مقدمة
يتمثل أيُّ مجتمع في صورة هرم، ينقسم عمليًا إلى 3شرائح أفقية، حيث تحتل قمته (الشريحة العليا) السلطة السياسية، فيما يمثل قاعدته عموم الجماهير. وبين الشريحتين العلوية والسفلية توجد شريحة وسطى تتمثل في المنتجات التي انبثقت عن المجتمع؛ هدفها تنظيم القاعدة الجماهيرية، والوساطة بين هذه القاعدة وبين السلطة. تسمى هذه الشريحة في أدبيات العلوم الاجتماعية الغربية بالمجتمع المدني، وتضم الأحزاب والمنظمات غير الحكومية. ويذهب باحثون منتمون للمجتمعات العربية والإسلامية إلى تسميتها بالمجتمع الأهلي، تعبيرًا عن الفارق بين الثقافتين، حيث يُعد حضور الدين أحد أهم أوجه التمايز بين الثقافتين؛ إذ تحرص الثقافة الغربية على تجاهل دور الدين كمنظم للمجتمع؛ في حين أن الدين كان أحد أبرز آليات تنظيم المجتمعات العربية، متمثلًا في العلماء والأئمة والطرق الصوفية.
وانطلاقًا من مفهوم المجتمع الأهلي، تعرف مصر عدة مكونات للشريحة التي تتوسط الهرم السياسي بين القاعدة الشعبية والسلطة السياسية، نتناولها في هذه الورقة؛ كل على محورين فرعيين: أولهما الصورة العامة، وثانيهما حضورها في المشهد السياسي.
وباعتبار خصوصية المجتمع المصري، يمكن القول بأن التكوينات الاجتماعية التي تمتلك قواعد شعبية تتمثل في عدة مكونات، منها الطرق الصوفية، والكنائس المصرية، وبخاصَّة الكرازة المرقسية، والنقابات العامة الرسمية، المهنية منها والعمالية، وروابط مشجعي الأندية الرياضية؛ وبخاصَّة روابط الأندية العريقة في العاصمة، علاوة على التكوينات القائمة على روابط الدم؛ مثل العائلات الكبرى (في المراكز الحضرية والوجه البحري.. وتتأتى هيمنتها من كبر العدد، والنفوذ الجهوي، والتماسك الاجتماعي المُفضِي للتأثير السياسي)، والقبائل والعشائر في محافظات الأطراف، وأخيرًا الأزهر ودعاته.
ورغم تعدد مكونات المجتمع الأهلي، إلا أن العشرية الأخيرة شهدت اتجاهًا من جانب سلطة 3 يوليو للسيطرة على مراكز تعبئة القواعد الشعبية. وبرزت في هذا الإطار 4 تكوينات حازت على اهتمام هذه السلطة، بقدر ما شهد المجال العام حولها تدافعات قوية، كان أبرزها الطرق الصوفية، والكنيسة، وأولتراس الأندية الرياضية، والنقابات المهنية. فكيف تفاعلت هذه التكوينات الأربعة؟ هذا ما نحاول الإجابة عليه.
أ. الطرق الصوفية
تُعد الطرق الصوفية إحدى أهم التكوينات الأهلية في مصر، وذلك نظرًا لاتساع عدد المنتسبين إليها، وسماتهم النفسية – الاجتماعية المرتبطة بعلاقة المريدين والمحبين بشيخ الطريقة. وفي هذا الإطار نتناول الملامح العامة للمشهد الصوفي المصري، وعلاقته بالسلطة.
1. ملامح المشهد الصوفي في مصر:
تمثل الطرق الصوفية إحدى تكوينات المجتمع الأهلي المصري. ويعود بعض الباحثين بالصوفية باعتبارها إحدى سمات الشخصية المصرية منذ العهد الفرعوني، لتنشر “ماري شميل” بعضًا من ملامح زهد الآلهة في فترات تاريخية اشتد فيها الصراع مع كهنة المعابد، إلى جانب بعض العادات التي فُسِّرت على أنها بدايات ما نطلق عليه اليوم الموالد الدينية والشعبية، ظهرت منذ عهد التوحيد الوثني إبان حكم الفرعون إخناتون.
وتعرف الصوفية العربية ثمانية طرق أساسية، وهي: الأحمدية (نسبة للإمام أحمد البدوي)، والشاذلية (نسبة للإمام أبي الحسن الشاذلي)، والرفاعية (نسبة للإمام الرفاعي)، والخلوتية (نسبة للإمام الخلوتي)، والدسوقية (نسبة للإمام إبراهيم الدسوقي)، والنقشبندية (نسبة للإمام النقشبندي)، والتيجانية (نسبة للإمام أبي العباس التيجاني)، والجيلانية (نسبة للإمام عبد القادر الجيلاني).
وشهدت مصر تأسيس ثلاث طرق من بين هذه الطرق الثمانية، وهي: الأحمدية، والدسوقية والشاذلية. غير أن الحضور الصوفي في مصر ينحدر من أربعة طرق رئيسة، هي: الرفاعية، والأحمدية، والشاذلية، والقنائية التي أسسها الإمام عبد الرحيم القنائي بمحافظة قنا. ويبلغ عدد الطرق الصوفية المسجلة في المجلس الأعلى للطرق الصوفية 77 طريقة، وينتظم تحت عضوية الطرق الصوفية وتأثيرها ما يقرب من 15مليون مصري ما بين مريد ومحب[1]، وهي تقديرات مدرسة اللاهوت بجامعة هارفارد (Harvard Divinity School)[2].
ونظرًا لخطورة هذا العدد، والخصائص التنظيمية التي يتسمون بها، اتجهت الدولة للسيطرة على هذا القطاع الأهلي، وذلك بالسيطرة الإدارية على الهيكل التنظيمي للطرق الصوفية، وهو ما يتم وفقًا للقانون رقم 118 لسنة 1976، والمؤسس لـ”المجلس الأعلى للطرق الصوفية”؛ الذي تشكل قانونيًا في عام 1903. ويتكون هذا المجلس من ستة عشر عضوًا، ويسيطر على كل القرارات المتعلقة بجميع الطرق الصوفية المعترف بها وفقًا للقانون. وتجرى انتخابات عضوية هذا المجلس كل ثلاث سنوات لاختيار عشرة أعضاء بالانتخاب، بينما يتم اختيار الخمسة الباقين بالتعيين من قبل وزارات التنمية المحلية والثقافة والأوقاف والداخلية والأزهر الشريف. ويُعيَّن شيخ مشايخ الطرق الصوفية بقرار من رئيس الجمهورية.
أما فيما يتعلق بالتنظيم الإداري الإقليمي للطرق الصوفية، في المحافظات والأقاليم والمراكز والقرى والنجوع، فيتحدد على مستويين:
المستوى الأول، ويتمثل في وكلاء المحافظات والمراكز والأقسام، الذين يتم تعيينهم من قبل المشيخة العامة للطرق الصوفية.
المستوى الثاني، ويتمثل في النواب والخلفاء وخلفاء الخلفاء بالمحافظات والمراكز والأقسام لكل طريقة، ويعينهم شيخ الطريقة.
2. علاقة الصوفية بالسياسة:
نظرًا لأهمية الصوفية عددًا وسمات، اتجهت السلطة المصرية بعد انقلاب 1952 للتعاطي معها بالضبط والسيطرة. ويشير متخصصون إلى أن “إحياء الصوفية” كان مسعى ثقافيًّا مصريًّا – غربيًّا منذ أكثر من 3عقود، لمواجهة “الإسلام المتشدد”، وترى خبيرة ألمانية أن الأزهر يمثل قيادة هذا التيار المتشدد[3].
كان الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر أول من أولى اهتمامًا بهذه الطرق، وكان تعداد المنتمين لهذه الطرق آنذاك نحو 3ملايين مصري، ارتبطوا بـ66طريقة صوفية، ما حدا به إلى السيطرة عليها، واستخدامها في الترويج لمشروعه. وفي ديسمبر 1967، سار أكبر موكب صوفي رسمي في مصر تأييدًا لعبد الناصر في أعقاب هزيمة يونيو. وتبعه الرئيس محمد أنور السادات في هذا الإطار، مستخدمًا الأداة القانونية لا السياسية، فأصدر القانون رقم 118 لسنة 1976، الصادر في 9 سبتمبر 1976، وهو القانون الساري حتى اليوم، والذي يجعل الطرق الصوفية مهندسة من خلال عدة وزارات، بالإضافة للأزهر. وكان النزوع لهندسة الطرق الصوفية وإخضاعها أمنيًا أحد أسباب الأزمة التي نشبت بين نظام الرئيس حسني مبارك والصوفية في عام 2008، ما تجلى إثر تفضيل الأجهزة الأمنية تولي الشيخ عبد الهادي القصبي، رئاسة المجلس الأعلى للطرق الصوفية، خلفًا للشيخ الراحل أحمد كامل يس، وهو الخلاف الذي حدث في أعقاب انتخاب الشيخ علاء الدين ماضي أبو العزايم، الذي انتخب بالإجماع بالفعل، إلى أن انسحب من التزكية 4 مشايخ ذكروا أن انسحابهم أتى بتعليمات عليا أدت لما وصفه مشايخ الطرق الصوفية – آنذاك – بالانقلاب[4].
وفي أعقاب انقلاب 2013، لوحظ أن ثمَّة ترويج لظهور التصوف في الفضاء العام، مثلًا من خلال زيادة فترات البثّ في التلفزيون. كذلك تم في السنوات الأخيرة الاعتراف بالعديد من الطرق الصوفية الجديدة، والتي كانت من بينها الطريقة الصديقية الشاذلية[5]، التي اعترفت بها سلطة 3يوليو في 2أغسطس 2018، والتي يترأسها مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة. وسبق ذلك الاعتراف بالطريقتين الرضوانية الخلوتية، والكردية النقشبندية[6].
وبلغ الدعم الموجه للطرق الصوفية حد الدعم الثقافي، حيث فتحت بوابات الأوبرا المصرية والنوافذ الثقافية المختلفة للحضرات الصوفية التي باتت تتلقى طلبات بحجز حفلات، ولم يَعد الطلب عليها قاصرًا على الموالد واحتفالات الطرق[7].
التقدير السياسي في علاقة الأحزاب بالطرق الصوفية كان أحد أبرز مظاهر علاقة السلطة بالصوفية بعد يوليو 2013، حيث اختير د. عبد الهادي القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، رئيسًا للهيئة البرلمانية لحزب “مستقبل وطن” في مجلس النواب في 2015، وذلك باختياره في 4أكتوبر 2018 ليكون رئيسًا للأغلبية البرلمانية في مجلس النواب[8]. وتجدد الاختيار في 2023، وهو ما تلقى رئيس المجلس إخطارًا بشأنه في نوفمبر 2023[9]. ويشغل القصبي قبل ذلك منصب نائب رئيس حزب مستقبل وطن[10]؛ ما يعني أنه الرجل الثاني في أكبر التنظيمات السياسية في مصر.
وترجع العلاقة العلنية لرأس سلطة 3يوليو بالطرق الصوفية إلى بواكير فترة ما بعد الانقلاب[11]، حيث تعددت اللقاءات التي نشر أخبارها حساب رأس سلطة 3 يوليو نفسه على منصة “يوتيوب”. وتُعد الطرق الصوفية أحد أكبر الداعمين للانقلاب ولرأس سلطة 3يوليو، وبخاصة مع العلاقة الوثيقة التي تربط “القصبي بالأجهزة الأمنية، ووجود شعور عام رافض لسيطرة الإسلاميّين على مفاصل الدولة. وتعد رسائل المساندة الدورية النشر من المجلس الأعلى للطرق الصوفية إحدى أهم أمارات المساندة التي يبديها المجلس الأعلى للطرق الصوفية لرأس سلطة 3يوليو، وإنْ نشرت بعض المواقع الإعلامية أكثر من مرة توصيف القصبي باعتباره نائبًا لرئيس الحزب لا بصفته رأس المجلس الصوفي الأعلى.
وبخلاف المكانة السياسية للصوفية داخل أكبر حزب سياسي في البلد، فإن الصوفية اتجهت مع 2011 لتأسيس حزب سياسي، وأتت المحصلة في 3 أحزاب، هي: حزب “نهضة مصر”، وحزب “النصر”، وحزب “التحرير المصري”.
ورغم العدد الكبير للمصريين الدائرين في الفلك الصوفي، فإن أيًّا من هذه الأحزاب لم يحقق أي تقدم يذكر باتجاه السياسة، ويَنسِب “مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية” ضعف أداء هذا الحزب في تشريعيات 2015 و2020 إلى قلة الخبرة السياسية للتيار الصوفي[12]؛ رغم قواعدها الشعبية الهائلة، غير أن التوصيف الأمثل يتعلق بتوجه الأجهزة الأمنية إلى أن يصب التدفق السياسي الصوفي في مصب حزب “مستقبل وطن”.
بدأت الطرق الصوفية تتأقلم مع الوضع الجديد، والذي يتيح لها المساحة للتنامي في المجال العام، حيث اتجه المجلس الأعلى للطرق الصوفية لدعم تنظيم المجال الصوفي إداريًّا وماليًّا وعلميًّا وإعلاميًّا عبر إنشاء ثلاث قطاعات جديدة، هي: قطاع شؤون الدعوة برئاسة الدكتور على جمعة محمد شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، وقطاع الشؤون الصوفية برئاسة الدكتور محمود أحمد أبو هاشم شيخ الطريقة الهاشمية، وقطاع وكلاء المشيخة برئاسة أحمد محمد الصباحي. علاوة على إنشاء 15لجنة نوعية، هي: اللجنة الدينية والعلمية برئاسة الدكتور أحمد عمر هاشم، ولجنة الاحتفالات والموالد برئاسة الشيخ عبد الرحيم محمد العزازي، واللجنة المالية برئاسة أحمد الصاوى شيخ الطريقة الصاوية الخلوتية، واللجنة الفنية برئاسة المهندس مصطفى أبو الفتوح القاوقجى شيخ الطريقة القاوقجية، ولجنة الأضرحة برئاسة الشيخ سالم الجازولى شيخ الطريقة الجازولية، ولجنة المتابعة برئاسة الدكتور محمود أبو الفيض شيخ الطريقة الفيضية، ولجنة المناطق الحدودية والصعيد برئاسة الشيخ زين العابدين أحمد رضوان، ولجنة القيم برئاسة المستشار السيد محمد أبو الأسرار الحصافى شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية، ولجنة الإعلام برئاسة الشيخ رامى الشهاوى شيخ الطريقة الشهاوية، ولجنة المجلة برئاسة الشيخ مسعود عبد السلام حجازي، واللجنة الاجتماعية برئاسة الشيخ الحسين حامد سلامة الراضى شيخ الطريقة الحامدية الشاذلية، ولجنة العلاقات العامة برئاسة الشيخ سامح عبد الخالق ثروت المرزوقي شيخ الطريقة المدنية الشاذلية، ولجنة العلاقات الخارجية برئاسة الشيخ عبد الله المحجوب الميرغني، ولجنة تنمية الموارد المالية برئاسة الشيخ محمود السيد فتح الله محمد أبو علي شيخ الطريقة الضيفية الخلوتية، كما عَيَّن المجلس الأعلى أحد مستشاري مجلس الدولة رئيسًا للشؤون القانونية[13].
لم ترصد أي من وسائل الإعلام أو الباحثين ما يفيد بوجود معارضة صوفية للانقلاب العسكري، ويكاد المراقبون والمتخصصون يتفقون على وجود تأييد واسع من الصوفية للسلطة السياسية[14]. وكان موقف الصوفية في رئاسيات 2014 مؤيدًا لرأس سلطة 3 يوليو. ويبدو موقف المتصوفة الأقرب للاعتدال مضطربًا في صدد العلاقة مع السلطة. ونشر موقع قناة “دويتشه فيله” تصريحات للشيخ محمد علاء الدين أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية، ينتقد فيها الصوفية بسبب تهافتهم على مساندة السلطة السياسية، لكنه في نفس الوقت كان يعلن تأييدًا صرفًا لرأس سلطة 3 يوليو في ترشحه لرئاسيات 2014[15]. ويذهب جل مشايخ الطرق لاعتبار العمل السياسي بنظرهم تأييدًا لرأس سلطة 3 يوليو.
ويثار التساؤل: هل ملأت الصوفية الفراغ المجتمعي الذي تركته جماعة الإخوان؟ والإجابة أن ثمَّة مؤشرات تشي بذلك، وثمَّة مؤشرات تنفي. فبالنسبة للمؤشرات التي تدعم القول باتجاه التصوف لاستيعاب ميل المصريّين للتدين، فإن التصريحات التي تتحدث عن الصوفية وتعدادهم في 2014 تشير إلى أن تعدادهم يبلغ 10 ملايين، في حين أن التصريحات المعلنة تفيد بأن عددهم صار 15 مليونًا، وأن عدد الطرق الصوفية زاد خلال السنوات العشر الماضية، على نحو ما أوضحنا عاليه. لكن هذه الأرقام لا يمكن الاطمئنان إليها؛ إذ لا توجد إحصائيات رسمية، كما لا تملك الطرق الصوفية سجلًا دقيقًا يحصي كل المريدين بشكل دقيق[16]. غير أن غياب الحضور في المراكز الحضرية، باستثناء أوقات الموالد والمناسبات، يشي بأن هذه التكوينات لم تتمكن من ملء الفراغ المجتمعي الذي تركته جماعة الإخوان في مساحة التدين.
ويضاف إلى هذا أن سلطة 3 يوليو، وإن كانت تسمح للصوفية بالتمدد، إلَّا أنها لم تسمح لهم بتحويل تدينهم إلى مربع الإغاثة الاجتماعية، بل إنها تلاحق أي عمل إغاثي أهلي لا يتم باسم القاعدة الحزبية التي تساندها، وهو أمر يلمسه الباحث من دوائر عدة محيطة به، لوحقت أمنيًّا لمحض التبرع بشكل غير رسمي لأسر منكوبة بسبب سياسات سلطة 3 يوليو؛ من دون وجود نشاط سياسي للملاحقين والمعتقلين تحت هذه التهمة.
الأمر الثاني في هذا الصدد، هو أنه بخلاف تصريحات سلطة 3 يوليو في رئاسيات 2023، فإن نسبة الناخبين المصريّين في الاستحقاقات السابقة، والتي كان أقصاها 31 بالمئة من الناخبين، لا تشي بأن رأس سلطة 3 يوليو يحظى بدعم الصوفية، إن كان تعدادهم الفعلي 15 مليونًا أو حتى 10 ملايين. وهو ما يشي بأن رأس سلطة 3 يوليو يستغل حالة عدم اليقين المرتبطة بأعداد المتصوفة في مصر ليضفي على نفسه سمت تأييد قاعدة اجتماعية قوامها 15مليونًا.
وخلصت دراسة أجراها المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام عن الحركة الصوفية خلال الفترة بين 2013 و2017، إلى أن أبناء الطرق الصوفية ناشطون اجتماعيًّا خاملون سياسيًّا، حيث يفضل أكثرهم النأي بنفسه عن السياسة وصراعاتها. وأن نسب مشاركة أبناء الطرق الصوفية في الفعاليات الانتخابية التي رصدها المركز تؤكد ذلك، حيث كانت أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات البرلمانية 2011؛ حيث بلغت 21 بالمئة من المنتمين للطرق الصوفية، بينما بلغت أقل نسبة 3.5 بالمئة، وكانت في انتخابات 2014 الرئاسية[17]. وهو ما يعني انفصال الصوفية عن مسار دعم قياداتهم لسلطة 3 يوليو ورأسها، وهو الأمر الذي يمكن توقع زيادته بسبب تدهور الأداء الاقتصادي – الاجتماعي لسلطة 3 يوليو.
ب. الكنيسة المصرية
تتحكم الكنيسة المصرية في كتلة بشرية كبيرة، ما يجعلها أحد أهم التكوينات ذات الثقل في الشأن السياسي المصري. وأدت أهميتها لاهتمام سلطة 3 يوليو بتطويعها واستخدامها لتحصيل صورة واسعة للشرعية، وبخاصة مع السيطرة التي تحكمها على أحد أهم التكوينات المهيمنة على عقل قطاع واسع من مسلمي مصر، ونعني به الطرق الصوفية. وفيما يلي نعرض لتطور وضع الكنيسة والسياسة في مصر.
1. الكنيسة المصرية، إطلالة عامة:
بدأت الكنيسة المصرية وجودها ككيان اجتماعي في مصر بوصول القديس مرقس، والذي كان خادمًا لكل من القديسين بطرس وبولس، وكان القديس بطرس يطلق عليه لقب “ابني”، للإسكندرية خلال الفترة بين عامي 55 و60 ميلادية، في رحلة تبشيرية غرس فيها بذور العقيدة النصرانية، وعمل على تحويل منزل كان يقيم فيه إلى كنيسة، ثم غادرها لجولة تبشيرية في ليبيا ثم روما، وعاد إليها مجددًا في 65 ميلادية، ليقتل في المواجهات الطائفية التي نشبت في روما وامتدت لمختلف أصقاع الإمبراطورية الرومانية، ومن بينها مصر. وقبل وفاته أسس مدرسة لاهوتية بعمادة القديس يسطس الذي صار الأب بعد مقتل “مرقس” في 8 مايو من عام 68.
وأدى اتباع الكنيسة للمذهب الغفاري في اقتسام الممتلكات بين شعب الكنيسة، وإعانة الفقراء، إلى اتساع نطاق المسيحية، وتنامي اتباع الكنيسة وكذلك تنظيمها. وتعزز التنظيم بعيدًا عن الدولة حتى بعد مجمع “خلقيدونية”، الذي تحفظت الكنيسة على مخرجاته، واستمرت منذ ذلك الحين تتوجس من الدولة بشكل عام، وتعمل على تعزيز استقلاليتها بصورة دائمة، وبخاصَّة بعد الفتح الإسلامي لمصر؛ مع الحرية الدينية الواسعة التي تمتعوا بها، وحتى يومنا هذا.
وتسيطر الكنيسة القبطية على ما تسميه “الشعب المسيحي”سيطرة كاملة. ويَرى الباحث في معهد كارنيجي، جورج فهمي، أن الكنيسة القبطية كان لها مصلحتان رئيستان في المجال السياسي المصري خلال فترة حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، أولاهما الاستمرار في الحفاظ على الاستقلال في مواجهة مؤسسات الدولة، وعدم السماح للدولة بالتغول على المؤسسة المسيحية كما حدث مع المؤسسة الإسلامية، وثانيهما تكريس احتكار الكنيسة لحق الحديث باسم الأقباط[18]، حتى وصفهم الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسى بأنهم أضحوا “مواطني الكنيسة” وليسوا “شعب الكنيسة”[19]. ويرى المستشار طارق البشري أن إدارة مبارك قد دافعت عن كلا المصلحتين لصالح قيادة الكنيسة. ففي عهد مبارك، تمَّ التعاطي مع الكنيسة باعتبارها الممثّل الوحيد لأقباط مصر، أو ما أسمته د. مي مجيب “نظام الملة الجديد”[20]. كما حمى النظام الاستقلالَ المالي للكنيسة، ورفض الإنصات لمطالب قضائية بإخضاع مالية الكنيسة لسلطة الدولة الرقابية. كما أن إدارة مبارك سمحت للكنيسة كذلك بتجاهل أحكام القضاء فيما يتعلق بالشؤون الشخصية للأقباط[21].
وبينما كان فريق من الباحثين يرى فيما تحصله الكنيسة في مواجهة الدولة “نفوذًا” للكنيسة، كان فريق آخر منهم يرى أن ما يحدث لا يُعَد تعبيرًا عن قوة الكنيسة في مواجهة الدولة، بل على العكس، حيث باتوا يرون أن سياسات إدارة مبارك نجحت في عزل الأقباط عن عمقهم الاجتماعي المصري، بإفقادهم “المواطنة”، واختزال حضورهم السياسي في رأي بابا الكنيسة، باعتباره الأب الروحى لهم، وتحول البابا شنودة إلى ممثل للأقباط أمام الدولة، وبذلك كانت الكنيسة هى الوسيط بين الأقباط والدولة، ما أدى لانسحاب الأقباط عمليًّا من المجال العام.
وبقدر ما نجح مبارك في إيجاد علاقة ولاء قبطي له؛ إلا أن مصر شهدت “استمرار التمييز ضد الأقباط، والذي مارسته في بعض الأحيان مؤسّسات الدولة نفسها، وهو ما دفع أحد الباحثين لوصف هذا الولاء بأنه “ولاء على مضض”[22]. وبرغم هذا التمييز، فإن علاقة الولاء من الكنيسة لإدارة مبارك قد استمرت حتى لحظة تنحيه، وكان البابا شنودة قبل ذلك قد أعلن مبايعة جمال مبارك رئيسًا لمصر، معتبرًا أنه البديل الوحيد “للمجهول”[23].
ويشير باحثون إلى أن الفوائد الطائفية التي حصلت عليها الكنيسة المصرية عديدة، حيث قدم لها النظام العديد من التنازلات، كالتوسع في إنشاء الكنائس وتوسعتها، ورفض تضمين مشروع القانون الخاص بدور العبادة الموحد بندًا يقضي بإخضاع أموال الكنيسة لرقابة أجهزة الدولة باعتبار أن الكنيسة المصرية كيان اعتباري داخلي لابد من الرقابة على عملية تمويله ومصادرها ومصارفها. كما تغاضت الدولة عن مخالفة الكنيسة القوانين المنظمة لبناء وترميم الكنائس عبر تحويل بعض المباني الخدمية التابعة للكنائس والأديرة إلى كنائس[24].
المنحى الطائفي لحقبة الأنبا شنودة، البطريرك السابق للكرازة المرقسية في مصر، أكده أسقف مسيحي منشق عن الكنيسة، حيث اتجه لتكريس مجمع منفصل لأقباط مصر في الولايات المتحدة[25].
ومع اعتبار نمط العلاقة المذكور عاليه يمثل ثابتًا في علاقة الكنيسة مع الدولة المصرية إلى الآن، بقي أن ننوه إلى أن تقديرات الكنيسة لعدد الأقباطالأرثوذكستذهب إلى أن عددهم نحو 17مليون نسمة، فيما تتعمد الدولة حجب تعداد الأقباط في الإحصاءات الرسمية؛ تحت دعوى عدم إسباغ البُعد الطائفي على التعداد السكاني[26].
أما عن الكنائس الأخرى، فيبلغ عدد المسيحيّين البروتستانت نحو ثلاثمائة ألف مواطن، منهم نحو 250 ألف منخرطين في الكنيسة الإنجيلية، ونحو 50 ألفًا في الكنيسة الخمسينية، فيما ثمة بينهم طوائف أصغر من ذلك بكثير. هذه الأرقام وفق ما نشرته موسوعة “ويكيبيديا”[27]؛ فيما يعلن القس أندريه زكي أن تعداد الإنجيليّين بلغ 2 مليون مواطن[28]. أما الكاثوليك، فيبلغ تعدادهم في مصر نحو مائتي ألف مواطن بحسب ما نشرته موسوعة ويكيبيديا[29].
2. المشهد الكنسي في العقد الأخير
كان طبيعيًا أن تتجه السلطة في مصر بعامة، وسلطة 3يوليو بخاصة للسيطرة على الكنيسة المصرية، التي تراكمت جهودها لتكون المتحدث باسم الشعب القبطي؛ بحيث صار من الأسهل في الأجل القصير أن تتوافق السلطة معها لا أن تعاديها. ولهذا دأب رؤساء مصر منذ انقلاب 3يوليو على إقامة علاقة طيبة بالكنيسة، حيث كانت علاقة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بالبابا كيرلس السادس توصف من جانب الطرفين بأنها علاقة أخوة وصداقة. ورغم المواجهة بين الكنيسة والرئيس الأسبق أنور السادات، إلا أن العلاقة عادت طيبة يشوبها الفتور وتبادل المصالح بين الكنيسة ونظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أنها عادت أكثر من دافئة في إطار نظام سلطة 3 يوليو.
وبعد عبد الناصر، قام السادات، ومن بعده مبارك، باتباع سياسة التخويف الأمني للأقباط من المسلمين بعامة، ومن التيار الإسلامي بخاصَّة، ومن التيار السلفي والجهادي على وجه الخصوص، وسبق اتهام نظام مبارك بتفجير كنيسة القديسين عشية احتفالية عيد الميلاد في يناير 2011، وكانت الواقعة ضمن تيار الأحداث السلبية التي مثلت داعمًا لفكرة الخروج للشارع في 25 يناير، وتطوير الفكرة من محض الاحتجاج على قتل الشاب “خالد سعيد” إلى تحويلها لموجة غضب عامة.
وبالحديث عن التخويف، فإن رأس سلطة 3يوليو لم يستهل وجوده السياسي بمواجهة أنصار الرئيس محمد مرسي في رابعة والنهضة، بل كانت مواجهة الإسلاميّين هي المواجهة الثالثة بعد أولى حلقات المواجهة مع التيار المدني في “معركة كشوف العذرية”؛ والتي تلتها معارك عدة؛ أبرزها “مواجهات محمد محمود” قبل 3 يوليو، ومواجهات ذكرى يناير في 2015؛ والتي من أبرز علاماتها مقتل شيماء الصباغ. كانت المواجهة الثانية مواجهة الأقباط في “مجزرة ماسبيرو”، والتي كانت إعلانًا بالتخيير بين الخضوع أو المواجهة الواسعة، ما دفع الكنيسة لقبول التوافق، لتكون من بين الحاضرين في مشهد الانقلاب الرئيسي في 3يوليو، جنبًا إلى جنب مع شيخ الأزهر وحزب النور ورؤوس جبهة الإنقاذ.
وباعتباره منحدرًا من جهاز يدرك أهمية الصورة، يعمد رأس سلطة 3 يوليو للظهور بمظهر المتجهم خلال المناسبات الدينية الإسلامية، فيما يتعمد إظهار السعادة الغامرة خلال ظهوره في احتفالات الأقباط. وهو ما له مردود نفسي لا يخفى، حيث يؤدي التناقض بين المشهدين؛ السرور الغامر والتجهم الواضح إلى مداعبة المخزون الطائفي الذي يغذيه كل من السلطة والكنيسة في نفوس الأقباط، كما تدفع الأقباط للشعور بالانتماء والتواصل مع مَن يَسعد بسعادتهم ولا يشارك الطائفة المغايرة أفراحها في مناسباتها.
كما أنه عمد إلى إثارة قضية الطلاق في المحافل الإسلامية أكثر من مرة، معلنًا رغبته التدخل لفرض رأيه بخصوص هذه القضية في شرعة المسلمين؛ إلا أنه لم يتدخل لمواجهة نفس القضية فيما يتعلق بالجماعة المسيحية؛ مع علمه – يقينًا – بأنها قضية تشغل بال الأقباط جميعهم، وتتزمت الكنيسة في موقفها التاريخي، المتصل بالأيام الأولى لتأسيس الكرازة المرقسية في مصر بعد أقل من قرن من رفع السيد المسيح عليه السلام. هذا التناقض يغذي نفس الفكرة الطائفية، ويضيف إليها دعم مفهوم مسؤولية الكنيسة دون سواها – بما في ذلك السلطة السياسية – عن الشعب المسيحي واجتماعياته ودينه.
غير أن مشهد الصورة والتدخل في تعاليم الأديان لم يكونا المشهدين الوحيدين. وبشكل عام، وبعد إعلان الكنيسة خضوعها، وموافقتها على المشاركة في مشهد 3 يوليو، بدأت العلاقة مباشرة في توظيف الأقباط لصالح مطالب منح الشرعية لسلطة 3 يوليو، وبخاصة في الفعاليات الانتخابية التي لم تزد فيها نسبة المشاركة السياسية عن 30 بالمئة طيلة العقد الماضي، باستثناء الانتخابات الأخيرة، والتي عولجت بصريًّا لتمرير الإعلان بارتفاع نسبة المشاركة فيها، وكانت توجيهات البابا إعلامية لا كنسية؛ فخرج في وسائل الإعلام يقول للأقباط: “قول نعم يزيد النعم”، والتي زايدت صحيفة الأهرام في العناية بها لحد نشر الكلمة بخط يد الأنبا تواضروس[30].
توظيف القاعدة الجماهيرية القبطية لم يقف عند حدود التظاهرات الانتخابية والتفويضية، بل تعداها إلى توفير دعم دبلوماسي أهلي لزيارات رأس سلطة 3 يوليو إلى الدول الغربية، وبخاصَّة الولايات المتحدة، حيث عمدت الكنيسة خلال زيارات النصف الأول من هذا العقد إلى دعم انتقال الأقباط من مناطق تركز إقاماتهم إلى حيث المدينة التي يتواجد بها فندق رأس سلطة 3 يوليو. لينتقل دور الكنيسة في توظيف أقباط المهجر من الضغط على مبارك إلى تأييد رأس سلطة 3 يوليو.
وكما الأحزاب، فإن الكنيسة حرصت على توفير دفق تصريحات منتظم للتعبير عن التأييد، سواء لرأس سلطة 3 يوليو أو لمبادراته وسياساته.
وفي المقابل، حصدت الكنيسة مكاسب عدة؛ منها الحق في ترميم وبناء الكنائس دون اشتراط الموافقة الأمنية، وإبرام صفقة ترميم واسعة لما خرب أو تهدم أو تهالك من مبانيها، ونفذت الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة بعض المشروعات الإصلاحية، كما وصل الكنيسة دعم غير مباشر من كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ممثلًا في منشآت تنموية أقامتها الدولتان لصالح الكنيسة القبطية، وهو ما تمَّ برعاية دبلوماسية من الدولة المصرية، كما تلقت المنظمات الاقتصادية التابعة للكنيسة وقياداتها دعمًا من القوات المسلحة، تمثل في تحسين منظومة الطرق التي تؤدي إلى ممتلكات تلك المؤسسات. وحصلت الكنيسة على عقود للأراضي التي كانت قد وضعت يدها عليها بدون وجه حق، وفق تصريح الأنبا يؤانس. وأيضًا حصلت الكنيسة على تراخيص للكنائس والأديرة والمؤسسات الاقتصادية التي تملكها بالفعل[31].
ونشرت “صحيفة اليوم السابع” في يوليو 2021، ما يفيد أن الكنيسة الإنجيلية وحدها كانت قد حصلت على تصريحات ببناء 500 كنيسة خلال 200 عام، فيما حصلت على تراخيص لنحو ألف وسبعين كنيسة خلال العقد الماضي وحده، كما وفقت الكنيسة الأرثوذكسية أوضاع 1882 مبنى كنسيًّا، من بينها 1200 كنيسة[32]. هذا علاوة على دعم دبلوماسي لتوسيع الكنائس الأرثوذكسية في دول الخليج العربي، وصولًا للسعودية التي سمحت للأقباط الأرثوذكس بممارسة طقوسهم في المناسبات المرتبطة بهم، وسط ترقب الكنيسة موافقة السلطات السعودية على إقامة كنيسة في المملكة.
ويَرتبط بالكنيسة الأرثوذكسية عدد من المنظمات السياسية، ترتبط بها جزئيًّا أو كليًّا. وثمَّة حزبين مرتبطين بالكنيسة، نشآ خلال العقد الأخير؛ تعبيرًا عن رؤية مسيحية، أولهما “حزب حياة المصريين” أو “حزب الحياة”، وهو حزب أسسه الناشط القبطي؛ الذي كان قد استقر في المهجر قبل ثورة يناير، مايكل منير[33]، وتقدم بأوراقه في 31أغسطس 2011؛ لتوافق لجنة الأحزاب عليه في31 أكتوبر 2011[34]. وهو الحزب الذي خمد بعد انقلاب 3 يوليو 2013. وأما الحزب الثاني فيتمثل في حزب “المصريين الأحرار”، والذي أسسه ودعمه الملياردير القبطي نجيب ساويرس في 3أبريل 2011، حيث قام عدد من المفكرين والنشطاء السياسيّين بالإعلان عن برنامج وأهداف الحزب ومبادئه الأساسية، ووافقت لجنة الأحزاب على إجراءات تأسيسه في 4 يوليو 2011. وكان هذا الحزب أكبر الأحزاب في مجلس النواب في انتخابات 2015؛ قبل أن تؤدي تفاعلات ثقافية وسياسية إلى تراجعه للمركز الثاني لصالح تحول الغالبية إلى “حزب مستقبل وطن”.
ولا يخلو الأمر من وجود “أشباه أحزاب” مرتبطة بالحالة القبطية؛ مثل حزب “مصر القومي”، والذي لم يهتم حتى بالتعريف بالحزب في صفحة التعريف على منصة “فيسبوك”[35]. وفي منشوراته، يلاحظ أن الحزب يكاد يكون بدون أعضاء، ويتضمن صورًا التقطت في فعاليات عامة خارج ما يمكن تسميته مقر الحزب، كعيد ميلاد السيد المسيح. ونائب الرئيس هو المهندس مينا بولس ابن رئيس الحزب؛ التاجر القبطي روفائيل بولس[36].
ولا يمكن في هذا الإطار إغفال أن قطاعًا واسعًا من الحالة القبطية ينشط في صورة مجموعات سياسية؛ كان عددها – بحسب ما أعلنه آنذاك المجلس الاستشاري القبطي – قد وصل خلال الفترة بين 25 يناير 2011 و1 يونيو 2013، إلى نحو 36 حركة، كان أهمها “اتحاد شباب ماسبيرو”، و”ائتلاف أقباط مصر”، و”أقباط بلا قيود”، و”الأقباط أحرار”، و”الإخوان المسيحيّين”، و”الاتحاد المصري للأقباط”[37]. ولا يوجد ما يؤشر إلى أن هذه المنظمات قد تلاشت، كما لا يوجد ما يشير إلى نشاطها، لكن يمكن للمندوبين الإعلاميّين للصحف ملاحظتها كمجموعات نشطة في الكنيسة، وبعضها يحمل ثأرًا مع سلطة 3يوليو؛ وعلى رأسها “اتحاد شباب ماسبيرو”، ضحية المجزرة الشهيرة التي وقعت في 9 أكتوبر 2011.
غير أنه، من جهةٍ أخرى، لا يمكن اعتبار العلاقة الإيجابية بين الكنيسة وسلطة 3 يوليو من باب “الزواج المسيحي”، الذي لا يقبل الطلاق. فرغم المكاسب الطائفية التي جنتها الكنيسة جراء تحالفها مع سلطة 3 يوليو؛ إلا أن الكنيسة يبدو أنها – قبل رئاسيات 2023، كان لها تفضيل آخر بخلاف شخص رأس سلطة 3يوليو، وهو ما عبَّر عنه الأكاديمي القبطي المقرب من رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، عماد جاد، والذي سبق له أن دعا، في 18سبتمبر 2023، إلى ترشح الفريق محمود حجازي، الرئيس الأسبق لأركان الجيش المصري، لرئاسيات 2023، واعتبر هذا الترشح مدخلًا لفترة انتقالية لإنقاذ مصر من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه[38].
ورغم أن تصريحات عماد جاد لا يمكن نسبتها للكنيسة بصورة مباشرة، وذلك نتيجة للصبغة المدنية التي قدم بها طرحه، بالإضافة لعلاقته بالأجهزة السيادية المصرية، إلَّا أن “جاد” يمثل صوتًا مسيحيًّا آخر يضاف لقائمة الأصوات المسيحية التي عبرت عن مواقف سلبية من رأس سلطة 3 يوليو، أبرزها أصوات عائلة “ساويرس”، سواء سميح ساويرس[39] أو أخوه “نجيب”[40]، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحاق[41]، وحتى رجل الأعمال، وأحد مهندسي “30 يونيو”، منير فخري عبد النور، والذي اتجه نفس اتجاه “جاد” بتغريدته الشهيرة على منصة “إكس”، والتي تحدث فيها عن تشجيع أجهزة سيادية أحزاب مصرية على ترشيح “نكرات”، وهي التغريدة التي أدت برئيس حزب الوفد لإحالته إلى لجنة النظام بالحزب[42].
ومع نجاح رأس سلطة 3 يوليو في تمرير ترشيحه، بصورة منفردة، كممثل لتيار الدولة، تواصل تأييد الكنيسة له في رئاسيات 2023[43]. وكان للكنيسة ورأسها الأنبا تواضروس دور في دعم اتساع نطاق المشاركة رغم السخط الاجتماعي العام[44]، ثم إسباغ الشرعية على مشهد الانتخابات[45].
وعلى صعيد الكنيسة الإنجيلية، فإن الثمن الذي حصدته كان نظير ما اعتبره المراقبون نتيجة اهتمامها ببناء دور دبلوماسي لصالح سلطة 3 يوليو، حيث يشار إلى أن هذه الكنيسة استطاعت بلورة علاقات جيدة مع دول غربية عديدة استفادت منها الحكومة المصرية، بما ضمن تحييد ملف مشاكل الأقباط الذي يمثّل ورقة ضغط دائمة على القاهرة وعلاقاتها الدولية[46]. هذا إلى جانب ما تلعبه من دور في إبداء الرضا والتأييد لرأس سلطة 3 يوليو[47].
وبمناسبة الحديث عن الدور الدبلوماسي للكنيسة الإنجيلية، فإنه من الملاحظ خفوت الحشد الكنسي الأرثوذكسي لرأس سلطة 3 يوليو، حيث كانت آخر الزيارات حشدًا زيارة 2018، وبعدها بدأ تراجع الحشد بين أقباط الولايات المتحدة، وإن لم تنشر مناقشات حول سبب تراجع الحشد، وهل هو تراجع رغبة الكنيسة في الحشد، أو تراجع قدرتها عليه. يُذكر في هذا الصدد أن دعوات الكنيسة للحشد لزيارتي 2016 و2018 لاقت قدرًا ليس باليسير من الرفض بين أقباط المهجر على اختلاف دوافع الرفض[48].
وكخاتمة لهذا المحور، يمكن القول بأن ثمَّة روافد متعددة لإعلان الأقباط استياءهم من الأداء الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي لرأس سلطة 3 يوليو، بدءًا من حركات شبابية قبطية تحمل فكرة الثأر لمجزرة ماسبيرو، ورجال أعمال مثل “عائلة ساويرس”، وعائلة “عبد النور”، ورموز سياسية مثل عماد جاد وجورج إسحاق، وهي روافد لا يمكن معها القول بإحكام الكنيسة سيطرتها على قيادة الجسد القبطي في دعم مسار التأييد لرأس سلطة 3 يوليو.
ورغم غياب البيانات، فإن تواضع نسبة المشاركة في الاستحقاقات التصويتية الماضية، وبخلاف رئاسيات 2023، يكشف عن استحالة توافق انقياد الأقباط بكاملهم لرؤية الكنيسة بمساندة سلطة 3 يوليو، وإن كان الباحث يظن أنه مع غياب تأثير الصوفية، فإن الأقباط يُعدون الوقود الأساسي لدعم سلطة 3 يوليو في الاستحقاقات التصويتية، وهم حجر الزاوية في نسبة الـ30 بالمئة التي اعتادت المشاركة في هذه الاستحقاقات.
ج. الأولتراس.. أو روابط مشجعي كرة القدم
هذا المكون من مكونات المجتمع المصري لا يقل أهمية عن الصوفية والكنيسة، وتمثلت أهميته في اضطرار رأس سلطة 3 يوليو للتدخل لمواجهته بمذبحتين تكادان تماثلان المذابح التي واجه بها الإخوان والأقباط، بل كانت أشد ضراوة ووحشية من الممارسات التي تعاملت بها سلطة 3 يوليو مع التيار المدني بعد انقلاب 3 يوليو.
1. روابط المشجعين:
يرجع تأسيس ظاهرة الأولتراس إلى عشاق كرة القدم في ليبيا، وبخاصَّة مشجعي “نادي الاتحاد” الليبي؛ ففي عام 1989، أسس مشجعو هذا النادي مجموعة “أولتراس دراون” لمؤازرة فريقهم، وأدت حيويتها وتنظيمها إلى قلق السلطات الليبية، التي واجهتها أمنيًّا، بحيث لم تصمد المجموعة في مواجهة قمع السلطات لأكثر من أسبوعين إلى أن صدر قرار بحلها وسجن أعضائها. وكان أقرب حضور بعد القضاء على هذه التجربة في تونس، في عام 1995، حينما قرر مشجعو النادي الأفريقي تشكيل رابطة التشجيع المعروفة باسم “أفريكان وينرز”، لتبدأ ظاهرة الأولتراس بعد ذلك في التمدد إلى بقية بلدان المنطقة.
كان أول ظهور أولتراس في مصر لأولتراس نادي الزمالك، حيث ظهر لأول مرة رسميًّا (رسميًّا تشير للإعلان عن الأولتراس في المدرجات)، في 17 مارس 2007[49]، أثناء حضور مباراة نادي الزمالك المصري ونادي الهلال السوداني. وبعد هذه المباراة، هاجم أحد لاعبي النادي الأهلي السابقين رابطة مشجعي نادي الزمالك، وحذر من خطورة هذه الظاهرة. وبعد هذا اللقاء بأقل من شهر، وفي 13 أبريل 2007، خرج “أولتراس أهلاوي” للعلن، خلال مباراة فريق النادي مع نادي إنبي المصري، وإن اتسم “أولتراس أهلاوي” بتشجيع النادي الأهلي في كل الألعاب الرياضية. لتتوالى بعد ذلك عملية تدشين روابط مشجعي الأندية، وبدأت بعض الروابط في التماس مع السياسة في إطار غير صراعي، مثل قيام رابطة مشجعي نادي المصري البورسعيدي بإقامة احتفالات تخص المحافظة في مناسبات مثل دحر العدوان الثلاثي وغيرها من المناسبات، ما كان يعني أنها ترى نفسها أكبر من رابطة لمشجعي النادي المصري؛ ما دفع للاهتمام بالظاهرة وتفهم خطورتها.
اتسمت روابط مشجعي الأندية بالعدوانية منذ لحظة تأسيسها. لحظة ظهور شعار “أولتراس وايت نايتس”، كانت مخيفة لبعض الإعلاميّين ومعلقي مباريات كرة القدم؛ بما تضمنه الشعار من خوذة وسيف أمام شعار النادي (اللوجو). كما كان حضور “أولتراس أهلاوي” مصحوبًا دومًا بتواجد الألعاب النارية والهتافات العدوانية، وكانت مواجهات الروابط مع بعضها البعض دومًا عنيفة، وكانت قوات الأمن تتدخل دائمًا لفض الاشتباكات. وعلى خلفية “مذبحة بورسعيد”، يشار إلى أن ما لفتنا إليه من ثأر بين النادي الأهلي والنادي المصري يرجع لعام 2007، حين استأسد “أولتراس أهلاوي” على مشجعي النادي المصري، وقاموا بمظاهرة حاشدة في مدينة بورسعيد، نهبوا خلالها بعض المتاجر. واستمرت الاشتباكات بين روابط الأندية إلى أن وضعت رابطتا الناديين الزمالك والأهلي ميثاقًا أخلاقيًّا للتعامل بين الروابط، بدا أن هناك ميلًا عامًّا بين الروابط لاحترامه، إلى أن تفجرت الأحداث في ستاد بورسعيد في الأول من فبراير لعام 2012؛ مسفرة عن المذبحة المأساوية لمشجعي النادي الأهلي. كما تجلت قوتها وعدوانيتها في مظاهرة أولتراس النادي المصري (جرين إيجلز)، عندما طالب أولتراس أهلاوي بإعادة التحقيق في “مذبحة بورسعيد” والمشاركة فيها، وأدت قوة التظاهرات لتدخل الدولة لدفع “جرين إيجلز” لحل نفسها، وهو ما حدث بالفعل في 4 يوليو 2018[50]. ويبدو أن تخوف سلطة 3 يوليو من أولتراس الأقاليم ليس لكونه خطرًا في ذاته؛ بقدر ما إن الظاهرة قد تكون معدية.
أدى فرط التشجيع لدى روابط الأولتراس لتردي العلاقة بينها وبين الأجهزة الأمنية، وحدثت مواجهات عنيفة بين الطرفين أكثر من مرة، ومن أمثلة المواجهات أنه في يوليو 2010 قرر “أولتراس أهلاوي” مقاطعة مباريات الفريق، ما لم يحدث تدخل لحماية المشجعين من اعتداءات الشرطة. وكانت الشرطة قد تحرشت بأولتراس أهلاوي في مباراة الناديين: الأهلي وكيما أسوان، في الدوري العام، ما أدى لمواجهات أسفرت عن إصابة 150 فردًا من الطرفين، وأحرق الأولتراس 14 سيارة خاصَّة و4 سيارات تابعة للشرطة والأمن المركزي خلال المواجهة.
وإثر موقف الأولتراس، حدث تدخل من شخصيات عامة، ومن رئاسة مجلس إدارة النادي الأهلي لتحدث مصالحة قبل مباراة النادي الأهلي مع نادي شبيبة القبائل الجزائري في أغسطس 2010[51]. ومثال هذه المواجهات كثيرة، ما أدى لإنتاج روابط الأولتراس عدة أهازيج موجهة ضد جهاز الشرطة، كان أبرزها أغنية “يا غراب ومعشش” لـ”أولتراس اهلاوي”، والتي تعد أقسى الأهازيج على مسامع ضبَّاط الشرطة، وتقول الأعنية: “كان دايمًا فاشل.. فى الثانوية.. يا دوب جاب.. 50 في الميه.. بالرشوه خلاص الباشا اتعلم.. وأخد شهاده بـ 100 كليه.. يا غراب ومعشش.. جوا بيتنا.. بتدمر ليه.. متعة حياتنا.. مش هنمشي على مزاجك.. ارحمنا من طله جنابك.. لفق لفق.. في القضية .. هي دي.. عاده الداخلية.. ممسوك مكتوبلي.. إرهابي دولي.. ماسك شمروخ وبغني أهلي”.
ولعل هذا ما يفسر العداء المتبادل بين الطرفين، ويفسر انخراط روابط المشجعين في “ثورة يناير”، وكان من أهازيج الأولتراس خلال ثورة 25يناير أغنية “مش بنخاف”، كان من بين مقاطعها: “اضرب غاز.. اضرب رصاص.. جيلنا من الموت.. مبقاش بيخاف خلاص”، وأغنية “في كل مكان في بلادي”، ومطلعها: “في كل مكان في بلادي سامع صوت شهيد.. بحياته بيكتب غنوة للفجر الجديد.. حرية وجوا بلادنا مش هنعيش عبيد”[52]. ويحمل تاريخ روابط الأندية، خلال ثورة 25 يناير، قيام “أولتراس أهلاوي” و”وايت نايتس”بالغناء معًا، وهي أغنية حملت اسم “شمس الحرية”.
2. مشجعو كرة القدم وسلطة 3 يوليو:
نظرًا لاتساع تعداد مشجعي كرة القدم في مصر، كان ثمَّة توجه بين السلطات المصرية لاحتوائهم، وهو التوجه الذي برز بعدما تبيَّن أن مطالب توجهات الأولتراس المختلفة تصطدم مع توجهات رأس سلطة 3يوليو بالارتكان للأجهزة الأمنية والاعتماد على الأداة القمعية وسيلة أساسية لقيادة المجتمع المصري. وبالنظر لعداء سلطة 3 يوليو ورعاتها لثورة 25 يناير، فقد كان الغالب على توجهات هذه السلطة معاداة فئات الأولتراس المختلفة، والتي لعبت دورًا هامًّا في الحشد لثورة 25 يناير، وبخاصَّة عندما كانت الثورة موجهة ضد عنف الشرطة المصرية. هذا علاوة على أنه كان لافتًا ومقلقًا لسلطة 3 يوليو أن تجتمع الرابطتان المتحاربتان “أولتراس أهلاوي” و”وايت نايتس” ليغنوا أغنية “شمس الحرية” معًا غداة إعلان فوز الرئيس محمد مرسي بمنصب الرئاسة في 3 يونيو 2012م[53].
وقد اتخذت المواجهة بين سلطة 3 يوليو وعموم ظاهرة الأولتراس طابعًا أمنيًّا في العموم، لكن مسارات التعاطي الأمني كان بعضها أمنيًّا محضًا، والبعض الآخر إداريًّا، كما كان منها ما هو إعلامي، وما هو تنظيمي. وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه المسالك:
= المواجهة الأمنية المحضة: يمكن القول بأن فاتحة التعاطي مع الأولتراس كانت بين سلطة 3 يوليو و”أولتراس أهلاوي”، وهو التعاطي الذي تمثل في استعانة الشرطة المصرية بمعتادي الإجرام (البلطجية المسجلين خطرًا على الأمن العام) لمواجهة أولتراس أهلاوي في “ستاد بورسعيد” عبر مجرمين حاضرين في صفوف النادي المصري، مستغلين حالة الثأر بين مشجعي الناديين منذ العام 2007. وكانت المواجهة في الأول من شهر فبراير 2012، ما وصفه مراقبون أجانب بأنه الحادث الأكثر دموية في تاريخ الكرة المصرية.
ففي هذا اليوم، وقبيل دقائق من إطلاق حكم المباراة لصافرته معلنًا نهاية المباراة، نزل مئات الأشخاص من المدرجات المخصصة لمشجعي نادي المصري إلى أرض الملعب، حاملين سكاكين وهراوات وعصي حديدية، وتوجه بعضهم لمهاجمة لاعبي النادي الأهلي، فيما توجه آخرون لمدرجات الزائرين، حيث يوجد أولتراس أهلاوي. رغم ذلك، لم تتحرك الشرطة، بل بدت وكأن الأحداث تجاوزتها. كانت جميع المنافذ مغلقة أمام جمهور الأهلي، وتزامن نزول المهاجمين مع إغلاق بوابات المدرجات وأبواب مواقف السيارات، ما منع مشجعي النادي الاهلي من تجنب المواجهة والهرب، ووقع الصدام، لتنتهي المواجهة بما أعلنه تقرير الطب الشرعي من مقتل بعض المشجعين طعنًا، فيما قتل غالبهم دهسًا أو اختناقًا بسبب تدافع الحشود. ونقل أحد المشجعين قول أحد ضباط الشرطة ردًّا على استغاثة أحد مشجعي النادي الأهلي: “لقد دافعتَ عن الثورة، فدافع الآن عن نفسك”.
كانت جولة المواجهة الثانية في نفس الشهر من عام 2015، ففي 8فبراير من ذلك العام، وعلى هامش مباراة الناديين: الزمالك وإنبي، في تنافسيات الدوري العام لكرة القدم لذلك العام، حيث تم تجهيز ممر حديدي ضيق وشاهق الارتفاع لمرور مشجعي نادي الزمالك، ومع تباطؤ إجراءات الدخول، تذمر عدد من المشجعين، لتطلق عليهم قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، ومع اكتظاظ المشجعين في الممر الحديدي الضيق ذي الأسوار العالية، أدى فرط إطلاق القنابل المسيلة للدموع إلى مقتل عدد كبير من المشجعين اختناقًا، ووفاة عدد منهم دهسًا، علاوة على اعتقال من نجح منهم في الفرار من المذبحة. وقد رفض عدد من أهالي ضحايا مذبحة استاد الدفاع الجوي التوقيع على تقارير وفاة أقاربهم، وذلك لما ورد في تقارير الوفاة من أن سببها في بعض الحالات هو الاختناق وفي بعض الحالات الأخرى الانتحار. وقد حاول الأهالي دخول المشرحة، ومنعوا من هذا بالقوة. يذكر أن “وايت نايتس” أنتج ألبومًا غنائيًّا حمل اسم “8 فبراير”، أبرز ما فيه هو أغنية حملت اسم “صرخة العشرين”[54]، وصدر هذا الألبوم في فبراير 2016، أي بعد عام من “مذبحة استاد الدفاع الجوي”.
= المواجهة الإدارية: المسار الأمني الثاني تمثل في المواجهة الإدارية. وكانت أبرز تجليات هذا المسار في الضغط على الروابط من أجل أن تحل نفسها. ورغم صدور حكم محكمة الأمور المستعجلة، في 16 مايو 2015، بحل جميع روابط الأولتراس، واعتبارها تنظيمات إرهابية، إلا أن الحكم لم يجد سبيله للتنفيذ لتسييسه، كما أن سلطة 3 يوليو لم تستطع حمل الروابط على تنفيذه، لكنها ضغطت بآليات أمنية حتى تحقق هذا التوجه، وهو ما حدث مع “أولتراس أهلاوي” في مايو 2018[55]، وبعدها بأيام أعلنت رابطة “وايت نايتس” نفس القرار، ثم تبع ذلك قرارات مماثلة من كل من “جرين إيجلز”[56] (رابطة مشجعي النادي المصري)، و”جرين ماجيك” (رابطة مشجعي نادي الاتحاد السكندري)، و”بلو دراجون”[57] (رابطة مشجعي نادي الإسماعيلي) في يوليو من نفس العام، وتتباعت قرارات الحل تحت ضغط الأجهزة الأمنية؛ ليصبح عام 2018 عام حل روابط مشجعي أندية كرة القدم في مصر.
وبعد ذلك العام، صار من قبيل التهم الأمنية السياسية محاولات إحياء رابطة الأولتراس، وهي تهم وجهت لمشجعي “أولتراس أهلاوي” بصورة خاصَّة لاحقًا.
غير أنه يعن للباحث أن يميز في هذه المساحة بين أولتراس العاصمة وأولتراس الأقاليم، حيث يبدو من خلال استعراض تاريخ هذه الروابط أن وجودها في الأقاليم كاد أن ينتهي بمحض الإرادة الأمنية، أما في العاصمة؛ فإن التحدي الأمني زاد من تماسك هذه المجموعات، حتى اضطرت سلطة 3يوليو لتمديد اتباع أسلوب القمع معها حتى لحظة كتابة هذه السطور.
وكان من بين المسارات الفرعية لهذا المسار الإداري سعي سلطة 3يوليو لإنتاج أولتراس مدار أمنيًّا، واستخدامه في بعض الأحيان لمواجهة الأولتراس التاريخي، وهو ما تجلى في مواجهات رياضية عدة. ومن أمثلة هذا الأولتراس البديل وتوظيفاته ما حدث في لقاء الناديين الأهلي والجونة في 11 نوفمبر 2023، عندما ذهب أولتراس أهلاوي لمدرجات الدرجة الثالثة شمال؛ بحسب العادة التاريخية؛ ليجد أولتراس أهلي البحر الأحمر يحتل المدرجات، رافضًا إفساح المجال للأولتراس، لتحدث مواجهات لفظية وجسدية انتهت بتدخل قوات الأمن.
= المواجهة الإعلامية: البُعد الثالث للمواجهة الأمنية تمثل في المواجهة الإعلامية، حيث حرصت سلطة 3يوليو على كيل الاتهامات للأولتراس، وبخاصَّة “أولتراس أهلاوي” و”وايت نايتس”، سواء بالإرهاب أو بالتخطيط للعمل ضد الدولة. ومن أمثلة هذا المسار من مسارات المواجهة اتهام سلطة 3 يوليو لأولتراس “وايت نايتس” بتكوين جناح عسكري، عرف باسم “الكتيبة 101″، وأن قادتهم يحملون فكرًا إسلاميًّا تكفيريًّا ارتبط باتباعهم أفكار السياسي والقانوني المصري البارز حازم أبو إسماعيل، ووضعهم خطة دمج النشاط الرياضي بتحركات التكفيريين ضد الدولة، واستخدام هذه الاتهامات لتبرير الأحكام القضائية المشددة في حقهم.
ولم يسلم “أولتراس أهلاوي” من نفس المسار. فبعد عقد من انقلاب 3 يوليو، وجهت أجهزة الأمن تهمة الإرهاب لبعض أعضاء “أولتراس أهلاوي”، على خلفية حكم سبق أن أصدرته محكمة الأمور المستعجلة، حيث دأبت صحف ضمن أذرع 3يوليو الإعلامية على تعداد أحداث عنف وتخريب منسوبة إلى “أولتراس أهلاوي”[58]، وربط هذه التكرارات بالأحكام القضائية لتجفيف منابع عضوية هذه الروابط.
= المواجهة التنظيمية: ثمَّة مسار ثالث للمواجهة الأمنية، تمثل في منع الحضور الجماهيري المفتوح عن مباريات البطولات المصرية منذ شهر أبريل 2013 وحتى اليوم، واقتصر التشجيع في المباريات الرياضية على عدد محدود (5000 على أقصى تقدير؛ لم يرد عليها استثناء إلا في مباراة الناديين الأهلي المصري والهلال السوداني في مارس 2023)[59]. أما عن المباريات الحاسمة في البطولات المصرية: فإنها منذ 2014 تلعب في ملاعب إماراتية.
ونتيجة لهذا التوجه الأمني، صممت مجموعة “أولتراس أهلاوي” لوحة فنية تحت عنوان “الكرة للجماهير”، ونشرت لوحة كبيرة قبيل انطلاق المباراة النهائية لبطولة كأس الاتحاد الأفريقي في عام 2014، وجهت فيها رسالة لسلطة 3يوليو بلغات متعددة، ورفعت لافتة ضخمة مكتوب عليها “بكل لغات العالم.. يمكن تفهموا.. الكرة للجماهير”[60].
ورغم مرور عقد كامل على بداية الصدام بين سلطة 3 يوليو وجماهير الأولتراس، ما زال عداء الدولة لهذه الرابطة مستمرًّا، ما يمكن رصد بعضه في الملامح التالية:
= في 22 أبريل 2023، وعقب إحدى المباريات، تنوعت الاتهامات الموجهة للمقبوض عليهم ما بين عدم حيازة أي منهم “تذكرة دخول” أو “فان آي دي”، وحيازة “شماريخ” (عصي نارية) ومحاولة إدخالها إلى الاستاد بعد إخفائها بطرق مختلفة، وإنشاء مجموعات محظورة لمحاولة إحياء رابطة مشجعي النادي الأهلي المعروفة باسم “أولتراس أهلاوي”. وتعرف هذه القضية باسم “القضية رقم 708 لسنة 2023 حصر تحقيقات أمن دولة عليا”[61].
= وفي 26 و27 أبريل 2023، داهمت قوات الأمن منازل عدد من مشجعي النادي الأهلي، ووجهت إليهم نيابة أمن الدولة، بناءً على تحريات جهاز الأمن الوطني، تهم الدعوة لمقاطعة استاد القاهرة الدولي، وحرق بطاقات المشجع الخاصة بموقع تذكرتي، وهي المطالب التي عللها مطلقوها بالاحتجاج على إلقاء قوات الأمن القبض على مشجعي النادي أثناء مشاهدة مباراة في 22 أبريل 2023[62]. وجددت نيابة أمن الدولة حبسهم أكثر من مرة. وانضم المتهمون في هذه القضية إلى القضية المحفوظة باسم “القضية رقم 744 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا”.
= ما زالت سلطة 3 يوليو، وجهازها الأمني، يكنان العداء لرموز روابط ناديي العاصمة، ويعيدون تدويرهم في قضايا جديدة بصورة مستمرة، وأبرزهم وآخرهم حتى تناريخ كتابة هذه السطور هو “سيد علي فهيم” الشهير باسم “سيد مشاغب” “كابو (زعيم) “وايت نايتس”، والذي لم يكد ينل حكمًا بالبراءة من قضيتين، حتى أعيد تدويره في قضية جديدة، في 3 يناير 2024، بتهمة نشر أخبار كاذبة، وأحالت القضية لتوقيت كان فيه “مشاغب” محبوسًا. وكان “مشاغب” قد تحول إلى رمز لروابط مشجعي الأندية العربية حين هتفت باسمه روابط فرق “الأهلي” و”الزمالك” المصريَّين جنبًا إلى جنب مع “الترجي”التونسي و”الوداد البيضاوي” المغربي، في مباريات كأس الأمم الأفريقية لعام 2020، رغم العداء بين الروابط الأربعة.
= وإذا كان النموذجان السابقان يوضحان أن روابط فرق “العاصمة” لم تستسغ المعالجة الأمنية لوجودها، وتحاول مرارًا وتكرارًا طيلة عقد كامل أن تكافح قرارات سلطة 3 يوليو بمصادرة المجال الكروي، فإن المساعي المنفردة لم تعد المسار الوحيد، حيث بدا أن ثمَّة مساع توافقية بين رابطتي مشجعي الناديين: الأهلي والزمالك، وجدت طريقها لإعلام الجرائم في 30 يناير 2024، بالحديث عن اتهام شابين من أعضاء “وايت نايتس” (رابطة مشجعي نادي الزمالك) بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية، في نص على أن هذه الجماعة الإرهابية هي “أولتراس أهلاوي”، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العام.
د. النقابات ودورها في مصر الراهنة
تُعَد النقابات من اللاعبين المهمين في اللحظة الراهنة في مصر، وقد بلورت خلال الفترة بين 2013 و2023 أدوارًا مهمة في مقاومة تغول سلطة 3 يوليو على المجال العام. فما ملامح المشهد النقابي؟ هذا ما نعرفه بعد إطلالة تاريخية تضع المشهد الراهن في سياقه التاريخي.
1. إطلالة على ظاهرة النقابات المهنية:
بدأت مصر تشهد ظهور النقابات المهنية في عام 1912، حين تأسست نقابة المحامين المصريين لتكون أولى النقابات المهنية الحديثة في العالم العربي، وتلتها نقابة الصحافيين في عام 1941، ثم المهندسين في 1946؛ فالأطباء البشريين في 1949، وتنامى العدد حتى صار عدد النقابات المهنية في مصر 31 نقابة في عام 2019[63]؛ فيما نقابة الجغرافيّين ما زالت قيد التأسيس. ويبلغ تعداد أعضاء النقابات المهنية في مصر نحو 9 مليون مهني؛ بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري لعام 2021[64].
كانت نقابات مصر تدار بصورة ديمقراطية، وبخاصَّة أول 8نقابات، وهي النقابات التي تأسست قبل انقلاب يوليو 1952، وكان آخرها نقابة الزراعيين المصريين؛ والتي تأسست عام 1949، والذي شهد تأسيس 5نقابات دفعة واحدة، هي الزراعيين، والأطباء البشريين، والأطباء البيطريين، وأطباء الأسنان، والصيادلة. لتبدأ بعد انقلاب 1952 رحلة هيمنة الدولة على التنظيمات النقابية، المهنية منها والعمالية، ليستمر الأمر على هذا المنوال حتى ظهور إسلاميي جيل السبعينيات، الذين بدأوا رحلتهم لاسترداد النقابات مع مطلع تسعينات القرن الماضي. وشيئًا فشيئًا صار فوز الإسلاميّين بالانتخابات النقابية من المسلمات، ما أنتج احتقانًا عامًّا في وسطي المجتمع المدني والدولة، وانتهى الاحتقان باتجاه الإسلاميّين نحو اتباع منهج المشاركة؛ لتجنيب النقابات مغبة سطوة نظام الرئيس الأسبق “مبارك”.
وفي ديسمبر 2013، تغيّر الوضع في نقابة الأطباء تحت وطأة الدعاية التي سادت مصر في 2012 – 2013؛ لتفوز “قائمة تيار الاستقلال” على “قائمة أطباء من أجل مصر”، لتتولى المواجهة تيارات جديدة، تقود مصر في إطار تدافع بين النقابات وسلطة 3يوليو.
2. المشهد الراهن للنقابات المهنية:
من المهم في هذا السياق أن نلفت إلى أن المسار المستقل للنقابات المهنية قد تدهور منذ لحظة 3 يوليو 2013. أما عن بقية المشهد الراهن، فيمكن في إطاره الحديث عن:
= نقابة المحامين: كانت نقابة المحامين إحدى النقابات المستكينة، والتي تمكنت سلطة 3يوليو من دفعها إلى الصمت بعد الانقلاب العسكري، سواء عبر نقابة سامح عاشور، أو حتى نقابة رجائي عطية.
غير أنه مع تدهور الأداء الاقتصادي في مصر، واتساع نطاق مسار الجباية التي باشرتها سلطة 3 يوليو، نشطت نقابة المحامين؛ وأتى نشاطها في أعقاب صدور قرار وزير المالية رقم 188 لسنة 2023، والذي تضمن إضافة الخدمات إلى السلع في ضرورة استخراج فاتورة إلكترونية[65].
مثل نشاط نقابة المحامين في هذا الإطار حراكًا لكسر الحصار المفروض على حق التظاهر منذ صدور القانون رقم 107 لسنة 2013. ونظمت نقابة المحامين تظاهرات حاشدة، نجحت في تأجيل تطبيق الدولة للتسجيل في “الفاتورة الإلكترونية” لبضعة أشهر، إلى أن أصدر نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، عبد الحليم علام، بيانًا، في 13 أبريل 2023، أعلن فيه أن اللجنة المشكلة من مصلحة الضرائب المصرية ونقابة المحامين انتهت – فيما يتعلق بالفاتورة الإلكترونية – إلى أن جميع المحامين المتعاملين مع الأفراد غير مطالبين بالتسجيل في الفاتورة الإلكترونية، وأن المحامين غير ملزمين بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية إلا إذا كان المحامي يتعامل مع كيانات ملزمة بتقديم فاتورة إلكترونية فقط، كما اتفق الطرفان على إلغاء لفظ أنشطة قانونية من البطاقة الضريبية، وعودة العمل بلفظ “محامي حر”[66].
فوز نقابة المحامين في هذه المعركة لم يمر دون حساب؛ فالنقابي البارز، عبد الحليم علام، والذي يحمل معه تاريخًا في العمل النقابي والتشريعي، وصل إلى منصب نقيب المحامين بعد معركة شهدتها النقابة في الانتخابات التكميلية التي أجريت في 4 سبتمبر 2022، في أعقاب وفاة النقيب السابق رجائي عطية[67]. وكان من المفترض أن يفتح باب الترشح للانتخابات العامة للنقابة في 27 – 31 يناير 2024، لتجرى الانتخابات في 9 مارس 2024[68]. وبعد تقدم المرشحين بأوراقهم، ونتيجة لموقف النقابة من قرار وزير المالية رقم 188 لسنة 2023، حركت سلطة 3 يوليو أحد المحامين المرتبطين بها للطعن في مشروعية ترشيح “علام نقيبًا للمحامين، وهي الدعوة التي قبلتها المحكمة شكلًا وموضوعًا، وأجلت النظر فيها لجلسة 18 فبراير، لإعداد المذكرات الختامية[69]. يأتي قرار قبول المحكمة للدعوى رغم أن محكمة القضاء الإداري نفسها هي التي حكمت برفض منع “علام” من الترشح، في حكمها نفسه الذي استبعدت فيه كلًّا من سامح عاشور ومنتصر الزيات من الانتخابات التكميلية التي جرت في سبتمبر 2022م[70].
غير أن المعركة يبدو أنها لم تنته، حيث تقدم محامون بـ 7 دعاوى تطالب بوقف إجراء انتخابات مجلس نقابة المحامين، وقامت محكمة القضاء الإداري كذلك بتأجيلها لجلسة 18 فبراير كذلك[71]. ويُعَد اتفاق موعد التأجيل مؤشرًا لاحتمالات وجود تنسيق بين محكمة القضاء الإداري وسلطة 3 يوليو، وربما كان الترتيب متعلقًا بمفاوضات بين سلطة 3 يوليو وعبد الحليم علام الذي يرجح فوزه على سامح عاشور في حال حدثت انتخابات نزيهة بالنقابة. غير أن تضحية سامح عاشور بعضوية مجلس الشيوخ[72] ربما تؤشر لترتيبات جمعته بسلطة 3 يوليو؛ وذلك بالنظر لفترة رئاسته الهادئة للنقابة.
= نقابة المهندسين: على غرار نقابة المحامين، سبقت نقابة المهندسين إلى المواجهة مع سلطة 3 يوليو وحزبها “حزب مستقبل وطن”. ففي انتخابات النقابة، والتي أجريت جولة الإعادة لها في 11 مارس 2022، فاز المهندس طارق النبراوي بمنصب النقيب. وكان لفوز “النبراوي” قصة معركة أخرى مع سلطة 3 يوليو ممثلة في حزبها.
طارق النبراوي مهندس بارز ونقابي ذو تاريخ نضالي، وهو معروف بنشاطه القوي، والذي امتد لسنوات ضد اتجاه السلطة لفرض الحراسة على نقابة المهندسين، وتجميد العمل النقابي فيها خلال فترة حكم “مبارك”، وذلك لمحاصرة التيار الإسلامي الذي أضحى فوزه بأية انتخابات مهنية أمرًا متوقعًا. فاز “النبراوي” أمام منافس قوي ومدعوم بقوة من السلطة، وهو المهندس هاني ضاحي وزير النقل السابق[73].
أتت شعبية “النبراوي” من مسارعته للتخلص من “مشروع الخوف” الذي حاول “مبارك” فرضه على المهنيين كما فرضه على قواعد شعبية أخرى، وانخرط في تيار “مهندسون ضد الحراسة” الذي دشنه المهنيون في عام 2004، وكان “االنبراوي” متحدثًا باسم هذا التيار. وعلى الرغم من أن هدف التيار تمثل في رفع الحراسة عن النقابة، إلا أنه، ورغم إصراره على مهنية النقابة، اشتبك مع القضايا القومية، والتي رأى أنها ليست قضايا خصومة مع الدولة، مثل قضايا رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، ورفض خصخصة القطاع العام. كما فاز في أول انتخابات بعد إبطال الجمعية العمومية للمهندسين لانتخابات 2012، لكنه خسر في انتخابات 2018 أمام وزير النقل السابق، هاني ضاحي.
في انتخابات 2022، ورغم أن هاني ضاحي أعلن قبل شهر من موعد انتخابات النقابة أنه سيخوض هذه الانتخابات[74]، ضغط “حزب مستقبل وطن” للدفع بالنائب المهندس أحمد عثمان لمقعد النقيب[75]، ليخوض النبراوي وفريقه معركة قضائية، انتهت بمنع “عثمان”، بحكم قضائي، كونه نائبًا في مجلس النواب[76]. ليخوض ضاحي، الذي كان قد تقدم بأوراق ترشحه بالفعل – رغم الضغوط[77]، صراعًا قضائيًّا وصولًا لمشروعية ترشحه[78].
لم تكن نتائج انتخابات 4 مارس هي المفاجأة الوحيدة التي قدمتها نقابة المهندسين، فبعد الانتخابات مباشرة، وفي 6 مارس 2022، تجدد عقد الجمعية العمومية للمهندسين، والتي تمت بحضور نحو 3500 مهندسًا، وانتهت إلى جملة من القرارات؛ كان أهمها قرار الإطاحة بعدد من ممثلي حزب مستقبل وطن المقرب من أمانة النقابة العامة للمهندسين، حيث صوّت الحاضرون في اجتماع الجمعية العمومية على تغيير الأمانة العامة للنقابة المكونة من الأمين العام اللواء المهندس يسري الديب، والأمين العام المساعد أحمد صبري، وكلاهما عضو في حزب مستقبل وطن، وتكليف مجلس النقابة باختيار أمانة عامة جديدة، وكذلك الموافقة على رفض تولي الأعضاء المنتخبين من مجلس النقابة لمناصب في عضوية مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها النقابة، لما في ذلك من إخلال بمبدأ فصل الملكية عن الإدارة، ومنعًا لتضارب المصالح، على أن يتولى هذه المناصب أعضاء من الجمعية العمومية من ذوي الخبرة والكفاءة، وتكليف النقيب بإعادة تشكيل جميع لجان النقابة بغرض تفعيلها، وضمان توسيع نطاق مشاركة المهندسين[79]. وأدت هذه القرارات لتخفيف قبضة “حزب مستقبل وطن” على هيئة المكتب[80] الخاصة بالنقابة.
= نقابة الصحافيين: كانت نقابة الصحافيين على موعد مع نقيب جديد غير موال للدولة أيضًا، لكن مع انخفاض في مستوى حدة المواجهة مؤخرًا، على الرغم من أن فترة حكم رأس سلطة 3 يوليو شهدت سابقة نقابية عنيفة.
مرت نقابة الصحافيين في علاقتها بالسلطة بموجات توافق وتنافر. بدأ رأس سلطة 3 يوليو حكمه وكان ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات حاليًا هو النقيب للمجلس الثامن والأربعين للنقابة، وكان له دور في التمكين الإعلامي لرأس سلطة 3 يوليو، ما دفع سلطة 3 يوليو لإعادة ترشيحه نقيبًا في انتخابات المجلس التاسع والأربعين، والتي عقدت في مارس 2015، غير أن الجماعة الصحفية رفضت التجديد له باعتباره مدعومًا من سلطة 3 يوليو؛ التي كانت قد واجهت المصريين في وسط القاهرة، وقتلت الشاعرة شيماء الصباغ خلال احتفالات ذكرى ثورة 25 يناير، أثناء تقديمها الورود لضبَّاط الشرطة، ليحقق الصحفي اليساري يحيى قلاش فوزًا كبيرًا بعدد من الأصوات بلغ ضعف ما حصل عليه ضياء رشوان[81].
أصرت النقابة على الاضطلاع بدورها التاريخي في حماية الحريات، وبخاصة حرية الصحافة، وحماية استقلال المؤسسات الصحافية، وإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين، والذين كان عددهم قد بلغ 70 صحافيًّا في مطلع 2015[82] وفق تقارير أجنبية، ومكافحة ظاهرة حظر النشر التي كانت قد انتشرت خلال تلك الفترة في قضايا عدة تهم الرأي العام. ودخلت إثر ذلك في مواجهة قوية مع سلطة 3يوليو؛ وبلغت المواجهة حد اقتحام قوات الأمن مقر النقابة في الأول من مايو 2016، واعتقال اثنين من الصحافيين المعتصمين داخلها؛ اتهموا بالترتيب لاعتصام يوم الأرض رفضًا للتفريط في جزيرتي تيران وصنافير. رفضت النقابة الإجراء الأمني، وطالبت باعتذار الرئاسة[83] وإقالة وزير الداخلية[84]، ليتطور الأمر إلى أن يبلغ حد استدعاء النيابة العامة للنقيب يحيى قلاش، واثنين من وكلاء النقابة، منهم النقيب الحالي خالد البلشي، ثم تأمر بحبسهم بعد التحقيق. ليصدر في حقهم حكم قضائي من ثاني درجة؛ بالحبس لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ[85]. ليخسر بعدها منصب النقيب أمام مرشح صحيفة الأهرام عبد المحسن سلامة.
وبعد دورتين نقابيتين، للمجلس رقم 50 برئاسة عبد المحسن سلامة، ثم المجلس الحادي والخمسين برئاسة ضياء رشوان، تفاجئ الجماعة الصحافية الدولة بانتخاب أحد المحكومين من مجلس النقابة التاسع والأربعين، الصحافي خالد البلشي، نقيبًا للصحافيين. اللافت أنه لم يكن ثمَّة تدخل فج في هذه الانتخابات، ولم يكن ثمَّة انتهاكات بها؛ باستثناء دعم الأذرع الإعلامية للإعلامي خالد ميري، واستضافته في القنوات الفضائية، وعدم إيلاء أي اهتمام لخالد البلشي[86]. لكن النقيب الجديد يبدو أنه لا يريد تكرار خبرة سابقه “قلاش” في الوصول بالصدام لمستوى أحداث 2016[87]، على الأقل حتى الآن.
= نقابة الأطباء: خاضت النقابة مع سلطة 3 يوليو عددًا كبيرًا من المعارك، ما يرجع لمواقف مهنية مبدئية لتيار الاستقلال الذي كان مسيطرًا على النقابة حتى الانتخابات الأخيرة التي جرت في 11 أكتوبر 2023. وكانت أبرز مواقف تيار الاستقلال في النقابة على النحو التالي:
– إصرار النقابة على رفض مقترح أعدته وزارة الصحة لتحويل العاملين بقطاع الصيادلة في مصر إلى أطباء بشريّين[88]، وأتى ذلك المقترح في ظل الإجراءات التي اتخذتها مصر في مواجهة جائحة «كوفيد 19».
– كما وقفت النقابة في وجه محاولات مجلس الوزراء إلقاء اللائمة على النقابة في وفيات «كوفيد 19»، ومنها المواجهة مع رئيس الوزراء نفسه عندما صرح بهذا الصدد[89]. ومن ذلك القبيل أيضًا رد النقابة على تصريحات مسؤولية الأطباء الصادرة عن أرملة الإعلامي وائل الإبراشي الذي توفي متأثرًا بإصابته بفيروس «كوفيد 19»[90].
لكن اللافت في هذا المسار، مسار صورة الطبيب، والمواقف النقابية فيه كثيرة، أن النقابة طورت المواجهة باتجاه انتقاد الإساءة لصورة الطبيب في الدراما المصرية[91].
– وفي ديسمبر 2022، أعلن مجلس نقابة الأطباء رفضه مشروع القانون الذي تقدم به رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب د. اشرف حاتم، وهو “مشروع قانون المسؤولية الطبية”، والذي حاولت سلطة 3 يوليو تمريره، لإحكام قبضتها على الأطباء، وإدخال عقوبة السجن لنهج تعامل الدولة معهم[92]، وذلك بعد الأزمة التي حدثت إثر إهمال الدولة حقوق الأطباء “خلال جائحة كوفيد 19”.
– وفي ديسمبر 2022 كذلك، شاركت نقابة الأطباء 4 نقابات مهنية أخرى اعتراضها على قرار إلزام أصحاب المهن الحرة بتسجيل بياناتهم على منظومة الفاتورة الإلكترونية. النقابات الأربعة الأخرى كانت نقابة المهندسين، والمحامين والصيادلة وأطباء الأسنان[93].
– وفي يونيو 2023، رفضت النقابة اقتراحًا بقانون تقدمت به وزارة الصحة لمجلس النواب، يقضي بعدم قبول استقالة الطبيب إلا بعد مرور عشر سنوات من الخدمة أو دفع ثلاثة أضعاف تكاليف الدراسة الجامعية للحكومة، في محاولة للحد من ظاهرة هجرة الأطباء ورفض العمل في العديد من المستشفيات الحكومية[94].
– وفي ديسمبر 2023، رفضت نقابة الأطباء مشروع قانون حمل إعلاميًّا اسم “قانون المنشآت الطبية”، وهو الرفض الذي استند لركاكة صياغة القانون، وافتقاره الوضوح، وافتقاره الدقة في تعريف المنشآت، علاوة على الطابع الجبائي للقانون، والذي يفرض نفقات باهظة على القوافل الطبية والعيادات المتنقلة[95].
– العمل النقابي الجبهوي كان له دوره في نشاط النقابة في مواجهة سلطة 3 يوليو، فإلى جانب رفض الفاتورة الإلكترونية، كان لنقابة الأطباء وقفة رافضة بصورة قاطعة لأي إجراء في مسار فرض الحراسة على أية نقابة مهنية[96]، وهو ما تعلق برصد تحركات من جانب سلطة 3يوليو لفرض الحراسة على نقابة الصيادلة.
هذه المواقف تُعد نماذج، وتُعد نقابة الأطباء من أكثر النقابات تصديًا لمقترحات عشوائية قانونية ومهنية عدة كان المقصود منها إحكام سيطرة سلطة 3 يوليو على المنشآت الطبية والعامة والخاصة، الكبيرة منها والصغيرة.
الالتزام بإدارة النقابة في إطار مهني لم يمنع أعضاء مجلس النقابة من المشاركة بشخوصهم في الفعاليات الوطنية والقومية، مثل يوم الأرض المرتبط بقضية تيران وصنافير، والبيانات المتعلقة برفض المسالك الصهيونية الوحشية في مواجهة الشعب الفلسطيني.
جدير بالذكر أن سلطة 3 يوليو سعت للحد من سيطرة نقابة الأطباء على مجالها المهني. وبخلاف الصراع الإداري المهني بين النقابة والوزارة، والذي تجلى مع كل واقعة مواجهة مما أسلفنا الإشارة إليه، كانت أبرز المعارك بين النقابة وسلطة 3 يوليو ممثلة في سعي الأخيرة لتكرار نموذج فرض الحراسة على النقابة. ويخلص الباحث إلى أن ضعف ثقة مؤسسات الدولة في كفاءة قرارات سلطة 3 يوليو، وبخاصَّة ضعف ثقة مؤسسة القضاء، كان وراء نجاح تواصل من نوع ما بين تيار استقلال النقابة والسلطة القضائية، ما أسفر عن رفض السلطة القضائية مساعي فرض الحراسة على نقابة الأطباء في منتصف مايو 2019[97]، وبعد ماراثون قضائي استغرق 3 سنوات، قضت محكمة استئناف القاهرة للأمور المستعجلة برفض الاستئناف المقام من أحد الأشخاص يطالب فيه بفرض الحراسة القضائية على نقابة الأطباء[98].
وإلى جانب الضغوط القانونية، تصاعدت ضغوط أمنية على مجلس النقابة، أدت لإعلان عدد من قيادات نقابة الأطباء استقالتهم من هيئة مكتب النقابة، كان منهم أمين عام النقابة د. إيهاب الطاهر، ووكيل النقابة د. منى مينا[99]. وتوزاى التضييق الأمني مع تواصل بين سلطة 3 يوليو وتيار المستقبل في نقابة الأطباء، وأدى اختناق مسارات التفاوض بين النقابة وسلطة 3 يوليو إلى ترجيح كفة تيار المستقبل[100].
= نقابات التأييد: لا يمنع المشهد المرصود عاليه من نجاح سلطة 3 يوليو في استمرار مسيرة الهيمنة على بعض النقابات، وبخاصَّة النقابات العمالية[101]، علاوة على بعض النقابات المهنية، سواء العامة؛ مثل نقابات المعلمين والتمريض[102] والأطباء البيطريين[103] أو النقابات الفرعية؛ مثل نقابة صيادلة القاهرة[104]، أو نقابة مهندسي الدقهلية. ولا تضيف هذه النقابات للمجال العام سوى بيانات التأييد.
الانقسام في النقابات هو انقسام بين التأييد والاستقلال. والاستقلال هنا يعني بصورة أساسية الوقوف ضد تغول الدولة على أصول المهنة من جهةٍ، وبصورة أقل فيما يتعلق بالقضايا التي تخص المجال العام من جهةٍ أخرى، وهو ما يَعني أن الهدف من سيطرة سلطة 3 يوليو على النقابات هو السيطرة على معارضة النقابات؛ ككيانات مهنية؛ لسياسات الدولة، وليس لتجييش الأعضاء. تمدد سلطة 3 يوليو يتأتى من قدرة هذه السلطة على تجميد مطالب امتيازات المهنيّين، وهو ما حدث مع الأطباء بشكل أساسي، ومتوقع أن يحدث مع نقابة المهندسين خلال الفترة القادمة، ولا يتوقع حدوثه بدرجة كبيرة مع الدورة الحالية لنقابة الصحافيّين التي ينتوي فيها نقيب الصحافيّين عدم معاداة الدولة ليمرر خبرته النقابية بنجاح مقارنة بخبرة النقيب الأسبق يحيى قلاش.
غير أن سيطرة الحزب الحاكم على النقابات لا تعني قدرته على الإطاحة بالمعايير المهنية من جهةٍ، ولا بحشد التأييد خلف سلطة 3 يوليو من جهةٍ ثانية، وكل ما يمكن للنقابات تقديمه من تأييد يتمثل في تصريحات التأييد الصادرة عن أعضاء مكتب النقابة، بالإضافة إلى تأييد بعض السياسات التي لا تتضمن إخلالًا بقواعد المهنية؛ وذلك بالنظر لحيوية المشهد النقابي الراهن، وإمكانية الدعوة لجمعية عمومية للإطاحة بالنقيب المفرط في قواعد المهنية.
خاتمة
لا يعني اقتصار الورقة على هذه المكونات الأربعة أنها الوحيدة التي تتحرك في المجال العام الذي يكاد يكون مصادرًا. فثمة الأزهر، وثمَّة منظمات المجتمع المدني غير الحزبية، غير أن حضور هذه المنظمات ليس بالفاعلية التي بدا بها حضور هذه المكونات الأربعة.
ومن جهةٍ أخرى، لا يَعني نجاح الدولة في الحصول على تأييد غالبية هذه المكونات أنها سيطرت عليها كليًّا، ربما باستثناء النقابات؛ التي تحمل طابعًا حداثيًّا مهنيًّا، وتتمثل أهمية السيطرة عليها في دعم توجهات سلطة 3يوليو، رغم أن رفض بعض النقابات الانصياع لتوجهات الدولة أدى لحماية المهنية، وبخاصَّة فيما يتعلق بالأطباء البشريين.
وفي النهاية، وبخلاف الانتخابات الأخيرة التي أعلنت سلطة 3يوليو أنها شهدت مشاركة 45مليون ناخب، وهو بخلاف الواقع، إلا أن كل الفعاليات الانتخابية السابقة شهدت حضور 30بالمئة فقط من القاعدة الناخبة، وهي النسبة التي ظلت ثابتة نسبيًّا منذ انقلاب 3يوليو؛ وتتآكل بصورة طفيفة باستمرار، وهو ما يعني أن سيطرة سلطة 3يوليو على هذه التكوينات لا تعدو أن تكون سيطرة على قمة الهرم؛ ليبقى 67بالمئة من القاعدة الناخبة خارج السيطرة الفعلية.
يبلغ تعداد المريدين والمحبين للطرق الصوفية 15مليونًا. وقد اتجهت الدولة لإفساح المجال العام لهذه الطرق؛ ثقافيًّا وسياسيًّا، وفتحت الباب لزيادتها عدديًّا، ورعت فعالياتها، وزودتها بالمناصب وببعض التنظيمات الصورية إرضاءً لها، وأتاحت لها القدرة على تطوير ذاتها إداريًّا وإعلاميًّا وماليًّا. وفي المقابل تجني ثمارًا مباشرة من التأييد المستمر طالما احتاجت سلطة 3يوليو التأييد.
وفي الجانب الآخر، ثمَّة الكنيسة القبطية، والتي راكمت ميراثًا من احتكار التحدث باسم الأقباط، ومن النفوذ السياسي الواسع، لم تنازعها فيه سلطة 3يوليو، بل عملت على زيادة مكاسبها الطائفية والاقتصادية بصورة فاقت ما أتاحه لها نظام مبارك ومن قبله نظام عبد الناصر. وفي المقابل، منحت الكنيسة سلطة 3يوليو حالة تأييد عامة، سواء في الداخل أو في الخارج؛ لتحل دبلوماسية التأييد القبطية محل ضغوط أقباط المهاجر التي كانت تحاصر نظام مبارك. وإن بدا هذا الوفاق يتآكل أيضًا، حتى طالب أكاديمي مقرب من رأس الكنيسة الأرثوذكسية بترشيح عسكري آخر في انتخابات 2023.
أما أكثر التكوينات الأكثر عرضة للقمع الأمني الهائل، فتتمثل في روابط الأندية. وتتميز روابط أندية العاصمة بأنها لم تكن مرتهنة لإرادة أجهزة الأمن، على عكس أولتراس الأقاليم، والتي كادت أن تنتهي بمحض إرادة الأمن. وما زال أعضاء الأولتراس في العاصمة قيد التعسف والبطش الأمنيَّين رغم مرور أكثر من عقد على انقلاب 3يوليو. ورغم قلة أعدادهم، وعدم وجود إحصاء لتعدادهم، إلا أن خطورتهم تتمثل في قدرتهم على قيادة الحشود الشابة، واعتناقهم أفكارًا سياسية، وقدرتهم على المناورة مع خطط أجهزة الأمن لقمعهم، حتى اضطرت سلطة 3يوليو لبناء مدخل خاص في ستاد الدفاع الجوي لمحاصرتهم.
أما التكوين الأخير الذي تناولناه فيتمثل في النقابات المهنية. حيث تسيطر سلطة 3يوليو على غالبية النقابات العمالية، وبخاصة بعد القضاء على النقابات المستقلة. وتحاول السيطرة جاهدة على النقابات المهنية، فتحقق ما تصبو إليه حينًا، ثم تعود النقابات لاختيار التيارات غير الدولتية حينًا آخر، على نحو ما حدث في نقابات المهندسين والصحافيّين. ورغم ذلك، فإن سلطة 3يوليو لها سطوة في أوساط 3نقابات مهنية، هي: المعلمين والبيطريين والتمريض.
التركيز على هذه المكونات الأربعة هو لتأثيرها البادي، وسجالاتها مع سلطة 3 يوليو. وثمَّة مكونان آخران، أحدهما كبير من حيث التأييد، يتمثل في روابط الدم، والتي تشارك في دعم النظام الحاكم مقابل الحصول على امتيازات اقتصادية واجتماعية، حيث يكون لها أولوية في برامج الحماية الاجتماعية، والوظائف المرتبطة بالسلطة، والتوظيفات الموسمية في الانتخابات، والتي ترتبط بعوائد ضخمة، وهذه التكوينات لها آليات عمل واسعة تحتاج تناولًا خاصًّا.
أما المكون الأخير فيتمثل في الأزهر ودعاته، وهو المؤسسة التي تحرص السلطات المصرية دائمًا على إضعاف نفوذها وتفتيته؛ وتشويه رموزها، وذلك بالنظر لخطورة تعاليم الدين الحق، الأمر الذي انعكس في صورة دعاة الأزهر خلال الفترة الماضية من خلال وسائل الإعلام؛ والتي يسيطر عليها سيطرة شبه مطلقة نمط مداهنة السلطة واتباع تعليماتها. ويبقى الجديد في هذا الإطار؛ تحويل هذا التكوين باتجاه السيطرة الاستخباراتية عبر جهاز الأمن القومي.
[1]– مصطفى سليمان، في بيان هو الأول من نوعه بحضور30شيخ طريقة..خلافات تهدد بفرض الحراسة على مشيخة الطرق الصوفية بمصر، العربية نت، 4 ديسمبر 2008.
[2]– ماريان بريمر، إعادة إحياء الصوفية في مصر. مشهد صوفي مصري متجذر بقوة باقٍ في حدود الدين، موقع “قنطرة”، 5 مارس 2023.
[4]– مصطفى سليمان، في بيان هو الأول من نوعه بحضور30شيخ طريقة. خلافات تهدد بفرض الحراسة على مشيخة الطرق الصوفية بمصر، العربية نت، 4 ديسمبر 2008.
[5]– ويكيبيديا، الطريقة الصديقية الشاذلية.
[6]– محمد البرمي، أخرها «الشاذلية العلية» لـشيخها علي جمعة. دليلك لإنشاء طريقة صوفية، “المصري اليوم”، 5 فبراير 2018.
[7]– كريستيان ماير، مصر – التصوف…أداة سياسية في يد الأنظمة السلطوية؟، موقع “قنطرة”، 20 سبتمبر 2018.
[8]– ولاء حسين، للمرّة الأولى… صوفيّ يتربّع على عرش الأغلبيّة السياسيّة في مصر، موقع “المونيتور”، 4 أكتوبر 2018.
[9]– أحمد عويس، القصبى رئيسا للهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، موقع “صحيفة الشروق”المصرية، 12 نوفمبر 2023.
[10]– عبد الرحمن سرحان، نائب رئيس مستقبل وطن: قرار دعم السيسي جاء بالإجماع، موقع “صدى البلد”، 23 أغسطس 2023.
[11]– قناة “عبد الفتاح السيسي”، لفاء المشير عبدالفتاح السيسي بوفد الطرق الصوفية، موقع “يوتيوب”، 3 مايو 2014.
[12]– المحرر، الطرق الصوفية في مصر: دراسة حالة الطريقة العزمية، موقع “مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، د.ت.
[13]– لؤى علي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية يصدر قرارا بإنشاء ثلاثة قطاعات جديدة، موقع “اليوم السابع”المصرية، 15 يناير 2023.
[14]ريهام مقبل، الطرق الصوفية في مصر: تقارب مع السلطة وصراع مع السلفيين، موقع “قناة دويتشه فيله”الالمانية بالعربية، 3مارس ٢٠١٤.
[16] – يؤيد الباحث ما ذهب إليه الإشارة التالية: مراسلون، هل يستفيد السيسي من الطرق الصوفية؟، الجزيرة نت، 8 ديسمبر 2017.
[17] – الإشارة السابقة.
[18]– جورج فهمي، الكنيسة القبطية والسياسة في مصر، مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 22 ديسمبر 2014.
[19]– طارق البشري، الدولة والكنيسة، القاهرة، دار الشروق، 2011، ط1، ص 23.
[20]– المحرر، إرباك سياسي: أقباط مصر بين مظلة المواطنة ومظلة الكنيسة، مركز الجزيرة للدراسات، 16 أبريل 2014.
[21]– جورج فهمي، الكنيسة القبطية والسياسة في مصر، مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 22 ديسمبر 2014.
[22]– محمد عفيفي، الأقباط من عهد الذمّة إلى الربيع العربي، صحيفة الحياة اللندنية، 16 أكتوبر 2014.
[23]– جمال جرجس المزاحم، البابا شنودة: لن أتراجع عن تأييد جمال مبارك رئيسا، موقع “صحيفة اليوم السابع”، 19 أكتوبر 2009.
[24]– فريق التحرير، محطات في علاقة الكنيسة بالدولة والنظام السياسي في مصر، موقع ساسة بوست، 14 مايو 2014.
[25]– وكالات، قائد أول انشقاق على الكنيسة المصرية: البابا شنودة”طائفي”وهو “الأسوأ”، العربية نت، 3 يوليو 2006.
[26]– المحرر، سؤال صريح وأجوبة غائبة.. كم عدد المسيحيين الأقباط في مصر؟، الجزيرة نت، 14 أغسطس 2022.
[27]– ويكيبيديا، البروتستانتية في مصر.
[28]– سارة علام، س و ج.. كل ما تريد معرفته عن الطائفة الإنجيلية فى مصر، موقع “صحيفة اليوم السابع”المصرية، 8 فبراير 2018.
[29]– ويكيبيديا، الكنيسة الكاثوليكية في مصر.
[30]– المحرر، مكتوبًا بخط يده. ننشر مقال البابا تواضراس لـ”الأهرام”: “قول نَعم.. يزيد النِعم”، “صحيفة الأهرام”، 12 يناير 2014.
[31]– وسام فؤاد، الكنيسة المصرية والسياسة بعد يوليو 2013، المعهد المصري للدراسات، 6 أكتوبر 2016.
[32]– محمد الأحمدي، تعرف على أعداد كنائس مصر × 7سنوات، موقع “صحيفة اليوم السابع”المصرية، 25 أكتوبر 2021.
[33]– محمود عبدالغني، صراع مرتقب بين “مايكل منير”و”أبو حامد”على “حياة المصريين”، “اليوم السابع”المصرية، 8 أبريل 2012.
[34]– باهي حسن، شؤون الأحزاب توافق على تأسيس حزب (الحياة) برئاسة مايكل منير، “صحيفة الشروق”، 31 أكتوبر 2011.
[35]– انظر نموذجًا: صفحة التعريف بحزب مصر القومي، منصة فيسبوك.
[36]– انظر نموذجًا: صفحة حزب مصر القومي، منصة فيسبوك.
[37]– إسماعيل جمعة، الأقباط في ملعب السياسة. 36 حركة مسيحية تمارس دورا سياسيا بعيدا عن الكنيسة بعد الثورة، موقع “صحيفة الأهرام”، 21 يونيو 2013.
[38]– المحرر، د. عماد جاد يطالب بترشيح الفريق حجازى لانتخابات الرئاسة، موقع “الأقباط متحدون”، ١٨ سبتمبر 2023.
[39]– حساب “Al Arabiya Business – الأسواق العربية”، كلام لم تسمعه من سميح ساويرس من قبل.. عن أزمة الدولار ومستقبل استثماراته في مصر، موقع “يوتيوب”، 2 مايو 2023.
[40]– حمادة بسيوني، نجيب ساويرس يوصي المستثمرين بزيادة حصة الذهب في محافظهم، موقع “مجلة فوربز الشرق الأوسط”، 10 أغسطس 2021.
[41]– مراسلون، مصر.. انتقادات برلمانية لعضو “القومي لحقوق الإنسان”جورج إسحاق حول أوضاع السجون، موقع “قناة روسيا اليوم”بالعربية، 11أغسطس 2022.
[42]– علي كمال، رئيس الوفد يحيل منير فخري عبد النور للجنة النظام، موقع “صحيفة الشروق”المصرية، 17يوليو 2023.
[43]– محمد الأحمدي، كنائس مصر تدعو للمشاركة الإيجابية فى الانتخابات الرئاسية. الطائفة الإنجيلية: المشاركة مفتاح لبناء مجتمع قوى.. الأنبا إرميا: الانتخاب حق يكفله الدستور ويحميه القانون.. والتصويت مسئولية وطن ونحن جميعا معنيون به، موقع “صحيفة اليوم السابع”.
[44]– مريم شريف، البابا تواضروس: المشاركة في الانتخابات أمر وطني بالدرجة الأولى، “صحيفة الوطن”، 29 نوفمبر 2023.
[45]– بسام رمضان، البابا تواضروس: الانتخابات الرئاسية مشهد مفرح في 2023. والتاريخ سيتوقف أمامها، موقع “صحيفة المصري اليوم”، 30 ديسمبر 2023.
[46]– شرين الدايدموني، تزايد النفوذ الإنجيلي يثير مخاوف الأقباط في مصر، موقع “صحيفة العرب” اللندنية، 1 فبراير 2018.
[47]– سامح سلام، صدى البلد يحاروه.. إندريه زكي يوضح عدد أفراد الطائفة الإنجيلية في مصر ويدلى برأيه حول أسباب تكرار الحوادث الطائفية في المنيا.. موقف الكنيسة من زواج المثليين.. ناديه المفضل.. ويؤكد: مصر تتغير للأفضل، موقع “قناة صدى البلد”المصرية، 31 ديسمبر 2018.
[48] – مراسلون، خلافات بين الكنيسة المصرية وأتباعها في أمريكا حول “دعم السيسي”، موقع “وكالة قدس برس”، 17 سبتمبر 2016.
إسلام ضيف، “الألتراس”في مصر: سنوات من تنكيل السلطة بهم، موقع “صحيفة السفير العربي”، 3يونيو 2023.
[49] – موسوعة معرفة، وايت نايتس.
[50] – بسام رمضان،ألتراس المصري البورسعيدي جرين إيجلز تُعلن حل الرابطة، موقع “المصري اليوم”، 4 يوليو 2018.
أحمد أشرف، أولتراس أهلاوي.. 16عامًا من الفوضى والبلطجة وفرض السيطرة، موقع “صحيفة الدستور”، 11 نوفمبر 2023.
[51]– ألتراس الأهلي – المعرفة.
[52]– إسلام ضيف، “الألتراس”في مصر: سنوات من تنكيل السلطة بهم، موقع “صحيفة السفير العربي”، 3 يونيو 2023.
[53]– حساب”Zamalek TV channel”، التراس اهلاوي مع الوايت نايتس يغنوا حريه وشمس الحريه، “يوتيوب”، 3 يونيو 2012.
[54]– حساب “UK media”،صرخة العشرين من ألبوم “8 فبراير”، موقع “يوتيوب”، 6 فبراير 2016.
[55]– خـالد حسـين، حل “ألتراس أهلاوي”وحرق “البانر”.. والرابطة: حفاظا على مستقبل الجميع، “صحيفة الأهرام”، 16 مايو 2018.
[56]– بسام رمضان، ألتراس المصري البورسعيدي جرين إيجلز تُعلن حل الرابطة، موقع “صحيفة المصري اليوم”، 4 يوليو 2018.
[57]– المحرر، “يلو دراجون”يعلنون حل رابطة ألتراس الإسماعيلي، موقع “صحيفة الأهرام”، 5 يوليو 2018.
[58]– أحمد أشرف، أولتراس أهلاوي. 16عامًا من الفوضى والبلطجة وفرض السيطرة، موقع “صحيفة الدستور”، 11 نوفمبر 2023.
[59]– وكالات، بعد السماح بحضور 50ألفا. هل تعود الجماهير المصرية لمدرجات الملاعب؟، موقع “الجزيرة نت”، 31 مارس 2023.
[60]– إسلام ضيف، “الألتراس”في مصر: سنوات من تنكيل السلطة بهم، موقع “صحيفة السفير العربي”، 3 يونيو 2023.
[61]– المحرر، تجديد حبس 72من مشجعي الأهلي المصري بتهمة إحياء “الألتراس”، موقع “أخبار الغد”، 8 يوليو 2023.
[62]– المحرر، لدعوتهم مقاطعة استاد القاهرة وموقع تذكرتي: القبض على 39، موقع “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، 11 مايو 2023.
[63]– موسوعة ويكيبيديا، قائمة نقابات مصر المهنية.
[64]– الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تعداد اعضاء النقابات المهنية في مصر.
[65]– المحرر، المخاطبين بالفاتورة الإلكترونية في القانون والواقع، موقع المحامي عبد العزيز عمار، 14 أبريل 2023.
[66]– إسلام لطفي، بيان مهم من نقابة المحامين بشأن أزمة الفاتورة الإلكترونية، موقع “مصراوي”، 13 أبريل 2023.
[67]– المحرر، 29عامًا في خدمة المحامين. من هو عبد الحليم علام نقيب المحامين الجديد؟، موقع “القاهرة 24″، 4 سبتمبر 2022.
[68]– آيات عامر، التفاصيل الكاملة حول انتخابات نقابة المحامين 2024 | تقرير، موقع صحيفة الفجر”المصرية، 21 يناير 2024.
[69]– محمود الشوربجي، قرار قضائي بشأن استبعاد نقيب المحامين عبدالحليم علام من الانتخابات، “مصراوي”، 11 فبراير 2024.
[70]– المحرر، انتخابات المحامين. استبعاد سامح عاشور ومنتصر الزيات من كشوف مقعد النقيب، أخبار الغد، 27 أغسطس 2022.
[71]– محمود الشوربجي، تأجيل 7دعاوى تطالب بوقف إجراء انتخابات نقابة المحامين لـ18فبراير، “مصراوي”، 11 فبراير 2024.
[72]– نور علي، مجلس الشيوخ يوافق على استقالة سامح عاشور، موقع “صحيفة اليوم السابع”المصرية، 9 يناير 2024.
[73]– محمد عبد الناصر، طارق النبراوي يتفوق على هاني ضاحي في انتخابات مهندسي القاهرة، موقع “مصراوي”، 11 مارس 2022.
[74]– محمد عبد الناصر، انتخابات نقابة المهندسين. هاني ضاحي يعلن ترشحه على منصب النقيب، موقع “مصراوي”، 6 يناير 2022.
[75]– محمد جعفر، أحمد عثمان أحمد عثمان يترشح على مقعد نقيب المهندسين، موقع “صحيفة الدستور”المصرية، 12 يناير 2022.
[76]– أحمد عبد الهادي، ننشر حيثيات حكم القضاء الإدارى باستبعاد النائب أحمد عثمان من انتخابات “المهندسين”، موقع “صحيفة اليوم السابع”المصرية، 20 فبراير 2022.
[77]– أحمد البهنساوى، 9 مرشحين لمنصب نقيب المهندسينن، موقع “صحيفة الوطن”المصرية، 13 يناير 2022.
[78]– المحرر، القضاء الاداري يقضي باستبعاد ضاحي وعثمان من انتخابات نقابة المهندسين، موقع “درب”، 20 فبراير 2022.
[79]– فاطمة الجوهري، الديمقراطية تفوز أحياناً… درس “المهندسين”المصرية في معركة النقابات ضد “السيطرة الأمنية”، موقع “رصيف 22″، 11 مارس 2023.
[80]– هيئة المكتب هي مجموعة من أعضاء مجلس النقابة مكلفة بتسيير العمل اليومي ومسيطرة غالباً على موارد النقابة المالية وسلطة اتخاذ القرارات فيها.
[81]– مينا غالي، يحيى قلاش يفوز بمنصب نقيب الصحفيين، موقع صحيفة “المصري اليوم”، 20 مارس 2015.
[82]– المحرر، يحيى قلاش: “الصحفي الذي لا يملك حريته لا يمكنه أداء عمله” ، موقع “سويس إنفو”، 1 أبريل 2015.
[83]– مراسلون، يحيى قلاش… يدفع ثمن قوله “لا”لوزارة الداخلية، موقع “صحيفة العربي الجديد”اللندنية، 25 مارس 2017.
[84]– المحرر، نقابة الصحفيين تطالب بإقالة وزير الداخلية إثر “اقتحام”مقرها، موقع “قناة بي بي سي”بالعربية، 2 مايو 2016.
[85]– المحرر، السجن مع إيقاف التنفيذ لنقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش، موقع “قناة بي بي سي”بالعربية، 25مارس 2017.
[86]– المحرر، “زلزال”في نقابة الصحفيين. ماذا يعني انتخاب البلشي؟، موقع “قناة دةيتشه فيله”الألمانية بالعربية، 3 مارس 2023.
[87]– إسراء صبري، البلشي: علاقتنا جيدة مع الدولة بما يصب في مصلحة الصحفيين، “قناة صدى البلد”المصرية، 11 فبراير 2024.
[88]– سارة ربيع، نقابة الأطباء المصرية ترفض تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين، موقع “صحيفة الشرق الأوسط”، 6 مايو 2020.
[89]– مراسلون، “منعا لحالة الفتنة”. نقابة أطباء مصر تطالب الحكومة بالاعتذار، موقع “قناة الحرة”، 23 يونيو 2020.
[90]– مراسلون، مصر. نقابة الأطباء ترد على أرملة وائل الإبراشي، موقع “قناة الحرة”الأمريكية بالعربية، 11 يناير 2022.
[91]– ريهام سعيد، مصرنقابة الأطباء ترفض الإساءة إلى الطبيب المصري في الدراما، موقع “فيتو”المصري، 22 أبريل 2023.
[92]– أحمد جمعة، قدمه أشرف حاتم. لماذا ترفض نقابة الأطباء مشروع قانون “المسؤولية الطبية”؟، موقع مصراوي، 14 ديسمبر 2022.
[93]– أحمد جمعة، بين الامتناع والتقاضي. 5 نقابات ترفض “الفاتورة الإلكترونية”، موقع “مصراوي”، 7 ديسمبر 2022.
[94]– مراسلون، الأطباء يرفضون مساواتهم بالضباط في شروط الاستقالة، موقع “صحيفة العرب”اللندنية، 9 يونيو 2023.
[95]– محمد عبد الله، لماذا ترفض نقابة أطباء مصر قانون المنشآت الطبية الجديد؟، موقع “الجزيرة نت”، 27 ديسمبر 2023.
[96]– إسراء سليمان، “الأطباء”تصدر بيانا رسميا لرفض “الحراسة”على أي نقابة مهنية، موقع “الوطن”، 10 أبريل 2019.
[97]– ممدوح المصري، “الأمور المستعجلة”ترفض فرض الحراسة على نقابة الأطباء، “صحيفة الجمهورية”، 15 مايو 2019.
[98]– المحرر، استئناف القاهرة ترفض الحراسة على نقابة الأطباء، موقع “موقع النقابة العامة لأطباء مصر”، 3 أبريل 2022.
[99]– آية دعبس، منى مينا وأمين عام نقابة الأطباء يعلنان استقالتهما من هيئة المكتب، موقع “صحيفة اليوم السابع”، 22 مايو 2018.
[100]– ريهام سعيد، قبل ساعات من انعقاد انتخابات الأطباء. اشتعال المنافسة على منصب النقيب، “فيتو”، 11 أكتوبر 2023.
[101]– محمد طه، نقابة الصناعات الغذائية: تأييد ترشح السيسي في الانتخابات، موقع “صحيفة المصري اليوم”، 23 سبتمبر 2023.
[102]– عاطف بدر، نقابات مهنية تؤيد ترشح «السيسى» لفترة رئاسية جديدة، موقع “صحيفة المصري اليوم”، 5 أكتوبر 2023.
[103]– آية دعبس، نقابة الأطباء البيطريين تؤيد ترشح السيسى لفترة رئاسية جديدة، موقع “صحيفة اليوم السابع”، 20 سبتمبر 2023.
[104]– آية دعبس، نقابة صيادلة القاهرة تؤيد ترشح الرئيس السيسى لفترة رئاسية جديدة، موقع “صحيفة اليوم السابع”، 21 سبتمبر 2023.