يوليو. تغطية الموقف الجماعي المتمثل في القمة العربية – الأوروبية كان خاتمة جملة تغطيات لفعاليات ثنائية مصرية – أوروبية تمكنت بها سلطة 3 يوليو عبر رشاوى باهظة لكبرى الشركات الأوروبية من التمهيد لاستقبال رأس سلطة 3 يوليو على السجادة الحمراء في عدة دول محورية أوروبية، منها ألمانيا[12] والمملكة المتحدة[13] وفرنسا[14].
تأخر الموقف الأمريكي الصادم في حقيقته وفي تغطيته حتى القمة العالمية للمناخ (كوب 27) التي عقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية، حيث حرصت رئيسة الكونجرس الأمريكي حينها، نانسي بيلوسي، على الظهور أمام عدسات الكاميرات العالمية وهي تتأبط رأس سلطة 3 يوليو[15]، فيما يمكن اعتباره أمرًا صادمًا لمَن يعول على موقف دولي مؤيد لحقوق الإنسان؛ حيث كان رموز للمعارضة المدنية يتظاهرون حول مقر القمة، كما عقدت جلسات استماع على هامش القمة لرموز من المعارضة المدنية المصرية حول قمع سلطة 3 يوليو[16]. وللمفارقة، كانت التغطية الإعلامية العالمية لتحضيرات مصر لاستضافة قمة “كوب 27” تتضمن الإشارة لتحضيرات عبر انتهاكات حقوق الإنسان[17]، وكانت أبرز العناوين في هذا الصدد ما نشره موقع “الاشتراكية العالمية” تحت عنوان “السيسي في مصر يستعد لقمة المناخ 27 بقمع المعارضة”[18]. اللافت أن “بيلوسي” كانت حينها تترأس الكونغرس الذي سبق له أن استضاف الممثلين المصريّين: عمرو واكد وخالد أبو النجا، في جلسة استماع حول الحالة الحقوقية المتردية في مصر، في 27 مارس/آذار 2019[19]. ومع حضور الرئيس الأمريكي، جو بايدن، التقطت له صورة لدى مغادرته القمة وهو يتكأ اتكاءة حميمية على كتف رأس سلطة 3 يوليو[20]، رغم الدعاية السلبية التي ارتبطت بتغطية القمة.
وبينما جرت العادة على أن إثارة القضايا الحقوقية؛ والاستجابة لها بالتبعية، تبدأ من الضغوط الخارجية، فإن المشهد الخارجي يفيد بأن محاولة الظهور بمظهر المستجيب لنتائج “الحوار الوطني” لا تعكس أية ضغوط من العالم الغربي – فضًلا عمَّا عداه – على الإرادة السياسية لسلطة 3 يوليو ورأسها، بل الأكثر من هذا، وبصرف النظر عن مظهر الرئيس الأمريكي ورئيسة الكونجرس؛ والتي تمثل إحدى النسوة الأربعة المهيمنين اليوم على الحزب الديمقراطي، فإن رفض بعض نواب الاتحاد الأوروبي لتمتين العلاقات مع مصر، والتدخل لإنقاذها من أزمتها المالية، وهي جهود أعلن عنها في مارس 2024، وتبعتها إدانات من نواب أوربيّين، كشفت عن أن الاتفاق على الحزم التمويلية التي سيمنحها الاتحاد الأوروبي لمصر لم تكن مشفوعة بمطالب في الملف الحقوقي[21]، وأن الترتيبات الأوروبية المتعلقة بحقوق الإنسان، كما الترتيبات الأمريكية، هي ترتيبات روتينية لا تنطلق من إرادة سياسية، بل تنطلق من توجهات مستدامة لبيروقراطية الشؤون الخارجية. ونفس المنطق ينطبق على الموقف الأمريكي الذي لم يُبد تلويحًا خلال العامين المنصرمين بملف المعونات مثلًا. بل إنه في 12 سبتمبر 2024، قررت واشنطن إقرار المساعدة العسكرية كاملة لمصر دون اشتراط تحقيق تقدم في ملفات حقوق الإنسان[22].
ورغم ذلك، يمكن القول بأنه قد تكون ثمَّة ضغوط في إطار العلاقات العامة، أمريكيًّا وأوروبيًّا، وأن صورة مثل توجيه رأس سلطة 3 يوليو لمجلس النواب بتطبيق مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي[23] قد تكون من باب إعداد قائمة بمواقف، مشفوعة بتغطيات إعلامية غربية لخفض مدة الحبس الاحتياطي والحوار مع المعارضة.
المشهد الداخلي:
مع حالة الكبت السياسي التي تعيشها مصر، لا يمكن أن نستحضر المشهد الداخلي إلَّا عبر بوابة ما عرفته مصر تحت مسمى “مجلس أمناء الحوار الوطني”، والذي كانت آخر فعالياته تتعلق بقضية الحبس الاحتياطي، وهي الجلسات التي بدأ انعقادها في مطلع شهر يونيو [24]20م[25]، واستمرت لأكثر من شهرين[26]. وقد انتهت سلسلة الجلسات المتعلقة بهذه القضية إلى رفع 24 توصية لرأس سلطة 3 يوليو تتعلق بهذه القضية. معروف أن “مجلس أمناء الحوار الوطني” قد اتخذ ما أسماه “قرارًا طوعيًّا” يلزم أعضاء مجلس الأمناء بعدم الإفصاح عن مضمون توصياته الخاصة بقضية «الحبس الاحتياطي» إلى أن يطّلع عليها رأس سلطة 3 يوليو، ويتخذ بشأنها ما يراه مناسبًا[27]، وهو القرار الذي حال دون اطلاع الشارع المصري، وعموم المراقبين، على ما قرره – نيابة عنهم – أعضاء “مجلس أمناء الحوار الوطني”.
ومع اعتبار هذه العوامل السابقة، يمكن القول بأن القانون يمثل تظاهرة إعلامية، تحاول معها سلطة 3 يوليو أن تضفي بعض الرصانة على صورة طريقة إدارة الدولة، وإشراكها منظمات المجتمع المدني في صياغة القانون، وبخاصة مجلس أمناء الحوار الوطني ونقابة المحامين. غير أن الصورة النهائية للقانون لم تتضح بعد بالنظر لكون معظم نصوص التعديلات غير منشورة للعلن.
وتعد ظاهرة الحبس الاحتياطي إحدى أهم القضايا التي تؤرق المعارضة المصرية، والمنظمات الحقوقية المصرية، وتلك الأجنبية المتضامنة معها في الموقف الأخلاقي. فهذه القضية تستغلها سلطة 3 يوليو الاستغلال الأسوأ لحد أن هذه الظاهرة أصبحت تحل محل العقوبة القانونية المقررة بحكم قضائي، حيث تشارك النيابة العامة في هذه الظاهرة من خلال قراراتها بتمديد مدة الحبس الاحتياطي حتى منتهاها، ويشاركها جهاز الشرطة المصرية من خلال إعادة تدوير المحبوسين احتياطيًّا على ذمة قضايا أخرى بمجرد انتهاء فترة الحبس الاحتياطي المقررة بموجب القانون، حتى بلغ الأمر حد أن بعض المصريين محبوسون احتياطيًّا لمدة تجاوزت السنوات العشر[28].
غير أن هناك فريقًا من المعارضين لا ينظرون إلى قضية الحبس الاحتياطي أو حتى عملية التدوير على ذمة قضايا أخرى باعتبارها المشكلة، فالمشكلة بالنسبة لهم ليست في القانون، أي أنها ليست مشكلة قانونية، وإنما يرونها مشكلة سياسية، لا يكمن حلها في تغيير القوانين أو في تعديلها، لكن في اتخاذ قرار سياسي على أعلى مستوى بالتوقف عن إلقاء القبض على المعارضين السياسيّين أو على من يمارسون حقهم في التعبير السلمي عن رأيهم[29].
ورغم استمرار ضآلة مساحة الحقوق العامة والحريات في المجال العام، يمكن القول بأن توجيه رأس سلطة 3 يوليو بتطبيق مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي[30] قد تكون موجهة لبعض القواعد المُساقة خلفه، والتي ترى أهمية أن يكون هناك احتواء لغضب بعض قيادات التيار المدني، وهو ما يُرى بعين هؤلاء من باب حسن السياسة.
ثانيًا: أبرز ملامح القانون
في هذا الإطار، تتوفر لدينا مجموعتان من الملامح، أولاها تتعلق بالملامح من وجهة نظر مؤيدي التعديلات، وثانيتهما تلك الملامح كما يراها معارضو التعديلات.
ملامح القانون من وجهة نظر مؤيديه:
في الوقت الذي لم تفرج فيه سلطة 3 يوليو عن توصيات مجلس أمناء الحوار الوطني بشأن قانون الحبس الاحتياطي ليعلمها الجميع، ويقدرون المسافة بينها وبين النصوص المنظمة لنفس المسألة في تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، ويقدرون المسافة – كذلك – بينها وبين توجيهات رأس سلطة 3 يوليو فيما يتعلق بتطبيق توصيات “مجلس أمناء الحوار الوطني” – غير المعروفة للجميع – بشأن الحبس الاحتياطي[31]، فإن الأذرع الإعلامية لسلطة 3 يوليو قد اكتفت بالكشف عن بعض ملامح القانون، والتي تتمثل – بحسب البيان الإعلامي الذي تبنت الهيئة العامة للاستعلامات صيغته – فيما يلي[32]:
- تنفيذ الالتزامات الدستورية الواردة فى المادتين (54، 55) من الدستور، والتي تعزز من حق الدفاع وعلى الأخص: تمكين المتهم من الاتصال بذويه ومحاميه، وكفالة الحق الدستوري المقرر للمتهم بتنبيهه إلى حقه في الصمت مع ضمان عدم تعرضه لأي ضغوط خلال مراحل التحقيق أو المحاكمة، وتوفير وسائل المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة لضمان مشاركتهم الفعالة في الدفاع عن أنفسهم وتمكينهم من ممارسة حقوقهم كاملة.
- إعادة صياغة المادة (237) من القانون القديم، والتي تقابلها المادة 234 من المشروع، بالنص على وجوب حضور المتهم أمام المحكمة بنفسه أو بواسطة محام عنه في كافة الجنح، مع تشددها في الجنح التي يجوز فيها الحبس؛ بحيث يكون حضور المحامي عن المتهم وجوبيًّا، دون أن يقتصر ذلك على الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبًا كما كان عليه الوضع في القانون القديم، وذلك تنفيذًا للفقرة الأخيرة من المادة (54) من الدستور.
- مراعاة أحكام قانون المحاماة بما يحفظ حقوق المحامين، ويضمن سريان الضمانات الواردة فيه أثناء سير الجلسات، وذلك وفقا للمواد 49، 50، 50 مكرر من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، وتمكين الخصوم بشكل صريح وفي كل الأحوال من الحصول على صور الأوراق المقدمة في التحقيقات عقب انتهاء التحقيق سواء كانت تمت في غيبتهم أو كانت مصلحة التحقيق قد اقتضت ذلك، بينما الوضع في القانون القديم يتصف بعدم الوضوح التشريعي، ويمنح سلطة التحقيق سلطة تقديرية واسعة في هذا الشأن.
- تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد، حيث تم تنظيمها بما يتماشى مع التوجه نحو تبسيط إجراءات التقاضي، مع التأكيد على حق المحامي في مقابلة المتهم والحضور معه في كافة الإجراءات، وحظر الفصل بين المحامي والمتهم تحت أي ظرف.
- استحدث مشروع القانون تنظيمًا لإجراءات ندب المحامي في حال عدم وجود محام موكل عنه باعتباره وسيلة من وسائل المساعدة القضائية، على أن يكون ذلك بالتنسيق بين رئيس المحكمة الابتدائية ونقابة المحامين من خلال إعداد قوائم وسجلات خاصة بأسماء المحامين في كل دائرة، وإخطار جهات التحقيق والمحاكمة بصورة من هذه الكشوف لتسهيل إجراءات الندب منها.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد للكشف عن ملامح القانون الذي قدمته لجدنة الصياغة للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أشار المستشار محمد عبد العليم كفافي، مقرر اللجنة، إلى أن أهم ملامح المشروع تتمثل فيما يلي[33]:
- تخفيض مدد الحبس الاحتياطي.
- حالات التعويض عن الحبس الخاطئ بشكل عام سواء فى الحبس الاحتياطي أو الحبس تنفيذًا لعقوبة.
- استحداث تنظيم لأوامر المنع من السفر والإدراج على قوائم الترقب والوصول وتقييدها بضوابط محددة وتحديد السلطة المختصة بإصدار هذه القرارات وهى النائب العام أو مَن يفوضه أو قاضى التحقيق المختص.
- تنظيم الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة وفى ذات الوقت يكفل حماية حق المواطنين في التقاضي.
- إلغاء الإكراه البدني لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجرائم المقضي بها للدولة أو للغير واستبداله بإلزام المحكوم عليهم بأداء أعمال للمنفعة العامة بما يتماشى مع النظم العقابية الجديدة.
- دعم حقوق الدفاع بما يتفق مع الدستور من خلال إقرار مبدأ ألَّا محاكمة من غير محام في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وتنظيم حماية المجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين تنفيذًا للدستور.
- التنظيم المتكامل لنظم الإعلان بما يواكب التطور فى التحول الرقمي جنبًا إلى جنب مع نظام الإعلان الحالي.
- تفعيل حماية حقوق المرأة والطفل بتأجيل تنفيذ بعض العقوبات على المرأة الحامل؛ بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وتوفير حمايــة لحقـوق ذوي الهمـم في مراحـل التحقيــق والمحاكمــة وتنفيــذ العقوبــة.
- تنظيم حالات وإجراءات التحقيق والمحاكمة عن بُعد بما يضمن تبسيط إجراءات التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة مع التأكيد على ضمان توافر كافة ضمانات التحقيق والمحاكمة المنصفة سواء من حيث سرية التحقيقات والحضور والعلانية وشفوية المرافعة والمواجهة بين الخصوم.
وفي 11 سبتمبر 2024، أعلنت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب انتهاءها من مناقشة المسودة الثانية للقانون لتكون أبرز ملامح بيانها الإعلامي ما يلي[34]:
- الموافقة على جميع مطالب نقابة المحامين الخاصة بتعديل هذه المادة، وقد أكد أعضاء اللجنة جميعًا أهمية كفالة ضمانات حق الدفاع، والنص عليها صراحة منعًا للتخوفات التي أثارتها نقابة المحامين.
- أعلنت اللجنة أنها أصرت على إدراج المادة (١٤٣) من مشروع القانون والخاصة بالمنع من التصرف في الأموال وإدارتها كما وردت بالمشروع دون تعديل، رافضة بذلك مقترح الحكومة والنيابة العامة في شأن هذه المادة، بمد المنع من التصرف إلى زوج المتهم وأولاده القصر لما يشوب ذلك من شبهات عوار دستوري، كما رأت اللجنة أن علة التعديل التي أبدتها النيابة العامة غير كافية، مؤكدة أن الملكية الخاصة مصونه بنص الدستور، وهو ما صاغته بوضوح الأحكام المتواترة للمحكمة الدستورية العليا.
- أعلنت اللجنة رفضها مقترحًا ثانيًا بتعديل المادة (١٠٤) من مشروع القانون، بما يسمح بإجراء التحقيق دون محام في حالة تعذر حضوره؛ حيث أكدت اللجنة أن هذا الاقتراح بتعديل يخالف أحكام المادة (٥٤) من الدستور، مبررة بأنه لا يمكن المساس بحق المتهم في حضور محاميه في كافة مراحل التحقيق، وألزمت اللجنة نقابة المحامين بإعداد قوائم بالمحامين المنتدبين وفق المادة (٥٣٤) من مشروع القانون، وهو ما رحبت به النقابة ووعدت بإعداد قوائم بعدد كاف من المحامين المنتدبين في كل نقابة فرعية.
ويشير التقرير النهائي للجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب إلى أن أبرز ملامح التشريع تتمثل فيما يلي[35]:
- استحدث المشروع في الفصل الأول من الباب الثالث الأحكام المنظمة لتشكيل محاكم الجنايات المستأنفة، وتحديد أدوار انعقادها، ومكان الانعقاد ومواعيده، وكيفية اختيار قضاتها.
- استحدث الفصل الثاني من الباب الثالث تنظيمًا للإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة، بما في ذلك إجراءات إعلان المتهم بجلسة الاستئناف، ودرجة المحامي الذي يحق له المرافعة عن المتهم، والجزاء الواقع عليه جراء إخلاله بدوره، وأتعاب المحامي، وإجراءات عرض القضية على المحكمة، وسلطاتها في القبض على المتهم وحبسه احتياطيًّا أو الإفراج عنه.
- استحداثات فيما يتعلق بتعيين أصحاب الحق في تقديم الاستئناف، وإجراءات الطعن، وتنظيم التزام النيابة بعرض الأحكام الحضورية الصادرة بالإعدام.
- أشار تقرير اللجنة إلى أن أهم المواد الواردة بالقانون – من وجهة نظرها – يتمثل أبرزها فيما يلي:
- ترتيب درجات المحامين في علاقتهم بدرجات التقاضي.
- تخفيف وضبط بعض الصياغات المتعلقة بتنفيذ حكم الإعدام بالنظر لعدم إمكانية الاستدراك في تنفيذ الحكم.
ملامح القانون من وجهة نظر معارضيه:
وفي المقابل، فإن المعارضين للقانون يرون به مثالب عدة، منها[36]:
- مشروع القانون الجديد يعطي الحق في توسعة إجراء الحبس الإلكتروني، ويجعله من إجراءات المحاكمة نفسها.
- يمكن القانون القاضي من نظر القضية عن بُعد إذا أراد ذلك، وهذا أمر يخل بضمانات المحاكمة، وبحق المتهم في حضور جميع إجراءات ومراحل التقاضي قبل صدور الحكم عليه.
- لا يلزم القانون جهات التحقيق بتسليم أوراق وملف القضية لمحامي المتهم، وهذا ما يخل بأساس عدالة التقاضي، من وجهة نظرهم.
- أضاف القانون أشخاصًا جددًا لحامل صفة الضبط القضائي، وهم ضباط الشرطة، ومراقبو ومندوبو الشرطة، وضباط الصف ومعاونو الأمن بقطاع الأمن الوطني والأمن العام بوزارة الداخلية.
- رفع رسوم إعادة المحاكمة من 200 جنية الي 10 آلاف جنيه مما يقوض العدالة.
- يُصعِّب من وجود المحامي خلال التحقيقات في بعض الحالات كما في حالة الإسراع في المواجهة مع المتهم بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر.
- السماح بإخفاء شخصية الشاهد وبياناته عن المتهم والمحامي، واستنكرت صدور حكم يستند على شهادة شخص مجهول وغير معروف.
- رفض نشر أخبار، أو معلومات، أو إدارة حوارات، أو مناقشات عن وقائع الجلسات، أو ما دار بها على نحو غير أمين، أو على نحو من شأنه التأثير على حُسن سير العدالة. وحظر تناول أي بيانات، أو معلومات تتعلق بالقضاة، أو أعضاء النيابة العامة، أو الشهود، أو المتهمين عند نظر المحكمة لأي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم (94) لسنة 2015.
- نصوص الحبس الاحتياطي والتحفظ على الأموال والمنع من السفر تكرار لنصوص قانون الإجراءات الحالي تقريبًا.
- تجاهل الاجراءات التي تمَّ اتخاذها ونتج عنها مشكلة الحبس الاحتياطي والمنع من السفر، لأن أيَّ نص لا يضع حدًّا أقصى لانتهاء النيابة من التحقيق في الجريمة وإصدار قرارها، إما بالإحالة أو بالحفظ أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى، لا يمكن اعتباره تقدمًا في طريق حل المشكلة.
ثالثًا: مسار القانون واحتكاكاته
تأخر دخول القانون إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب؛ رغم أن القانون كان جاهزًا بالفعل في الثلث الأول من شهر مارس 2024، حيث عقدت لجنة صياغة هذا القانون جلستها الأخيرة لإقرار تعديلات قانون الإجراءات الجنائية في السادس من مارس 2024م[37]. جدير بالذكر أنه لم يكن بالإمكان التقدم بهذا القانون إبان الأزمة الاقتصادية الخانقة المرتبطة بالتدهور المتتالي لسعر الدولار، حيث لم تكن الأجواء في الشارع المصري مهيأة لفرض مزيد من القيود على الحريات العامة والحقوق نتيجة لتراجع كبير في شرعية سلطة 3 يوليو خلال هذه الفترة، وهو الأمر الذي لم يعد قائمًا بعد التوقيع على صفقة بيع منطقة رأس الحكمة، في 23 فبراير 2024م[38]، والتي أنتجت تدفقًا دولاريًّا بداية من شهر مارس[39]، خفف بالتدريج من حدة الاحتقان نسبيًّا في الشارع المصري.
تزامنت آخر جلسات الحوار الوطني مع تفعيل النقاش حول مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية داخل مجلس النواب في منتصف أغسطس 2024م[40]، وذلك بالرغم من الانتهاء من إعداد التعديلات في الأسبوع الأول مارس 2024، فيما بدأ إعلان الأذرع الإعلامية المصرية عن أول مذكرة مقترحات بتعديل القانون في 2 سبتمبر 2024م[41].
وفي هذا الصدد، نقلت وسائل إعلام أن رأس سلطة 3 يوليو قد أصدر توجيهًا إلى مجلس النواب، في 21 أغسطس 2024، بتطبيق توصيات “الحوار الوطني” – غير المعروفة للجميع – بشأن الحبس الاحتياطي[42]. وبدأ طرح المشروع للنقاش على لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في 31 أغسطس 2024م[43]، والتي ناقشته على مدار أسبوع عمل؛ لتنتهي من صياغة مسودته في 11 سبتمبر 2024، تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب في جلساته العامة برئاسة المستشار حنفى جبالى، رئيس البرلمان، في بداية دور الانعقاد الخامس من فصله التشريعي الثاني في شهر أكتوبر 2024م[44].
وأنتج المشروع ردود أفعال واسعة في مسارين: المسار الأول يتمثل في النقابات المهنية، ونخص بها هنا نقابتي المحامين والصحفيّين، حيث غلب على احتكاكات نقابة المحامين بالقانون صفة المهنية، فيما اصطبغت احتكاكات نقابة الصحافيّين بالصبغة السياسية. أما الاحتكاك الثاني فتعلق بمؤتمر الحوار الوطني.
الاحتكاك بالنقابات المهنية:
احتكاك القانون في مسيرته بالنقابات المهنية يعني توقف البحث عند محكين أساسيّين للرصد، أولهما يتعلق بالمحامين، سواء موقف المحامين المؤسسي، أو موقف المحامين كتيارات سياسية مختلفة عبرت عن موقفها عبر منفذ نقابي، وهو بالمناسبة نقابة الصحافيين وليس نقابة المحامين. أما المحك الثاني فيتعلق بنقابة الصحفيين. فما ملامح هذين الاحتكاكين؟
1. الاحتكاك بنقابة المحامين المصريين: الاحتكاك بالمحامين يمكن تصنيفه إلى صنفين، أولهما احتكاك مؤسسي، ينبني على التعرف على موقف نقابة المحامين من القانون، وثانيهما، وهو بُعد لا يمكن إغفاله، ويتعلق بموقف التيارات المختلفة بين المحامين المصريين، وهو الموقف الذي عبرت عنه تيارات المحامين من خلال المنفذ النقابي المتمثل في نقابة الصحفيين المصريين.
في المقام الأول، نتناول الموقف الرسمي للمحامين، والمتمثل في تطورات موقف نقابتهم من القانون. وهنا نشير إلى أمرين محددين:
- الأمر الأول أن تعامل النقابة مع القانون لم يكن تعاملًا من منطلق دور سياسي تراه النقابة أحد أدوارها الأساسية، بل كان انطلاقًا من موقف مهني، حتى وإن كان قد تغذى على روافد سياسية وحقوقية.
- أما الأمر الثاني، وهو أمر يخص المسار النقابي المهني، والذي يحمل بذور محاولة بناء دور مهني قوي لا ينطوي على توجه للمواجهة مع سلطة 3 يوليو، وهو التوجه الذي لمسناه مع قدوم تيار المستقبل لنقابة الأطباء، ونقابات أخرى، وهو تيار حاكم كذلك لنقابة الصحفيين، الشريك الثاني في احتكاكات تعديلات قانون الإجراءات الجنائية.
في هذا الإطار، بدأت النقابة رد فعلها على القانون بإصدار بيان اعتبرت فيه أن القانون يتعلق بالحريات والحقوق العامة، وأنه لم يحظ بالدراسة الكافية، ولم يسبقه حوار فاعل وموسع مع المجتمع القانوني والمجتمع المدني وبخاصة منظمات حقوق الإنسان، وأنه قد تضمن توسعًا في سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة ومستقرة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية. وتضمن البيان تأكيدًا على اتجاه النقابة لإعداد مذكرة تفصيلية عاجلة بالنصوص المعترض عليها مقارنة بنصوص القانون الحالي، وما شابها من مخالفات دستورية، والمقترحات البديلة بشأن التعديل والحذف والإضافة، على أن تسلم المذكرة رسميًا إلى رئيس مجلس النواب، ورئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية. كما طالب البيان مجلس النواب بعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة وفقًا لما أجازه له الدستور والقانون في هذا الشأن. وطالب البيان بفتح كافة قنوات التواصل مع كافة الجهات المعنية لعمل اللازم نحو إعادة مشروع القانون لاستكمال دراسته الواقعية والتشريعية والحوار القانوني المجتمعي بشأنها. وأكد البيان أن مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات في ضوء ما سيجري من اتصالات ومشاورات بشأن المذكرة التي سيجري رفعها[45].
وإثر البيان، دعت لجنة صياغة التعديلات نقيبَ المحامين لمشاركتها النقاشات الداخلية حول القانون، وهو الأمر الذي كلف به، المحامي عبد الحليم علام، نقيب المحامين، المحامي محمود الداخلي (أمين عام النقابة) بتمثيل النقابة خلال جميع الاجتماعات حتى انتهت اللجنة من مشروع القانون بالصيغة التي عرضت على لجنة الشئون الدستورية والتشريعية[46]. ومع التعنت النسبي للجنة، ضغطت نقابة المحامين عبر وسائل الإعلام من أجل تمرير التعديلات التي طالت 40 مادة من التعديلات[47]، وأكد أعضاء مجلس النقابة تمسكهم بالتعديلات التي وردت في مذكرة النقابة. وأدت التفاعلات إلى استجابة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لمطالب التعديل التي تقدمت بها النقابة[48]، باستثناء مادة واحدة، وهي المادة 242، والتي قامت اللجنة بالموافقة عليها في الجلسة الأخيرة من جلسات مناقشة القانون[49].
وإثر النجاح الذي حققته النقابة في مهمتها، أصدر النقيب بيانًا أشار فيه لبعض التدافع الذي شهده التواصل بين المجلس والنقابة، وأكد إنجاز جميع التعديلات، وذكر أن “التاريخ سيسجل وقفتنا”، ووعد بإصدار بيان تفصيلي للاتصالات التي تمت بشأن القانون[50].
ردود فعل المحامين عبر البوابة غير النقابية: كان واضحًا أن نقابة المحامين اختارت الخط المهني لتقوم بدورها فيما يتعلق بالقانون، ما يُنظر إليه باعتباره نجاحًا في أدائها لدورها، خاصة وأن انقطاع العلاقة مع الدولة كان مما أضر ببعض التيارات النقابية؛ مثل تيار الاستقلال في نقابة الأطباء. وفي هذا الإطار، كان الدور النقابي يركز على موقف القانون من المحامي؛ باعتبار الأخير أحد أهم ضمانات حقوق “المتهم”. ولم يتضح بعد حجم تقاطع جهود النقابة مع مطالب الحركة الحقوقية المصرية؛ لأن النقابة لم تصدر بيانها التفصيلي بشأن النقاشات مع اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، وأغلب الظن أنها لن تصدره في حال كان ثمة ترتيبات بين النقابة وحزب مستقبل وطن لتلميع دور النقيب الحالي عبد الحليم علام.
الإصرار على هذا الدور جعل ثمَّة اتجاهين من المحامين غير النقابين للتعاطي مع وضع ملف الحبس الاحتياطي في القانون، أولهما وهو الدور المنفرد للمحامي نجاد البرعي في نقد القانون، ونقد منهج مجلس النواب في التعاطي معه، وهو ما سنفرد له حيزًا مستقلًا في هذا المحور؛ لأن الدور المنفرد المدعوم إعلاميًّا من المنصات الإعلامية اليسارية يبدو وكأنه استراتيجية للتيار المدني سنلقي الضوء عليها تاليًا.
أما الاتجاه الثاني فتمثل في لجوء محامين من تيارات مختلفة، بما فيهم نجاد البرعي، لنقابة الصحفيين، لتوسيع دائرة الاشتباك مع القانون، خاصة وأن موقف نقابة الصحفيين كان مستندًا إلى المدخل الحقوقي، على نحو ما سنتناوله لاحقًا كذلك.
في هذا الإطار، كان لافتًا أن المتحدثين الأكثر بروزًا في الندوة التي نظمتها النقابة في الأول من سبتمبر 2024؛ لمناقشة القانون من زاوية بنيته الدستورية والترتيبات السياسية المحاط بها، كانوا المحامين من التيارات المختلفة. وفي أعقاب الندوة، صرح نقيب المحامين، خالد البلشي، أن موقف النقابة الرافض للقانون قد استند إلى ورقة أعدها محامون، من بينهم نجاد البرعي (ليبرالي)، وأحمد راغب (يساري)، ومحمد الباقر[51] (إسلامي وعضو في حزب مصر القوية الذي أوقف نشاطه السياسي طوعًا قبل سنوات.
2. الاحتكاك بنقابة الصحفيين المصريين: كانت نقابة الصحفيين النقابة التي تزعمت المواجهة السياسية مع القانون، وإن لم تبالغ في المواجهة، وهو نهج النقيب خالد البلشي؛ والذي يحرص على ألا تبلغ المواجهة بين النقابة وسلطة 3 يوليو ذلك الحد الذي أدى لانهيار النقابة إبان ولاية يحيى قلاش، والتي أدت إلى اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين للمرة الأولى في تاريخ النقابة، وذلك في الأول من مايو من عام 2016 لإلقاء القبض على بعض المعتصمين في داخلها[52].
ودخلت النقابة في مواجهة هادئة في بادئ الأمر مع مجلس النواب، حيث أبدى أعضاء مجلس النقابة اعتراضًا على مشروع القانون باعتباره يُقيد حق وسائل الإعلام في النشر، وهو الاعتراض الذي خاطبت به النقابة رسميًّا البرلمان قبل نحو أسبوع من بدء مناقشة المسودة الأولى للقانون، وذلك في بداية الثلث الأخير من شهر أغسطس 2024. وفيما اشتكت النقابة من تجاهل مجلس النواب لخطابها، فإن عضو اللجنة الدستورية والتشريعية، النائب إيهاب رمزي، صرح لوسائل إعلام بأن ملاحظات النقابة ستؤخذ في الحسبان جنبًا إلى جنب مع ملاحظات نقابة المحامين[53]. وفي هذا الإطار، ورغم أن مجلس النواب قد استدعى ممثلين عن نقابة المحامين للمشاركة في مناقشات اللجنة الدستورية والتشريعية للقانون، فإنه لم يستدع ممثلين عن نقابة الصحفيين لمناقشة قضية “حق النشر”. وكانت وسائل إعلام قد نشرت أن القانون يمنح القضاة حق معاقبة الصحفيين أو المواطنين أو المحامين إذا قاموا بالنشر عن القضايا دون تصريح مسبق من قاضي النشر[54].
واتجهت لجنة الحريات بالنقابة إلى تنظيم ندوة مهنية حول القانون، وذلك في الأول من سبتمبر 2024، وحمل التنظيم عنوان التضامن مع نقابة المحامين، والتي حملت اعتراضات مهنية عدة على القانون، وشارك في الندوة د. مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، والمحامي ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، والمحامي محمد عثمان نقيب محاميي القاهرة الأسبق، ونجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، ومجدي سخا عضو مجلس نقابة المحامين وأمين عام مساعد اتحاد المحامين العرب[55].
ومع إعداد التقرير النهائي للجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أعلنت نقابة الصحفيين، في تطور واضح لموقفها من مربع الاحتجاج الرسمي إلى مربع الاحتجاج السياسي الهادئ، رفضها الصريح للقانون، وذكر نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، أنه “من الواضح أن هناك تعجلًا من بعض الأطراف، أو داخل البرلمان، لإقراره، دون سبب معلن، وذلك رغم المطالبات المتكررة بتأجيل النظر فيه وطرحه لحوار مجتمعي تشارك فيه جميع الأطراف.
البيان الصادر عن نقابة الصحفيين حمل اعتراضات تتعلق جميعها بالحقوق والحريات، وكانت كلها مبنية على دراسات قانونية، وكانت أقل المساحات تناولا هي مساحة حرية النشر. حيث ركزت النقابة على قضايا الحبس الاحتياطي، وتفتيش المنازل، والقيود على التنقل والسفر، وكان سقف رد فعل النقابة أن كتبت خطابًا تضمن هذه النقاط، وتعهدت بإرساله لمجلس النواب[56].
موقف نقابة الصحفيين أدى لرد فعل أكثر حدة من اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري، والتي اتهمت مَن لم تسمهم، وهم نقابة الصحفيين المصريين، بعدة اتهامات سياسية. ففي كلمة للمستشار إبراهيم الهنيدي في اجتماع اللجنة، أشار إلى أن بعض منتقدي مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد لم يقفوا على نقاطه الموضوعية، ولم يقدموا مقترحات تطويرية، بل لجأوا إلى تحويل الخلاف التشريعي إلى خلاف سياسي، متجاوزين بذلك حدود النقاش القانوني إلى مهاجمته والجهة التي أعدته. وذكر أن المنتقدين لا يرغبون في عدم خروجه للحياة العملية، فيما اعتبره محاولة منهم لتوظيف هذا النقد لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، وأنهم لم ينشغلوا بإبراز ما بمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد من نقص حتى يتم العمل على سده، وإنما كان شغلهم الشاغل عدم إقراره، وفي سبيل الوصول لمبتغاهم اتخذوا من الكذب طريقًا والتضليل منهجًا.
أشار الهنيدي إلى أن منهج المنتقدين خلع عنهم رداء الدفاع عن الدستور والقانون، وكشف فشلهم في مواجهة مشروع القانون تشريعيًّا فعمدوا إلى تحريف النقاش. وقال إن على معارضي المشروع، ممن لهم “نوايا خبيثة”، أن يدركوا أن العدالة لا تخضع للأهواء، وأن الأجيال القادمة هي الحكم الحقيقي على ما أنجزناه، فنحن نضع نصب أعيننا مصلحة الوطن أولًا وأخيرًا، ولن ننحرف عن هذا الطريق مهما كانت التحديات[57].
ب. الاحتكاك بأعضاء الحوار الوطني: مع تنامي العلم بأن الحكومة أعدت تعديلًا جديدًا لقانون الإجراءات الجنائية، وأنها تنتوي التقدم به لمجلس النواب عاجلًا، عقدت جلسة لمؤتمر الحوار الوطني، ويمكن القول بأن انعقادها في هذه التوقيت له دلالة. ورغم أن قادة الرأي المعارضون كتبوا في هذه القضية بخطاب حاد نسبيًّا، وكان أبرزهم الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ والسياسي خالد داود، إلَّا أنهم لم يشيروا محض إشارة لسبب اهتمام مجلس أمناء الحوار الوطني بتخصيص جلسته المزامنة لطرح مشروع القانون الخاص بالتعديل الثاني لبعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية لمناقشة قضية الحبس الاحتياطي. وهو ما يدفعنا لطرح أحد بديلين:
- أن يكون “التعديل الثاني لقانون الإجراءات الجنائية” مقصودًا لطرح قضية الحبس الاحتياطي، بما يؤدي إلى تظاهر رأس سلطة 3 يوليو بالموافقة على تعديل الإجراءات المتعلقة بالحبس الاحتياطي وتسويق هذه الموافقة خارجيًّا، وهو ما حدث بالفعل، حيث نشر موقع “قناة بي بي سي” بالعربية تقريرًا عن استجابة رأس سلطة 3 يوليو لتوصيات مجلس أمناء الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي[58]، علاوة على ما نشره موقع “قناة سي إن إن” بالعربية عن مشروع قانون للإجراءات الجنائية يخفض مدة الحبس الاحتياطي[59].
- أن يكون انعقاد مجلس أمناء الحوار الوطني لمناقشة هذه القضية قد تمَّ بموجب ضغط من الأطراف المعارضة المشاركة في الحوار، وذلك دفع سلطة 3 يوليو للاستجابة لتفادي انهيار “ظاهرة الحوار الوطني”، والتي أسماها السياسي خالد داود بأنها عملية “حوار مع معارضة تحت الطلب”[60]. فيما شكك الكاتب محمد سعد عبد الحفيظ في جدوى اجتماعات مجلس الأمناء، والتي تشوبها شبهة المراقبة والتوجيه الأمنيين عبر الحاضرين من ممثلي “حزب مستقبل وطن”[61].
جدير ذكره في هذا الإطار أن موقعي “المنصة” و”مدى مصر” قد شاركا في حملة إعلامية لتغطية جهود المعارضة ودعمها خلال مشاركاتها في جلسات مجلس أمناء الحوار الوطني المخصصة لمناقشة قضية “الحبس الاحتياطي”، وإن اختلفت توجهاتهما. ففيما عني موقع المنصة بالتركيز على المواقف السياسية عبر بوابة الرأي، فإن موقع “مدى مصر” اهتم أكثر بالتغطية المهنية، وإن أجرى حوارًا مع المحامي عصام الإسلامبولي[62] حول هذه القضية وخطورتها السياسية.
سبق أن أشرنا إلى أن “مجلس أمناء الحوار الوطني” قد اتخذ ما أسماه “قرارًا طوعيًّا” يلزم أعضاء مجلس الأمناء بعدم الإفصاح عن مضمون توصياته الخاصة بقضية «الحبس الاحتياطي» إلى أن يطّلع عليها رأس سلطة 3 يوليو، ويتخذ بشأنها ما يراه مناسبًا[63].
وقد قدم رأس سلطة 3 يوليو استجابة بتوجيه مجلس النواب بتطبيق مخرجات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي، ولم يرق التطبيق لأبسط تطلعات مجلس أمناء الحوار الوطني، وكان مجلس الأمناء قد اتخذ 24 توصية فيما يتعلق بقضية الحبس الاحتياطي، كان منها 20 توصية بالإجماع، و4 توصيات تحمل آراء مختلفة[64]. وقادت ثورة الإحباطات التي تولدت عن التبني الظاهري والرفض العملي إلى اشتداد حدة المواجهة بين تعديلات القانون وأحد المشاركين في مجلس أمناء الحوار الوطني، وهو المحامي والحقوقي نجاد البرعي، الذي تطوع للانفراد بشن هجوم قوي على موقف سلطة 3 يوليو من قضية الحبس الاحتياطي وتطبيقه في نص القانون.
اتجاه “البرعي” للانفراد بالنقد هو ملمح لنهج “يبدو” أن الحركة المدنية قد لجأت إليه لتخفيف الخسائر في صفوفها مع توقعها لطول فترة المواجهة، ومع استمرار نهج القمع المتعسف من جانب سلطة 3 يوليو في وجه كل رأي آخر، ما دفعها – من وجهة نظر الباحث – للتواضع على تكليف واحد فقط من رموزها بالانفراد بالمواجهة مع سلطة 3 يوليو في التصريحات الإعلامية، ما يؤدي للحد من الخسائر، وهو النهج الذي سبق أن نفذته في قضية بيع أصول الدولة، وهي المواجهة التي انفرد بها المهندس يحيى حسين عبد الهادي، وأدت لاعتقاله لاحقًا بعد المقال الذي نشره على صفحته بمنصة “فيسبوك”، والذي تساءل فيه: “إلى متى يصمت الجيش؟”[65].
خطوة البرعي بالمواجهة تمثلت بالتصريحات الإعلامية في أكثر من منصة إعلامية، منها موقع “مدى مصر”[66]، وموقع “الحرية”[67] وغيرهما من المواقع، بعد أن كان قد ثمن خطوة رأس سلطة 3 يوليو بالإفراج عن 151 من المحبوسين احتياطيًّا في يوليو 2024م[68]، ثم شكره مجددًا بعد توجيهه بتطبيق مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي[69]، ولكن يبدو أن الأنباء بدأت تترى عن استمرار وضع القضية على ما هو عليه برغم خفض مدة الحبس الاحتياطي نسبيًّا.
مهاجمة “البرعي” للقانون قامت على أسس قانونية، واعتمدت على اتجاهين: أولهما الاتجاه الدستوري، حيث صرح بأن القانون يخالف 40 مادة دستورية[70]، والاتجاه الثاني كان اتجاها قانونيًّا – سياسيًّا التزم فيه خط “انهيار دولة القانون”[71].
