الخبر:
في اليوم الثاني من تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنه سيمنح إيران نحو أسبوعين للتراجع عن موقفها والقبول بالشروط الأمريكية لإنهاء البرنامج النووي بالكامل، شنت الطائرات الأمريكية هجومًا على ثلاثة مفاعلات نووية إيرانية، بواسطة “أم القنابل” GBU-57 وصواريخ توماهك فجر الأحد 22 يونيو 2025م.
وذكرت قناة “فوكس نيوز” أن الولايات المتحدة ضربت مفاعل فوردو بست قنابل من نوع بانكر باستر الخارقة للتحصينات، واستخدمت 30 صاروخًا من طراز توماهوك في الهجوم على مواقع نووية أخرى.
وفي أعقاب الهجوم، أعلن ترمب عبر منصته “سوشال تروث”، أن القوات الأمريكية هاجمت المواقع النووية الثلاثة الرئيسة في إيران، وعلى رأسها “فوردو”، وأنه قضى على البرنامج النووي، ومع هذا دعا إيران لـ “السلام” والتفاوض.
كما هدد إيران برد أكبر بكثير في حال قامت بأي رد انتقامي ضد الولايات المتحدة، وحذرها أنها “ستواجه مزيدًا من الهجمات إن لم توافق على السلام” على حد وصفه، مؤكدًا أن الضربات لم تهدف لإسقاط النظام.
ونقلت شبكة سي إن إن عن مصادر لم تسمها أن الإدارة الأمريكية لا تخطط لمزيدٍ من الضربات داخل إيران، وأن ترمب يأمل في أن يستجيب الإيرانيون للضغوطات بوقف الحرب (ضد إسرائيل).
وقال ترامب إن العملية نُفّذت بتنسيق مع إسرائيل، مضيفًا: “عملنا كفريق”، داعيًا إيران إلى المفاوضات وحذرها من الرد، معتبرًا أن “الآن وقت السلام”.
وزعم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن الضربة الأمريكية “غيّرت مجرى التاريخ”، مشددًا على أنها جاءت تنفيذًا لوعده “بتدمير المشروع النووي الإيراني”، وسط احتفاء واسع في إسرائيل.
التعقيب:
دخول الولايات المتحدة الحرب مع إسرائيل سيدفع إيران للتشدد أكثر ويجعل ما جرى من قصف لمفاعلاتها هو بداية للحرب لا نهاية لها، وقد ينتهي الأمر بتحول إيران لدولة تمتلك قنبلة نووية بالفعل من خلال الإمكانات التي لديها.
يبدو أن الهدف الأساسي لترامب ليس ضرب البرنامج النووي الايراني ومحوه بقدر ما هو تأخيره عدة أشهر أو سنوات، وأن الهدف الأصلي هو إنقاذ إسرائيل ووقف الحرب وحفظ ماء وجه اسرائيل بعدما تحولت بعض مناطق تل أبيب لما يشبه غزة وعَمَّ الدمار وتعطلت الحياة وهرب الكثير من الإسرائيليّين للخارج.
بعدما كان ترامب يتحدث عن “استسلام إيراني كامل وبلا شروط” لمطالب أمريكا، أصبح يتحدث عن أن الهدف هو وقف الحرب (يقصد على إسرائيل)، وقال إن على إيران أن تنهي ضرب إسرائيل وإلا سيضربها مجددًا لو استمرت في قصف تل أبيب، ولم يتحدث عن استئناف مفاوضات النووي كما كان يطالب.
صحيفة واشنطن بوست علقت في افتتاحيتها على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، بأنه “يجب على الرئيس كبح جماح نتنياهو عن محاولة توسيع نطاق الصراع”، وقالت إنه “جر الولايات المتحدة إلى هذه الحرب، وعلى ترامب ألا يسمح لنتنياهو بإملاء شروط استكمالها”، ما يشير لتصاعد الغضب الداخلي من توريط إسرائيل لأمريكا.
المصادر الأمريكية والإيرانية المختلفة قالت أن أمريكا أبلغت إيران عبر دول الخليج أنها (مجرد ضربة واحدة) بهدف دفع ايران لوقف الحرب أو ما أسماه ترامب “السلام”.
كان لافتًا تقليل إيران من شأن الضربات الأمريكية وتسريب أمريكا أنها أبلغتها بطبيعة الضربة وعدم ظهور أي مؤشرات لتسريبات إشعاعية وتفادي واشنطن قصف مفاعل بوشهر القريب من دول الخليج، وهو ربما مؤشر لقبول طهران حل وسط ولكن بعد ضربة رمزية أو كبيرة تقوم بها.
إيران أعلنت أنها نقلت مخزونها من اليورانيوم المخصب خارج المفاعلات وبالتالي فلا ضرر كبير أصاب هدفها الأصلي من التخصيب، وهو ما يعني أنها لو أرادت يمكنها صنع قنبلة نووية، إن لم تكن صنعتها بالفعل، أو على الاقل استكمال برنامجها.
قول رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، عباس غولرو، إن لطهران الحق القانوني في الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بموجب المادة العاشرة منها، مؤشر لأنها قد تنوي التصعيد.
لو أصرت إيران علي استمرار الحرب، واستمرت في ضرب تل أبيب، كما فعلت عقب ضربة ترامب، سوف يتورط ترامب أكثر في الحرب، ما يشعل الخلافات في الداخل الأمريكي، والتي بدأت بالفعل بانتقاد ما فعله ترامب حتى من جانب فريق في تيار “ماجا” الداعم له.
من سيحدد النهاية هو إيران: فلو قامت بضربات خفيفة وتوقفت الحرب ستكون اختارت الخروج منتصرة لأن نظامها لم ينهار كما كان يتمني نتنياهو وترامب، واستكمال عمل مفاعلاتها بشكل طبيعي.
موقع “كونفرزيشن” الأمريكي قال إن “أحد السيناريوهات المطروحة هو أنه من الممكن الآن التوصل إلى نوع من التسوية، بحيث تعلن إسرائيل عن وقف إطلاق النار وتوافق إيران والولايات المتحدة على استئناف المفاوضات بشأن البرنامج النووي لطهران”.
أما لو قررت طهران التصعيد والرد بضرب أهداف أمريكية هي أو حلفائها وصعدت، بعدما أكد التلفزيون الإيراني أن “كل مواطن أو عسكري أمريكي في المنطقة أصبح هدفًا مشروعًا الآن”، فسوف يكون ترامب في مأزق حقيقي وتتضرر أمريكا أيضًا اقتصاديًّا ويتحول ترامب لـ “بطة عرجاء”، أي رئيس بلا أهمية أو قوة فعلية كما ترجح صحف أمريكية.
إيران لا تزال تمتلك بعض القدرة على ضرب أهداف أمريكية في المنطقة، وخاصة القوات الأمريكية البالغ عددها 40,000 جندي والمتمركزة في مختلف دول الشرق الأوسط.