خبر وتعقيب

إقالة السيسي 11 مستشارًا بالرئاسة.. أسباب القرار وأهدافه ودلالاته

الخبر:

يوم 16 سبتمبر 2024، نشرت وسائل إعلام أن عبد الفتاح السيسي أصدر قرارًا جمهوريًّا بإنهاء خدمة 11 مستشارًا رئاسيًّا له، بداية من أول أغسطس 2024. وتبيَّن أن القرار يرجع تاريخه إلى 12 يوليو، ولكن لم يُعلن رسميًّا إلَّا بعد شهرين تقريبًا.

القرار الجمهوري بإنهاء خدمة المستشارين بالرئاسة، والذي صدر دون إبداء أسباب، هو الأول من نوعه منذ أن بدأ السيسي في تعيين بعض المسؤولين بعد إقالتهم من مناصبهم وقيادات القوات المسلحة بعد تقاعدهم كمستشارين له في ملفات مختلفة منذ وصل إلى رئاسة الجمهورية في 2014.

أبرز مَن تمَّ إنهاء خدمتهم بموجب القرار رقم 292 لسنة 2024، هو مستشار السيسي لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية، الفريق مهاب مميش، ومستشار السيسي للمناطق النائية والحدودية، اللواء أحمد جمال الدين، ومستشار السيسي لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب، اللواء مجدي عبد الغفار، ومستشار السيسي لشؤون مكافحة الفساد، اللواء محمد عمر وهبي هيبة، ومستشار السيسي للمتابعة، اللواء محسن السلاوي، ومستشار السيسي للتطوير التكنولوجي، اللواء عبد العزيز محمد سيف الدين، ومستشار السيسي للحوكمة والتحول الرقمي، اللواء محمد عرفان، والمستشار برئاسة الجمهورية، اللواء مصطفى شريف محمود.

التعقيب:

  • يمكن الحديث عن ثلاثة أسباب وراء القرار:
  • أولها: توفير نفقات هؤلاء المستشارين المالية، والتخفف من أعباء تواجدهم حول السيسي كمستشارين بالرئاسة. وربما رأى السيسي أنهم كوفئوا بما يكفي على خدماتهم له وللانقلاب العسكري.
  • الثاني: إفساح الطريق لإحلال مستبعدين آخرين من المناصب الرسمية مكانهم، وإفراغ مكان للمُعيَّنين حديثًا بعد زيادة أعداد المستشارين في السنوات الماضية.

حيث جرى العرف علي تخلص السيسي، وقبله حسني مبارك، مِن كبار العسكريّين، خصوصًا أولئك الذين يمكن أن يشكلوا تهديدًا لرأس النظام، وتعيينهم مستشارين للرئيس، تمهيدًا للتخلص النهائي منهم.

وقد يُشير قرار السيسي بالتخلص من 11 مستشارًا دفعة واحدة من 18 عَيَّنهم منذ عام 2014 إلى نيته التخلص مِن مسؤولين آخرين قريبًا وتعيينهم كمستشارين.

  • الثالث: التخلص من مساعديه وأعوانه ضمن لعبة “الكراسي الموسيقية” التي يتبعها السيسي لمنع تشكل “مراكز قوى” في الدولة العميقة قد تعمل ضده مستقبلًا، سواء كانوا عسكريّين أو رجال أمن، إذ أن الـ 11 المستبعدين غالبيتهم لواءات.
  • أهمية القرار أنه شمل مجموعة من الشخصيات الكبرى، مِمَّن سبق أن أزاحهم السيسي من مناصبهم، ضمن عملية الاستبدال التي يَحرص عليها النظام منذ 3 يوليو 2013، وتشمل إزاحة عسكريّين ورجال أمن وسياسيّين لعبوا أدوارًا في مساعدته.
  • فقد كان مِن بين المُقالين نهائيًّا من خدمة النظام، تسعة من كبار قادة القوات المسلحة السابقين، منهم رئيس هيئة قناة السويس السابق، الفريق مهاب مميش.
  • وكان “مميش” عضوًا بالمجلس العسكري، ولعب دورًا في إسقاط حكم الرئيس محمد مرسي، وضمن مَن تخلص منهم السيسي، وهم كلُّ أعضاء المجلس العسكري الـ 25، ما عدا مساعد وزير الدفاع للشؤون الدستورية والقضاء العسكري اللواء ممدوح شاهين، لأهميته في سَن القوانين المهمة بالنسبة للنظام.
  • وكان “مميش” قد أدلى بتصريحات لصحيفة “المصري اليوم”، في ديسمبر 2022، انتقد فيها مشروع قانون إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس، لأنه “يفتح الباب لوجود الأجانب في إدارة القناة، ليقوموا بتغيير النظام الذي تقوم عليه”، الأمر الذي قد يكون أحد أسباب استبعاده.
  • وكان مِن بين مَن تمَّ إنهاء خدمتهم، وزيرا داخلية سابقان، ساهما في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي وقمع المعارضين، خاصَّة الاسلاميّين، لكن انتهي دورهما لوجود آخرين يؤدون نفس دوريهما حاليًا.
  • يلاحظ أن مَن نشر الخبرَ هو موقع “مدى مصر”، الذي أعلن حصوله على نسخة من القرار، ولم تنشره أيُّ صحيفة رسمية أو خاصَّة يسيطر عليها النظام، ما قد يشير إلى “تسريب” حدث لورقة قرار السيسي بإنهاء خدمة 11 مستشارًا بالرئاسة، من أحد الـ 11 الغاضبين لإبعادهم، أو من منافسيهم في الرئاسة للتشفي فيهم.
  • إقالة 11 مستشار من الرئاسة ربما يكون له علاقة بسعي السيسي لزيادة السيطرة، أو خوفه من أحدٍ منهم، فقام بعزل 11 منهم ليُغطي علي سبب التخلص منه.
  • بعض قرارات تعيين قيادات الجيش والشرطة المنتهية خدمتهم غير محددة المدة، وبعضها محددة المدة بعام واحد فقط، بحسب نيَّة السيسي في استدعاء مَن قام بتجميدهم بعد إقالتهم من مناصبهم، وترضيتهم بمنصب “المستشار”، وإنهاء خدمتهم نهائيًا.
  • السيسي عَيَّن وزير الدفاع السابق، الفريق أول محمد زكي، مساعدًا له، ومعه رئيس الأركان السابق، الفريق أسامة عسكر، واللواء محسن عبد النبي لمدة سنة فقط، ما يُشير لقلقه من بقاءهم كمسؤولين رسميّين، ولو كمستشارين.
  • اعتاد حكَّام مصر العسكريون التخلص من خصومهم بإقالتهم وتعيينهم لفترة كمستشارين لحين انتهاء الضجة المصاحبة لإقالتهم، ثم التخلص منهم نهائيًّا بعد الاستغناء عنهم.
  • من بين الـ 18 مستشار للسيسي، بعد إنهاء خدمة 11 منهم، بقي بعض المستشارين الروتينيّين، مثل محمد عوض تاج الدين مستشار شؤون الصحة، واللواء أمير سيد حسن مستشار التخطيط، وفايزة أبو النجا المستشار المالي، والفريق محمد فريد حجازي مستشار “مبادرة حياة كريمة”.
  • ومنهم مستشارون مهمون، منهم الفريق أسامة عسكر للشؤون العسكرية، وهالة السعيد مستشار الشؤون الاقتصادية، وعمر الخطاب مروان وزير العدل السابق الذي يعمل مديرًا لمكتب السيسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى