خبر وتعقيبغير مصنف

غلق باب الترشيح لانتخابات مجلس النواب المصري.. ما هي السيناريوهات المتوقعة؟

الخبر:

أُغلق باب الترشيح لانتخابات برلمان 2026م، يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025م، وسوف تجري الانتخابات داخل مصر يومي 10 و11 نوفمبر، وسط توقعات متشائمة إزاء إجراء انتخابات حقيقية لعدم وجود مرشحين منافسين لـ “القائمة الوطنية” التي تضم أحزاب السلطة وأخرى موالية.

ومع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات غلق باب الترشح لانتخابات مجلس النواب، لم تترشح أي قوائم أخرى منافسة لـ “القائمة الوطنية من أجل مصر”، وهي قائمة حكومية، في جميع الدوائر المخصصة لنظام القوائم المغلقة، ما يعني فوزها بالتزكية ودون انتخابات فعلية.

تضم القائمة الوطنية 12 حزبًا مواليًا لرأس النظام عبدالفتاح السيسي، أو متحالفة مقابل حفنة مقاعد. وجاء عزوف الأحزاب والمستقلين عن منافسة القائمة الوطنية، لأنها مدعومة من أجهزة الدولة على نطاق واسع.

التعقيب:

يقسم قانون مجلس النواب دوائر مصر إلى 4 للانتخاب بنظام القوائم المغلقة، بإجمالي 284 مقعدًا، و143 دائرة لنظام الانتخاب الفردي، بإجمالي 284 مقعدًا، مع منح الرئيس الحق في تعيين نسبة 5% من إجمالي عدد الأعضاء، بما يوازي 28 نائبًا من أصل 596.

وتجرى انتخابات مجلس النواب في مصر في ظل بيئة سياسية محكومة من قبل السلطة التنفيذية وقوى مؤسسية قوية (الجيش والأمن)، وفي وجود طيف سياسي تهيمن عليه أحزاب “موالاة” تمَّ تشكيلها لتدعم سياسات السلطة الحالية.

تحولت الانتخابات، بشقيها الشيوخ والنواب، إلى “كعكة” تتقاسمها أحزاب السلطة، وأصبحت مناسبة لكشف تقسيم تركة النفوذ، حيث تسيطر أحزاب السلطة (خاصَّة مستقبل وطن، وحماة الوطن، والجبهة الوطنية) على أغلبية الترشيحات التي سوف تفوز بالتزكية، وتمَّ تخصيص مقاعد قليلة لأحزاب الموالاة.

ومنذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة عقب انقلاب 2013م، تعمد السلطة قبل كل انتخابات برلمانية (النواب والشيوخ) لتشكيل تحالفات سياسية تابعة لها لخوض الانتخابات بقائمة موحدة للموالاة.

كان أولها قائمة “في حب مصر” في انتخابات 2015م، ثم “القائمة الوطنية من أجل مصر التي قادها حزب “مستقبل وطن”، في انتخابات 2020م. وفي انتخابات 2025م الحالية، تمَّ تشكيل “القائمة الوطنية” التي يقودها حزبا “مستقبل مصر” و”الجبهة الوطنية”.

قبل انتخابات مجلس الشيوخ في أغسطس 2025م، اجتمعت أحزاب الموالاة الرئيسة مع عدد من الأحزاب المحسوبة على المعارضة، لتشكيل قائمة واحدة لخوض الانتخابات وتوزيع المقاعد مبكرًا.

ثم تكرر الأمر في انتخابات النواب، حيث عقدت الأحزاب المشاركة في تحالف “القائمة الوطنية من أجل مصر” اجتماعًا موسعًا بمقرها، يوم 5 أكتوبر 2025م، لبحث توزيع المقاعد وتنسيق المواقف، بحسب موقع “برلماني”.

القوى المرشحة والتحالفات

1-حزب “مستقبل وطن”: ويوصف بأنه “الحزب الحاكم فعليًّا”، رغم أن النظام المصري لا يعلن حزبًا حاكمًا رسميًّا، وهو قادر على تعبئة موارد واسعة، ولديه شبكات تنظيمية ودعم شامل من دوائر رسمية.

لذا يتوقع أن يبقى اللاعب المركزي في تشكيل الكتل النيابية، إذ فاز بـ 316 مقعدًا من أصل 596 مقعدًا في انتخابات 2020م.

هذا الحزب تأسس عام 2014م بدعم غير مباشر من دوائر أمنية وشخصيات قريبة من النظام، كحزب براغماتي نفعي يرفع شعارات الاستقرار والتنمية ودعم القيادة السياسية، والعديد من مؤسسيه أو قياداته لهم علاقات وثيقة بالأجهزة الأمنية أو العسكرية السابقة.

2- حزب “حُماة الوطن”، وهو من الأحزاب ذات الطبيعة العسكرية، أسسه عسكريون سابقون متقاعدون، وهو موال للسلطة وداعم لها.

وقد أسسه اللواء جلال هريدي (مؤسس سلاح الصاعقة المصرية) عام 2013م، ويُعتبر الحزب الأقرب في رمزيته للمؤسسة العسكرية، إذ يضم عشرات من العسكريين المتقاعدين والضباط السابقين.

وفي انتخابات 2020م، التي أفرزت مجلس النواب الحالي، ضم المجلس 71 نائبًا من الضباط السابقين في الجيش والشرطة، بنسبة 12 بالمئة من إجمالي الأعضاء.