رابعًا: تداعيات القانون في المستقبل
يمكن للباحث القول بوجود 4 آثار للقانون على مستقبل المجال العام في مصر، منها ثلاثة تبلورت ملامحها بالفعل، والتأثير الرابع لا يمكن التكهن به حتى هذه اللحظة، ما يمكن إيجازه فيما يلي:
أ. فمن ناحية، لم يغلق التيار المدني ملف القانون، تأسيسًا على أرضية عدم تحقيق تقدم ناجز على مستويين: أولهما مستوى احترام الدستور، وثانيهما مستوى الانفراجة السياسية. وبدا من خطاب التيار المدني أنه أعاد القضية لبوصلة واضحة ومحددة تتمثل في المسؤولية السياسية لرأس سلطة 3 يوليو عن فشل إدارة ملف الحبس الاحتياطي، وتمكنت بذلك من حرمانه من الخروج من إدارة الملف بمظهر الرئيس الذي وَجَّه بتطبيق مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي.
صحيح أن الصوت الذي أديرت به معارضة القانون كان واهنًا نسبيًّا، ما يعكس التخوفات السياسية من النهج غير السياسي لسلطة 3 يوليو ورأسها، إلَّا أن الخفوت لم يمنع من تسجيل الموقف لوسائل الإعلام، تمامًا كما حاول رأس سلطة 3 يوليو تسجيل موقف التوجيه بتطبيق مخرجات الحوار الوطني.
ب. حاول التيار المدني تمثيل أحد أبعاد ازمته مع سلطة 3 يوليو فيما يتعلق بمثالب تعديلات قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن الأزمة بلغت حد الاستقطاب الكامل، وهو ما عبرت عنه الندوة التي أعلن في أعقابها موقف نقابة الصحفيين في الأول من سبتمبر 2024، حيث حملت تصريحات نقيب الصحفيين، اليساري غير المؤطر حزبيًّا، إشارة واضحة إلى تأسيسه موقفه السياسي على ورقة قانونية أعدها ممثلون عن التيارات الفكرية والسياسية الرئيسة في مصر[72]، بما في ذلك التيار الإسلامي الممثل رمزيًّا بالمحامي محمد الباقر، والذي يحمل سمته دلالة على انتمائه السياسي – الفكري، رغم التمايز الأيديولوجي له في إطار هذين الانتمائين، بعضويته في حزب مصر القوية.
ج. كان واضحًا ان نقابة المحامين قد أرادت أن تنتهج خطًّا واضحًا، وهو الخط المهني القائم على منع قطع التواصل مع سلطة 3 يوليو، الأمر الذي قد يعني انتهاء المستقبل النقابي للنقيب عبد الحليم علام، كما انتهى الدور النقابي للدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام السابق لنقابة أطباء مصر؛ وأحد أبرز أعضاء تيار الاستقلال في نقابة الأطباء في انتخابات التجديد النصفي عام 2017[73]، بسبب ما اعتبره أطباء ناخبون عائدًا لصراعه مع الدولة؛ ما أدى للحد من فاعلية دور النقابة في تحقيق مصالح الأطباء.
نهج رفض قطع العلاقة مع الدولة كان قد صرح به نقيب الصحفيين[74]، خالد البلشي، عند فوزه المفاجئ بمنصب النقيب، الأمر الذي أدى لانفتاح سلطة 3 يوليو على النقابة مجددًا لأول مرة مع نقيب ذي توجه يساري، وهو ما أدى لاستقباله في مقر رئاسة الوزراء، في 23 مايو 2024[75]. لكن بالنسبة لنقابة الصحفيين هناك حدود للمهادنة، وبخاصة عندما يتصدر العمل فيها تيار سياسي.
د. وأخيرًا، فإن مستقبل الاشتباك حول القانون ما زال ينتظر جولتين: أولاهما الجولة قبل الأخيرة لإصداره، والتي قد تحمل في طياتها مفاجأة بتطور الخطاب المعارض للقانون في المنصات الإعلامية ذات التوجهات المختلفة. ورغم وهن صوت المعارضة حتى الانتهاء من المرحلة الثانية من مراحل صدوره، وهي مرحلة المناقشة في اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إلَّا أن خاتمة هذه المرحلة كشفت عن موقف مبدئي رافض للقانون، وموقف هجومي حاد من مجلس النواب على نقابة الصحفيين، ما قد ينذر بجولة جديدة من المواجهة، حتى وإن كانت ضعيفة.
وفي نفس الإطار، فإن الجولة الأخيرة لصدور القانون، والمرتبطة بمصادقة رأس سلطة 3 يوليو على القانون، تحمل هي أيضًا نذر مواجهة، وإن كانت محدودة؛ وذلك بالنظر لوهن البدايات. واضح أن التيار المدني قد بلور موقفه من ملف الحبس الاحتياطي في اتجاه عدم الحاجة لتعديل تشريعي، ومسيس الحاجة إلى إرادة سياسية، وهو ما يعني أنهم بلوروا العلاج في قرار يصدر من رأس سلطة 3 يوليو الذي سيكون بين خيارين: أولهما المصادقة المباشرة، أو إعادة القانون للمجلس من أجل مزيد من المكاسب الإعلامية والسياسية له، من بوابة المطالبة بمزيد من الخفض لمدة الحبس الاحتياطي، مع تجاهل قضية إعادة تدوير المتهمين في قضايا مفتوحة؛ ليس من المقرر لها أن تُغلق.
خاتمة
ثمَّة فارق بين اقترابين من التعديلات الثانية لقانون الإجراءات الجنائية، ما صنع الاستقطاب في إدارة ما يمكن – بالكاد – أن نسميها أزمة، حيث اقترب “حزب مستقبل وطن” من القانون بعقلية أداتية إجرائية تتعلق بكثافة الكم الملقى على عاتق القضاء، مع رغبة في الظهور بمظهر التطوير التقني للمرفق القضائي، وبين اقتراب معارضي القانون، والذي ارتكن للمرجعية الحقوقية، مع التركيز على قضية الحبس الاحتياطي كتجلٍ لاختبار فاعلية ظاهرة الحوار الوطني من جهة، واكتشاف إمكانية وجود ضوء في آخر النفق الخاص بالمجال العام من جهة أخرى.
مر القانون بمراحل صدوره كلها باستثناء المرحلتين الأخيرتين، المناقشة العامة في مجلس النواب، والتي تبدأ مع مطلع شهر أكتوبر 2024، لتليها مرحلة التصديق المتوقعة، ما لم يرغب رأس سلطة 3 يوليو في الحصول على المزيد من المكاسب السياسية من بوابة المطالبة بمزيد خفض “صوري” لمدة الحبس الاحتياطي.
وخلال مسيرة القانون، شهد احتكاكات عدة، أولها مهني، قادته نقابة المحامين، والتي حرصت على تخفيف غلو القانون في التضييق على الحقوق العامة والحريات، وذلك من باب تأكيدها على دور المحامي، وسلامته، وفكاكه من العقوبات التأديبية خلال مباشرته لدوره. فيما اتجهت نقابة الصحفيين للاستعانة بالمحامين ذوي التوجهات الفكرية والسياسية لتوسيع نطاق الاشتباك مع القانون، وإعطاء هذا الاشتباك ملمح التوافق الوطني، وذلك من خلال التعاون مع محامين بارزين – غير نقابيّين؛ آثروا منح بُعد آخر لموقف المحامين، يتعلق بالحريات العامة لموقف الشخصيات العامة من القانون.
حرص رأس سلطة 3 يوليو على الظهور بمظهر الإصلاح في دعوته لتطبيق مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بقضية الحبس الاحتياطي، وحظي بتغطية إعلامية محلية وإقليمية وعالمية متوقعة. لكن المسعى لبلورة هذه الصورة لم يرتبط بأي ضغط غربي من أي نوع، فضلًا عن وهن المعارضة الداخلية، والاتجاه الإقليمي للتعاطي معه باعتباره مركز القوة المركزي في المشهد المصري. ويبدو أن مدخل العلاقات العامة كان حاكمًا لموقفه من القانون، بما يمكنه من تمرير مسارات تعاونية في السياسة الخارجية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تضمن له هامشًا للمناورة في مواجهة الأزمة المالية التي من المتوقع أن تدلف إليها مصر مع حلول شهر نوفمبر 2024.
ومع تبلور 3 اتجاهات لتأثير القانون على المشهد المصري، ما تمثل في تأكيد نقابة المحامين على توجهها المهني، وتأكيد التيار المدني على مسؤولية رأس سلطة 3 يوليو مسؤولية مباشرة عن تدهور الوضع الحقوقي في مصر، واتجاه هذا التيار نحو التلميح بوجود توافق وطني عام على رفض وضع الحريات في هذا القانون، مع هذه الملامح الثلاثة، فإن المرحلتين الأخيرتين لصدور القانون قد تحملان نذر مواجهة، يرى الباحث أنها ستكون واهنة، لكنها لن تختفي، وستسعى لبلورة منطق المسؤولية المباشرة لرأس سلطة 3 يوليو عن استمرار وضع الحريات إلى مزيد تدهور، مع توقع – كذلك – باستمرار تجاهل البيئة الدولية لأي تدهور قد يشهده الموقف الحقوقي المصري.
[1] – منشورات قانونية، قسم: عدالة جنائية وشؤون امنيه، قوانين، تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بشأن استئناف الجنايات على درجتين.
[2] – مراسلون، مصر.. مشروع قانون الإجراءات الجنائية يثير اعتراضات بشأن “سير العدالة”، موقع “قناة الحرة” الأمريكية، 29 أغسطس 2024.
[3] – محمد إبراهيم، بعد دعوة نقيب المحامين .. “تشريعية النواب” تستكمل مناقشة قانون الإجراءات الجنائية، موقع “الموقع” الإخباري المصري، 1 سبتمبر 2024.
[4] – المحرر، قمة مصرية فرنسية.. السيسى وماكرون في مؤتمر صحفي بقصر الاتحادية، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصرية، 28 يناير 2019.
[5] – المحرر، بدون توقف: تقرير رصدي عن عقوبة الإعدام في مصر خلال عام 2019، موقع “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان“، 9 يناير 2020.
[6] – موقع منشورات قانونية، قطاع العدالة الجنائية، مذكرات إيضاحية / أعمال تحضيرية / مشروعات قوانين، تقرير اللجنة التشريعية في مجلس النواب عن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية لاستحداث نظام استئناف الجنايات، ص: 3.
[7] – قناة “شبكة رصد”، رصد| السيسي: الضابط اللي حيضرب قنابل غاز وخرطوش وحد يموت أو يحصله حاجة في عينه مش حيتحاكم، موقع “يوتيوب”، 3 أكتوبر 2013.
[8] – المحرر، سيدي براني: النيابة العامة المصرية تحيل ضابط شرطة إلى محكمة الجنايات بعد مقتل شاب بمحافظة مرسى مطروح، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 17 يوليو 2023.
[9] – محمد الخولي، براءة الضابط المتهم بقتل مواطن في مطروح.. وأسرة الضحية: ننتظر حكم قاضي السبع سموات، موقع “المنصة”، 25 يونيو 2024.
[10] – المحرر، بدون توقف: تقرير رصدي عن عقوبة الإعدام في مصر خلال عام 2019، موقع “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان“، 9 يناير 2020.
[11] – الهيئة العامة للاستعلامات (المصرية)، القمة العربية الأوروبية، 23 فبراير 2019.
[12] – دعاء عبد اللطيف، السيسي وفنانوه.. رحلة استعراضية إلى ألمانيا، الجزيرة نت، 3 يونيو 2015.
[13] – المحرر، السيسي أول رئيس مصري يزور بريطانيا منذ 13 عاماً: الشعب هو من يقرر مصير الإخوان، موقع “قناة سي إن إن” بالعربية، 4 نوفمبر 2015.
[14] – المحرر، السيسي في فرنسا لـ“تعزيز التعاون” مع باريس، موقع “قناة روسيا اليوم” بالعربية، 23 أكتوبر 2017.
[15] – وكالات، بيلوسي لـ السيسي: مصر ركيزة لاستقرار المنطقة، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 11 نوفمبر 2022.
[16] – المحرر، علاء عبدالفتاح.. ناشط مصري كتم النظام صوته فتردد صداه في قمة المناخ، موقع “صحيفة الاستقلال” البريطانية، 20 يوليو 2022.
[17] – المحرر، مصر: الاعتقالات بسبب دعوات التظاهر خلال مؤتمر المناخ تكشف واقع الأزمة الحقوقية، موقع “منظمة العفو الدولية” بالعربية، 6 نوفمبر 2022.
[18] – جين شاؤول، السيسي في مصر يستعد لقمة المناخ 27 بقمع المعارضة، موقع “الاشتراكية العالمية” بالعربية، 11 نوفمبر 2022.
[19] – المحرر، عمرو واكد وخالد أبو النجا، مشاركة في جلسة بالكونغرس تتسبب بإسقاط عضويتهما في نقابة الممثلين، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 27 مارس 2019.
[20] – محمد الجالى، علاقات استراتيجية راسخة..”السيسى” و“بايدن” كتفًا بكتف فى شرم الشيخ، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصرية، 11 نوفمبر 2022.
[21] – المحرر، عهد جديد للعلاقات بين مصر وأوروبا.. كيف ينعكس على حقوق الإنسان؟، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 19 مارس 2024.
[22] – هشام المياني، المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر: عندما تتقدم مصالح واشنطن على حقوق الإنسان، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 12 سبتمبر 2024.
[23] – المحرر، مصر.. السيسي يوجه بتطبيق توصيات “الحوار الوطني” بشأن الحبس الاحتياطي، موقع “قناة الشرق” السعودية، 21 أغسطس 2024.
[24] – خالد داود، حتى لا يصبح حوارًا مع “معارضة تحت الطلب”، موقع “المنصة”، 4 يونيو 2024.
[25] – مراسلون، “حوار طرشان”.. جدل بشأن جلسة “الحبس الاحتياطي” وعودة حملات الاعتقالات في مصر، موقع “قناة الحرة” الأمريكية بالعربية، 25 يوليو 2024.
[26] – محمد سعد عبدالحفيظ، “الحبس الاحتياطي”.. ومحظورات الحوار الوطني، موقع “المنصة”، 29 يوليو 2024.
[27] – عصام فضل، مصر: «الحوار الوطني» يرفع للسيسي 24 توصية بشأن «الحبس الاحتياطي»، موقع “صحيفة الرق الأوسط” السعودية، ، 20 أغسطس 2024.
[28] – المحرر، الحبس الاحتياطي في مصر.. عقوبة مطولة في قضايا يعاد تدويرها، موقع “التلفزيون العربي”، 16 يناير 2022.
[29] – خالد داود، أزمة الحبس الاحتياطي “السياسية” لا “القانونية”، موقع “المنصة”، 23 يوليو 2024.
[30] – المحرر، مصر.. السيسي يوجه بتطبيق توصيات “الحوار الوطني” بشأن الحبس الاحتياطي، موقع “قناة الشرق” السعودية، 21 أغسطس 2024.
[31] – المحرر، مصر.. السيسي يوجه بتطبيق توصيات “الحوار الوطني” بشأن الحبس الاحتياطي، موقع “قناة الشرق” السعودية، 21 أغسطس 2024.
[32] – وكالات، “النواب” يتبنى تعديلات لتعزيز حقوق الدفاع في مشروع قانون الإجراءات الجنائية، موقع “الهيئة العامة للاستعلامات” المصرية، 31 أغسطس 2024.
[33] – محمود حسين، مقرر لجنة صياغة قانون الإجراءات الجنائية يستعرض ملامح مشروع القانون الجديد، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصرية، 17 أغسطس 2024.
[34] – المحرر، تفاصيل بيان تشريعية النواب بعد انتهاء أعمالها حول قانون الإجراءات الجنائية، موقع “صحيفة الأهرام”، 11 سبتمبر 2024.
[35] – موقع منشورات قانونية، قطاع العدالة الجنائية، مذكرات إيضاحية / أعمال تحضيرية / مشروعات قوانين، تقرير اللجنة التشريعية في مجلس النواب عن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية لاستحداث نظام استئناف الجنايات، ص: 6.
[36] – مراسلون، مصر.. مشروع قانون الإجراءات الجنائية يثير اعتراضات بشأن “سير العدالة”، موقع “قناة الحرة” الأمريكية، 29 أغسطس 2024.
[37] – ولاء نعمه الله، مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. حد أقصى للحبس الاحتياطي وتخفيض المدة، موقع “صحيفة الوطن” المصرية، 6 مارس 2024.
[38] – المحرر، رأس الحكمة.. كل ما تريد معرفته عن أكبر صفقة استثمار أجنبي في تاريخ مصرموقع “العربية.نت”، 23 فبراير 2024
[39] – المحرر، مدبولي: مصر تسلمت 5 مليارات دولار من صفقة “رأس الحكمة”، موقع “قناة سكاي نيوز عربية”، 29 فبراير 2024.
[40] – المحرر، مصر.. السيسي يوجه بتطبيق توصيات “الحوار الوطني” بشأن الحبس الاحتياطي، موقع “قناة الشرق” السعودية، 21 أغسطس 2024.
[41] – علاء رضوان، أول مذكرة مقترحات لتعديل بعض مواد مسودة قانون الإجراءات الجنائية.. برلمانى، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصرية، 2 سبتمبر 2024.
[42] – المحرر، مصر.. السيسي يوجه بتطبيق توصيات “الحوار الوطني” بشأن الحبس الاحتياطي، موقع “قناة الشرق” السعودية، 21 أغسطس 2024.
[43] – محمود حسين، مقرر لجنة صياغة قانون الإجراءات الجنائية يستعرض ملامح مشروع القانون الجديد، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصرية، 17 أغسطس 2024.
[44] – حامد محمد حامد، الإجراءات الجنائية أمام البرلمان الشهر المقبل، موقع “صحيفة الأهرام”، 11 سبتمبر 2024.
[45] – محمد أبو بكر، بيان عاجل من نقابة المحامين بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، موقع “مصراوي” الإخباري المصري، 26 أغسطس 2024.
[46] – محمد إبراهيم، بعد دعوة نقيب المحامين .. “تشريعية النواب” تستكمل مناقشة قانون الإجراءات الجنائية، موقع “الموقع” الإخباري المصري، 1 سبتمبر 2024.
[47] – محمد فتحي، نقابة المحامين: متمسكون بتعديلاتنا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، موقع “صحيفة الشروق” المصرية، 2 سبتمبر 2024.
[48] – المحرر، تشريعية النواب توافق على تعديل 5 مواد بقانون الإجراءات الجنائية، موقع “أموال الغد”، 3 سبتمبر 2024.
[49] – المحرر، تعديل المادة 242 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية بما يتوافق مع رؤية نقابة المحامين، موقع “نقابة المحامين المصريين”، 11 سبتمبر 2024.
[50] – عبدالوكيل ابوالقاسم، التاريخ سيسجل وقفتنا.. «المحامين» تصدر بيانًا بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، موقع “قناة صدى البلد” المصرية، 11 سبتمبر 2024.
[51] – بيسان كساب، «الصحفيين» ترفض مشروع «الإجراءات الجنائية».. والبرعي: يخالف 40 مادة دستورية وصدوره «قتل للحوار الوطني»، موقع “مدى مصر”، 11 سبتمبر 2024.
[52] – المحرر، قوات الأمن المصرية تقتحم نقابة الصحفيين، موقع “قناة روسيا اليوم” بالعربية، 1 مايو 2016.
[53] – أحمد عدلي، برلمان مصر لمناقشة قانون «الإجراءات الجنائية» وسط «اعتراضات»، موقع “صحيفة الشرق الأوسط” السعودية، 31 أغسطس 2024؟.
[54] – مراسلون، مصر.. مشروع قانون الإجراءات الجنائية يثير اعتراضات بشأن “سير العدالة”، موقع “قناة الحرة” الأمريكية، 29 أغسطس 2024.
[55] – المحرر، مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية في ندوة لحريات الصحفيين الأحد المقبل، موقع نقابة الصحفيين المصريين، 31 أغسطس 2024.
[56] – بيسان كساب، «الصحفيين» ترفض مشروع «الإجراءات الجنائية».. والبرعي: يخالف 40 مادة دستورية وصدوره «قتل للحوار الوطني»، موقع “مدى مصر”، 11 سبتمبر 2024.
[57] – محمد حسني، هجوم حاد من دستورية النواب ضد منتقدي مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد: لجأوا لتحويل الخلاف التشريعي إلى سياسي… سعوا لتوظيف النقد لتحقيق مكاسب شخصية. ومنهجهم خلع عنهم رداء الدفاع عن الدستور، موقع “فيتو” الإخباري المصري، 11 سبتمبر 2024.
[58] – المحرر، الحبس الاحتياطي في مصر…السيسي يستجيب لتوصيات الحوار الوطني وحقوقيون منقسمون حولها…ما التفاصيل؟، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 23 أغسطس 2024.
[59] – المحرر، بعد 74 عامًا.. مشروع قانون للإجراءات الجنائية في مصر يخفض مدة الحبس الاحتياطي، موقع “ٌناة سي إن إن” بالعربية، 20 اغسطس 2024.
[60] – خالد داود، حتى لا يصبح حوارًا مع “معارضة تحت الطلب”، موقع “المنصة”، 4 يونيو 2024.
[61] – محمد سعد عبدالحفيظ، “الحبس الاحتياطي”.. ومحظورات الحوار الوطني، موقع “المنصة”، 29 يوليو 2024.
[62] – رنا ممدوح، مخاطر قانون إجراءات جنائية مَعيب | حوار مع عصام الإسلامبولي، موقع “مدى مصر”، 6 سبتمبر 2024.
[63] – عصام فضل، مصر: «الحوار الوطني» يرفع للسيسي 24 توصية بشأن «الحبس الاحتياطي»، موقع “صحيفة الرق الأوسط” السعودية، ، 20 أغسطس 2024.
[64] – محمد السيد الشاذلى، الحوار الوطنى يرفع توصيات “الحبس الاحتياطي” للرئيس عبد الفتاح السيسى.. 12 ساعة من المناقشات شارك فيها 120 متحدثا يمثلون كافة الأطياف المصرية. 9 توافقات أساسية و20 توصية بالإجماع و4 تحمل آراء مختلفة، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصرية،
[65] – المحرر، بعد منشور “النظام لن يسقط إلا بالقوة”.. قرار بحبس معارض مصري بارز، موقع “قناة الحرة” الأمريكية بالعربية، 1 أغسطس 2024.
[66] – بيسان كساب، «الصحفيين» ترفض مشروع «الإجراءات الجنائية».. والبرعي: يخالف 40 مادة دستورية وصدوره «قتل للحوار الوطني»، موقع “مدى مصر”، 11 سبتمبر 2024.
[67] – محمد السعيد، نجاد البرعي عن مشروع قانون الإجراءات الجنائية: «لو مر يبقى ننسى دولة القانون»، موقع “الحرية” المصري، 7 سبتمبر 2024.
[68] – هديل هلال، نجاد البرعي: الإفراج عن 151 متهما محبوسين احتياطيا خطوة ممتازة، موقع “صحيفة الشروق” المصرية، 5 سبتمبر 2024.
[69] – يسرا البسيوني، نجاد البرعي يشكر السيسي على دعمه لمخرجات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي، موقع “صحيفة الوطن” المصرية، 6 سبتمبر 2024.
[70] – بيسان كساب، «الصحفيين» ترفض مشروع «الإجراءات الجنائية».. والبرعي: يخالف 40 مادة دستورية وصدوره «قتل للحوار الوطني»، موقع “مدى مصر”، 11 سبتمبر 2024.
[71] – محمد السعيد، نجاد البرعي عن مشروع قانون الإجراءات الجنائية: «لو مر يبقى ننسى دولة القانون»، موقع “الحرية” المصري، 7 سبتمبر 2024.
[72] – بيسان كساب، «الصحفيين» ترفض مشروع «الإجراءات الجنائية».. والبرعي: يخالف 40 مادة دستورية وصدوره «قتل للحوار الوطني»، موقع “مدى مصر”، 11 سبتمبر 2024.
[73] – إسراء سليمان، تراجع قائمة “تيار الاستقلال” في التجديد النصفي للأطباء بالإسكندرية، موقع “صحيفة الوطن” المصرية، 13 أكتوبر 2017.
[74] – إسراء صبري، خالد البلشي: علاقتنا جيدة مع الدولة بما يصب في مصلحة الصحفيين، موقع “قناة صدى البلد” المصرية، 11 فبراير 2024.
[75] – المحرر، رئيس الوزراء يلتقي نقيب الصحفيين لمناقشة سبل تطوير ودعم مهنة الصحافة ودعم خدمات الصحفيين، موقع “مجلس الوزراء المصري، 23 مايو 2024.