وقبل ذلك، شهد برلمان 2015م استحواذ قيادات أمنية وعسكرية سابقة، على 75 مقعدًا من مختلف الأحزاب الموالية للسلطة، بنسبة 13 بالمئة من إجمالي مقاعد البرلمان (596 عضوًا).

وجاءت الكتلة الأكبر منهم من داخل حزب مستقبل وطن الذي استحوذ على 316 مقعدًا حيث يقدر عدد الضباط السابقين داخله بين 50 و55 عضوًا.

أيضًا من ضمن النواب العسكريين والأمنيين كان هناك 23 نائبًا من حزب “حماة الوطن” في البرلمان، بحسب “مركز ديمقراطية الشرق الأوسط”، الأميركي.

3- حزب “الجبهة الوطنية”، وتأسس في عام 2024م، بقيادة عاصم الجزار، وزير الإسكان السابق، وأمين عام “اتحاد القبائل والعائلات المصرية” إبراهيم العرجاني، المقرب من السيسي والجيش.

ومن أهداف الحزب “لم الشمل”، حسبما أعلن، في إشارة لتحالف المنضمين لما يسمي “ائتلاف 30 يونيو” الذي تشكل من العسكر وخصوم الإسلاميين من التيارات الليبرالية واليسارية، ولعب دورًا في التمهيد لانقلاب 3 يوليو 2013م.

4- أحزاب المولاة: وتضم حزب الشعب الجمهوري، الذي تأسس عام 2012م على يد رجال أعمال وقيادات سابقة بالحزب الوطني (قبل الثورة)، وهو موالٍ للسلطة. وحزب المصريين الأحرار الذي أنشأه رجل الأعمال نجيب ساويرس عام 2011م، لكنه تحول لحزب موال للسلطة عام 2014م، وأحزاب أخرى هامشية.

5- أحزاب المعارضة: وتضم حزب المؤتمر، الذي أسسه عمرو موسى (وزير الخارجية الأسبق) عام 2012م، وقادة الدكتور محمد البرادعي، ثم تراجع ليصبح ضمن الكتلة الموالية، وإن كان يصنف كحزب معارض.

وحزب الوفد الجديد، أقدم الأحزاب الليبرالية المصرية، الذي كان معارضًا، ثم تحول وانخرط في تحالفات موالية للسلطة منذ 2018م، وتراجع دوره كمعارضة مستقلة، ويشارك في قوائم حزب السلطة (مستقبل وطن).

بجانب أحزاب مثل الكرامة، والتحالف الشعبي، والمحافظين، والتي تمثل بقايا المعارضة الشكلية، وهي تواجه صعوبات في التمويل والإعلام والمنافسة الانتخابية وبعضها يشارك رمزيًّا لتأكيد صورة تعددية انتخابية.

السيناريوهات والتوقعات

يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات رئيسة لنتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة:

الأول: سيناريو الاستمرارية، أي استمرار هيمنة أحزاب السلطة على مقاعد البرلمان مثل انتخابات 2015 و2020م، وهو الأكثر احتمالًا، بحيث تفوز قوائم ومرشحو قائمة السلطة (الوطنية) التي تضم 13 حزبًا منها أحزاب الموالاة والمعارضة الشكلية.

ويرجح هذا نزولها منفردة بقائمة موحدة في انتخابات أكتوبر 2025م، وعدم تقدم أي قوائم منافسة لها في الترشيحات.

الثاني: سيناريو المشاركة الموسعة لأحزاب غير سلطوية أو معارضة، حيث عمد حزب مستقبل وطن، الذي يقود القائمة الوطنية، ويمتلك الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، إلى عدم الدفع بمرشحين على النظام الفردي في 10 دوائر، من أجل إخلائها أمام مرشحي أحزاب المعارضة والمستقلين.

وسجل مجلس 2015 صعودًا لبعض رموز المعارضة مثل تكتل 30/25، وكان يضم نحو 30 نائبًا أبرزهم المخرج خالد يوسف وأحمد الطنطاوي وهيثم الحريري وضياء الدين داود وأحمد الشرقاوي وخالد عبد العزيز شعبان ومحمد عبد الغني وعبد الحميد كمال.

لكن هذه التكتل تم استبعاده في انتخابات 2020م على المقاعد الفردية ولم ينجح منه سوى “داود” و”الشرقاوي”، بعد الصدام مع النائب أحمد الطنطاوي وسجنه لإعلانه عدم حبه للسيسي وسعيه لاحقًا للترشح للرئاسة ضده.

الثالث: سيناريو وجود كتلة معارضة مؤثرة، وهو مُستبعد لعدم ترشح قوائم حزبية معارضة ضد قائمة السلطة (الوطنية)، و”هندسة” السلطة للانتخابات ومقاعد البرلمان بما يمنع سوى سيطرة أحزابها، مع هامش ضئيل للمعارضة لا يؤثر على التصويت.

الخلاصة: المتوقع أن يكون البرلمان القادم برلمان بروتوكوليًّا إلى حد كبير في المسائل السياسية الإستراتيجية، وأغلب مقاعده مُهندسة لأحزاب السلطة والموالاة بما يضمن الهيمنة على الحياة السياسية والتشريع، مع ترك هامش للأحزاب المعارضة والموالية بما يُظهرها في شكل انتخابات ديمقراطية تعددية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى